شرح سنن أبي داود [089]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفريع أبواب الصفوف.

باب تسوية الصفوف.

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) ].

الإمام أبو داود رحمه الله لا يكثر من ذكر الكتب، وإنما يجمع الأبواب المتعلقة بالطهارة كلها ويجعلها تحت كتاب واحد وهو كتاب الطهارة، ولا يميز الحيض بكتاب، ولا غسل الجنابة بكتاب، ولا التيمم بكتاب.

ولكنه عندما يذكر الموضوعات المختلفة فإنه يجمع أحاديث الموضوع الواحد مع بعض، فيجعل أحاديث الجنابة مع بعض، وأحاديث الحيض مع بعض، وأحاديث التيمم مع بعض .. وهكذا، وكذلك لما جاء عند كتاب الصلاة جعل كل ما يتعلق بالصلاة كتاباً واحداً، ولكنه يذكر الموضوعات المختلفة على حدة، فيجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع على حدة، كما سبق أن مر بنا أنه جعل الأوقات على حدة، وبناء المساجد على حدة، والإمامة على حدة، وما يصلى به على حدة .. وهكذا.

وهنا ذكر الأبواب المتعلقة بالصفوف، فقال: تفريع أبواب الصفوف، ثم قال: باب تسوية الصفوف، يعني: أن باب تسوية الصفوف من الأبواب المتعلقة بالصفوف، وتسوية الصفوف تكون بإكمال الصف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث .. وهكذا.

وفي الصف الواحد تكون التسوية فيه بالتساوي، بحيث يكون كل واحد بحذاء الذي بجواره فلا يتقدم ولا يتأخر عنه، وأيضاً ألّا تكون في الصفوف فرج، فلا بد من التراص في الصفوف.

والعبرة في التسوية والتراص هي جهة الإمام، فمن كان عن يمين الإمام فالتقارب إلى جهة اليسار، ومن كان عن يسار الإمام فالتقارب إلى جهة اليمين.

أورد المصنف عدة أحاديث تتعلق بتسوية الصفوف، أولها: حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف يصفون؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) أي: يتمون الصف الأول ثم الذي يليه وهكذا، ثم لابد من التراص في الصفوف والتقارب بينها.

شرح حديث: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفريع أبواب الصفوف.

باب تسوية الصفوف.

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) ].

الإمام أبو داود رحمه الله لا يكثر من ذكر الكتب، وإنما يجمع الأبواب المتعلقة بالطهارة كلها ويجعلها تحت كتاب واحد وهو كتاب الطهارة، ولا يميز الحيض بكتاب، ولا غسل الجنابة بكتاب، ولا التيمم بكتاب.

ولكنه عندما يذكر الموضوعات المختلفة فإنه يجمع أحاديث الموضوع الواحد مع بعض، فيجعل أحاديث الجنابة مع بعض، وأحاديث الحيض مع بعض، وأحاديث التيمم مع بعض .. وهكذا، وكذلك لما جاء عند كتاب الصلاة جعل كل ما يتعلق بالصلاة كتاباً واحداً، ولكنه يذكر الموضوعات المختلفة على حدة، فيجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع على حدة، كما سبق أن مر بنا أنه جعل الأوقات على حدة، وبناء المساجد على حدة، والإمامة على حدة، وما يصلى به على حدة .. وهكذا.

وهنا ذكر الأبواب المتعلقة بالصفوف، فقال: تفريع أبواب الصفوف، ثم قال: باب تسوية الصفوف، يعني: أن باب تسوية الصفوف من الأبواب المتعلقة بالصفوف، وتسوية الصفوف تكون بإكمال الصف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث .. وهكذا.

وفي الصف الواحد تكون التسوية فيه بالتساوي، بحيث يكون كل واحد بحذاء الذي بجواره فلا يتقدم ولا يتأخر عنه، وأيضاً ألّا تكون في الصفوف فرج، فلا بد من التراص في الصفوف.

