شرح سنن أبي داود [064]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: ( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها) ] يعني: حين يذكرها يبادر إلى فعلها ولو كان في وقت نهي؛ لأنها مستثناة من النهي.

قوله: [ (لا كفارة لها إلا ذلك) ] يعني: ليس هناك شيء سوى أن تؤدى عند الذكر، وليس هناك كفارة مالية، وليس لأحد يصلي عن أحد، وإنما الواجب على من نسي الصلاة ثم ذكرها أن يبادر إلى فعلها، ولا يؤخر القضاء إلى وقت الغد بحيث إذا كان الإنسان عليه فوائت يصلي بعد كل صلاة صلاة، بل يسردها كلها في وقت واحد.

تراجم رجال إسناد حديث: ( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك )

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

هو محمد بن كثير العبدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا همام ].

هو همام بن يحيى، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قتادة ].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس بن مالك ].

هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود .

حديث (أن رسول الله كان في مسير له فناموا عن صلاة الفجر...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مسير له فناموا عن صلاة الفجر، فاستيقظوا بحر الشمس، فارتفعوا قليلاً حتى استقلت الشمس، ثم أمر مؤذناً فأذن فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام ثم صلى الفجر) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عمران بن حصين وفيه نفس القصة التي ذكرت في أحاديث أبي قتادة وغيره، وفيه ذكر الأذان وسنة الفجر التي هي الراتبة قبل الصلاة، ثم بعد ذلك الصلاة.

حديث عمرو بن أمية الضمري في نوم النبي والصحابة عن صلاة الفجر وتراجم رجال إسناده

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

هو وهب بن بقية الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن خالد ].

هو خالد الواسطي، وقد مر ذكره.

[ عن يونس بن عبيد ].

يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن ].

هو الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمران بن حصين ].

عمران بن حصين رضي الله عنه هو صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

حديث ذي مخبر الحبشي في نوم النبي والصحابة عن صلاة الفجر وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباس العنبري . ح: وحدثنا أحمد بن صالح -وهذا لفظ عباس - أن عبد الله بن يزيد حدثهم عن حيوة بن شريح عن عياش بن عباس -يعني القتباني - أن كليب بن صبح حدثهم أن الزبرقان حدثه عن عمه عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تنحوا عن هذا المكان. قال: ثم أمر بلالاً فأذن، ثم توضئوا وصلوا ركعتي الفجر، ثم أمر بلالاً فأقام الصلاة فصلى بهم صلاة الصبح) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عمرو بن أمية الضمري وفيه ما في الحديث الذي قبله من كونهم لما حصل لهم النوم وخرج وقت صلاة الفجر واستيقظوا بحر الشمس أذنوا ثم ركعوا ركعتي الصبح، أي: السنة الراتبة، ثم بعد ذلك صلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم الفجر، فكل هذه الأحاديث دالة على وجود الأذان وعلى ركعتي الفجر وعلى قضاء الصلاة بعد قيامهم بقليل، وفي هذا الحديث أنهم تنحوا عن المكان الذي أصابهم النوم فيه، وقد سبق أن مر في بعض الأحاديث أنهم تحولوا واقتادوا رواحلهم شيئاً.

قوله: [ حدثنا عباس العنبري وحدثنا أحمد بن صالح ].

أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

قوله: [ وهذا لفظ عباس ].

يعني أنه لفظ الشيخ الأول، وهو عباس العنبري .

[ أن عبد الله بن يزيد حدثهم ].

هو عبد الله بن يزيد المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن حيوة بن شريح ].

هو حيوة بن شريح المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عياش بن عباس -يعني القتباني- ].

عياش بن عباس القتباني ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.

[ أن كليب بن صبح حدثهم ].

كليب بن صبح صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده.

[ أن الزبرقان حدثه ].

هو الزبرقان بن عبد الله الضمري، وهو ثقة، أخرج له أبو داود وحده.

[ عن عمه عمرو بن أمية الضمري ].

عمرو بن أمية الضمري صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

إسناد رابع لحديث نوم رسول الله والصحابة عن صلاة الفجر وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج - يعني: ابن محمد - حدثنا حريز . ح: وحدثنا عبيد بن أبي الوزير حدثنا مبشر -يعني الحلبي - حدثنا حريز -يعني ابن عثمان - حدثني يزيد بن صالح عن ذي مخبر الحبشي رضي الله عنه -وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم- في هذا الخبر، قال: (فتوضأ -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- وضوءاً لم يلث منه التراب، ثم أمر بلالاً فأذن، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين غير عجل، ثم قال لـبلال : أقم الصلاة. ثم صلى الفرض وهو غير عجل).

قال: عن حجاج عن يزيد بن صليح حدثني ذو مخبر رجل من الحبشة. وقال عبيد : يزيد بن صالح ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث ذي مخبر الحبشي رضي الله عنه، وفيه مثل ما في قبله، من أنه حصل الأذان، وأنه صلى الركعتين وهو غير عجل، ثم صلى بالناس وهو غير عجل، يعني أنه لم يستعجل فيهما وأنه لم يخففهما.

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن ].

هو إبراهيم بن الحسن المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا حجاج -يعني ابن محمد- ].

هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حريز ].

هو حريز بن عثمان الحمصي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ ح: وحدثنا عبيد بن أبي الوزير ].

عبيد بن أبي الوزير لا يعرف حاله، أخرج حديثه أبو داود وحده.

[ حدثنا مبشر -يعني الحلبي- ].

هو مبشر بن إسماعيل الحلبي، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حريز -يعني ابن عثمان- عن يزيد بن صالح ].

يزيد بن صالح -ويقال أيضاً: ابن صليح- أخرج حديثه أبو داود .

[ عن ذي مخبر الحبشي ].

ذو مخبر الحبشي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يخدم النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أبو داود وابن ماجه .

وقوله: [ عن حجاج عن يزيد بن صليح ].

يعني: أن حجاجاً قال: يزيد بن صليح .

وقال الشيخ الثاني الذي هو عبيد بن أبي الوزير : يزيد بن صالح .

إذاً: بعض الرواة قال: صالح. وبعضهم قال: صليح. ولا فرق بينهما، ويقال له: صليح أكثر من (صالح).

إسناد آخر لحديث نومه صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر وذكر زيادته وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن الفضل حدثنا الوليد عن حريز -يعني ابن عثمان - عن يزيد بن صليح عن ذي مخبر ابن أخي النجاشي رضي الله عنه في هذا الخبر، قال: (فأذن وهو غير عجل) ].

قوله: [ (وأذن وهو غير عجل) ] ذكر الأذان وهو غير عجل فيه إشكال؛ لأن الأذان حالته واحدة، وليس فيه استعجال، إنما الاستعجال في الإقامة، فهي التي تحدر حدراً.

قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل ].

مؤمل بن الفضل صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا الوليد ].

هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن حريز -يعني ابن عثمان - عن يزيد بن صليح عن ذي مخبر ابن أخي النجاشي ].

مر ذكرهم.

وهنا قال: (صليح) بتصغير (صالح).

شرح حديث: ( أقبلنا مع رسول الله زمن الحديبية فقال: من يكلؤنا؟)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن جامع بن شداد سمعت عبد الرحمن بن أبي علقمة سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يكلؤنا ؟ فقال بلال : أنا. فناموا حتى طلعت الشمس، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: افعلوا كما كنتم تفعلون. قال: ففعلنا، قال: فكذلك فافعلوا لمن نام أو نسي) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود أنه قال: [ أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية ] وهذا يخالف ما تقدم في الروايات السابقة التي فيها أنه كان في غزوة خيبر، وأنه قفل من غزوة خيبر، وأما ما ذكر أنه كان في جيش الأمراء فهذا غير صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان في تلك الغزوة.

وأما ذكر الحديبية فإنه يحمل على تعدد القصة، أو أن في ذلك وهماً، فإما أن تكون الحادثة متعددة، وإما أن تكون واحدة وفي الحديث وهم.

وقوله: [ (من يكلؤنا؟) ] يعني: من يكون متنبهاً بحيث لا تفوتنا صلاة الفجر.

قوله: [ (فقال بلال : أنا. فناموا حتى طلعت الشمس) ].

هذا مثل ما تقدم في قصة خيبر؛ لأن بلالاً هو الذي كان مستنداً إلى راحلته وأخذه النوم، وبعد ذلك حصل ما حصل، حيث فاتتهم الصلاة وصلوها بعد طلوع الشمس.

قوله: [ (فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (افعلوا ما كنتم تفعلون) ] يعني أنهم يصلون الصلاة في ذلك الوقت كما كانوا يؤدونها في وقتها.

قوله: [ (قال: فكذلك فافعلوا لمن نام أو نسي) ].

يعني أن النائم أو الناسي يفعل في القضاء كما كان يفعل في الأداء، وذلك عند ذكره وعند تنبهه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أقبلنا مع رسول الله زمن الحديبية فقال: من يكلؤنا؟)

قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ].

هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا محمد بن جعفر ].

هو محمد بن جعفر الملقب بـغندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا شعبة ].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جامع بن شداد ].

جامع بن شداد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سمعت عبد الرحمن بن أبي علقمة ].

عبد الرحمن بن أبي علقمة يقال: له صحبة. ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وأخرج حديثه أبو داود والنسائي.

[ سمعت عبد الله بن مسعود ].

هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من المهاجرين، وأحد فقهاء الصحابة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها) ] يعني: حين يذكرها يبادر إلى فعلها ولو كان في وقت نهي؛ لأنها مستثناة من النهي.

قوله: [ (لا كفارة لها إلا ذلك) ] يعني: ليس هناك شيء سوى أن تؤدى عند الذكر، وليس هناك كفارة مالية، وليس لأحد يصلي عن أحد، وإنما الواجب على من نسي الصلاة ثم ذكرها أن يبادر إلى فعلها، ولا يؤخر القضاء إلى وقت الغد بحيث إذا كان الإنسان عليه فوائت يصلي بعد كل صلاة صلاة، بل يسردها كلها في وقت واحد.