شرح سنن أبي داود [051]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (أقبل رسول الله نحو بئر جمل..)

[ باب: التيمم في الحضر.

حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث أخبرنا أبي عن جدي عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري فقال أبو الجهيم : (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه السلام حتى أتى على جدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام) ].

بوب الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باباً في التيمم في الحضر، أما السفر فهو غالباً مظنة عدم حصول الماء أو نقصانه وقلته، وأما بالنسبة للحضر فإن الغالب وجود الماء فيه، ومن المعلوم أنه لا يصار إلى التيمم إلا إذا عدم الماء، أو لم يقدر على استعماله لمرض أو لشيء يقتضي ذلك، وحيث يوجد الماء فلا يصار إلى التيمم، لكن قد تطرأ في الحضر ضرورة تدعو إليه؛ بأن يقل الماء في البلد أو في بعض القرى ويكاد يخرج الوقت وهم لم يجدوا الماء، فإن لهم أن يتمموا ويصلوا، ولا يتركوا الوقت يخرج دون أن يصلوا؛ لأنه حيث لم يوجد الماء يُنتقل حينئذٍ إلى البدل الذي هو التيمم.

وقال بعض أهل العلم: إذا خشي خروج الوقت، بحيث إنه لو اشتغل بالوضوء فسوف يفوته ما تدرك به الصلاة؛ وذلك أن من أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر، ويصلي ركعة بعد طلوع الشمس، فإذا كان اشتغاله بالوضوء يترتب عليه خروج ذلك الوقت الذي يسع قدر الصلاة فإن بعض أهل العلم قال: إنه يتيمم حتى يدرك الصلاة في وقتها، وحتى لا يؤدى الصلاة في غير وقتها، والذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم في الحضر أنه تيمم لحصول شيء أكمل وهو ذكر الله عز وجل، ورد السلام على من سلم عليه، فإنه كان قد قضى حاجته فلم يرد السلام على من سلم عليه حتى أتى جداراً وضرب بيديه عليه، ومسح بوجهه وكفيه، ثم رد السلام، فيكون التيمم في هذه الحالة من أجل الحصول على هيئة أكمل وأفضل، وإن كان ذكر الله عز وجل يسوغ مع وجود الحدث الأصغر، بل وكذلك مع وجود الحدث الأكبر، فللإنسان أن يذكر الله عز وجل وإن كان على حدث أكبر، وإنما يمنع الحدث الأكبر -الذي هو الجنابة- من قراءة القرآن، وقد قال بعض أهل العلم: له أن يقرأ القرآن وهو جنب، لكن الراجح أن قراءة القرآن للجنب لا تصلح؛ لأن رفع الجنابة يقدر عليه الإنسان، إن كان معه ماء اغتسل وإلا فإنه يتيمم ويتمكن من قراءة القرآن، وعلى هذا فإن للجنب -وللمحدث حدثاً أصغر من باب أولى- أن يذكر الله عز وجل، ولكن الهيئة الأكمل والأفضل أنه يكون على طهارة، ولو عن طريق التيمم.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل نحو بئر جمل)، وهو مكان معروف عندهم في المدينة، وكان قد قضى حاجته، فسلم عليه رجل فلم يرد عليه السلام، حتى أتى حائط وضرب يديه عليه وتيمم، ثم ردّ عليه السلام، وقد فعل هذا ليكون على هيئة أكمل وأفضل -وهي حالة الطهارة- بكونه تيمم، وإن كان ذكر الله عز وجل يجوز في حال الحدث الأكبر وفي حال الحدث الأصغر، وهذا بالنسبة لذكر الله والتسبيح والدعاء، وأما بالنسبة للقرآن فإنه يقرؤه من هو على حدث أصغر، ولا يقرأه من هو على حدث أكبر، وقد قال بعض أهل العلم: يجوز أن يقرأه من كان على حدث أكبر، لكن الصحيح أن الجنب لا يقرأ القرآن؛ لأن رفع الجنابة بيده، فيمكنه أن يغتسل إن وجد الماء وإلا تيمم وفعل ما يريد من قراءة القرآن.

