شرح سنن أبي داود [287]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم وفطر يوم.

حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد ، والإخبار في حديث أحمد قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس ، سمعه من عبد الله بن عمرو قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، كان ينام نصفه ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يفطر يوماً ويصوم يوماً) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم وفطر يوم ].

أي: حكم صيام ذلك، وأن ذلك من الأمور المستحبة، وأنه من صيام التطوع السائغ، حيث يكون الإنسان قادراً على ذلك، أما إذا كان يشق عليه فإنه يأتي بما أمكنه الإتيان به دون ذلك، وإذا أتى بثلاثة أيام من كل شهر وحافظ عليها كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الحسنة بعشرة أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، ويكون ذلك كصيام الدهر، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وإذا كان يطيق أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا مشقة عليه، ولا يلحق به ضرر، ولا يحصل بذلك تقصير في واجب وفي أمور أخرى مطلوبة منه فيما يتعلق بحق الله وحقوق الناس، فهذا الصيام هو أحب الصيام إلى الله، كما روى ذلك عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود -يعني: صلاة الليل- كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه) يعني: الثلث الذي يسبقه نصف ويعقبه سدس.

معناه: الخمس الرابع، والخمس الخامس من السدس الرابع، والسدس الخامس من الأسداس الستة، سدس أخير وسدسان قبله، وثلاثة أسداس في الأول، وهذا فيما يتعلق بصلاة الليل (وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً) وقد بين صلى الله عليه وسلم أن هذا أحب الصيام إلى الله، وأن هذه أحب الصلاة إلى الله، وفي هذا إثبات محبة الله عز وجل، وأن الله تعالى متصف بالمحبة، وأن ما يحبه الله يتفاوت، فمنه ما يكون محبوباً، ومنه ما يكون أحب.

تراجم رجال إسناد حديث (أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، الإمام الفقيه، المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ ومحمد بن عيسى ].

محمد بن عيسى هو الطباع ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

[ ومسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ والإخبار في حديث أحمد ].

يعني: الذي قال: حدثني أو أخبرنا هو عن أحمد ، وأما غيرهم فليس فيه التحديث وإنما هو بـ(عن).

[ حدثنا سفيان ].

هو: سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعت عمراً ].

هو عمرو بن دينار المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني عمرو بن أوس ].

عمرو بن أوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعه من عبد الله بن عمرو ].

هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

كيفية معرفة ثلث الليل

وحساب الليل يكون من بعد صلاة العشاء؛ لأنه ينام نصف الليل يعني: بعد صلاة العشاء، فيحسب من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فنصفه يكون نوماً، ثم بعد ذلك يكون ثلثه، ويمكن أن يكون المراد منه الغروب، لكن المقصود أن النصف هو ما بعد صلاة العشاء؛ لأن النوم قبل صلاة العشاء جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كراهيته، فكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ لأن ذلك يؤدي إلى النوم عن صلاة العشاء.

قوله: [ قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمر ].

إما أن المقصود أن الذي صرح بالتحديث هو أحمد والباقون ما قالوا: حدثنا، أو أن المقصود في رواية سفيان عن عمرو بن دينار حيث أنه صرح بالتحديث بقوله: حدثنا عمرو بن دينار ، فيمكن أن يكون المقصود به؛ لأن سفيان مدلس، ولكن معروف أنه لا يدلس إلا عن ثقات، ويمكن أن يكون المقصود به سفيان، أو أن المراد به روايتهم ولكن المقصود بالإخبار أنه عن أحمد الذي هو الأول: التحديث، والتحديث يقال له: إخبار.

فوجود كلمة (الإخبار) هنا فيه تصريح بالسماع، وقضية التصريح بالعنعنة لا يؤثر إلا عن المدلس، وأما الذي لا يدلس فعنعنته تكون اتصالاً، ولكن هذا يأتون به من أجل المحافظة على الألفاظ، وبيان من صرح بالتحديث ومن لم يصرح بالتحديث.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم وفطر يوم.

حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد ، والإخبار في حديث أحمد قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس ، سمعه من عبد الله بن عمرو قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، كان ينام نصفه ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يفطر يوماً ويصوم يوماً) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم وفطر يوم ].

