شرح سنن أبي داود [087]


الحلقة مفرغة

شرح حديث عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة في شُعُر النساء.

حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن محمد -يعني ابن سيرين - عن عبد الله بن شقيق عن شقيق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا).

قال عبيد الله : شك أبي ].

قوله: [ باب الصلاة في شُعُر النساء ].

الشُعُر: جمع شعار، وهو ما يلي الجسد كالإزار ونحوه، وكذلك ما يوضع على الفراش، أو ما يلتحف به مما يكون له اتصال ومباشرة للجسد.

وقد أورد أبو داودحديث عائشة قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي في شعرنا أو لحفنا)، وهذا شكٌ من معاذ بن معاذ العنبري والد عبيد الله بن معاذ .

وقد جاء ما يدل على جواز الصلاة فيها، ويكون الترك مبنياً على ما إذا كان فيها شيء من النجاسة، وجواز استعمالها فيما إذا تحقق من أنها ليس فيها شيء من النجاسة.

إذاً: مدار الحكم على حصول النجاسة فيها من عدمه، فإن كان فيها نجاسة فلا يصلي فيها، وإن كانت خالية من النجاسة فإنه يصلي فيها.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا)

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ].

هو عبيد الله بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثني أبي ].

أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الأشعث ].

هو أشعث بن عبد الملك الحمراني ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[عن محمد يعني ابن سيرين ].

محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن شقيق ].

هوعبد الله بن شقيق العقيلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد)، ومسلم ، وأصحاب السنن.

[ عن شقيق ].

شقيق غير موجود في الموضع الأول، وعبد الله بن شقيق يروي عن عائشة ، ويروي عمن هو متقدم على عائشة ، فما أدري كيف جاء قوله: (عن شقيق )؟! وشقيق هو ابن سلمة ، وكنيته أبو وائل ، وهو مخضرم، ولا يوجد ذكر شقيق في (تحفة الأشراف)، فلفظة (شقيق) في السند زائدة.

[ عن عائشة ].

هي أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[ قال عبيد الله : شك أبي ].

يعني: أن الشك الذي في الحديث: (شُعُرنا أو لحفنا ) حصل من معاذ بن معاذ العنبري كما ذكر ذلك ابنه عبيد الله .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة في شُعُر النساء.

حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن محمد -يعني ابن سيرين - عن عبد الله بن شقيق عن شقيق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا).

قال عبيد الله : شك أبي ].

قوله: [ باب الصلاة في شُعُر النساء ].

الشُعُر: جمع شعار، وهو ما يلي الجسد كالإزار ونحوه، وكذلك ما يوضع على الفراش، أو ما يلتحف به مما يكون له اتصال ومباشرة للجسد.

وقد أورد أبو داودحديث عائشة قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي في شعرنا أو لحفنا)، وهذا شكٌ من معاذ بن معاذ العنبري والد عبيد الله بن معاذ .

وقد جاء ما يدل على جواز الصلاة فيها، ويكون الترك مبنياً على ما إذا كان فيها شيء من النجاسة، وجواز استعمالها فيما إذا تحقق من أنها ليس فيها شيء من النجاسة.

إذاً: مدار الحكم على حصول النجاسة فيها من عدمه، فإن كان فيها نجاسة فلا يصلي فيها، وإن كانت خالية من النجاسة فإنه يصلي فيها.

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ].

هو عبيد الله بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثني أبي ].

أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الأشعث ].

هو أشعث بن عبد الملك الحمراني ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[عن محمد يعني ابن سيرين ].

محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن شقيق ].

هوعبد الله بن شقيق العقيلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد)، ومسلم ، وأصحاب السنن.

[ عن شقيق ].

شقيق غير موجود في الموضع الأول، وعبد الله بن شقيق يروي عن عائشة ، ويروي عمن هو متقدم على عائشة ، فما أدري كيف جاء قوله: (عن شقيق )؟! وشقيق هو ابن سلمة ، وكنيته أبو وائل ، وهو مخضرم، ولا يوجد ذكر شقيق في (تحفة الأشراف)، فلفظة (شقيق) في السند زائدة.

[ عن عائشة ].

هي أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[ قال عبيد الله : شك أبي ].

يعني: أن الشك الذي في الحديث: (شُعُرنا أو لحفنا ) حصل من معاذ بن معاذ العنبري كما ذكر ذلك ابنه عبيد الله .

شرح حديث: (ذلك كفل الشيطان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يصلي عاقصاً شعره.

حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، حدثني عمران بن موسى ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري يحدث عن أبيه أنه رأى أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه مر بـحسن بن علي رضي الله عنهما وهو يصلي قائماً، وقد غرز ضفره في قفاه، فحلها أبو رافع ، فالتفت الحسن إليه مغضباً، فقال أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ذلك كفل الشيطان) يعني: مقعد الشيطان، يعني: مغرز ضفره ].

قوله: [ باب الرجل يصلي عاقصاً شعره ].

أي: أنه قد فتله حتى صار ضفائر، وجعله وراءه، وهذا هو المقصود بعقص الشعر، أي: فتله وليّه وعدم تركه على هيئته منتشراً غير معقوص.

وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنع من ذلك، وأن الإنسان لا يفعل هذه الهيئة، قيل: إن السر في المنع هو أن شعر الإنسان يسجد معه، بحيث إذا ترك فإنه يصل إلى الأرض ما يصل منه، بخلاف ما إذا كان مفتولاً ملوياً مجتمعاً في قفاه فإنه لا يسجد مع الإنسان منه شيء، وقد جاء في الحديث: (أمرت أن أسجد على سبعة آراب، ولا أكف ثوباً ولا شعراً) .

وقد أورد المصنف حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن حسن بن علي رضي الله تعالى عنهما كان يصلي وقد غرز شعره في قفاه، أي: أنه فتله وجمعه في قفاه، فجاء أبو رافع وهو يصلي، وجعل يحله، أي: يفك هذا العقد، والحسن يصلي، فلما رأى الحسن رضي الله عنه هذا الذي يحرك رأسه، ويقوم بحل شعر رأسه، التفت مغضباً، فقال له أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب، أي: استمر في صلاتك ولا تغضب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ذلك كفل الشيطان) أي: مقعد الشيطان.

وفي هذا دليل على منع مثل هذا العمل في الصلاة، وسواء فُعل ذلك في الصلاة، أو كان مفعولاً قبلها ثم جاءت الصلاة وهو على هذه الهيئة، وإضافته إلى الشيطان يدل على منعه، وعدم جوازه.

وقد جاء في هذا الحديث: أنّ أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم مر بـحسن بن علي ، وكُتب: (عليهما السلام)، وهذه العبارة (عليهما السلام) ذكرها الحافظ ابن كثير في تفسيره عند قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقال: إن هذا من عمل نساخ الكتب، وليس من عمل المؤلفين والمصنفين.

ومعنى ذلك: أن الناسخ عندما ينسخ الكتاب ويأتي ذكر علي يكتب: (عليه السلام)، فهو من عمل النساخ، وليس من عمل المصنفين.

وقال رحمه الله تعالى أيضاً: إنّ الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يعاملون معاملة واحدة، أي: أنهم يترضى عنهم جميعاً، ولا يخص أحد منهم بعبارة أو بدعاء خاص يميز به على غيره.

وقال: ومثل ذلك: (كرم الله وجهه) أيضاً، أي: أن هذه العبارة تقال في حق علي رضي الله عنه، وهذا أيضاً من عمل النساخ.

إذاً: العلماء يستعملون الترضي في حق الصحابة رضي الله عنهم، والترحم على من بعدهم، وهذا هو الغالب على استعمال سلف هذه الأمة، ويجوز العكس بأن يترضى عن غير الصحابة، ويترحم على الصحابة، لكن الذي غلب في الاستعمال هو أن يقال: (رضي الله عنهم) في حق الصحابة، مثلما يغلب على استعمال الناس (رحمه الله) على الميت، مع أنها تصح أن تقال للحي والميت، فالأصل هو الترضي عن الصحابة، والترحم على من بعدهم، ويجوز العكس.

ثم قال ابن كثير -بعد ذكره أن العمل السابق من عمل النساخ-: ولا يخص أحد من الصحابة بشيء يتميز به، وإنما يعاملون معاملة واحدة في الترضي عنهم.

قوله: (مر بـحسن بن علي رضي الله عنهما وهو يصلي قائماً وقد غرز ضفره في قفاه) ] ضفره: جمع ضفيرة، وقوله: في قفاه، يعني: في مؤخر رأسه.

قوله: [ (فحلها أبو رافع) ]، أي: حلّ هذا الشيء الذي قد رُبط وجُمع، فحله أبو رافع والحسن يصلي، وعندما أحسّ الحسن هذا الذي يحرك رأسه من الخلف التفت وعليه الغضب، فقال له أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا كفل الشيطان) أي: هذه الهيئة، وفسرها بعض الرواة بأنها مقعد الشيطان، أي: مكان جلوس الشيطان.

تراجم رجال إسناد حديث: (ذلك كفل الشيطان)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

هو الحلواني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا عبد الرزاق ].

هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة .

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني عمران بن موسى ].

عمران بن موسى مقبول، أخرج حديثه أبو داود والترمذي .

[ عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ].

سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

أبوه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي رافع ].

هو أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

وهذا الحديث معناه كمعنى الحديث الذي بعده، فكل منهما يشهد للآخر.

شرح حديث: (إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن بكيراً حدثه أن كريباً مولى ابن عباس حدثه أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معكوف من ورائه، فقام وراءه فجعل يحله، وأقر له الآخر، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال: (مالك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف) ].

أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي وقد عقص شعر رأسه فجاء إليه وجعل يحله وعبد الله يصلي، فلم يحرك ساكناً، ولم يردّه، بل تركه يحله، ولما فرغ من صلاته أقبل عليه وقال له: مالك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما مَثل هذا مَثل الذي يصلي وهو مكتوف) أي: كالذي جمعت يداه وراء ظهره وشدتا، فهذا حينما لم يترك شعره حتى يسجد معه صار كمثْل الذي قد أخذت يداه من وراء ظهره وشدتا فصار مكتوفاً. وهو الحديث يدل على منْع مثل هذا العمل، كما أن الحديث السابق يدل أيضاً على منع مثل هذا العمل.

وسواء جعله ضفائر وجمعه وراءه أو جمعه وحزمه من ورائه.

وبعض الناس قد يطيل الشعر ويضع الطاقية فتجمع الشعر إلى الخلف، فإذا سجد فإنه يسجد على الجبهة، ولا تسجد معه ناصيته؛ لأنه جمعها في الطاقية، فالذي يظهر من مقتضى الحديث أنه لا يجمعه؛ بل يرسله ويتركه، ولكن هذا يختلف عن ذاك الذي جمع شعره كله وراءه، فالشعر من ورائه منتثر.

قوله: [ فقام وراءه فجعل يحله، وأقر له الآخر ] أي: أن عبد الله بن الحارث ترك ابن عباس يحله، ولم يذهب يدافعه، ولما فرغ وانتهى من الصلاة أقبل عليه وقال له: مالك ورأسي؟ بينما نجد أن الحسن في الحديث السابق كان مغضباً، وهذا تركه يحله واستمر في صلاته حتى فرغ منها ثم التفت وقال: مالك ورأسي؟

تراجم رجال إسناد حديث: (إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف)

قوله: [ حدثنا محمد بن سلمة ].

هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا ابن وهب ].

هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة .

[ عن عمرو بن الحارث ].

عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة .

[ عن بكير ].

هو بكير بن عبد الله بن الأشج، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة .

[ عن كريب ].

هو كريب مولى ابن عباس ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2649 استماع