شرح سنن أبي داود [294]


الحلقة مفرغة

شرح حديث أبي هريرة في كراهية ترك الغزو

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية ترك الغزو:

حدثنا عبدة بن سليمان المروزي أخبرنا ابن المبارك أخبرنا وهيب -قال: عبدة : يعني ابن الورد - أخبرنا عمر بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق) ].

أورد أبو داود رحمه الله باب كراهية ترك الغزو، والإنسان الذي لا يغزو ولا ينوي الغزو، ولا يكون عنده استعداد لذلك لا بفعله ولا بنيته، على خطر.

والتعبير بالكراهية هنا محتملة لكراهية التحريم وهي الغالب عند المتقدمين، وتحتمل كراهية التنزيه، ومعنى الحديث أنه من مات وهو لم يحصل منه الغزو والجهاد في سبيل الله، حيث وجد ذلك وأمكنه، [ (ولم يحدث نفسه بالغزو) ] ولا فكر أنه يغزو، فهذا يموت على شعبة من النفاق؛ لأن المنافقين هم الذين لا يريدون رفعة الإسلام ولا يريدون انتصار الإسلام، وإنما يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، فمن مات على ذلك فقد مات على صفة ذميمة من صفات المنافقين وإن لم يكن منافقاً، ويحتمل إرادة النفاق الأكبر، لأن الذي لا يريد نصرة المسلمين منافق.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في كراهية ترك الغزو

قوله: [ حدثنا عبدة بن سليمان المروزي ].

عبدة بن سليمان المروزي صدوق أخرج له أبو داود .

وهذا غير عبدة بن سليمان الكلابي المشهور الذي هو أعلى طبقة من هذا، فذاك ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي يتكرر ذكره كثيراً، ولكنه متقدم يروي عنه أبو داود بواسطة.

[ عن ابن المبارك ].

عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قال عنه الحافظ في التقريب: ثقة فقيه إمام جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير.

وهذه الأوصاف التي ذكرها الحافظ ابن حجر عن الإمام عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه تشبهها صفات سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، فقد جمع الله تعالى فيه كثيراً من خصال الخير.

[ عن وهيب -قال عبدة : يعني ابن الورد -].

وهيب بن الورد ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

وقوله: [ قال عبدة ] جاء به لتحديد القائل بأن وهيباً هو وهيب بن الورد ؛ لأنه قد يظن أن القائل أبو داود أو الراوي للسنن عنه.

[ عن عمر بن محمد بن المنكدر ].

عمر بن محمد بن المنكدر ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن سمي ].

سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي صالح ].

أبو صالح السمان وهو ذكوان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق؛ رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث أبي أمامة في كراهية ترك الغزو

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا عمرو بن عثمان وقرأته على يزيد بن عبد ربه الجرجسي حدثنا الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من لم يغز أو يجهز غازياً أو يخلف غازياً في أهله بخير أصابه الله بقارعة) قال يزيد بن عبد ربه في حديثه: قبل يوم القيامة ].

قوله: [ (أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة) ] يعني: أصابه بعذاب أو بمصيبة يحصلها في الدنيا قبل يوم القيامة عقوبة له على كونه ما غزا ولا ساعد في الغزو ولا خلف غازياً في أهله بخير، ومعناه أنه ما حصل منه جهاد لا بنفسه ولا بماله ولا ساعد المجاهدين حين خلفهم في أهليهم.

تراجم رجال إسناد حديث أبي أمامة في كراهية ترك الغزو

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ].

عمرو بن عثمان هو ابن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ، وهو صدوق أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ وقرأته على يزيد بن عبد ربه الجرجسي ].

أي: قال أبو داود : وقرأته على الشيخ، وهذا يسمى عرضاً، وأما إذا كان الشيخ يقرأ والطلاب يسمعون فهذا تحديث، وغالباً ما يفرقون بين الاثنين، فيقولون في السماع: حدثنا وسمعت، وفي العرض: أخبرنا، ومنهم من يسوي بين التحديث والإخبار ولا يفرق بينهما.

ويزيد بن عبد ربه الجرجسي ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن الوليد بن مسلم ].

الوليد بن مسلم الدمشقي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يحيى بن الحارث ].

ثقة أخرج له أصحاب السنن.

[ عن القاسم أبي عبد الرحمن ].

وهو القاسم بن عبد الرحمن ، ومر بنا قريباً القاسم بن عبد الرحمن ، وهنا القاسم أبو عبد الرحمن وكنيته اسم أبيه، وهذا مما يبين أهمية معرفة من وافق كنيته اسم أبيه حتى لا يظن التصحيف، بأن يقال (ابن) مصحف عن (أبي)، أو (أبي) مصحف عن (ابن)؛ إن جاء القاسم بن عبد الرحمن فهو صحيح، وإن جاء: عن القاسم أبي عبد الرحمن فهو صحيح.

