خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [434]
الحلقة مفرغة
شرح حديث: (أن فأرة وقعت في سمن فأُخبر النبي فقال: ألقوا ما حولها وكلوا)
حدثنا مسدد حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم: (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ألقوا ما حولها وكلوا) ].
أورد أبو داود [ باب: في الفأرة تقع في السمن ]، وأورد في ذلك حديث ميمونة رضي الله عنها: [ (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألقوا ما حولها وكلوا) ].
يعني: كلوا السمن الذي وقعت فيه الفأرة وألقوا الفأرة وما حولها، وقال بعض أهل العلم -كما سيأتي في حديث بعد هذا- إنه إن كان جامداً فإنه تلقى وما حولها، وإذا كان مائعاً فإنه يراق ويتلف، ولكن هذا الحديث مطلق ولم يقيد فيه بالجامد، والحديث الذي بعده فيه كلام من ناحية الثبوت وإن كان ظاهره الصحة، فقد تكلم فيه العلماء والمحدثون، وقالوا: إن المعتمد هو رواية عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، وأنها تلقى وما حولها سواء كان مائعاً أو جامداً، بخلاف الحديث الذي سيأتي بعد هذا، ففيه التفريق بين الجامد وغيره.
قوله:[ (ألقوا ما حولها وكلوا) ].
أي: وكلوا الباقي سواءً كان سائلاً مائعاً أو جامداً، وأما أن يعطى حكم الماء إذا وقعت فيه النجاسة: فإن كان قليلاً فتنجسه، وإن كان أكثر من قلتين فلا تنجسه فأقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأن يلقى ما حولها ويؤكل الباقي، فهو وإن كان سائلاً إلا أن النجاسة إنما هي حولها، مما دام أنها في مكان مرتفع ولم تصل إلى أسفل فمعنى ذلك أن النجاسة إنما هي في المكان القريب، وليست عامة في الجميع؛ لأنه وإن كان السمن سائلاً إلا أنه ليس مثل الماء في الخفة، فهو كثيف بخلاف الماء.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي فقال: ألقوا ما حولها وكلوا)
هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. .
[ عن عبيد الله بن عبد الله ].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ عن ميمونة ].
ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها...)
أورد أبو داود حديث أبي هريرة هذا الذي فيه التفصيل بين كونه جامداً ومائعاً، وأنه إن كان السمن جامداً ووقعت فيه فأرة فإنها تلقى وما حولها، وإن كان مائعاً فإنه لا يقرب ولا يستفاد منه.
وحديث أبي هريرة هذا -كما هو معلوم- إسناده ظاهره الصحة، ولكن قال جماعة من المحدثين: إنه خطأ، وإن المحفوظ هو الحديث الأول وهو حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة .
وهذا الحديث يدور على معمر، ومعمر اختلف عليه فيه فمرة رواه كذا، ومرة رواه كذا، ولهذا قالوا: إن المحفوظ هي رواية الذين رووه عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، وهي الرواية المطلقة التي لم تفصل بين الجامد والمائع.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها...)
هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ والحسن بن علي ].
هو الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ واللفظ للحسن ].
أي: الشيخ الثاني.
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري مر ذكره.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
[ قال الحسن : قال عبد الرزاق : وربما حدث به معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
يعني: مثل الحديث الأول.
شرح حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها ...) من طريق أخرى وتراجم رجال الإسناد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويه عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الزهري عن ابن المسيب ].
هذا إحالة على الطريقه الثانية التي فيها التفصيل بين الجامد والمائع .
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويه ].
عبد الرحمن بن بوذويه مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة ].
مر ذكرهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الفأرة تقع في السمن.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم: (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ألقوا ما حولها وكلوا) ].
أورد أبو داود [ باب: في الفأرة تقع في السمن ]، وأورد في ذلك حديث ميمونة رضي الله عنها: [ (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألقوا ما حولها وكلوا) ].
