خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [347]
الحلقة مفرغة
شرح حديث: (ما بال العامل نبعثه..)
حدثنا ابن السرح وابن أبي خلف لفظه قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له:
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: (باب في هدايا العمال) والعمال هم الموظفون الذين لهم أعمال يحتاج الناس إليهم في أعمالهم، فالهدايا التي تهدى إليهم حرام لا تجوز، وهي من الغلول، ولا يجوز لهم أخذها، ولا يجوز دفعها إليهم؛ وذلك لما يترتب على دفعها لهم من كون المدفوع إليه يحابي الدافع، فقد يعطيه شيئاً لا يستحقه، أو يقدمه على غيره، أو يتساهل في حق من لا يعطيه هدية ويساعد ويقدم من يدفع له هدية، وقد جاء حديث بلفظ: (هدايا العمال غلول) أي: هي من الخيانة وعدم الأمانة.
أورد أبو داود حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما جاء وأتى بالصدقات التي جباها وأخذها من أصحابها قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي.
والذي يظهر أنه رأى أن ذلك لا بأس به؛ لأنه شيء أهدي إليه، فظن أنه سائغ، ولهذا ذكره وقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، وليس بخيانة؛ لأنه لو أخذه خيانة لأخفاه، ولكنه أظهره وميزه وقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فميز بين الشيء الذي أخذه من الناس زكاة واجبة عليهم، والشيء الذي أهدي إليه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وقال: (ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا؟) يعني: هذه الهدية ما حصلت من أجل شخصه، وإنما من أجل عمله ووظيفته، ومن أجل أن يحصل المهدي شيئاً من المهدى إليه بأن يعطيه شيئاً لا يستحقه أو يخفف عنه أو يأخذ منه شيئاً أقل من الشيء الواجب عليه أو ما إلى ذلك من الأمور التي قد يريدها بعض الناس من الهدية.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان من هديه أنه إذا حصل شيء يخطب الناس ويبين الحكم حتى يعرفه الجميع، ولا يكون خاصاً بالشخص الذي حصلت له القصة، وإنما يستفيد هو وغيره، وكان لا يسميه ولا يعينه، وإنما يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، مثلما جاء في قصة بريرة لما اشترط أهلها أن الولاء لهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وقال: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟)، فهذا هديه وهذه طريقته صلى الله عليه وسلم؛ ليحصل بذلك إفادة الجميع، ومعرفة الجميع بالأحكام الشرعية، فيكون في ذلك تنبيه لصاحب القصة، وأن فعله لا يسوغ، وكذلك غيره يعلم الحكم الشرعي، وأنه لا يسوغ.
ثم قال: (ألا جلس في بيت أمه أو أبيه لينظر هل يهدى إليه أم لا؟)، فإن هذه الهدية جاءته من أجل عمله ومن أجل وظيفته، ومن أجل سعايته، وقد يكون من أجل محاباة، ومن أجل تحصيل مآرب من وراء هذه الهدية.
ثم قال: (لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة) يعني: لا يأخذ شيئاً من هذا إلا جاء يوم القيامة يحمله، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد، فيحمل هذا الذي أخذه وغله وخان فيه، (إن كان بعيراً فله رغاء، وإن كان بقرة لها خوار، وإن كان شاة تيعر)، وهذه أصوات هذه الحيوانات؛ تنبيهاً على أنه يأتي بها يوم القيامة كما كانت في الدنيا، وأن ذلك يكون فضيحة له على رءوس الأشهاد.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه فقال: (اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟) يعني: بلغهم هذه الأحكام الشرعية التي يلزمهم أن يأخذوا ويلتزموا بها، وأن يبتعدوا عن هذا الذي يعود عليهم بالمضرة.
وقوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له:
فيه اتخاذ العمال للسعاية وجباية الزكوات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث العمال، وقد بعث عمر على الصدقة كما في الحديث المتفق عليه الذي فيه: (منع
قوله: [ (وقال ابن السرح : ابن الأتبية ) ].
ذكر أبو داود الحديث عن شيخين ابن السرح وابن أبي خلف ، وقال عند الثاني: وهذا لفظه، أي: لفظ ابن أبي خلف ، ولما كان لفظ ابن أبي السرح يخالف لفظ ابن أبي خلف أشار إلى ذلك.
قوله: [ (على الصدقة ) ].