وعلى هذا فحديث أبي جهيم رضي الله عنه يدل على ما ترجم له المصنف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم في الحضر؛ ليكون على هيئة أكمل وأفضل، لا لأن ذلك متعين ولازم لمن كان على غير طهارة أنه لا يرد السلام، بل يمكن أن يذكر الله ويرد السلام، لكن كونه على طهارة فهذا أكمل وأفضل كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفيه: أنه تيمم على جدار، وهذا فيه بيان أن التيمم يكون على الأرض ويكون على التراب أو الغبار الذي يعلق بالجدار إذا ضرب عليه وصار على يده شيء منه فإنه يتيمم به.

تراجم رجال إسناد حديث: (أقبل رسول الله نحو بئر جمل..)

قوله: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ].

هو عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ أخبرنا أبي ].

هو شعيب بن الليث، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن جدي ].

هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جعفر بن ربيعة ].

هو جعفر بن ربيعة المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن هرمز ].

ولقبه الأعرج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمير مولى ابن عباس ].

هو عمير بن عبد الله مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن أبي الجهيم ].

هو أبو الجهيم بن الحارث بن الصمة، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (مر رجل على رسول الله في سكة من السكك..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي أبو علي أخبرنا محمد بن ثابت العبدي أخبرنا نافع قال: انطلقت مع ابن عمر رضي الله عنهما في حاجة إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فقضى ابن عمر حاجته، فكان من حديثه يومئذٍ أن قال: (مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول، فسلم عليه فلم يرد عليه، حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام، وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن على طهر) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر عليه رجل وسلم عليه، فلم يرد عليه السلام، حتى كاد أن يتوارى الرجل من الطريق الذي كان لقيه فيه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى حائط وضرب عليه بيديه ضربتين وتيمم، ثم رد عليه السلام ومسح يديه إلى الذراعين.

وهذا الحديث يختلف عن الذي قبله؛ لأنه قال في الأول: مسح وجهه ويديه، فهو مجمل؛ لأن اليد تطلق ويراد بها من أطراف الأصابع إلى الإبط، وهذا هو حد اليد الكاملة، وقد سبق أن بعض الصحابة رضي الله عنهم تيمموا إلى المناكب والآباط، وذكرنا قول الحافظ ابن حجر : إن كان ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء بعده ما ينسخه، وهو الاقتصار على الكفين، وإن كان من فعلهم فالعبرة بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي ثبت عنه هو ما جاء في حديث عمار من طرق متعددة في الصحيحين وفي غيرهما: (أنه مسح كفيه ووجهه)، ولم يصل إلى الذراعين، ولا نصف الذراع، ولا إلى المناكب. وهذا الحديث الذي فيه: أنه مسح إلى الذراعين ضعيف؛ لأن فيه محمد بن ثابت العبدي ، وحديثه منكر كما قاله الإمام أحمد بن حنبل، ونقله عنه أبو داود .

وأما التيمم على الجدار فهو ثابت في الحديث المتقدم، أي: حديث أبي جهيم بن الحارث بن الصمة .

وذكر الراوي ابن عباس في هذا الحديث لبيان المناسبة التي حصل فيها تحديث ابن عمر بهذا الحديث.

وقوله: (في سكة من السكك) يعني: طريق من الطرق بين البيوت.

تراجم رجال إسناد حديث: (مرّ رجل على رسول الله في سكة من السكك..)

قوله: [ حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي أبو علي ].

أحمد بن إبراهيم الموصلي أبو علي صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير.

[ أخبرنا محمد بن ثابت العبدي ].

محمد بن ثابت العبدي صدوق لين الحديث، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[ عن نافع ].

هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عمر ].

هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خطأ محمد بن ثابت في حديث التيمم

[ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى محمد بن ثابت حديثاً منكراً في التيمم ].