أي: حكم صيام ذلك، وأن ذلك من الأمور المستحبة، وأنه من صيام التطوع السائغ، حيث يكون الإنسان قادراً على ذلك، أما إذا كان يشق عليه فإنه يأتي بما أمكنه الإتيان به دون ذلك، وإذا أتى بثلاثة أيام من كل شهر وحافظ عليها كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الحسنة بعشرة أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، ويكون ذلك كصيام الدهر، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وإذا كان يطيق أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا مشقة عليه، ولا يلحق به ضرر، ولا يحصل بذلك تقصير في واجب وفي أمور أخرى مطلوبة منه فيما يتعلق بحق الله وحقوق الناس، فهذا الصيام هو أحب الصيام إلى الله، كما روى ذلك عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود -يعني: صلاة الليل- كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه) يعني: الثلث الذي يسبقه نصف ويعقبه سدس.

معناه: الخمس الرابع، والخمس الخامس من السدس الرابع، والسدس الخامس من الأسداس الستة، سدس أخير وسدسان قبله، وثلاثة أسداس في الأول، وهذا فيما يتعلق بصلاة الليل (وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً) وقد بين صلى الله عليه وسلم أن هذا أحب الصيام إلى الله، وأن هذه أحب الصلاة إلى الله، وفي هذا إثبات محبة الله عز وجل، وأن الله تعالى متصف بالمحبة، وأن ما يحبه الله يتفاوت، فمنه ما يكون محبوباً، ومنه ما يكون أحب.

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، الإمام الفقيه، المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ ومحمد بن عيسى ].

محمد بن عيسى هو الطباع ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

[ ومسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ والإخبار في حديث أحمد ].

يعني: الذي قال: حدثني أو أخبرنا هو عن أحمد ، وأما غيرهم فليس فيه التحديث وإنما هو بـ(عن).

[ حدثنا سفيان ].

هو: سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعت عمراً ].

هو عمرو بن دينار المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني عمرو بن أوس ].

عمرو بن أوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعه من عبد الله بن عمرو ].

هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

وحساب الليل يكون من بعد صلاة العشاء؛ لأنه ينام نصف الليل يعني: بعد صلاة العشاء، فيحسب من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فنصفه يكون نوماً، ثم بعد ذلك يكون ثلثه، ويمكن أن يكون المراد منه الغروب، لكن المقصود أن النصف هو ما بعد صلاة العشاء؛ لأن النوم قبل صلاة العشاء جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كراهيته، فكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ لأن ذلك يؤدي إلى النوم عن صلاة العشاء.

قوله: [ قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمر ].

إما أن المقصود أن الذي صرح بالتحديث هو أحمد والباقون ما قالوا: حدثنا، أو أن المقصود في رواية سفيان عن عمرو بن دينار حيث أنه صرح بالتحديث بقوله: حدثنا عمرو بن دينار ، فيمكن أن يكون المقصود به؛ لأن سفيان مدلس، ولكن معروف أنه لا يدلس إلا عن ثقات، ويمكن أن يكون المقصود به سفيان، أو أن المراد به روايتهم ولكن المقصود بالإخبار أنه عن أحمد الذي هو الأول: التحديث، والتحديث يقال له: إخبار.

فوجود كلمة (الإخبار) هنا فيه تصريح بالسماع، وقضية التصريح بالعنعنة لا يؤثر إلا عن المدلس، وأما الذي لا يدلس فعنعنته تكون اتصالاً، ولكن هذا يأتون به من أجل المحافظة على الألفاظ، وبيان من صرح بالتحديث ومن لم يصرح بالتحديث.

شرح حديث (كان رسول الله يأمرنا أن نصوم البيض)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم الثلاث من كل شهر.

حدثنا محمد بن كثير حدثنا همام عن أنس أخي محمد عن ابن ملحان القيسي عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر) ].

أورد أبو داود باب صيام الثلاث من كل شهر، وقد ورد في صيامها وفي الوصية بها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها: حديث أبي هريرة المتفق على صحته: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام).

وحديث أبي الدرداء في صحيح مسلم : (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد) وجاءت أحاديث تبين هذه الثلاث وتحددها، وتبين كيف يؤتى بها، فمما جاء في ذلك أنها تصام في أيام البيض، وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، التي هي في منتصف الشهر، والتي هي ليالي الإبدار، ويقال لها: البيض؛ لأن الليل يكون فيها منيراً مضيئاً.

قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نصوم البيض) ].

قوله: [ (ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر) ].

هذا تحديد وتعيين للأيام البيض، قوله: [ (هن كهيئة الدهر)] يعني: صيام هذه الثلاثة الأيام سواء جعلت في نصف الشهر أو جعلت في أي يوم من الشهر في أوله أو في آخره أو في وسطه، أو بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، وبعضها في آخره، كل ذلك يعتبر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهو كصيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، فإذا صام من كل شهر ثلاثة أيام فكأنه صام الدهر؛ لأن اليوم بعشرة أيام.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يأمرنا أن نصوم البيض)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا همام ].

هو همام بن يحيى العودي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس أخي محمد ].

هو أنس بن سيرين أخو محمد بن سيرين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن ملحان القيسي ].

ابن ملحان القيسي هو عبد الملك بن قتادة بن ملحان ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبيه ].

وهو قتادة بن ملحان رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

شرح حديث (كان رسول الله يصوم -يعني من غرة كل شهر- ثلاثة أيام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم -يعني: من غرة كل شهر- ثلاثة أيام) ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من غرة كل شهر، يعني: من أوله ثلاثة أيام، وهذا فيه بيان أن الثلاثة الأيام من كل شهر ليست ثابتة مستقرة في وقت معين، بل جاء ما يدل على صيامها في أول الشهر، أو في وسط الشهر الذي هو الأيام البيض، وجاء أنها تكون في الإثنين والخميس، يعني: إثنين وإثنين وخميس أو خميس وخميس وإثنين، فجاء صيامها على أوجه مختلفة، وجاء أنه ما كان يبالي من أي الشهر كان يصوم الثلاثة الأيام من كل شهر، فهذا يدلنا على أن الأمر فيها واسع، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها وجوه متنوعة، ولكن كون الإنسان يحرص على أن تكون هي أيام البيض فهو أولى، حتى يحافظ عليها ولا ينساها، لأنه إذا لم يجعل لها وقتاً محدداً قد يتشاغل عنها، وقد يخرج الشهر وهو ما أتى بها، لكن إذا جعلها في الأيام البيض فإنه يتعاهدها ويتحراها، وإذا صامها من أول الشهر كما في هذا الحديث فيكون قد بادر.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يصوم -يعني من غرة كل شهر- ثلاثة أيام)

قوله: [ حدثنا أبو كامل ].

هو أبو كامل الجحدري ، وهو فضيل بن حسين ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا أبو داود ].

أبو داود هو: سليمان بن داود الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا شيبان ].

شيبان هو ابن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عاصم ].

هو عاصم بن أبي النجود، وهو ابن بهدلة ، وهو صدوق له أوهام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وروايته في الصحيحين مقرونة، أي: أنه روي عنه وعن غيره.

[ عن زر ].

هو زر بن حبيش ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم الثلاث من كل شهر.

حدثنا محمد بن كثير حدثنا همام عن أنس أخي محمد عن ابن ملحان القيسي عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر) ].

أورد أبو داود باب صيام الثلاث من كل شهر، وقد ورد في صيامها وفي الوصية بها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها: حديث أبي هريرة المتفق على صحته: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام).

وحديث أبي الدرداء في صحيح مسلم : (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد) وجاءت أحاديث تبين هذه الثلاث وتحددها، وتبين كيف يؤتى بها، فمما جاء في ذلك أنها تصام في أيام البيض، وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، التي هي في منتصف الشهر، والتي هي ليالي الإبدار، ويقال لها: البيض؛ لأن الليل يكون فيها منيراً مضيئاً.

قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نصوم البيض) ].

قوله: [ (ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر) ].

هذا تحديد وتعيين للأيام البيض، قوله: [ (هن كهيئة الدهر)] يعني: صيام هذه الثلاثة الأيام سواء جعلت في نصف الشهر أو جعلت في أي يوم من الشهر في أوله أو في آخره أو في وسطه، أو بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، وبعضها في آخره، كل ذلك يعتبر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهو كصيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، فإذا صام من كل شهر ثلاثة أيام فكأنه صام الدهر؛ لأن اليوم بعشرة أيام.

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا همام ].

هو همام بن يحيى العودي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس أخي محمد ].

هو أنس بن سيرين أخو محمد بن سيرين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن ملحان القيسي ].

ابن ملحان القيسي هو عبد الملك بن قتادة بن ملحان ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبيه ].