يعني: كلوا السمن الذي وقعت فيه الفأرة وألقوا الفأرة وما حولها، وقال بعض أهل العلم -كما سيأتي في حديث بعد هذا- إنه إن كان جامداً فإنه تلقى وما حولها، وإذا كان مائعاً فإنه يراق ويتلف، ولكن هذا الحديث مطلق ولم يقيد فيه بالجامد، والحديث الذي بعده فيه كلام من ناحية الثبوت وإن كان ظاهره الصحة، فقد تكلم فيه العلماء والمحدثون، وقالوا: إن المعتمد هو رواية عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، وأنها تلقى وما حولها سواء كان مائعاً أو جامداً، بخلاف الحديث الذي سيأتي بعد هذا، ففيه التفريق بين الجامد وغيره.
قوله:[ (ألقوا ما حولها وكلوا) ].
أي: وكلوا الباقي سواءً كان سائلاً مائعاً أو جامداً، وأما أن يعطى حكم الماء إذا وقعت فيه النجاسة: فإن كان قليلاً فتنجسه، وإن كان أكثر من قلتين فلا تنجسه فأقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأن يلقى ما حولها ويؤكل الباقي، فهو وإن كان سائلاً إلا أن النجاسة إنما هي حولها، مما دام أنها في مكان مرتفع ولم تصل إلى أسفل فمعنى ذلك أن النجاسة إنما هي في المكان القريب، وليست عامة في الجميع؛ لأنه وإن كان السمن سائلاً إلا أنه ليس مثل الماء في الخفة، فهو كثيف بخلاف الماء.
قوله: [ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. .
[ عن عبيد الله بن عبد الله ].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ عن ميمونة ].
ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح والحسن بن علي واللفظ للحسن، قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا وقعت الفأرة في السمن: فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه) ].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة هذا الذي فيه التفصيل بين كونه جامداً ومائعاً، وأنه إن كان السمن جامداً ووقعت فيه فأرة فإنها تلقى وما حولها، وإن كان مائعاً فإنه لا يقرب ولا يستفاد منه.
وحديث أبي هريرة هذا -كما هو معلوم- إسناده ظاهره الصحة، ولكن قال جماعة من المحدثين: إنه خطأ، وإن المحفوظ هو الحديث الأول وهو حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة .
وهذا الحديث يدور على معمر، ومعمر اختلف عليه فيه فمرة رواه كذا، ومرة رواه كذا، ولهذا قالوا: إن المحفوظ هي رواية الذين رووه عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، وهي الرواية المطلقة التي لم تفصل بين الجامد والمائع.
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].
هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ والحسن بن علي ].
هو الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ واللفظ للحسن ].
أي: الشيخ الثاني.
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري مر ذكره.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
[ قال الحسن : قال عبد الرزاق : وربما حدث به معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
يعني: مثل الحديث الأول.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويه عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الزهري عن ابن المسيب ].
هذا إحالة على الطريقه الثانية التي فيها التفصيل بين الجامد والمائع .
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويه ].
عبد الرحمن بن بوذويه مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة ].
مر ذكرهم.
شرح حديث: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ...)
[ باب في الذباب يقع في الطعام.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا بشر -يعني ابن المفضل - عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء، وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء، فليغمسه كله) ].
قوله: [ باب: في الذباب يقع في الطعام ] أي: ماذا يصنع بالطعام؟ وماذا يصنع بالذباب؟ هل يخرج ويلقى، أو أنه يغمس في الطعام الذي وقع فيه؟
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه)، أي: اغمسوه في الطعام أو الماء أو الإناء.
قوله: [ (فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وهو يتقي بجناحه الذي به الداء) يعني: أنه يعتمد عليه إذا وقع في الطعام أو في الماء، ويرفع الجناح الذي فيه الشفاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر بغمسه؛ حتى يبطل الدواء الداء، فأحد الجناحين فيه داء، وهو الذي يضعه على الطعام أو الماء، والثاني يرفعه فإذا غمس صار هذا مع هذا.
وهذا الحديث يدل على أن الذباب وغيره من الحشرات التي ليس فيها دم أنها لا تنجس الماء إذا ماتت فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى غمس الذباب في الإناء، وقد يكون حاراً ويترتب على حرارته أنه يموت، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأنه إذا غمس يخرج ثم يشرب الماء، أو يشرب الشيء السائل الذي وقع فيه.
