أرشيف المقالات

مناهج اللوائح التنفيذية في النظم

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
مناهج اللوائح التنفيذية في النظم

تأتي حدود اللوائح التنفيذية في النظم على ثلاثة مناهج، هي كما يلي:
المنهج الأول: أن اللائحة التنفيذية لا تقتصر على تفصيل المبادئ الواردة في صلب النظام؛ وإنما لها أن تضيف أحكامًا جديدة نواتها في صلب النظام، ولو كانت علاقة تلك الأحكام الجديدة والمضافة ضعيفةً مع نصوص النظام، ويكفي أن تكون محقِّقة لمصلحة معتدٍّ بها، عُهِدَ من النظم مراعاتُها، فإذا اتفقت الأحكام المضافة مع أصل النظام صراحةً أو ضمنًا، كفى ذلك حاملاً على تقريرها.

على أن ما يُضاف من أحكام جديدة يجب ألا يكون محظورًا على اللائحة الخوضُ فيه، وألا يتعارض مع أصل النظام، وألا يتضمن تعديلاً له أو تعطيلاً.

وهذا المنهج يفتح للجهة التنفيذية التي تتولى إصدار اللوائح التنفيذية بابًا لمعالجة المشكلات العملية التي تواجهها[1].

المنهج الثاني: أن اللائحة التنفيذية يجب أن تقتصر على تفصيل ما جاء به النظام وتَكْمِلَته، ولا تضيف جديدًا، فلا تتعرض لحكم مسألة سكت عنها النظام؛ وإنما تقتصر اللائحة التنفيذية على تقرير الأحكام التفصيلية للمبادئ الواردة في النظام اللازمة لنفاذه دون أن تضيف جديدًا، فليس للائحة التنفيذية - وفقَ هذا المنهج - الابتداءُ بتقرير قواعدَ وأحكامٍ جديدة، حتى لو كانت هذه القواعد لازمةً لنفاذ النظام ومحقِّقة لأهدافه، ومثل هذه الإضافات لو وُجِدَتْ حسب هذا المنهج لعُدَّتْ تعديلاً وتعطيلاً للنظام، وبالتالي تكون غير مشروعة.

ولا يشمل المنع ما كان تفسيرًا لا يخرج عن أصل النظام ومنهج التفسير الصحيح، ولا تحديد الإجراءات والوسائل العملية لتنفيذ النظام والشروط والقيود الواردة على الأحكام، التي شملها النظام، أو تلزم لتطبيقه[2].

المنهج الثالث: وهو المنهج المختلط بالجمع بين المنهجين السابقين، وله حالان[3]:
الحال الأولى: عند الإذن بإصدار اللائحة التنفيذية من الجهة المختصة التي صدر منها النظام:
ففي هذه الحال يؤخذ بالمنهج الأول من التوسُّع في إصدار اللوائح التنفيذية؛ لتشمل تقرير أحكام جديدة، تحقق أهداف النظام وغايته، ولو كانت علاقتها بنصوصه الأصليَّة ضعيفةً.

الحال الثانية: أن تصدر اللائحة التنفيذية من الجهة التنفيذية المختصة ابتداءً، دون الإذن لها من الجهة المختصة التي صدر منها النظام بذلك:
ففي هذه الحال يؤخذ بالمنهج الثاني، فيجب أن تتمسك اللائحة التنفيذية بالمنهج المضيق في اللوائح التنفيذية، فلا تضيف جديدًا، لم يتعرض له أصل النظام.

الترجيح:
بعد الوقوف على مناهج النُّظُم في نطاق اللوائح التنفيذية مما سبق ذكره، يظهر رجحان المنهج الأول المبني على أنَّ للاَّئحة التنفيذية أن تُضيف أحكامًا جديدةً، نواتُها في صلب النظام، ولو كانت علاقة تلك الأحكام الجديدة المضافة ضعيفةً مع نصوص النظام، ما دامت محقِّقة لمصلحة معتدٍّ بها، عُهِدَ في الشرع اعتبارُها، وليس فيها ما يتعارض مع الشرع وأصل النظام.

ووجه الترجيح ما يلي:
1- أن الأصل العمل بالقواعد الشرعية، ومراعاة أحكامها، وعدم إهدارها أو حجبها، ومن ذلك العملُ بالمصالح المرسلة التي عُهِد من الشرع مراعاةُ أصلها، فإذا كانت اللائحة التنفيذية التي قررت حكمًا جديدًا مما شهد له الشرع في نصوصه الخاصة أو العامة، أخذنا بها، وهذا ما أصَّلَه النظام الأساسي للحكم السعودي، فقد جاء في المادة السابعة منه ما نصه: "يَستمِدُّ الحكم في المملكة العربية السعودية سُلطته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة".

2- أن هذا المنهج يفتح للجهة التي تُصدِر اللوائح التنفيذية البابَ لمعالجة المشكلات العملية التي تواجهها، ويجعل النظام متجددًا؛ لما تحتوي عليه اللوائح التنفيذية من المرونة في مواجهة المشكلات، وهذا غرض أساس في النظم، يتحقق بالتوسع في مفهوم منهج اللوائح، والعمل على إصدارها لتغطية الاحتياجات المتجددة.

وعلى هذا؛ تكون اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية اعتمدت منهجًا شرعيًّا نظاميًّا، شهدت الشريعة لأصله بالصحة والنفاذ، ويحقق أهداف النظام، ويسُدُّ الاحتياجاتِ القائمةَ، والنوازل المتجددة.



[1] النظم السياسية والقانون الدستوري 519 - 520، اللوائح الإدارية وضمانة الرقابة الإدارية 256، 57، 58، أصول القانون الإداري 140 - 141، 148، السلطة اللائحية في دولة الإمارات العربية 96.


[2] النظم السياسية والقانون الدستوري 520، اللوائح الإدارية وضمانة الرقابة الإدارية 259، 260، 274، القانون الإداري 528، أصول القانون الإداري 142 - 143، السلطة اللائحية في دولة الإمارات العربية 97.


[3] اللوائح الإدارية وضمانة الرقابة الإدارية 263.

شارك الخبر

المرئيات-١