هي: جباية الزكاة.
هذا ضرب أمثلة لما تكون فيه الخيانة، ولما يكون فيه الشيء الذي يؤخذ من غير استحقاق، وإلا فإن الأمر أعم من ذلك، ولعل البعث إنما كان على زكوات المواشي؛ لأنه ذكر هذه الأنواع الثلاثة التي هي المواشي: الإبل، والبقر، والغنم، وهذه هي التي تزكى، وكذلك غيرها مثلها، والإنسان إذا كان مسئولاً عن شيء أو عاملاً على شيء أو مؤتمناً على شيء وخان فيه وأخذ شيئاً لا يستحقه فإنه يأتي به يوم القيامة على هذا الوجه الذي بينه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد يوم القيامة، ومن الرشوة ما يعطى باسم البخشيش، فهي نفس الرشوة.
قوله: (ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت؟)، وهم يسمعون، وهذا من كمال نصحه ومن كمال بيانه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: (عفرة إبطيه) يعني بياضهما.
تراجم رجال إسناد حديث (ما بال العامل نبعثه..)
أحمد بن عمرو بن السرح وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ وابن أبي خلف ].
محمد بن أحمد بن أبي خلف وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا سفيان ].
سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة ].
عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حميد ].
أبو حميد الساعدي هو المنذر ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
عدم ذكر اسم المخالف عند الرد على خطئه إلا في بعض الحالات
وأما الردود على الأقوال الفاسدة فلا بأس من ذكر المبتدع حتى يحذر منه؛ لأن هذا فيه ابتداع في الدين، وفيه مخالفة لما جاءت به السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كالذي يؤلف كتاباً فيه أمور منكرة، فيؤلف كتاب في الرد عليه؛ لأن الباطل ظهر فالحق لابد أن يظهر، وأما الأمور الخفية والفردية التي تحصل من شخص، فذكر الشخص لا حاجة إليه، وقد تكون المصلحة في عدم ذكره، والمهم هو التنبيه على الخطأ، فإذا نبه على الخطأ دون أن يسمى فإنه يستفيد وغيره يستفيد.
وهذا الحديث يدل على أن الأحكام الشرعية تبين للعامة، وأنها تبين على المنبر، وتبين في الخطب، وتبين على الملأ، وصعود المنبر ليس خاصاً بخطبة الجمعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصعد على المنبر في أحوال وفي مناسبات غير خطبة الجمعة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في هدايا العمال.
حدثنا ابن السرح وابن أبي خلف لفظه قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له:
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: (باب في هدايا العمال) والعمال هم الموظفون الذين لهم أعمال يحتاج الناس إليهم في أعمالهم، فالهدايا التي تهدى إليهم حرام لا تجوز، وهي من الغلول، ولا يجوز لهم أخذها، ولا يجوز دفعها إليهم؛ وذلك لما يترتب على دفعها لهم من كون المدفوع إليه يحابي الدافع، فقد يعطيه شيئاً لا يستحقه، أو يقدمه على غيره، أو يتساهل في حق من لا يعطيه هدية ويساعد ويقدم من يدفع له هدية، وقد جاء حديث بلفظ: (هدايا العمال غلول) أي: هي من الخيانة وعدم الأمانة.
أورد أبو داود حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة، فلما جاء وأتى بالصدقات التي جباها وأخذها من أصحابها قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي.
والذي يظهر أنه رأى أن ذلك لا بأس به؛ لأنه شيء أهدي إليه، فظن أنه سائغ، ولهذا ذكره وقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، وليس بخيانة؛ لأنه لو أخذه خيانة لأخفاه، ولكنه أظهره وميزه وقال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فميز بين الشيء الذي أخذه من الناس زكاة واجبة عليهم، والشيء الذي أهدي إليه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وقال: (ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا؟) يعني: هذه الهدية ما حصلت من أجل شخصه، وإنما من أجل عمله ووظيفته، ومن أجل أن يحصل المهدي شيئاً من المهدى إليه بأن يعطيه شيئاً لا يستحقه أو يخفف عنه أو يأخذ منه شيئاً أقل من الشيء الواجب عليه أو ما إلى ذلك من الأمور التي قد يريدها بعض الناس من الهدية.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان من هديه أنه إذا حصل شيء يخطب الناس ويبين الحكم حتى يعرفه الجميع، ولا يكون خاصاً بالشخص الذي حصلت له القصة، وإنما يستفيد هو وغيره، وكان لا يسميه ولا يعينه، وإنما يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، مثلما جاء في قصة بريرة لما اشترط أهلها أن الولاء لهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وقال: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟)، فهذا هديه وهذه طريقته صلى الله عليه وسلم؛ ليحصل بذلك إفادة الجميع، ومعرفة الجميع بالأحكام الشرعية، فيكون في ذلك تنبيه لصاحب القصة، وأن فعله لا يسوغ، وكذلك غيره يعلم الحكم الشرعي، وأنه لا يسوغ.
