شرح سنن أبي داود [219]


الحلقة مفرغة

شرح حديث كعب بن عجرة في فدية حلق الرأس

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب: في الفدية.

حدثنا وهب بن بقية عن خالد الطحان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه : (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر به زمن الحديبية، فقال: قد آذاك هوام رأسك؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وآله سلم: احلق ثم اذبح شاةً نسكاً، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين) ].

قوله: [باب في الفدية].

الفدية المقصود بها ما يفعله الإنسان مقابل ارتكاب محظور منع منه في حال الإحرام، وهذا الذي تحت هذه الترجمة يتعلق بفدية الرأس من أجل السلامة من الأذى الذي فيه، وذلك في حال الإحرام.

قوله: [ (قد آذاك هوام رأسك؟) ] يعني: ما فيه من القمل.

قوله: [ (احلق ثم اذبح شاة نسكاً، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين) ].

هذه هي الفدية عند ارتكاب هذا المحظور الذي رخص فيه وكان ممنوعاً منه، لكن الإنسان لا يحلق شعره ولا يتعرض لشعره في حال إحرامه إلا عندما يقتضي الأمر ذلك؛ كأن يكون هناك ضرورة تدعو إليه كهذه التي حصلت لـكعب رضي الله عنه، فإن له أن يفعل ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رخص في ذلك، ويكون عليه فدية.

والفدية مخير فيها بين هذه الأمور الثلاثة: إما أن يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أي: ثلاثة آصع تقسم على ستة مساكين، يكون لكل مسكين نصف صاع، هذه هي فدية الأذى، ومثل ذلك اللبس فإن كفارته وفديته هي هذه الفدية التي هي التخيير بين الأمور الثلاثة: وهي الذبح أو الصيام أو الإطعام، وقد جاء ذلك مجملاً في القرآن: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] فجاءت السنة وفسرت وبينت المقصود بالنسك وأنه شاة، والمقصود بالصيام وأنه ثلاثة أيام، والمقصود بالإطعام وأنه إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وهذا يدلنا على أن السنة توضح القرآن وتبينه وتفسره وتدل عليه.

تراجم رجال إسناد حديث كعب بن عجرة في فدية حلق الرأس

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

وهب بن بقية ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن خالد الطحان ].

خالد الطحان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد الحذاء ].

هو خالد بن مهران الحذاء وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قلابة ].

هو عبد الله بن زيد الجرمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ].

عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن كعب بن عجرة ].

كعب بن عجرة رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حكم التخيير في فدية الأذى

والتخيير في فدية الأذى حاصل، ولكن لا شك أن ما يكون أنفع -وهو الشاة- هو الأولى، ولكن التخيير حاصل، ومعلوم أن التخيير يكون في الأشياء المتفاوتة، مثل ما جاء في كفارة اليمين: إعتاق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، ومن لم يجد صام ثلاثة أيام، ولا شك أن عتق الرقبة أفضل من إطعام عشرة مساكين ولكن التخيير موجود، وكذلك هنا ذبح الشاة أولى وأفضل من الصيام أو الإطعام، ولكن التخيير حاصل، وأي شيء فعل الإنسان مما خير به فإنه يجزئه، ويكون قد أدى ما وجب في ذمته.

شرح حديث كعب بن عجرة في الفدية من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن داود عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (إن شئت فانسك نسيكة، وإن شئت فصم ثلاثة أيام، وإن شئت فأطعم ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين) ].

هذا الحديث مثل الذي قبله، وفيه جواز التخيير في الفدية، إن شئت كذا، وإن شئت كذا، وإن شئت كذا.

فإن اختار الصيام مثلاً فعليه أن يبادر إلى الإتيان به حتى يتخلص مما في ذمته، وليس للصيام وقت محدود يفوت بفواته.

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن داود ].

هو داود بن أبي هند وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن الشعبي ].

هو عامر بن شراحيل الشعبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة ].

عبد الرحمن بن أبي ليلى وكعب قد مر ذكرهما.

شرح حديث كعب بن عجرة في الفدية من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الوهاب ح وحدثنا نصر بن علي حدثنا يزيد بن زريع -وهذا لفظ ابن المثنى - عن داود عن عامر عن كعب بن عجرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم مر به زمن الحديبية، فذكر القصة، فقال: أمعك دم؟ قال: لا، قال: فصم ثلاثة أيام أو تصدق بثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين بين كل مسكينين صاع) ].