يعني: هذا الحديث.

[ قال ابن داسة : قال أبو داود : لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورووه فعل ابن عمر ].

ابن داسة هو أحد الرواة لسنن أبي داود ، قال: قال أبو داود : لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعني رفعه للحديث لم يتابع عليه، وإنما هذا مما انفرد به محمد بن ثابت ، وكذلك أيضاً ذكر الذراعين زيادة منكرة؛ لأنها مخالفة لما جاء في الروايات الصحيحة من أن المسح إنما يكون للكفين فقط دون الذراعين، وسبق أن ذكرت أن الحافظ ابن حجر قال: إن الروايات التي فيها ذكر الذراعين وذكر نصف الساعد فيها مقال.

قوله: [ ورووه فعل ابن عمر ] يعني رووا الضربتين من فعل ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ولكن سبق أن مر في بعض الأحاديث الصحيحة أنهم تمسحوا وضربوا ضربة فمسحوا بها الوجوه، ثم ضربوا ضربة أخرى فمسحوا بها الأيدي إلى الآباط وإلى المناكب.

شرح حديث: (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط فلقيه رجل..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي حدثنا حيوة بن شريح عن ابن الهاد أن نافعاً حدثه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط، فلقيه رجل عند بئر جمل فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط ثم مسح وجهه ويديه، ثم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرجل السلام) ].

أورد المصنف حديث ابن عمر رضي الله عنهما من طريق أخرى، وهو مطابق لحديث أبي جهيم الذي تقدم، والذي فيه: (أنه جاء من نحو بئر جمل، وأن الرجل سلم عليه ولم يرد عليه السلام حتى ضرب بيديه الحائط ومسح بيديه ووجهه)، وهنا أجمل اليدين، ولم يذكر الحد الذي كان عليه المسح، فهو مثل رواية أبي جهيم المتقدمة، وهي مجملة أيضاً ليس فيها تحديد؛ لأن اليد يدخل تحتها الكف وحده، ويدخل تحتها الكف والذراع إلى المرفقين، ويدخل تحتها اليد كلها إلى المناكب، وكل ذلك يقال له: يد، ولكن الذي ثبت في الصحيحين وفي غيرهما أن المسح للكفين فقط.

تراجم رجال إسناد حديث: (أقبل رسول الله من الغائط فلقيه رجل..)

قوله: [ قال حدثنا جعفر بن مسافر ].

جعفر بن مسافر صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي ].

عبد الله بن يحيى البرلسي لا بأس به، يعني: صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود .

[ حدثنا حيوة بن شريح ].

هو حيوة بن شريح المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن الهاد ].

هو يزيد بن عبد الله بن الهاد بن أسامة بن الهاد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن نافع عن ابن عمر ].

وقد مر ذكرهما.

[ باب: التيمم في الحضر.

حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث أخبرنا أبي عن جدي عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري فقال أبو الجهيم : (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه السلام حتى أتى على جدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام) ].

بوب الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باباً في التيمم في الحضر، أما السفر فهو غالباً مظنة عدم حصول الماء أو نقصانه وقلته، وأما بالنسبة للحضر فإن الغالب وجود الماء فيه، ومن المعلوم أنه لا يصار إلى التيمم إلا إذا عدم الماء، أو لم يقدر على استعماله لمرض أو لشيء يقتضي ذلك، وحيث يوجد الماء فلا يصار إلى التيمم، لكن قد تطرأ في الحضر ضرورة تدعو إليه؛ بأن يقل الماء في البلد أو في بعض القرى ويكاد يخرج الوقت وهم لم يجدوا الماء، فإن لهم أن يتمموا ويصلوا، ولا يتركوا الوقت يخرج دون أن يصلوا؛ لأنه حيث لم يوجد الماء يُنتقل حينئذٍ إلى البدل الذي هو التيمم.