ثم قال: (ألا جلس في بيت أمه أو أبيه لينظر هل يهدى إليه أم لا؟)، فإن هذه الهدية جاءته من أجل عمله ومن أجل وظيفته، ومن أجل سعايته، وقد يكون من أجل محاباة، ومن أجل تحصيل مآرب من وراء هذه الهدية.
ثم قال: (لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة) يعني: لا يأخذ شيئاً من هذا إلا جاء يوم القيامة يحمله، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد، فيحمل هذا الذي أخذه وغله وخان فيه، (إن كان بعيراً فله رغاء، وإن كان بقرة لها خوار، وإن كان شاة تيعر)، وهذه أصوات هذه الحيوانات؛ تنبيهاً على أنه يأتي بها يوم القيامة كما كانت في الدنيا، وأن ذلك يكون فضيحة له على رءوس الأشهاد.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه فقال: (اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟) يعني: بلغهم هذه الأحكام الشرعية التي يلزمهم أن يأخذوا ويلتزموا بها، وأن يبتعدوا عن هذا الذي يعود عليهم بالمضرة.
وقوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعمل رجلاً من الأزد يقال له:
فيه اتخاذ العمال للسعاية وجباية الزكوات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث العمال، وقد بعث عمر على الصدقة كما في الحديث المتفق عليه الذي فيه: (منع
قوله: [ (وقال ابن السرح : ابن الأتبية ) ].
ذكر أبو داود الحديث عن شيخين ابن السرح وابن أبي خلف ، وقال عند الثاني: وهذا لفظه، أي: لفظ ابن أبي خلف ، ولما كان لفظ ابن أبي السرح يخالف لفظ ابن أبي خلف أشار إلى ذلك.
قوله: [ (على الصدقة ) ].
هي: جباية الزكاة.
هذا ضرب أمثلة لما تكون فيه الخيانة، ولما يكون فيه الشيء الذي يؤخذ من غير استحقاق، وإلا فإن الأمر أعم من ذلك، ولعل البعث إنما كان على زكوات المواشي؛ لأنه ذكر هذه الأنواع الثلاثة التي هي المواشي: الإبل، والبقر، والغنم، وهذه هي التي تزكى، وكذلك غيرها مثلها، والإنسان إذا كان مسئولاً عن شيء أو عاملاً على شيء أو مؤتمناً على شيء وخان فيه وأخذ شيئاً لا يستحقه فإنه يأتي به يوم القيامة على هذا الوجه الذي بينه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد يوم القيامة، ومن الرشوة ما يعطى باسم البخشيش، فهي نفس الرشوة.
قوله: (ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت؟)، وهم يسمعون، وهذا من كمال نصحه ومن كمال بيانه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: (عفرة إبطيه) يعني بياضهما.
قوله: [ جدثنا ابن السرح ].
أحمد بن عمرو بن السرح وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ وابن أبي خلف ].
محمد بن أحمد بن أبي خلف وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا سفيان ].
سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة ].
عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حميد ].
أبو حميد الساعدي هو المنذر ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يذكر أسماء المخالفين، وإنما كان يشير إلى الوصف فيقول: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، فيكون في ذلك فائدة للشخص الذي حصلت له القصة ولغيره ممن لم يفعل شيئاً من ذلك، فيكون الحكم قد أظهر وعرفه الناس في الخطبة على المنبر.