قوله: (أمعك دم؟ قال: لا، قال: فصم ثلاثة أيام أو تصدق بثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين...) هذا لا يدل على أنه يلزم الدم، وإذا لم يجد فإنه يتحول إلى الصوم أو الإطعام، بل هو مخير بين الثلاثة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله عن الدم هل هو موجود، وإذا كان موجوداً فإنه يخيره بينه وبين الصيام والإطعام، لا أن الدم مقدم على غيره، وأنه ليس له أن يطعم وليس له أن يصوم إلا إذا لم يكن قادراً على الدم، بل من كان قادراً على الدم فلا يلزمه، بل هو مخير بينه وبين الإطعام والصيام كما جاء ذلك في الروايتين السابقتين، ويكون المقصود من قوله: (أمعك دم؟)، أنه إذا كان معه فإنه يخيره بينه وبين الصوم والإطعام، وبذلك يتفق مع الروايات الأخرى، لكن لو كان يجد الدم ففعله فإنه الأكمل والأولى والأفضل، لا أنه لازم.

تراجم رجال إسناد حديث كعب بن عجرة في الفدية من طريق ثالثة

قوله: [ حدثنا ابن المثنى ].

هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـالزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة بدون واسطة.

[ حدثنا عبد الوهاب ].

هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ح وحدثنا نصر بن علي ].

ح للتحول من الإسناد إلى إسناد، أما الراوي فهو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا يزيد بن زريع ].

يزيد بن زريع وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن داود عن عامر عن كعب بن عجرة ].

داود وعامر وكعب بن عجرة قد مر ذكرهم.

وهنا جاء ذكر عامر باسمه، وفي الأول الشعبي ، وهذا يدلنا على أن الشخص إذا عرف لقبه أو عرفت نسبته أو عرفت كنيته أن ذلك من الأمور المهمة؛ لأن من يعرف ذلك لا يظن الشخص الواحد شخصين، ومن لا يدري يظن أن الشعبي شخص وأن عامراً شخص آخر، لكن من يعرف أن عامراً اسم للشعبي والشعبي نسبة له؛ فإن ذلك لا يلتبس عليه.

شرح حديث كعب بن عجرة من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن نافع أن رجلاً من الأنصار أخبره عن كعب بن عجرة رضي الله عنه: (وكان قد أصابه في رأسه أذى فحلق، فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يهدي هدياً بقرة) ].

قوله: (وكان قد أصابه في رأسه أذى فحلق، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يهدي هدياً بقرة)، هذا مخالف للروايات السابقة، فإن كان الرجل من الأنصار معلوماً فيكون من قبيل الشاذ؛ لأن الإسناد صحيح، وإن كان الرجل غير معلوم فإنه يكون منكراً؛ لأن فيه شخصاً مجهول غير معروف، ولكن ذكر الحافظ أن هذا المبهم هو عبد الرحمن بن أبي ليلى الذي جاء ذكره في بعض الروايات السابقة في هذه القصة كما في الحديث الأول فهو يروي عن كعب بن عجرة، فإذا كان هذا سيكون الحديث شاذاً، وإن كان غير معلوم وإنما هو رجل مبهم لا يدرى من هو فسيكون من قبيل المنكر الضعيف؛ لأن مخالفة الضعيف للثقة يقال له: منكر، ومخالفة الثقة لمن هو أوثق منه يقال له: شاذ.

تراجم رجال إسناد حديث كعب بن عجرة في الفدية من طريق رابعة

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].

قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الليث ].

الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن نافع ].

نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن رجلاً من الأنصار أخبره عن كعب بن عجرة ].

كعب بن عجرة قد مر ذكره.

شرح حديث كعب بن عجرة في الفدية من طريق خامسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن منصور حدثنا يعقوب حدثني أبي عن ابن إسحاق حدثني أبان -يعني ابن صالح - عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: (أصابني هوام في رأسي وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله سلم عام الحديبية، حتى تخوفت على بصري، فأنزل الله سبحانه وتعالى فيّ: (( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ ))[البقرة:196] الآية، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فقال لي: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين فرقاً من زبيب، أو انسك شاة، فحلقت رأسي ثم نسكت) ].

هذا حديث كعب بن عجرة من طريق أخرى وفيه: أن الآية المذكورة آنفاً نزلت فيه، وهي مجملة والسنة فسرتها وبينتها.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره وبين له المراد بهذه الأمور المجملة التي جاءت في الآية الكريمة، وهي: إما أن يذبح شاة أو يطعم ستة مساكين ثلاثة آصع من زبيب، أو يصوم ثلاثة أيام، وسبق ذكر الآصع من التمر، ولا شك أن أي نوع من أنواع الطعام الذي يتعاطاه الناس والذي يستعمله الناس إذا أطعم منه كل مسكين من المساكين الستة نصف صاع، فإنه يحصل به المقصود، سواء كان ذلك من التمر أو الزبيب أو غير ذلك من طعام الناس الذي اعتادوه، كما هو معلوم في زكاة الفطر أن الإنسان يخرج صاعاً من تمر أو بر أو شعير أو زبيب؛ لأنها كانت طعام الناس، وكذلك لو أخرج أرزاً أو غير ذلك من الأشياء التي يعتادها الناس في أي زمان وفي أي مكان، فإنه يحصل بذلك المقصود.