وهو صدوق يغرب كثيراً، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

[ عن أبي أمامة ].

صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أنس في كراهية ترك الغزو

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) ].

هذا الحديث فيه الأمر بجهاد الكفار بالمال وبذل المال لينفق في سبيل الله من أجل إيجاد الأزواد والطعام والنفقة للمجاهدين، وكذلك لشراء المعدات التي تفيد في القتال في سبيل الله، وكذلك كون الإنسان يخرج بنفسه ليدعو المشركين إلى الإسلام، فإن دخلوا في الإسلام لم يقاتلوا، وإن أبوا الدخول في الإسلام قوتلوا حتى يدخلوا فيه أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

وأيضاً: يكون جهادهم باللسان بذمهم وهجوهم في الشعر كما كان حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه يهجو المشركين ويدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين، فالجهاد يكون بالنفس والمال واللسان، ويكون أيضاً بالقلم ومؤداه مؤدى اللسان، ويكون أيضاً بالنية كما في الحديث: (إن بالمدينة لرجالاً ما سيرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر) يعني أنهم معهم بالنيات؛ لأنهم كانوا حريصين على الجهاد ولكنهم ما استطاعوا من قلة المال وعدم الظهر الذي يركبونه، فبقوا في البلد متألمين متأثرين يبكون؛ لأنهم لم يجدوا شيئاً يركبونه ويجاهدون مع المسلمين، فالجهاد يكون بهذه الأمور كلها، والحديث فيه الجهاد بهذه الأمور الثلاثة التي هي المال والنفس واللسان.

وأورد أبو داود هذا الحديث في باب كراهية ترك الغزو من جهة أن فيه الأمر بالجهاد وهو ضد الترك.

تراجم رجال إسناد حديث أنس في كراهية ترك الغزو

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن حماد ].

وهو ابن سلمة بن دينار البصري ، ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن حميد ].

حميد بن أبي حميد الطويل البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس ].

أنس رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أيضاً بصري.

فالحديث مسلسل بالبصريين، وأيضاً هو من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأن أعلى الأسانيد عن أبي داود الإسناد الرباعي الذي يكون فيه بين أبي داود وبين النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وهنا فيه هؤلاء الأربعة الذين هم: موسى بن إسماعيل وحماد بن سلمة وحميد بن أبي حميد الطويل وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية ترك الغزو:

حدثنا عبدة بن سليمان المروزي أخبرنا ابن المبارك أخبرنا وهيب -قال: عبدة : يعني ابن الورد - أخبرنا عمر بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق) ].

أورد أبو داود رحمه الله باب كراهية ترك الغزو، والإنسان الذي لا يغزو ولا ينوي الغزو، ولا يكون عنده استعداد لذلك لا بفعله ولا بنيته، على خطر.

والتعبير بالكراهية هنا محتملة لكراهية التحريم وهي الغالب عند المتقدمين، وتحتمل كراهية التنزيه، ومعنى الحديث أنه من مات وهو لم يحصل منه الغزو والجهاد في سبيل الله، حيث وجد ذلك وأمكنه، [ (ولم يحدث نفسه بالغزو) ] ولا فكر أنه يغزو، فهذا يموت على شعبة من النفاق؛ لأن المنافقين هم الذين لا يريدون رفعة الإسلام ولا يريدون انتصار الإسلام، وإنما يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، فمن مات على ذلك فقد مات على صفة ذميمة من صفات المنافقين وإن لم يكن منافقاً، ويحتمل إرادة النفاق الأكبر، لأن الذي لا يريد نصرة المسلمين منافق.

قوله: [ حدثنا عبدة بن سليمان المروزي ].

عبدة بن سليمان المروزي صدوق أخرج له أبو داود .

وهذا غير عبدة بن سليمان الكلابي المشهور الذي هو أعلى طبقة من هذا، فذاك ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي يتكرر ذكره كثيراً، ولكنه متقدم يروي عنه أبو داود بواسطة.

[ عن ابن المبارك ].

عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قال عنه الحافظ في التقريب: ثقة فقيه إمام جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير.

وهذه الأوصاف التي ذكرها الحافظ ابن حجر عن الإمام عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه تشبهها صفات سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، فقد جمع الله تعالى فيه كثيراً من خصال الخير.

[ عن وهيب -قال عبدة : يعني ابن الورد -].

وهيب بن الورد ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

وقوله: [ قال عبدة ] جاء به لتحديد القائل بأن وهيباً هو وهيب بن الورد ؛ لأنه قد يظن أن القائل أبو داود أو الراوي للسنن عنه.

[ عن عمر بن محمد بن المنكدر ].

عمر بن محمد بن المنكدر ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن سمي ].

سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي صالح ].

أبو صالح السمان وهو ذكوان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق؛ رضي الله عنه وأرضاه.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2697 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع