شرح سنن أبي داود [233]


الحلقة مفرغة

شرح حديث ابن عمر في صلاة رسول الله داخل الكعبة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة في الكعبة.

حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة الحجبي وبلال رضي الله عنهم فأغلقها عليه، فمكث فيها، قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالاً حين خرج: ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: جعل عموداً عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه -وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة- ثم صلى) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي باب: الصلاة في الكعبة.

يعني: الصلاة في الكعبة جاءت السنة بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيما يتعلق بالنافلة، ولم يثبت صلاة فرض فيها.

واختلف العلماء في صلاة الفرض فيها، فمنهم من قال: بجوازها من باب إلحاق الفرض بالنفل، ومن العلماء من قال: بمنعها؛ لأن الذي ثبت هو النفل فقط ويقتصر عليه، وأما الفرض فإنه لا يؤتى به إلا خارج الكعبة.

أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: [ (أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل الكعبة ومعه أسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال فأغلقها عليه) ] يعني: أغلق عثمان بن طلحة الحجبي الباب، ولعل إغلاق الباب حتى لا يدخل الناس ويحصل الزحام فيها، فدخلوا وأغلقوا الباب.

قوله: [ (فمكث فيها، قال عبد الله بن عمر : فسألت بلالاً حين خرج : ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) ].

يعني: مكث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من الزمن، فـابن عمر رضي الله عنهما لحرصه على معرفة أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم سأل: ماذا صنع في هذه المدة التي دخل فيها الكعبة؟ فقال بلال : [ (جعل عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه -وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة- ثم صلى) ] فهذا فيه إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى النافلة في البيت، فدل على أنها سائغة وأنها مشروعة.

أما مكان صلاته فما يبعد أن الباب كان وراءه من جهة الجنوب، ويكون اتجه إلى جهة الشمال إلى جهة الحجر، وما دام أنه ترك عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه فمعنى هذا أنه كان متقدماً عن الباب شيئاً قليلاً؛ لأنه جعل عموداً عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه، فيدل هذا أنه غير مستقبل الباب، وإنما كان إلى جهة أخرى، والله أعلم.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في صلاة رسول الله داخل الكعبة

قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك ].

القعنبي مر ذكره، ومالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن نافع ].

هو نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن عمر ].

عبد الله بن عمر قد مر ذكره.

شرح حديث صلاة رسول الله داخل الكعبة من طريق ثانية وتراجم رجال الإسناد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بهذا الحديث لم يذكر السواري قال: (ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع) ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن ابن عمر ولم يذكر السواري التي هي ثنتان عن اليمين وواحدة على اليسار وثلاث وراءه، وإنما قال: [ (ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع) ].

يعني: بينه وبين جدار القبلة ثلاثة أذرع، فهذا يدل على أنه كان متجهاً إلى الجدار وليس متجهاً للباب، والمقصود بالقبلة الجدار الذي أمامه.

وهذا الحديث هو الذي استدل به بعض أهل العلم على أن الإنسان إذا لم يكن له سترة فإنه يترك بينه وبين الذي يمر من أمامه مقدار ثلاثة أذرع من قدمه، ويمشي بعد ذلك من ورائها؛ لأن المصلي إذا لم يكن له سترة لا يحجز الذي أمامه ولو كان المقدار طويلاً، وإنما من يريد أن يمر يترك مقدار ثلاثة أذرع ويمر، أخذاً بهذا الحديث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى بين عمودين وترك بينه وبين القبلة ثلاثة أذرع.

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي ].

عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ].

عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مالك ].

مالك مر ذكره.

شرح حديث ابن عمر: (ونسيت أن أسأله كم صلى) وترجمة رجال الإسناد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعنى حديث القعنبي قال: (ونسيت أن أسأله كم صلى؟) ].

أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى وفيه: [ (ونسيت أن أسأله كم صلى؟) ] يعني: أنه لم يسأله كم صلى في ذلك المكان.

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة مر ذكره.

[ حدثنا أبو أسامة ].

هو أبو أسامة حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبيد الله ].

هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن نافع عن ابن عمر ].

قد مر ذكرهما.

شرح حديث عمر في صلاة رسول الله ركعتين في الكعبة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال: قلت لـعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين دخل الكعبة؟ قال: صلى ركعتين) ].

أورد المصنف حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة صلى ركعتين، وأنه لم يطيل البقاء في الكعبة.

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

زهير بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا جرير ].

هو جرير بن عبد الحميد مر ذكره.

[ عن يزيد بن أبي زياد ].

يزيد بن أبي زياد ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن مجاهد ].

مجاهد مر ذكره.

[ عن عبد الرحمن بن صفوان ].

عبد الرحمن بن صفوان يقال: له صحبة، وقال البخاري : لا يصح، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة .

[ عن عمر ].

هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، الصحابي الجليل ثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

والحديث صححه الألباني وما أدري ما وجه التصحيح هل له طرق أم ماذا؟!

شرح حديث: (دخل البيت فكبر في نواحيه وفي زواياه ثم خرج ولم يصل فيه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج قال: حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت، قال: فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قاتلهم الله! والله لقد علموا ما استقسما بها قط. قال: ثم دخل البيت فكبر في نواحيه وفي زواياه، ثم خرج ولم يصل فيه) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة؛ لأن فيها الأصنام حتى أخرجت منها، وفيها صورة إبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان بالأزلام.

والأزلام هي سهام مكتوب عليها: افعل، لا تفعل أو غفل، ويضعونها في وعاء، فالذي يريد أن يعمل عملاً من الأعمال إذا أراد أن يعرف هل يناسب أن يعمله أو لا يعمله يدخل يده في الوعاء ثم يأخذ منها واحداً، فإذا طلع افعل يقدم على الشيء الذي أراد أن يفعله، وإذا جاء الذي فيه لا تفعل ترك، وإن طلع الغفل أعاد الاستقسام مرة ثانية حتى يأخذ السهم الذي فيه افعل أو لا تفعل.

فالنبي صلى الله عليه وسلم لما ظهرت صورة إبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان قال: [ (قاتلهم الله لقد علموا أنهما ما استقسما بها قط) ] يعني: أن هذا كذب وافتراء عليهما الصلاة والسلام.

قوله: [ (ثم دخل البيت فكبر في نواحيه وفي زواياه ثم خرج ولم يصل فيه)].

وهذا فيه نفي الصلاة، ولكن حديث ابن عمر فيه أنه صلى، وعمر كذلك أثبت أنه صلى، فدل على أن الصلاة ثابتة، والمثبت مقدم على النافي.

ودخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة كان عام الفتح؛ لأن الأصنام كانت ما زالت داخل الكعبة.

وبعض العلماء يستفاد من كلامه أن تلك الأحاديث كلها في عام الفتح، حيث جمع بين من قال: إنه صلى ومن قال: إنه لم يصل، بقوله: إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى صلاة خفيفة، وبعض الصحابة رأى هذه الصلاة الخفيفة الذي هو أسامة بن زيد الذي كان عنده، والآخر كأنه لم يتنبه لهذه الصلاة الخفيفة؛ لأنه انشغل بالتكبير والذكر والدعاء في ناحية من نواحي الكعبة، هكذا قال صاحب عون المعبود في التوفيق بين هذا وهذا.

تراجم رجال إسناد حديث: (دخل البيت فكبر في نواحيه وفي زواياه ثم خرج ولم يصل فيه)

قوله: [ حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ].

أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد الوارث ].

هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أيوب ].

هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عكرمة ].

هو عكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.

كلام ابن القيم في وقت دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة والصلاة فيها

قال ابن القيم عن هذه المسألة في كتابه زاد المعاد في الجزء الثاني الصفحة (296): فأما المسألة الأولى: فزعم كثير من الفقهاء وغيرهم أنه دخل البيت في حجته، ويرى كثير من الناس أن دخول البيت من سنن الحج اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والذي تدل عليه سنته أنه لم يدخل البيت في حجته ولا في عمرته وإنما دخله عام الفتح، ففي الصحيحين عن ابن عمر قال : (دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة على ناقة لـأسامة حتى أناخ بفناء الكعبة، فدعا عثمان بن طلحة بالمفتاح فجاءه به، ففتح، فدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة فأجافوا عليهم الباب ملياً ثم فتحوه، قال عبد الله : فبادرت الناس فوجدت بلالاً على الباب فقلت: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: بين العمودين المقدمين، قال: ونسيت أن أسأله كم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟).

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة قال: فأمر بها فأخرجت، فأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما الأزلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قاتلهم الله أما والله لقد علموا أنهما لم يستقسما بها قط، قال : فدخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه) فقيل : كان ذلك دخولين صلى في أحدهما ولم يصل في الآخر، وهذه طريقة ضعفاء النقد، كلما رأوا اختلاف لفظ جعلوه قصة أخرى، كما جعلوا الإسراء مراراً لاختلاف ألفاظه، وجعلوا اشتراءه من جابر بعيره مراراً لاختلاف ألفاظه، وجعلوا طواف الوداع مرتين لاختلاف سياقه، ونظائر ذلك، وأما الجهابذة النقاد فيرغبون عن هذه الطريقة، ولا يجبنون عن تغليط من ليس معصوماً من الغلط ونسبته إلى الوهم.

قال البخاري وغيره من الأئمة: والقول قول بلال ؛ لأنه مثبت شاهد صلاته بخلاف ابن عباس ، والمقصود أن دخوله البيت إنما كان في غزوة الفتح لا في حجه ولا عمره، وفي صحيح البخاري عن إسماعيل بن أبي خالد قال: (قلت لـعبد الله بن أبي أوفى : أدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عمرته البيت؟ قال: لا) .