وقال بعض أهل العلم: إذا خشي خروج الوقت، بحيث إنه لو اشتغل بالوضوء فسوف يفوته ما تدرك به الصلاة؛ وذلك أن من أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر، ويصلي ركعة بعد طلوع الشمس، فإذا كان اشتغاله بالوضوء يترتب عليه خروج ذلك الوقت الذي يسع قدر الصلاة فإن بعض أهل العلم قال: إنه يتيمم حتى يدرك الصلاة في وقتها، وحتى لا يؤدى الصلاة في غير وقتها، والذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم في الحضر أنه تيمم لحصول شيء أكمل وهو ذكر الله عز وجل، ورد السلام على من سلم عليه، فإنه كان قد قضى حاجته فلم يرد السلام على من سلم عليه حتى أتى جداراً وضرب بيديه عليه، ومسح بوجهه وكفيه، ثم رد السلام، فيكون التيمم في هذه الحالة من أجل الحصول على هيئة أكمل وأفضل، وإن كان ذكر الله عز وجل يسوغ مع وجود الحدث الأصغر، بل وكذلك مع وجود الحدث الأكبر، فللإنسان أن يذكر الله عز وجل وإن كان على حدث أكبر، وإنما يمنع الحدث الأكبر -الذي هو الجنابة- من قراءة القرآن، وقد قال بعض أهل العلم: له أن يقرأ القرآن وهو جنب، لكن الراجح أن قراءة القرآن للجنب لا تصلح؛ لأن رفع الجنابة يقدر عليه الإنسان، إن كان معه ماء اغتسل وإلا فإنه يتيمم ويتمكن من قراءة القرآن، وعلى هذا فإن للجنب -وللمحدث حدثاً أصغر من باب أولى- أن يذكر الله عز وجل، ولكن الهيئة الأكمل والأفضل أنه يكون على طهارة، ولو عن طريق التيمم.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل نحو بئر جمل)، وهو مكان معروف عندهم في المدينة، وكان قد قضى حاجته، فسلم عليه رجل فلم يرد عليه السلام، حتى أتى حائط وضرب يديه عليه وتيمم، ثم ردّ عليه السلام، وقد فعل هذا ليكون على هيئة أكمل وأفضل -وهي حالة الطهارة- بكونه تيمم، وإن كان ذكر الله عز وجل يجوز في حال الحدث الأكبر وفي حال الحدث الأصغر، وهذا بالنسبة لذكر الله والتسبيح والدعاء، وأما بالنسبة للقرآن فإنه يقرؤه من هو على حدث أصغر، ولا يقرأه من هو على حدث أكبر، وقد قال بعض أهل العلم: يجوز أن يقرأه من كان على حدث أكبر، لكن الصحيح أن الجنب لا يقرأ القرآن؛ لأن رفع الجنابة بيده، فيمكنه أن يغتسل إن وجد الماء وإلا تيمم وفعل ما يريد من قراءة القرآن.

وعلى هذا فحديث أبي جهيم رضي الله عنه يدل على ما ترجم له المصنف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم في الحضر؛ ليكون على هيئة أكمل وأفضل، لا لأن ذلك متعين ولازم لمن كان على غير طهارة أنه لا يرد السلام، بل يمكن أن يذكر الله ويرد السلام، لكن كونه على طهارة فهذا أكمل وأفضل كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفيه: أنه تيمم على جدار، وهذا فيه بيان أن التيمم يكون على الأرض ويكون على التراب أو الغبار الذي يعلق بالجدار إذا ضرب عليه وصار على يده شيء منه فإنه يتيمم به.

قوله: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ].

هو عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ أخبرنا أبي ].

هو شعيب بن الليث، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن جدي ].

هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جعفر بن ربيعة ].

هو جعفر بن ربيعة المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن هرمز ].

ولقبه الأعرج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمير مولى ابن عباس ].

هو عمير بن عبد الله مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن أبي الجهيم ].

هو أبو الجهيم بن الحارث بن الصمة، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2892 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2843 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2837 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2732 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2706 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2696 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2687 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2656 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2651 استماع