شرح سنن أبي داود [209]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (أن النبي أهدى عام الحديبية جملاً كان لأبي جهل...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الهدي.

حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة حدثنا محمد بن إسحاق ح وحدثنا محمد بن المنهال حدثنا يزيد بن زريع عن ابن إسحاق المعنى، قال: قال عبد الله -يعني ابن أبي نجيح - قال: حدثني مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهدى عام الحديبية في هدايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جملاً كان لـأبي جهل في رأسه برة فضة، قال ابن منهال : برة من ذهب، زاد النفيلي : يغيظ بذلك المشركين).

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في الهدي، وقد بدأ الإمام أبو داود رحمه الله بالأبواب المتعلقة بالهدي، والهدي يكون واجباً، ويكون تطوعاً، فالواجب هو هدي التمتع، والقران، والهدي الذي ينذره الإنسان ويوجبه على نفسه، فإنه يكون بذلك واجباً، وأما التطوع فهو الذي يأتي به الإنسان تطوعاً من غير أن يكون واجباً عليه، ككونه يزيد على الواجب، أو أن يرسل هدياً يذبح بمكة دون أن يذهب، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الأحاديث.

ودم هدي التمتع أو القران والتطوع هو دم شكر لله عز وجل، وهذا بخلاف الدم الذي يكون لجبر نقص، فالإنسان إذا ترك أمراً واجباً عليه كطواف الوداع، أو المبيت بمزدلفة، أو رمي الجمار، أو المبيت في منى، وغير ذلك من الأمور الواجبة في الحج؛ فإن عليه دم جبران يجبر به النقص، مثل سجود السهو بالنسبة للصلاة، فإذا ترك المصلي واجباً يجبره بسجود السهو، وهكذا ترك الواجب في الحج يُجبر بدم إن كان الإنسان قادراً، وإن لم يستطع صام عشرة أيام.

ومن حلق رأسه يخير بين ثلاثة أشياء: يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين.

أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في جملة ما أهداه عام الحديبية) أي: الهدي الذي ساقه معه وذهب به إلى العمرة في سنة ست، وحصل أن صدهم المشركون، وتم الصلح بينه وبينهم على أن يرجعوا العام، وأن يعتمروا من العام القادم مكان هذه العمرة التي صدوا عنها، فنحر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان معه من هدي، وكذلك فعل الصحابة، وكان في جملة ما كان معهم جمل كان لـأبي جهل، وكان قد أخذ في غنائم بدر، وكان من نصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بأنفه حلقة من فضة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب به ليذبحه وينحره في مكة في هذه العمرة؛ ليغيظ به المشركين، فأراد الرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصرفه إلى هذه القربة والطاعة وهي نحره بمكة في ذهابه للعمرة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

وهذا يدل على جواز أن يهدي الإنسان ولو لم يحج أو يعتمر.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي أهدى عام الحديبية جملاً كان لأبي جهل...)

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

النفيلي هو عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا محمد بن سلمة ].

محمد بن سلمة الباهلي وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا محمد بن إسحاق ].

محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ ح وحدثنا محمد بن المنهال ].

هو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا يزيد بن زريع ].

يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن إسحاق المعنى، قال: قال عبد الله : يعني: ابن أبي نجيح ].

عبد الله بن أبي نجيح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مجاهد ].

مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الهدي.

حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة حدثنا محمد بن إسحاق ح وحدثنا محمد بن المنهال حدثنا يزيد بن زريع عن ابن إسحاق المعنى، قال: قال عبد الله -يعني ابن أبي نجيح - قال: حدثني مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهدى عام الحديبية في هدايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جملاً كان لـأبي جهل في رأسه برة فضة، قال ابن منهال : برة من ذهب، زاد النفيلي : يغيظ بذلك المشركين).

قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في الهدي، وقد بدأ الإمام أبو داود رحمه الله بالأبواب المتعلقة بالهدي، والهدي يكون واجباً، ويكون تطوعاً، فالواجب هو هدي التمتع، والقران، والهدي الذي ينذره الإنسان ويوجبه على نفسه، فإنه يكون بذلك واجباً، وأما التطوع فهو الذي يأتي به الإنسان تطوعاً من غير أن يكون واجباً عليه، ككونه يزيد على الواجب، أو أن يرسل هدياً يذبح بمكة دون أن يذهب، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الأحاديث.