وهو قتادة بن ملحان رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم -يعني: من غرة كل شهر- ثلاثة أيام) ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من غرة كل شهر، يعني: من أوله ثلاثة أيام، وهذا فيه بيان أن الثلاثة الأيام من كل شهر ليست ثابتة مستقرة في وقت معين، بل جاء ما يدل على صيامها في أول الشهر، أو في وسط الشهر الذي هو الأيام البيض، وجاء أنها تكون في الإثنين والخميس، يعني: إثنين وإثنين وخميس أو خميس وخميس وإثنين، فجاء صيامها على أوجه مختلفة، وجاء أنه ما كان يبالي من أي الشهر كان يصوم الثلاثة الأيام من كل شهر، فهذا يدلنا على أن الأمر فيها واسع، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها وجوه متنوعة، ولكن كون الإنسان يحرص على أن تكون هي أيام البيض فهو أولى، حتى يحافظ عليها ولا ينساها، لأنه إذا لم يجعل لها وقتاً محدداً قد يتشاغل عنها، وقد يخرج الشهر وهو ما أتى بها، لكن إذا جعلها في الأيام البيض فإنه يتعاهدها ويتحراها، وإذا صامها من أول الشهر كما في هذا الحديث فيكون قد بادر.

قوله: [ حدثنا أبو كامل ].

هو أبو كامل الجحدري ، وهو فضيل بن حسين ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا أبو داود ].

أبو داود هو: سليمان بن داود الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا شيبان ].

شيبان هو ابن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عاصم ].

هو عاصم بن أبي النجود، وهو ابن بهدلة ، وهو صدوق له أوهام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وروايته في الصحيحين مقرونة، أي: أنه روي عنه وعن غيره.

[ عن زر ].

هو زر بن حبيش ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (كان رسول الله يصوم ثلاثة أيام من الشهر الإثنين والخميس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال: الإثنين والخميس.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عاصم بن بهدلة عن سواء الخزاعي عن حفصة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم ثلاثة أيام من الشهر: الإثنين والخميس، والإثنين من الجمعة الأخرى) ].

أورد أبو داود باب من قال: الإثنين والخميس، يعني: أن الثلاثة الأيام من كل شهر تكون إثنين وخميس وإثنين.

فقوله: [ (الإثنين والخميس والإثنين من الجمعة الأخرى) ].

معناه: أنه يأتي بها في أسبوعين، أسبوع فيه إثنين وخميس، والأسبوع الثاني يصير فيه الإثنين، فيكون الإثنين جاء مرتين، وبينهما خميس، فيكون الإثنين والخميس من الأسبوع، ثم الإثنين في الأسبوع الثاني، فيكون بذلك قد جمع بين أمرين: صام ثلاثة أيام من كل شهر، واختار اليومين المفضلين اللذين تعرض فيهما الأعمال على الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يصوم ثلاثة أيام من الشهر الإثنين والخميس)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن .

[ عن عاصم بن بهدلة ].

عاصم بن بهدلة مر ذكره.

[ عن سواء الخزاعي ].

سواء الخزاعي مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ عن حفصة ].

حفصة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أم سلمة: (كان رسول الله يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الحسن بن عبيد الله عن هنيدة الخزاعي عن أمه قالت: (دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فسألتها عن الصيام، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر أولها الإثنين والخميس) ].

أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها (أنها سألتها أم هنيدة بن خالد عن الصيام فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أولها الإثنين والخميس) .

أولها الإثنين والخميس، يعني: إما أن تكون أولها الإثنين ثم الخميس ثم الإثنين، أو أن أولها الخميس، بمعنى: أنه يبدأ بواحد من هذه الأيام التي ترفع فيها الأعمال إلى الله عز وجل وهي: الإثنين والخميس.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة: (كان رسول الله يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر)

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

زهير بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا محمد بن فضيل ].

هو محمد بن فضيل بن غزوان ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الحسن بن عبيد الله ].

الحسن بن عبيد الله ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن هنيدة الخزاعي ].

هو هنيدة بن خالد الخزاعي ، وهو معدود في الصحابة، وحديثه أخرجه أبو داود والنسائي .

[ عن أمه ].

وهي صحابية، أخرج لها أبو داود والنسائي .

[ عن أم سلمة ].

وهي هند بنت أبي أمية رضي الله عنها، وهي أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع