خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [045]
الحلقة مفرغة
شرح حديث: (إن هذه ليست بحيضة ..)
حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المرادي قالا: حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن
هذه الترجمة معقودة لبيان أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة، وهذا على سبيل الاستحباب، والذي على سبيل الوجوب هو الوضوء لكل صلاة، وأما الاغتسال لكل صلاة فإنما هو على سبيل الاستحباب.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة في قصة أم حبيبة بنت جحش أخت زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها، وهي زوجة عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه وعنها: (أنها استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي، فكانت تغتسل لكل صلاة) هذه الرواية عن عائشة رضي الله عنها أوردها المصنف تحت باب الاغتسال لكل صلاة، وهذا الحديث فيه أنها كانت تغتسل لكل صلاة، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، لكن جاء في بعض الروايات الأمر بالاغتسال لكل صلاة؛ ولهذا اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إن أم حبيبة أمرت بالاغتسال الواحد الذي هو للخروج من الحيض، والذي يعتبر بمثابة الطهر للمستحاضة، فكانت تغتسل لكل صلاة من فعلها ومن اجتهادها ومن حرصها، وفي بعض الروايات: أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرها أن تغتسل لكل صلاة، فكانت تغتسل لكل صلاة، والاغتسال عند إدبار الحيض لا بد منه؛ لأنه غسل الحيض، وأما المستحب للمستحاضة فهو الاغتسال عند كل صلاة، ولا شك أن هذا فيه مشقة، وإذا فعلته المرأة فهو مستحب، وأما كونه واجباً عليها فإنه لا يجب عليها أن تغتسل عند كل صلاة.
فـعائشة رضي الله عنها أخبرت عنها أنها كانت تغتسل لكل صلاة، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن هذا الاغتسال لكل صلاة إنما هو من فعلها، وليس من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لها، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه الأمر لها ولغيرها بالاغتسال لكل صلاة، ولكنه محمول على الاستحباب.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن هذه ليست بحيضة ..)
هو عبد الغني بن أبي عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أبو داود.
[ ومحمد بن سلمة المرادي ].
هو محمد بن سلمة المرادي المصري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن الحارث ].
هو عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة بن الزبير ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ وعمرة ].
هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقول عائشة رضي الله عنها: (فكانت تغتسل في مركن في حجرة أختها
شرح حديث: (فكانت تغتسل لكل صلاة ..)
أورد أبو داود الحديث من طريق عمرة عن أم حبيبة وفي آخره قالت عائشة : (فكانت تغتسل عند كل صلاة).
ويمكن أن يكون قوله: (عن أم حبيبة رواية، ويمكن أن يكون عن قصة أم حبيبة أو في أمر أم حبيبة ، وسبق أن هذا إنما هو من فعلها.
تراجم رجال إسناد حديث: (فكانت تغتسل لكل صلاة)
هو أحمد بن صالح المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا عنبسة ].
هو عنبسة بن خالد، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود .
[حدثنا يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب قال: أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن عن أم حبيبة ].
ابن شهاب وعمرة تقدم ذكرهما، وأم حبيبة هي أخت زينب بنت جحش ، وهي صحابية، أخرج حديثها البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
شرح حديث: (إن هذه ليست بحيضة من طريق ثانية وتراجم رجال إسنادها
أورد أبو داود رحمه الله الحديث عن عائشة من طريق أخرى، وإسناده مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ].
يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثني الليث بن سعد ].
هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ].
هؤلاء قد مر ذكرهم.
اختلاف الرواة في حديث: (إن هذه ليست بحيضة ...)
أورد أبو داود رحمه الله هذه الطرق وفي بعضها عن عائشة ، وفي بعضها عن عائشة عن أم حبيبة ، والمشهور في الرواية أنها عن عائشة، وأم حبيبة هي صاحبة القصة، وعائشة تحدث بذلك عما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ رواه القاسم بن مبرور ].
القاسم بن مبرور صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة عن أم حبيبة ].
هؤلاء مر ذكرهم.
[ وكذلك رواه معمر عن الزهري عن عمرة عن عائشة ، وربما قال معمر : عن عمرة عن أم حبيبة بمعناه ].
وهذا الإسناد مثل إسناد القاسم بن مبرور ، هذا قال: عن عمرة عن عائشة ، ومعمر ، يقول: عن عائشة وربما قال: عن أم حبيبة ، وكلهم يروي ذلك عن الزهري .
[ وكذلك رواه إبراهيم بن سعد وابن عيينة ].
هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وابن عيينة هو سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن عمرة عن عائشة ، وقال ابن عيينة في حديثه: ولم يقل إن النبي صلى الله عليه وآلة وسلم أمرها أن تغتسل، وكذلك رواه الأوزاعي أيضاً قال فيه: قالت عائشة (فكانت تغتسل لكل صلاة) ].
الأوزاعي هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين ...) وتراجم رجال إسناده
هذا الحديث مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي ].
هو محمد بن إسحاق بن محمد المسيبي ، وهو صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثني أبي].
هو إسحاق بن محمد المسيبي ، وهو صدوق في حديثه لين، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن ابن أبي ذئب ].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة ].
هؤلاء مر ذكرهم.
شرح حديث: (أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده
أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة من طريق أخرى، ولكن فيه ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرها بالغسل لكل صلاة، فكانت تغتسل لكل صلاة، يعني: أنها عملت بالشيء الذي أمرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي مضى فيه قول عائشة : (إنها كانت تغتسل لكل صلاة)، وهنا ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل لكل صلاة، وساق الحديث، فكانت تغتسل لكل صلاة، فتكون قد أمرت ونفذت الأمر.
قوله: [ حدثنا هناد بن السري ].
هو هناد بن السري أبو السري وهو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عبدة ].
هو عبدة بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن الزهري عن عروة عن عائشة ].
وهؤلاء قد مر ذكرهم جميعاً.
شرح حديث: (استحيضت زينب بنت جحش ...)
قال أبو داود : ورواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير قال: (توضئي لكل صلاة)، قال أبو داود : وهذا وهم من عبد الصمد ، والقول فيه قول أبي الوليد ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه: أن زينب بنت جحش هي التي استحيضت، وأمرها أن تغتسل لكل صلاة، وساق الحديث، والقصة لـأم حبيبة، وليست لـزينب ، فيكون ذكر زينب وهم، والصواب: أنها أم حبيبة بنت جحش ؛ لأنها هي التي استحيضت، وأما زينب بنت جحش زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يثبت أنها كانت مستحاضة.
[ قال أبو داود : ورواه أبو الوليد الطيالسي ولم أسمعه منه ].
أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: (ولم أسمعه منه) يفيد أن بينه وبينه واسطة؛ لأنه قال: لم أسمعه منه.
[ عن سليمان بن كثير ].
سليمان بن كثير لا بأس به في غير الزهري ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن عروة عن عائشة ].
هؤلاء مر ذكرهم.
[ قال أبو داود : ورواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير ].
عبد الصمد بن عبد الوارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و سليمان بن كثير قد مر ذكره.
قوله: [ (توضئي لكل صلاة) قال أبو داود : وهذا وهم من عبد الصمد ، والقول فيه قول أبي الوليد ].
لفظه هنا: (توضئي لكل صلاة)، واللفظ الذي مر في رواية أبي الوليد ، وكذلك اللفظ الذي مر في الحديث السابق فيه: (أمرها أن تغتسل لكل صلاة)، فيقول أبو داود : إن ذكر التوضؤ هنا في هذا الحديث وهم، وإنما الصواب ما ذكره أبو الوليد أنه أمرها بالاغتسال وليس بالتوضؤ، لكن التوضؤ جاء في أحاديث أخرى ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستأتي، وسيأتي لها ترجمة خاصة.
شرح حديث: (... إنما هو عرق أو قال: عروق)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة.
حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المرادي قالا: حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن
هذه الترجمة معقودة لبيان أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة، وهذا على سبيل الاستحباب، والذي على سبيل الوجوب هو الوضوء لكل صلاة، وأما الاغتسال لكل صلاة فإنما هو على سبيل الاستحباب.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة في قصة أم حبيبة بنت جحش أخت زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها، وهي زوجة عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه وعنها: (أنها استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي، فكانت تغتسل لكل صلاة) هذه الرواية عن عائشة رضي الله عنها أوردها المصنف تحت باب الاغتسال لكل صلاة، وهذا الحديث فيه أنها كانت تغتسل لكل صلاة، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، لكن جاء في بعض الروايات الأمر بالاغتسال لكل صلاة؛ ولهذا اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: إن أم حبيبة أمرت بالاغتسال الواحد الذي هو للخروج من الحيض، والذي يعتبر بمثابة الطهر للمستحاضة، فكانت تغتسل لكل صلاة من فعلها ومن اجتهادها ومن حرصها، وفي بعض الروايات: أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرها أن تغتسل لكل صلاة، فكانت تغتسل لكل صلاة، والاغتسال عند إدبار الحيض لا بد منه؛ لأنه غسل الحيض، وأما المستحب للمستحاضة فهو الاغتسال عند كل صلاة، ولا شك أن هذا فيه مشقة، وإذا فعلته المرأة فهو مستحب، وأما كونه واجباً عليها فإنه لا يجب عليها أن تغتسل عند كل صلاة.
فـعائشة رضي الله عنها أخبرت عنها أنها كانت تغتسل لكل صلاة، وذهب كثير من أهل العلم إلى أن هذا الاغتسال لكل صلاة إنما هو من فعلها، وليس من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لها، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه الأمر لها ولغيرها بالاغتسال لكل صلاة، ولكنه محمول على الاستحباب.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2650 استماع |