ودم هدي التمتع أو القران والتطوع هو دم شكر لله عز وجل، وهذا بخلاف الدم الذي يكون لجبر نقص، فالإنسان إذا ترك أمراً واجباً عليه كطواف الوداع، أو المبيت بمزدلفة، أو رمي الجمار، أو المبيت في منى، وغير ذلك من الأمور الواجبة في الحج؛ فإن عليه دم جبران يجبر به النقص، مثل سجود السهو بالنسبة للصلاة، فإذا ترك المصلي واجباً يجبره بسجود السهو، وهكذا ترك الواجب في الحج يُجبر بدم إن كان الإنسان قادراً، وإن لم يستطع صام عشرة أيام.

ومن حلق رأسه يخير بين ثلاثة أشياء: يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين.

أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في جملة ما أهداه عام الحديبية) أي: الهدي الذي ساقه معه وذهب به إلى العمرة في سنة ست، وحصل أن صدهم المشركون، وتم الصلح بينه وبينهم على أن يرجعوا العام، وأن يعتمروا من العام القادم مكان هذه العمرة التي صدوا عنها، فنحر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان معه من هدي، وكذلك فعل الصحابة، وكان في جملة ما كان معهم جمل كان لـأبي جهل، وكان قد أخذ في غنائم بدر، وكان من نصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بأنفه حلقة من فضة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب به ليذبحه وينحره في مكة في هذه العمرة؛ ليغيظ به المشركين، فأراد الرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصرفه إلى هذه القربة والطاعة وهي نحره بمكة في ذهابه للعمرة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

وهذا يدل على جواز أن يهدي الإنسان ولو لم يحج أو يعتمر.

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

النفيلي هو عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا محمد بن سلمة ].

محمد بن سلمة الباهلي وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا محمد بن إسحاق ].

محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ ح وحدثنا محمد بن المنهال ].

هو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا يزيد بن زريع ].

يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن إسحاق المعنى، قال: قال عبد الله : يعني: ابن أبي نجيح ].

عبد الله بن أبي نجيح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مجاهد ].

مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

شرح حديث: (أن رسول الله نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في هدي البقر.

حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة) ].

أورد أبو داود رحمه الله (باب في هدي البقر) أي: أن من جملة ما يهدى: البقر، والذي يهدى لا يكون إلا من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، ولا شك أن أنفسه الإبل، ثم البقر، ثم الغنم.

وأورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر عن آل محمد بقرة واحدة) أي: نحر عن زوجاته، وقد كن متمتعات كلهن، وكان معه نساؤه التسع رضي الله تعالى عنهن، إلا أن عائشة حاضت، فجاء الحج وهي لم تطهر، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج، وتدخله على العمرة فتصير بذلك قارنة، وأما أمهات المؤمنين فبقين على تمتعهن، وطفن طوافين، وسعين سعيين، وأما عائشة رضي الله عنها وأرضاها فقد صارت قارنة، وطافت طوافاً واحداً، وسعت سعياً واحداً عن حجها وعمرتها، ثم طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة حتى تكون مثل صاحباتها، أي: تكون قد طافت طوافين، وسعت سعيين، وإن كانت رضي الله عنها يكفيها طوافها لسعيها وعمرتها كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، فالقارن طوافه يكفي لحجه وعمرته، فهو شيء واحد يكون للاثنين، ولهذا سمي قراناً؛ لأن أعمال الحج والعمرة مقترنة، أي: غير مفصول بعضها عن بعض كما في التمتع الذي تكون فيه العمرة مستقلة بإحرامها وتحللها وما بين ذلك، والحج مستقل بإحرامه وتحلله وما بين ذلك.

وقد جاء في بعض الروايات أنه نحر عن نسائه البقر، أي: نحر عن كل واحدة منهن بقرة، فإذا كان الأمر كذلك فليس فيه إشكال، وإن كان لم ينحر عنهن إلا بقرة واحدة فيشكل على ذلك أنهن أكثر من سبع، ومعلوم أن البدنة إنما تكون عن سبعة، والبقرة تكون عن سبعة؛ ولهذا قال بعض أهل العلم: إن البدنة والبقرة تكون عن عشرة، وهذا الحديث من جملة أدلتهم، لكن جاء ما يدل على أن البقرة تكون عن سبعة، والبدنة عن سبعة.

