شرح سنن أبي داود [151]


الحلقة مفرغة

شرح حديث البراء (خرجنا مع رسول الله في سفر فصلى بنا العشاء الآخرة...)

قال المصنف رحمه الله: [ باب قصر قراءة الصلاة في السفر.

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فصلى بنا العشاء الآخرة، فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون) ].

أورد أبو داود رحمه الله [ باب قصر قراءة الصلاة في السفر ]، يعني: تقليلها وعدم تطويلها كما يكون في الحضر، وذلك لما في السفر من المشقة، ولما فيه -أيضاً- من الحاجة إلى التخفيف، ومن أجل التمكن من مواصلة السير، فهذا هو المقصود من الترجمة [ قصر قراءة الصلاة في السفر ].

وأورد حديث البراء بن عازب رضي لله عنهما قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فصلى بنا العشاء، فقرأ بالتين والزيتون في إحدى الركعتين، ومعلوم أن (التين والزيتون) من قصار المفصل، وكان عليه الصلاة والسلام يقرأ في العشاء بما هو أطول من هذه السورة، ولكنه قرأ بها في السفر مع أنها من قصار المفصل، فهذا هو مقصود المصنف، أو وجه استدلال المصنف على هذه الترجمة، وهي: [ قصر قراءة الصلاة في السفر ].

تراجم رجال إسناد البراء (خرجنا مع رسول الله في سفر فصلى بنا العشاء الآخرة...)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر ثقة، أخرج أحاديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة ].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عدي بن ثابت ].

عدي بن ثابت ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن البراء ].

البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما صحابي جليل، صحابي ابن صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وهذا الإسناد من الرباعيات، وهي أعلى ما يكون عند أبي داود، حيث يكون بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وهذا منها؛ لأنه ليس عنده شي من الثلاثيات، وأما سائر أصحاب الكتب الستة فـالبخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً مع المكرر، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجة عنده خمسة أحاديث ثلاثية وكلها بإسناد واحد وهو ضعيف، أما مسلم والنسائي فأعلى ما عندهما الرباعيات كـأبي داود، وهذا الذي معنا في هذا الإسناد هو إسناد رباعي، وهو أعلى ما يكون عند أبي داود .

قال المصنف رحمه الله: [ باب قصر قراءة الصلاة في السفر.

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فصلى بنا العشاء الآخرة، فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون) ].

أورد أبو داود رحمه الله [ باب قصر قراءة الصلاة في السفر ]، يعني: تقليلها وعدم تطويلها كما يكون في الحضر، وذلك لما في السفر من المشقة، ولما فيه -أيضاً- من الحاجة إلى التخفيف، ومن أجل التمكن من مواصلة السير، فهذا هو المقصود من الترجمة [ قصر قراءة الصلاة في السفر ].

وأورد حديث البراء بن عازب رضي لله عنهما قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فصلى بنا العشاء، فقرأ بالتين والزيتون في إحدى الركعتين، ومعلوم أن (التين والزيتون) من قصار المفصل، وكان عليه الصلاة والسلام يقرأ في العشاء بما هو أطول من هذه السورة، ولكنه قرأ بها في السفر مع أنها من قصار المفصل، فهذا هو مقصود المصنف، أو وجه استدلال المصنف على هذه الترجمة، وهي: [ قصر قراءة الصلاة في السفر ].

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر ثقة، أخرج أحاديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة ].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عدي بن ثابت ].

عدي بن ثابت ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن البراء ].

البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما صحابي جليل، صحابي ابن صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وهذا الإسناد من الرباعيات، وهي أعلى ما يكون عند أبي داود، حيث يكون بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وهذا منها؛ لأنه ليس عنده شي من الثلاثيات، وأما سائر أصحاب الكتب الستة فـالبخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً مع المكرر، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجة عنده خمسة أحاديث ثلاثية وكلها بإسناد واحد وهو ضعيف، أما مسلم والنسائي فأعلى ما عندهما الرباعيات كـأبي داود، وهذا الذي معنا في هذا الإسناد هو إسناد رباعي، وهو أعلى ما يكون عند أبي داود .