والعبرة في التسوية والتراص هي جهة الإمام، فمن كان عن يمين الإمام فالتقارب إلى جهة اليسار، ومن كان عن يسار الإمام فالتقارب إلى جهة اليمين.

أورد المصنف عدة أحاديث تتعلق بتسوية الصفوف، أولها: حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف يصفون؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) أي: يتمون الصف الأول ثم الذي يليه وهكذا، ثم لابد من التراص في الصفوف والتقارب بينها.

تراجم رجال إسناد حديث: ( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ... )

قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

هو ثقة، أخرج حديثه البخاري ، وأصحاب السنن.

[ حدثنا زهير ].

هو زهير بن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: سألت سليمان الأعمش ].

هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، لقبه الأعمش وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: سألته عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع ].

يعني: ساق الأعمش الإسناد، إلى جابر بن سمرة .

والمسيب بن رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن تميم بن طرفة ].

هو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن جابر ].

جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (... والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي القاسم الجدلي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه، فقال: أقيموا صفوفكم ثلاثاً، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم، قال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه) ].

أورد المصنف حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم بوجهه)، يعني: عندما أراد الصلاة أقبل عليهم بوجهه، وقال: (أقيموا صفوفكم ثلاثاً)، يعني: كررها ثلاثاً.

قوله: (والله! لتقيمن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم)، فهذا فيه دليل على وجوب تسوية الصفوف؛ لأنّ هذا العقاب وهذا الوعيد الشديد لا يكون إلّا على أمر لازم وواجب.

قوله: [قال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعب صاحبه]، يعني: أن كل واحد يقرب من صاحبه حتى يلتصق به، وحتى يكون متصلاً به، فلا يكون بين شخص وآخر فجوة، وإنما تكون الصفوف متراصة، ومتقاربة، ويتصل بعضها ببعض.

وكما ذكرت سابقاً أنّ العبرة هي جهة الإمام، فيتقارب الناس إلى جهة الإمام، فإذا كان الإمام في جهة فلا يذهبون إلى جهة أخرى ويبتعدون عن الإمام، وإنما يتقاربون إلى جهة الإمام، ويتراصون في جهته.

قوله: [والله لتقيمن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم] يعني: أن المخالفة في الظاهر تكون سبباً في المخالفة في الباطن، ومن المعلوم أن القلوب إذا اختلفت وتنافرت فإنه يحصل بذلك الشر الكثير.

تراجم رجال إسناد حديث: ( والله لتقيمنّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين قلوبكم ... )

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زكريا بن أبي زائدة ].

هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي قاسم الجدلي ].

هو حسين بن أبي الحارث وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ قال: سمعت النعمان بن بشير ].

النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

الصفة الصحيحة للتسوية في الصف

ما يفعله كثير من الناس من جعل التسوية هي إلصاق أطراف الأصابع فغير صحيح؛ لأن الأرجل تتفاوت في الطول والقصر، فإذا ألصق شخص أصابعه مع أصابع غيره، وكانت رجل هذا طويلة، ورجل هذا قصيرة، فإنها ستتقدم ساق هذا عن ساق هذا، والمطلوب أن تتساوى السوق والركب والمناكب وأن تكون متحاذية.

فلو كانت العبرة بأطراف القدمين فإن من كانت رجله طويلة وصف بجواره من رجله قصيرة، وجعل أطراف الأصابع بجنب أطراف الأصابع فإن الذي رجله قصيرة سيكون متقدماً على من رجله طويلة، ولكن حيث يكون الكعب محاذياً للكعب، والمنكب محاذياً للمنكب، والساق محاذياً للساق فسيكون هناك التساوي في الصف.

شرح حديث: (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهوكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف كما يقوم القدح، حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا أقبل ذات يوم بوجهه إذا رجل منتبذ بصدره، فقال: لتسوُّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) ].

أورد المصنف رحمه الله حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يسوي الصفوف كما يسوي القدح، والقدح هو الخشب الذي يكون به النصل، وهو من وسائل الحرب، وتكون هذه القداح متساوية ومتصلاً بعضها ببعض، وليس فيها تقدم ولا تأخر، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف كهذه الهيئة.

فقد نبههم حتى ظن أنهم قد فهموا، فإذا برجل منتبذ صدره، يعني: قد بدا وخرج من بين الناس، فالصف متساوٍ إلا هذا الذي بدا صدره، فعند ذلك قال عليه الصلاة والسلام: (لتسوُّن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم).

والمخالفة بين الوجوه قيل: تكون بالمخالفة بين القلوب والوجهات، وقيل: تكون تلك المخالفة والعقوبة من جنس الحديث الذي سبق أن مر: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار) يعني: أنه يعاقب فيجعل على هيئة غريبة تخالف ما عليه الناس، فتكون المخالفة في الوجوه إما بهذا، أو بالمخالفة بين القلوب والوجهات كما في الحديث المتقدم: (لتسوون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم)، فتكون المخالفة في الظاهر سبباً في اختلاف البواطن، وتفاوت القلوب وتنافرها وعدم استقامتها وتآلفها.

تراجم رجال إسناد حديث: ( لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ... )

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو التبوذكي المنقري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة بن دينار وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم ، وأصحاب السنن. إذا روى موسى بن إسماعيل عن حماد غير منسوب، فالمراد به حماد بن سلمة كما مر بنا ذلك كثيراً.

[ عن سماك بن حرب ].

هو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم ، وأصحاب السنن.

[ قال: سمعت النعمان بن بشير ].

رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.

قوله: [ (حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا، أقبل ذات يوم بوجهه) ] ليس فيه دلالة على أن الإمام إذا رأى من المأمومين معرفة بهذا الحكم ألا يكرر عليهم ذلك في كل صلاة، بل يكرر ذلك، لكن لكونه يستقبلهم بوجهه ويسوي بينهم كما يسوى القداح لا يفعله دائماً، ولكن كونه يقول: أقيموا صفوفكم، أو استووا، هذا يقوله باستمرار؛ لأن فيه تنبيهاً لهم وبياناً لهذا الأمر المطلوب.

ولكن هذه الهيئة الذي كان يفعلها عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان، وهي: أنه يسوي الصفوف كما تسوى القداح لم يكن يفعلها دائماً.

شرح حديث: (كان رسول الله يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية)

قال المصنف رحمه الله تعالى: حدثنا [ هناد بن السري وأبو عاصم بن جواس الحنفي عن أبي الأحوص عن منصور عن طلحة اليامي عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأُوَل) ].

أورد المصنف حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية) يعني: من ناحية اليمين إلى ناحية اليسار؛ حتى يستوي المناكب والأقدام فيكونون متساوين.

قوله: [ يمسح صدورنا ومناكبنا ] أي: حتى تكون متساوية بحيث لا يكون هناك تقدم ولا تأخر، فإذا كان أحدهم متقدماً دفعه بصدره، وإذا كان متأخراً قدمه بمنكبه؛ حتى يكون الصف متساوياً.

قوله: [ لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ]، وهذا مثل ما تقدم في الأحاديث.

قوله: [ وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأُوَل ]، وهذا يدلنا على فضل الصفوف الأوَل، وأن الصف الأوّل هو خير الصفوف ثم الثاني ثم الثالث .. وهكذا، فكل صف خير من الذي وراءه، والصف الأول هو خير الصفوف كما قال ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) والحديث في ( صحيح مسلم ).

والصلاة من الله عز وجل هي الثناء على المصلى عليه، وأما صلاة الملائكة فهي الدعاء.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية...)

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ].

هو هناد بن السري أبو السري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم ، وأصحاب السنن.

[ وأبو عاصم بن جواس الحنفي ].

هو أحمد بن جواس وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .

[ عن أبي الأحوص ].

هو سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

هو منصور بن المعتمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن طلحة اليامي ].

هو طلحة بن مصرف اليامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن عوسجة ].

وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن ].

[ عن البراء بن عازب ].

البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

وقد سبق أن مر بنا حديث جابر بن سمرة ، وحديث النعمان بن بشير ، وهؤلاء الثلاثة صحابة أبناء صحابة، فـجابر بن سمرة صحابي، وأبوه صحابي، والنعمان بن بشير صحابي، وأبوه صحابي، والبراء بن عازب صحابي، وأبوه صحابي.

شرح حديث: (كان رسول الله يسوي صفوفنا إذا قمنا إلى الصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا خالد بن الحارث حدثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة عن سماك قال: سمعت النعمان بن بشير أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا إذا قمنا للصلاة، فإذا استوينا كبر) ].

أورد المصنف رحمه الله تعالى حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسوي صوفهم إذا قاموا للصلاة، فإذا رأى أن قد استووا كبر ودخل في الصلاة، فهذا يدل على أن الإمام لا يدخل في الصلاة إلّا بعد تسوية الصفوف، وهو يدل أيضاً على عدم صحة ما نقل عن الحنفية من أن الإمام يدخل في الصلاة عند قول المقيم: قد قامت الصلاة، وقبل أن ينهي الإقامة، فإنّ الحديث واضح الدلالة على أنه لا يكبر إلا بعد انتهاء الإقامة وتسوية الصفوف، وليس التكبير عند قول المقيم: قد قامت الصلاة.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يسوي صفوفنا إذا قمنا إلى الصلاة...)

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ].

هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا خالد بن الحارث ].

هو خالد بن الحارث البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سماك ، قال: سمعت النعمان بن بشير ].

وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي حدثنا ابن وهب ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث وحديث ابن وهب أتم عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر قال قتيبة : عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة لم يذكر ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم -لم يقل عيسى : بأيدي إخوانكم- ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله).

قال أبو داود : أبو شجرة : كثير بن مرة .

قال أبو داود : ومعنى: (لينوا بأيدي إخوانكم): إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف ].

أورد المصنف رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب) أي: أن يكون منكب كل إنسان محاذياً لمنكب الذي بجواره، والمعتبر كما ذكرت هو جهة الإمام.

قوله: (وسدوا الخلل) يعني: لا تتركوا فرجاً بين الصفوف، وإنما اجعلوا الصفوف متراصة متقاربة.

قوله: (ولينوا بأيدي إخوانكم) فسر اللين بأيدي الإخوان بإنه إذا طلب منه أحد أن يتقدم لكونه متأخراً فإنه يلين ويتقدم، وإذا كان متقدماً وطلب منه أن يتأخر فإنه يتأخر، وإذا كان في الصف فجوة وطلب منه أن يقرب إلى جهة جاره فإنه يقرب، فكل تلك المعاني تدخل تحت قوله: [ (لينوا بأيدي إخوانكم) ] والمراد أن يتحرك إذا طلب منه، وأن يتعاون مع إخوانه في تسوية الصفوف.

وفسر المصنف رحمه الله اللين بأن الإنسان إذا أراد أن يدخل في الصف إذا كانت فيه فرجة أو أراد أن يدخل بين شخصين من أجل أن يصل الصف فإن على هذين الشخصين أن يلينا له، وأن يمكناه من الدخول، وألا يمنعاه ولا يحولا دون الوصول إلى ما يريد.

قوله: (ولا تذروا فرجات للشيطان)، أي: لا تتركوا فرجات بينكم، فإن الشيطان يدخل من خلالها، ويعجبه ذلك؛ لأن هذا يخالف تسوية الصفوف الذي أمر الله تعالى به، والذي أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأن ذلك يؤدي إلى أن الله يخالف بين وجوهكم وقلوبكم، وهذه من الأشياء التي يريدها الشيطان ويحبها.