واستنبط بعض العلماء أن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس في الماء إذا مات فيه؛ لأنه ليس فيها دم كثيف، مثل: الجراد والذباب وغيرهما من الحشرات التي ليس فيها دم.
وفيه أيضاً دليل على أن مثل الجراد يجوز أن يرمى في الماء الحار ثم يؤكل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مادام أنه أمر بغمس الذباب في الماء الحار، ويترتب على ذلك موته، فكذلك الجراد لا يحتاج إلى أنه يذبح؛ لأنه ليس فيه دم حتى يذبح.
وقد ذكر ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) أن أول من عبر بعبارة: أن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، هو إبراهيم النخعي الفقيه المحدث المشهور من التابعين، قال: وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.
وقد جاء في كتاب الروح لـابن القيم أنه قال: وفي الحديث: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، مع أنه قال في (زاد المعاد): إن أول من عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي ، وكونه يطلق على هذه العبارة أنها حديث هذا وهم؛ لأنه ما جاء في ذلك حديث، وإنما هذه من تعبيرات الفقهاء التي أخذوها من قصة الذباب وغمسه بالماء.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ...)
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا بشر يعني ابن المفضل ].
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عبد الله بن عجلان المدني وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد المقبري ].
هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة وقد مر ذكره.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[ باب في الذباب يقع في الطعام.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا بشر -يعني ابن المفضل - عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء، وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء، فليغمسه كله) ].
قوله: [ باب: في الذباب يقع في الطعام ] أي: ماذا يصنع بالطعام؟ وماذا يصنع بالذباب؟ هل يخرج ويلقى، أو أنه يغمس في الطعام الذي وقع فيه؟
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه)، أي: اغمسوه في الطعام أو الماء أو الإناء.
قوله: [ (فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وهو يتقي بجناحه الذي به الداء) يعني: أنه يعتمد عليه إذا وقع في الطعام أو في الماء، ويرفع الجناح الذي فيه الشفاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر بغمسه؛ حتى يبطل الدواء الداء، فأحد الجناحين فيه داء، وهو الذي يضعه على الطعام أو الماء، والثاني يرفعه فإذا غمس صار هذا مع هذا.
وهذا الحديث يدل على أن الذباب وغيره من الحشرات التي ليس فيها دم أنها لا تنجس الماء إذا ماتت فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى غمس الذباب في الإناء، وقد يكون حاراً ويترتب على حرارته أنه يموت، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأنه إذا غمس يخرج ثم يشرب الماء، أو يشرب الشيء السائل الذي وقع فيه.
واستنبط بعض العلماء أن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس في الماء إذا مات فيه؛ لأنه ليس فيها دم كثيف، مثل: الجراد والذباب وغيرهما من الحشرات التي ليس فيها دم.
وفيه أيضاً دليل على أن مثل الجراد يجوز أن يرمى في الماء الحار ثم يؤكل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مادام أنه أمر بغمس الذباب في الماء الحار، ويترتب على ذلك موته، فكذلك الجراد لا يحتاج إلى أنه يذبح؛ لأنه ليس فيه دم حتى يذبح.
وقد ذكر ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) أن أول من عبر بعبارة: أن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، هو إبراهيم النخعي الفقيه المحدث المشهور من التابعين، قال: وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.
وقد جاء في كتاب الروح لـابن القيم أنه قال: وفي الحديث: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، مع أنه قال في (زاد المعاد): إن أول من عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي ، وكونه يطلق على هذه العبارة أنها حديث هذا وهم؛ لأنه ما جاء في ذلك حديث، وإنما هذه من تعبيرات الفقهاء التي أخذوها من قصة الذباب وغمسه بالماء.
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا بشر يعني ابن المفضل ].
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عبد الله بن عجلان المدني وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد المقبري ].
هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة وقد مر ذكره.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2891 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2845 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2837 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2732 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2704 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2695 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2689 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2681 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2656 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2652 استماع |