شرح حديث البراء (صحبت رسول الله ثمانية عشر سفراً...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التطوع في السفر.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن صفوان بن سليم عن أبي بسرة الغفاري عن البراء بن عازب الأنصاري رضي الله عنهما قال: (صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفراً، فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر) ].

التطوع في السفر إما تطوع مطلق أو مقيد بالرواتب والنوافل التي تكون قبلها وبعدها كما كان ذلك في الحضر، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتطوع التطوع المطلق، كما أنه ثبت عنه أنه كان يتطوع على الراحلة، وجاء في أحاديث كثيرة أنه كان يصلى على راحلته النوافل، ويتطوع على ذلك تطوعاً مطلقاً، وأما الرواتب فالذي ثبت والذي عرف مداومته عليه صلى الله عليه وسلم عليه منها إنما هو ركعتا الفجر والوتر، كما جاء ذلك عن عائشة رضي الله عنها: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحافظ على شيء في السفر محافظته على الوتر وركعتي الفجر) ولم يعرف عنه أنه كان يصلي الرواتب إلا ركعتي الفجر، فقد ثبت عنه أنه دوام عليهما صلى الله عليه وسلم مع الوتر.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث البراء بن عازب أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفراً ، قال: [ فما رأيته ترك ركعتين بعد إذا زاغت الشمس قبل الظهر ].

ومعنى ذلك أنه كان يداوم على ركعتين قبل الظهر في السفر، لكن هذا الحديث غير صحيح وغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي إسناده من هو متكلم فيه، فلا يكون ذلك ثابتاً، أي: مداومته على ركعتين قبل الظهر، ومعلوم أن الراتبة قبل الظهر أربع أو اثنتان، ولكن الأربع أكمل وأفضل، والذي عرف عنه مداومته عليه إنما هو ركعتا الفجر، وأما الظهر فلم يثبت عنه أنه داوم على ذلك، والحديث غير صحيح.

تراجم رجال إسناد حديث البراء (صحبت رسول الله ثمانية عشر سفراً...)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث ].

مر ذكرهما.

[ عن صفوان بن سليم ].

صفوان بن سليم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي بسرة الغفاري ].

أبو بسرة الغفاري مقبول، أخرج حديثه أبو داود والترمذي .

[ عن البراء بن عازب ].

هو البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما.، وقد مر ذكره.

وفي إسناد الحديث أبو بسرة الغفاري ، وهو مقبول، والمقبول في اصطلاح الحافظ ابن حجر لا يعول على حديثه إلا إذ توبع أوجاء لحديثه شاهد.

شرح حديث (صحبت رسول الله في السفر فلم يزد على ركعتين...)

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا القعنبي ، قال حدثنا عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال: (صحبت ابن عمر في طريق، قال: فصلى بنا ركعتين، ثم أقبل فرأى ناساً قياماً، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مسبحاً أتممت صلاتي، يا ابن أخي! إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى، وصحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى، وقد قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]) ].

أورد أبو داود حديث حفص أنه صحب عبد الله بن عمر فصلى بهم، ثم انصرف فرأى قوماً يسبحون، أي: يتنفلون؛ لأن التسبيح هو التنفل، والسبحة هي النافلة، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قالوا: يسبحون، قال: لو كنت مسبحاً لأتممت صلاتي. يعني: ما دام أن الصلاة المفروضة هي أربع ركعات ولكنها خففت إلى اثنتين، فلو كنت من المتنفلين لصليت الفرض أربعاً، لكني لا أفعل هذا ولا هذا، لا التنفل ولا الإتمام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هديه القصر، وكذلك -أيضاً- لم يكن يتنفل، أي: يأتي بالصلاة الراتبة التي تكون مع الفريضة، ولكن -كما هو معلوم- يستثنى من ذلك سنة الفجر، ولا وهنا ذكر الصلاة التي فيها قصر أنه كان يصليها ركعتين، وقال: لو كنت مسبحاً لأتممت، فهذا يفيد بأن التسبيح الذي هو التنفل لم يكن من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ركعة الفجر فقد ثبتت السنة بها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث عائشة مع الوتر في السفر، وأنه لم يكن يدعها في حضر ولا في سفر، ثم إنه أخبر عن الدليل في ذلك فقال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزد على ركعتين. يعني أنه يصلي الفريضة الرباعية ركعتين، وما كان يصلي معها نافلة، هذا هو معنى كلامه.

يقول: وصحبت أبا بكر كذلك، وصحبت عمر كذلك، وصحبت عثمان كذلك.

وقوله: (وصحبت عثمان رضي الله عنه) يحمل على أنه في غير منى؛ لأنه قال: [ حتى قبضه الله ] يعني: حتى مات، فهو محمول على أنه في غير منى، وإلا فإنه في منى قد أتم رضي الله عنه، وقد قيل في تأويل إتمامه مما قيل فيه: إن الناس يحضرون في الموسم، ويحضر أناس كثيرون من جميع الأفاق، وقد يظنون أن الصلاة ركعتين مع أنها أربع، فلذا خشي عثمان أن يظن أنها ركعتان، ولكن السنن يمكن أن تبين -كما هو معلوم- بالأقوال، ويعرف الناس ذلك، وهذا حصل منه باجتهاد منه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولهذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون وراءه ولا يتركون الصلاة وراءه، وهم يرون أنه فعل شيئاً السنة بخلافه، وهو القصر كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وقد حصل ذلك باجتهاد منه رضي الله عنه وأرضاه.

فإذاً: قوله: [ حتى قبضه الله ] محمول على غير الصلاة في منى؛ لأنه قصر في منى بعد مضي ست سنوات من خلافته، ومدة خلافته اثنتا عشر سنة، وكانت مدة ست سنوات يصلي فيها ركعتين ركعتين، وبعد ذلك كان يتم رضي الله عنه، ثم قال ابن عمر : وقد قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21] يعني أنه كان يصلي ركعتين وما كان يتنفل.

تراجم رجال إسناد حديث (صحبت رسول الله في السفر فلم يزد على ركعتين...)

قوله: [ حدثنا القعنبي ].

القعنبي : عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[ حدثنا عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ].

عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن أبيه ].

هو حفص بن عاصم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عمر ].

ابن عمر قد مر ذكره، وهذا -أيضاً- سند رباعي.

جواز التنفل للزائرين في الحرم

زائرو الحرم لهم أن يتطوعوا فيه؛ لأن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وفي المسجد النبوي بألف صلاة، وكون الإنسان يدرك هذه الصلاة ويحصل هذا الفضل، بحيث يصلي ما يشاء، وما أمكنه من النوافل وغيرها غنيمة لا تفوت.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التطوع في السفر.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن صفوان بن سليم عن أبي بسرة الغفاري عن البراء بن عازب الأنصاري رضي الله عنهما قال: (صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفراً، فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر) ].

التطوع في السفر إما تطوع مطلق أو مقيد بالرواتب والنوافل التي تكون قبلها وبعدها كما كان ذلك في الحضر، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتطوع التطوع المطلق، كما أنه ثبت عنه أنه كان يتطوع على الراحلة، وجاء في أحاديث كثيرة أنه كان يصلى على راحلته النوافل، ويتطوع على ذلك تطوعاً مطلقاً، وأما الرواتب فالذي ثبت والذي عرف مداومته عليه صلى الله عليه وسلم عليه منها إنما هو ركعتا الفجر والوتر، كما جاء ذلك عن عائشة رضي الله عنها: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحافظ على شيء في السفر محافظته على الوتر وركعتي الفجر) ولم يعرف عنه أنه كان يصلي الرواتب إلا ركعتي الفجر، فقد ثبت عنه أنه دوام عليهما صلى الله عليه وسلم مع الوتر.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث البراء بن عازب أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفراً ، قال: [ فما رأيته ترك ركعتين بعد إذا زاغت الشمس قبل الظهر ].

ومعنى ذلك أنه كان يداوم على ركعتين قبل الظهر في السفر، لكن هذا الحديث غير صحيح وغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي إسناده من هو متكلم فيه، فلا يكون ذلك ثابتاً، أي: مداومته على ركعتين قبل الظهر، ومعلوم أن الراتبة قبل الظهر أربع أو اثنتان، ولكن الأربع أكمل وأفضل، والذي عرف عنه مداومته عليه إنما هو ركعتا الفجر، وأما الظهر فلم يثبت عنه أنه داوم على ذلك، والحديث غير صحيح.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2886 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2830 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2726 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2695 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2687 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2676 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2672 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2642 استماع