قوله: (ومن وصل صفاً وصله الله) ، أي: أن يقرب بعضهم من بعض، وإذا كانت هناك فرجة في الصف فإنه يدخل فيها ويسدها، فكل هذا من وصل الصفوف.

قوله: (ومن قطع صفاً قطعه الله)، أي: يتسبب في قطع الصف، فالأول يوصله الله بالثواب، والثاني يقطعه من الثواب، أو يحصل له الإثم، أو يعاقبه بضرر يحصل له كما جاء في الحديث (أو ليخالفن الله بين قلوبكم) فتكون هناك منافرة بين القلوب، فهذه عقوبة للقلب، أو تكون عقوبة للوجه كما في الرواية الأخرى، فتحصل مخالفة بين الوجوه.

تراجم رجال إسناد حديث: ( أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ... )

قوله: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي ].

وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا ابن وهب ].

هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح، وحدثنا قتيبة بن سعيد ].

قوله (ح) تعني: تحول من إسناد إلى إسناد، وقتيبة بن سعيد هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الليث ].

هو الليث بن سعد المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وحديث ابن وهب أتم ].

يعني: الإسناد الأول، فإن أبا داود رحمه الله ذكر هذا الحديث من طريقين: من طريق عيسى بن إبراهيم الغافقي ، عن ابن وهب ، ومن طريق قتيبة بن سعيد ، عن الليث ، وطريق ابن وهب -وهي الطريقة الأولى- أتم.

[ عن معاوية بن صالح ].

هو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن ].

[ عن أبي الزاهرية ].

هو حدير بن كريب الحمصي وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن كثير بن مرة ].

وهو: ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن عبد الله بن عمر ].

هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[ قال: قتيبة ، عن أبي الزاهرية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفريع أبواب الصفوف.

باب تسوية الصفوف.

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) ].

الإمام أبو داود رحمه الله لا يكثر من ذكر الكتب، وإنما يجمع الأبواب المتعلقة بالطهارة كلها ويجعلها تحت كتاب واحد وهو كتاب الطهارة، ولا يميز الحيض بكتاب، ولا غسل الجنابة بكتاب، ولا التيمم بكتاب.

ولكنه عندما يذكر الموضوعات المختلفة فإنه يجمع أحاديث الموضوع الواحد مع بعض، فيجعل أحاديث الجنابة مع بعض، وأحاديث الحيض مع بعض، وأحاديث التيمم مع بعض .. وهكذا، وكذلك لما جاء عند كتاب الصلاة جعل كل ما يتعلق بالصلاة كتاباً واحداً، ولكنه يذكر الموضوعات المختلفة على حدة، فيجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع على حدة، كما سبق أن مر بنا أنه جعل الأوقات على حدة، وبناء المساجد على حدة، والإمامة على حدة، وما يصلى به على حدة .. وهكذا.

وهنا ذكر الأبواب المتعلقة بالصفوف، فقال: تفريع أبواب الصفوف، ثم قال: باب تسوية الصفوف، يعني: أن باب تسوية الصفوف من الأبواب المتعلقة بالصفوف، وتسوية الصفوف تكون بإكمال الصف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث .. وهكذا.

وفي الصف الواحد تكون التسوية فيه بالتساوي، بحيث يكون كل واحد بحذاء الذي بجواره فلا يتقدم ولا يتأخر عنه، وأيضاً ألّا تكون في الصفوف فرج، فلا بد من التراص في الصفوف.

والعبرة في التسوية والتراص هي جهة الإمام، فمن كان عن يمين الإمام فالتقارب إلى جهة اليسار، ومن كان عن يسار الإمام فالتقارب إلى جهة اليمين.

أورد المصنف عدة أحاديث تتعلق بتسوية الصفوف، أولها: حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف يصفون؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) أي: يتمون الصف الأول ثم الذي يليه وهكذا، ثم لابد من التراص في الصفوف والتقارب بينها.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2892 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2843 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2837 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2732 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2706 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2696 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2687 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2655 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2651 استماع