قال الإمام ابن القيم رحمة الله تعالى عليه: إن كان هناك تعدد فلا إشكال، وإن كانت بقرة واحدة فيشكل على ذلك أنهن تسع، وهذا لا يتأتى إلا على قول من قال: إن البقرة أو البدنة تجزئ عن عشرة.

تراجم رجال إسناده حديث: (أن رسول الله نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة)

قوله: [ حدثنا ابن السرح ].

ابن السرح هو أحمد بن عمرو بن السرح، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا ابن وهب ].

ابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني يونس ].

يونس هو ابن يزيد الأيلي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن شهاب ].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرة ].

عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (أن رسول الله ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان ومحمد بن مهران الرازي قالا: حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن)، وهذا مثل الذي قبله، وقد اعتمر نساؤه جميعاً معه صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن)

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ].

عمرو بن عثمان الحمصي صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ ومحمد بن مهران الرازي ].

محمد بن مهران الرازي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود .

[ حدثنا الوليد ].

الوليد بن مسلم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الأوزاعي ].

الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يحيى ].

يحيى بن أبي كثير اليمامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سلمة ].

أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في هدي البقر.

حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة) ].

أورد أبو داود رحمه الله (باب في هدي البقر) أي: أن من جملة ما يهدى: البقر، والذي يهدى لا يكون إلا من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، ولا شك أن أنفسه الإبل، ثم البقر، ثم الغنم.

وأورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر عن آل محمد بقرة واحدة) أي: نحر عن زوجاته، وقد كن متمتعات كلهن، وكان معه نساؤه التسع رضي الله تعالى عنهن، إلا أن عائشة حاضت، فجاء الحج وهي لم تطهر، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج، وتدخله على العمرة فتصير بذلك قارنة، وأما أمهات المؤمنين فبقين على تمتعهن، وطفن طوافين، وسعين سعيين، وأما عائشة رضي الله عنها وأرضاها فقد صارت قارنة، وطافت طوافاً واحداً، وسعت سعياً واحداً عن حجها وعمرتها، ثم طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتي بعمرة حتى تكون مثل صاحباتها، أي: تكون قد طافت طوافين، وسعت سعيين، وإن كانت رضي الله عنها يكفيها طوافها لسعيها وعمرتها كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، فالقارن طوافه يكفي لحجه وعمرته، فهو شيء واحد يكون للاثنين، ولهذا سمي قراناً؛ لأن أعمال الحج والعمرة مقترنة، أي: غير مفصول بعضها عن بعض كما في التمتع الذي تكون فيه العمرة مستقلة بإحرامها وتحللها وما بين ذلك، والحج مستقل بإحرامه وتحلله وما بين ذلك.

وقد جاء في بعض الروايات أنه نحر عن نسائه البقر، أي: نحر عن كل واحدة منهن بقرة، فإذا كان الأمر كذلك فليس فيه إشكال، وإن كان لم ينحر عنهن إلا بقرة واحدة فيشكل على ذلك أنهن أكثر من سبع، ومعلوم أن البدنة إنما تكون عن سبعة، والبقرة تكون عن سبعة؛ ولهذا قال بعض أهل العلم: إن البدنة والبقرة تكون عن عشرة، وهذا الحديث من جملة أدلتهم، لكن جاء ما يدل على أن البقرة تكون عن سبعة، والبدنة عن سبعة.

قال الإمام ابن القيم رحمة الله تعالى عليه: إن كان هناك تعدد فلا إشكال، وإن كانت بقرة واحدة فيشكل على ذلك أنهن تسع، وهذا لا يتأتى إلا على قول من قال: إن البقرة أو البدنة تجزئ عن عشرة.

قوله: [ حدثنا ابن السرح ].

ابن السرح هو أحمد بن عمرو بن السرح، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا ابن وهب ].

ابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني يونس ].

يونس هو ابن يزيد الأيلي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن شهاب ].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرة ].

عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان ومحمد بن مهران الرازي قالا: حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن)، وهذا مثل الذي قبله، وقد اعتمر نساؤه جميعاً معه صلى الله عليه وسلم.