وأما الردود على الأقوال الفاسدة فلا بأس من ذكر المبتدع حتى يحذر منه؛ لأن هذا فيه ابتداع في الدين، وفيه مخالفة لما جاءت به السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كالذي يؤلف كتاباً فيه أمور منكرة، فيؤلف كتاب في الرد عليه؛ لأن الباطل ظهر فالحق لابد أن يظهر، وأما الأمور الخفية والفردية التي تحصل من شخص، فذكر الشخص لا حاجة إليه، وقد تكون المصلحة في عدم ذكره، والمهم هو التنبيه على الخطأ، فإذا نبه على الخطأ دون أن يسمى فإنه يستفيد وغيره يستفيد.
وهذا الحديث يدل على أن الأحكام الشرعية تبين للعامة، وأنها تبين على المنبر، وتبين في الخطب، وتبين على الملأ، وصعود المنبر ليس خاصاً بخطبة الجمعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصعد على المنبر في أحوال وفي مناسبات غير خطبة الجمعة.
شرح حديث أبي مسعود (بعثني النبي صلى الله عليه وسلم ساعياً..)
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: (بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم ساعياً ثم قال: انطلق
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: (باب في غلول الصدقة) والحديث الأول فيه هدايا العمال وهي غير الصدقة، وإنما تعطى لمن ولي على الصدقة، وهنا ذكر غلول الصدقة يعني: كونه يأخذ شيئاً من الصدقة يختص به ويخون؛ لأن الحديث الأول فيمن أهدي له بسبب عمالته، وهذه الترجمة تتعلق بالأخذ من الصدقة أي: أن الإنسان يؤتمن على شيء فيخون، ويأخذ شيئاً منه.
والغلول هو الخيانة، وكل من خان في شيء يعتبر غالاً فيه، حيث أخذ شيئاً لا يستحقه، سواء كان أمانة عنده أو تحت ولايته ثم يأخذه لنفسه، وغلول الصدقة يعني الأخذ من الصدقة شيئاً يختص به، ويخفيه ويخون فيه.
أورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على الصدقة وقال: (انطلق
أي: انطلق يا أبا مسعود ! في هذه المهمة لجباية الصدقة.
قوله: (ولا ألفينك تأتي يوم القيامة) أي: لا أجدنك تأتي يوم القيامة وعلى ظهرك بعير قد غللته من إبل الصدقة.
قوله: (غللته) يعني: أخذته واختصصت به، واختلسته من الصدقة لتتموله، وهذا يدل على أن الإنسان يأتي بما غل يوم القيامة، ويكون ذلك فضيحة له على رءوس الأشهاد والعياذ بالله.
قوله: [ (قال: إذاً لا أنطلق) ] يعني أنه لا يقدم على هذا العمل؛ لأنه يخشى أن تحصل منه مخالفة، ويترتب عليها هذا الإثم العظيم.
وهذا يدل على ما كان عليه أصحاب الرسول صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ورضي الله عنهم وأرضاهم من الخشية من الوقوع في الأمور المحرمات، وأن الواحد قد يترك الشيء لما يخشى أن يترتب عليه، وإن كان غير متحقق وغير متيقن من وقوعه في الإثم لكن كانوا يبتعدون عن ذلك خوفاً أن يترتب على ذلك هذا الأمر الخطير، وما يتبعه من الإثم العظيم، وهو كونه يأتي بهذا الذي غله يوم القيامة يحمله على رقبته فيكون ذلك فضيحة له.
قوله: [ (قال: إذاً لا أكرهك) ].
يعني: لا ألزمك أن تقوم بهذه المهمة، فالأمر إليك، إن شئت أن تذهب ذهبت، وإن شئت أن تترك فأنا لا أكرهك ولا ألزمك.
تراجم رجال إسناد حديث أبي مسعود (بعثني النبي صلى الله عليه وسلم ساعياً..)
عثمان بن أبي شيبة الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا جرير ].
جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مطرف ].
مطرف بن طريف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الجهم ].
أبو الجهم سليمان بن الجهم وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن أبي مسعود الأنصاري ].
أبو مسعود الأنصاري هو عقبة بن عمرو الأنصاري وهو صحابي رضي الله تعالى عنه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي مسعود ، وأحياناً قد يتصحف أبو مسعود إلى ابن مسعود ، وهو عبد الله بن مسعود الصحابي المشهور بنسبته ابن مسعود ، وهذا مشهور بكنيته أبي مسعود ، وقد حصل التصحيف بين هذا وهذا في بلوغ المرام في حديث أبي مسعود : (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فإنه جاء عن ابن مسعود وهو أبو مسعود وليس ابن مسعود .
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2650 استماع |