وقالت عائشة : (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع إلي وهو حزين القلب، فقلت: يا رسول الله! خرجت من عندي وأنت كذا وكذا، فقال: إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت، إني أخاف أن أكون قد أتعبت أمتي من بعدي) فهذا ليس فيه أنه كان في حجته، بل إذا تأملته حق التأمل أطلعك التأمل على أنه كان في غزاة الفتح، والله أعلم. (وسألته عائشة أن تدخل البيت فأمرها أن تصلي في الحجر ركعتين) ].

الأمر واضح أنه دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح، وسبق أن ذكرت أن بعض أهل العلم قال: إن أسامة مثبت، وأن ابن عباس إذا كان دخل فإنه يكون قد انشغل مع النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم في نواحي البيت بالتكبير والدعاء، ثم النبي صلى الله عليه وسلم صلى ولم يره، لاسيما والباب كان مغلقاً، وليس هناك وضوح، فالمعتمد ما جاء عن بلال أنه صلى ركعتين، وما جاء عن ابن عباس إنما يدل على حسب علمه، ويمكن أن يكون كما قال بعض أهل العلم: إنه انشغل بالذكر والدعاء والتكبير والتهليل، ولم يطلع على ما اطلع عليه غيره، والمثبت مقدم على النافي، والله تعالى أعلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة في الكعبة.

حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة الحجبي وبلال رضي الله عنهم فأغلقها عليه، فمكث فيها، قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالاً حين خرج: ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: جعل عموداً عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه -وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة- ثم صلى) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي باب: الصلاة في الكعبة.

يعني: الصلاة في الكعبة جاءت السنة بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيما يتعلق بالنافلة، ولم يثبت صلاة فرض فيها.

واختلف العلماء في صلاة الفرض فيها، فمنهم من قال: بجوازها من باب إلحاق الفرض بالنفل، ومن العلماء من قال: بمنعها؛ لأن الذي ثبت هو النفل فقط ويقتصر عليه، وأما الفرض فإنه لا يؤتى به إلا خارج الكعبة.

أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: [ (أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل الكعبة ومعه أسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال فأغلقها عليه) ] يعني: أغلق عثمان بن طلحة الحجبي الباب، ولعل إغلاق الباب حتى لا يدخل الناس ويحصل الزحام فيها، فدخلوا وأغلقوا الباب.

قوله: [ (فمكث فيها، قال عبد الله بن عمر : فسألت بلالاً حين خرج : ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) ].

يعني: مكث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من الزمن، فـابن عمر رضي الله عنهما لحرصه على معرفة أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم سأل: ماذا صنع في هذه المدة التي دخل فيها الكعبة؟ فقال بلال : [ (جعل عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه -وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة- ثم صلى) ] فهذا فيه إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى النافلة في البيت، فدل على أنها سائغة وأنها مشروعة.

أما مكان صلاته فما يبعد أن الباب كان وراءه من جهة الجنوب، ويكون اتجه إلى جهة الشمال إلى جهة الحجر، وما دام أنه ترك عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه فمعنى هذا أنه كان متقدماً عن الباب شيئاً قليلاً؛ لأنه جعل عموداً عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه، فيدل هذا أنه غير مستقبل الباب، وإنما كان إلى جهة أخرى، والله أعلم.

قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك ].

القعنبي مر ذكره، ومالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن نافع ].

هو نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن عمر ].

عبد الله بن عمر قد مر ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بهذا الحديث لم يذكر السواري قال: (ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع) ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن ابن عمر ولم يذكر السواري التي هي ثنتان عن اليمين وواحدة على اليسار وثلاث وراءه، وإنما قال: [ (ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع) ].

يعني: بينه وبين جدار القبلة ثلاثة أذرع، فهذا يدل على أنه كان متجهاً إلى الجدار وليس متجهاً للباب، والمقصود بالقبلة الجدار الذي أمامه.

وهذا الحديث هو الذي استدل به بعض أهل العلم على أن الإنسان إذا لم يكن له سترة فإنه يترك بينه وبين الذي يمر من أمامه مقدار ثلاثة أذرع من قدمه، ويمشي بعد ذلك من ورائها؛ لأن المصلي إذا لم يكن له سترة لا يحجز الذي أمامه ولو كان المقدار طويلاً، وإنما من يريد أن يمر يترك مقدار ثلاثة أذرع ويمر، أخذاً بهذا الحديث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى بين عمودين وترك بينه وبين القبلة ثلاثة أذرع.

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي ].

عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ].

عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مالك ].

مالك مر ذكره.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعنى حديث القعنبي قال: (ونسيت أن أسأله كم صلى؟) ].

أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى وفيه: [ (ونسيت أن أسأله كم صلى؟) ] يعني: أنه لم يسأله كم صلى في ذلك المكان.

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة مر ذكره.

[ حدثنا أبو أسامة ].

هو أبو أسامة حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبيد الله ].

هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن نافع عن ابن عمر ].

قد مر ذكرهما.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2650 استماع