تراجم رجال إسناد حديث كعب بن عجرة في الفدية من طريق خامسة

قوله: [ حدثنا محمد بن منصور ].

هو محمد بن منصور الطوسي وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا يعقوب ].

هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني أبي ].

هو إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن إسحاق ].

هو محمد بن إسحاق وهو صدوق يدلس ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثني أبان يعني ابن صالح ].

أبان بن صالح وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.

[ عن الحكم بن عتيبة ].

هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب ].

عبد الرحمن بن أبي ليلى وكعب مر ذكرهما.

وهذا الإسناد فيه ذكر الزبيب، وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، فذكر التنصيص على الزبيب فيه شيء من ناحية أنه جاء من طريق هذا الرجل المدلس، والمحفوظ هو التمر كما سبق أن مر، لكن كما هو معلوم كل طعام يقتات سواء كان تمراً أو زبيباً أو غير ذلك فإنه يحصل به المقصود، لكن هنا محمد بن إسحاق صرح بالتحديث حيث قال: حدثني أبان فالأمر مثل ما ذكرنا أن أي شيء يكون به الإطعام سواءٍ كان زبيباً أو تمراً، فإنه يحصل به المقصود.

معنى قوله: (فحلقت رأسي ثم نسكت)

وقوله: (فحلقت رأسي ثم نسكت ليس بلازم أن يفعل الإنسان المحظور ثم يأتي بالفدية، وإنما هذا فيه بيان الشيء الذي فعله كعب، وأنه فعل النسك الذي هو الذبح، وليس فيه أنه لابد أن تكون الكفارة أو الفدية مقدمة على ارتكاب الشيء الذي أذن له في ارتكابه.

ليس بلازم أن تكون الفدية متقدمةً على فعل المحظور، بل يمكن أن يفعل الشيء الذي أمر به ويفعل الكفارة فيما بعد، كأن يصوم فيما بعد أو يطعم فيما بعد، وليس بلازم أن يكون قبل فعل المحظور، ويمكن أن يكون عند الإنسان ذبيحة فيذبحها من أجل أن يحلق، ولا بأس بذلك.

شرح حديث كعب بن عجرة في الفدية من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه في هذه القصة زاد: (أي ذلك فعلت أجزأ عنك) ].

قوله: (أي ذلك فعلت أجزأ عنك) يعني: أي واحد من الأمور الثلاثة فعلته أجزأك، وهذا يوضح أن المسألة فيها تخيير وأنه لا ترتيب بل تخيير.

قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ].

هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[ عن مالك ].

هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الكريم بن مالك الجزري ].

عبد الكريم بن مالك الجزري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة ].

عبد الرحمن بن أبي ليلى وكعب قد مر ذكرهما.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب: في الفدية.

حدثنا وهب بن بقية عن خالد الطحان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه : (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر به زمن الحديبية، فقال: قد آذاك هوام رأسك؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وآله سلم: احلق ثم اذبح شاةً نسكاً، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين) ].

قوله: [باب في الفدية].

الفدية المقصود بها ما يفعله الإنسان مقابل ارتكاب محظور منع منه في حال الإحرام، وهذا الذي تحت هذه الترجمة يتعلق بفدية الرأس من أجل السلامة من الأذى الذي فيه، وذلك في حال الإحرام.

قوله: [ (قد آذاك هوام رأسك؟) ] يعني: ما فيه من القمل.

قوله: [ (احلق ثم اذبح شاة نسكاً، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين) ].

هذه هي الفدية عند ارتكاب هذا المحظور الذي رخص فيه وكان ممنوعاً منه، لكن الإنسان لا يحلق شعره ولا يتعرض لشعره في حال إحرامه إلا عندما يقتضي الأمر ذلك؛ كأن يكون هناك ضرورة تدعو إليه كهذه التي حصلت لـكعب رضي الله عنه، فإن له أن يفعل ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رخص في ذلك، ويكون عليه فدية.

والفدية مخير فيها بين هذه الأمور الثلاثة: إما أن يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أي: ثلاثة آصع تقسم على ستة مساكين، يكون لكل مسكين نصف صاع، هذه هي فدية الأذى، ومثل ذلك اللبس فإن كفارته وفديته هي هذه الفدية التي هي التخيير بين الأمور الثلاثة: وهي الذبح أو الصيام أو الإطعام، وقد جاء ذلك مجملاً في القرآن: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] فجاءت السنة وفسرت وبينت المقصود بالنسك وأنه شاة، والمقصود بالصيام وأنه ثلاثة أيام، والمقصود بالإطعام وأنه إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وهذا يدلنا على أن السنة توضح القرآن وتبينه وتفسره وتدل عليه.

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

وهب بن بقية ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن خالد الطحان ].

خالد الطحان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن خالد الحذاء ].

هو خالد بن مهران الحذاء وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قلابة ].

هو عبد الله بن زيد الجرمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ].

عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن كعب بن عجرة ].

كعب بن عجرة رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.