شرح سنن أبي داود [013]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (دخلت على النبي وهو يستاك...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف يستاك.

حدثنا مسدد وسليمان بن داود العتكي قالا: حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه قال مسدد : قال: (أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله، فرأيته يستاك على لسانه)، قال أبو داود : وقال سليمان : قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك، وقد وضع السواك على طرف لسانه وهو يقول: إه إه) يعني: يتهوع، قال أبو داود : قال مسدد : كان حديثاً طويلاً ولكني اختصرته ].

أورد أبو داود هذه الترجمة: باب كيف يستاك، بعدما ذكر السواك ومشروعيته والترغيب فيه والحث عليه، والاستياك يكون على اللسان ويكون على الأسنان، قالوا: والاستياك في الأسنان يكون عرضاً؛ لأنه بذلك ينظف الأسنان ولا يعرض اللثة لأن تجرح أو تتأثر، فإذا كان يستاك من فوق إلى تحت فإن ذلك قد يؤثر على اللثة، ولكنه إذا كان يستاك عرضاً فإنه يجري على الأسنان دون أن يؤثر على اللثة.

وأورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه جاء مع نفر من الأشعريين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي بعض الروايات أنهم جاءوا يستحملونه ويطلبون منه الحملان، يعني: يحملهم أو يعطيهم مركوبات يركبون عليها للجهاد في سبيل الله، وجاء في بعض رواية هذا الحديث أن أبا موسى رضي الله تعالى عنه جاء ومعه اثنان من الأشعريين، وكان أبو موسى بينهما، وجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولما وصلوا إليه وجدوه يستاك، فالأشعريان اللذان كانا مع أبي موسى طلبا منه العمل، وأرادا منه أن يوليهما، وأبو موسى رضي الله عنه ما كان يعرف ما في أنفسهما وما كانا يريدان، وخشي أن الرسول صلى الله عليه وسلم يظن أنهم جاءوا لهذه المهمة ولهذا الغرض، وأن أبا موسى غرضه غرضهم؛ لأنه جاء وإياهما فتكلما، فأراد أن يبرئ ساحته، وأنه ما عرف ما في نفوسهما وما أراداه، وأن هذا شيء منهما، وأنه ليس متفقاً معهما على ذلك، ولا يعرف أنهما كان يريدان ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنا لا نولي عملاً أحداً طلبه، ثم ولى أبا موسى ولم يولهما)، ولى أبا موسى على اليمن وأتبعه بـمعاذ بن جبل ولم يول الاثنين اللذين طلبا العمل.

فالمقصود: أنهم جاءوا إليه وهو يستاك، وقد بوب النسائي لهذا بقوله: باب استياك الإمام بحضرة رعيته. يعني: أن هذا من الأمور التي لا يختفي الإنسان ويتوارى فيها عن الأنظار عندما يؤديها؛ لأنها من الأمور الطيبة وليست من الأمور المستكرهة والمستقذرة التي لا يناسب أن تكون إلا إذا كان الإنسان غير بارز فيها، بل يكون مستتراً ومختفياً، ولهذا قال: باب استياك الإمام بحضرة رعيته. يعني: أن مثل ذلك سائغ، وأن المجالس والمجامع التي يكون فيها الناس يمكن أن يستاك فيها من يستاك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استاك وعنده الناس، وهؤلاء الذين جاءوا إليه جاءوا إليه وهو يستاك ولذا قال: (والسواك على لسانه وهو يقول: إه إه) يعني: أنه يتهوع كأنه يريد أن يتقيأ؛ لأن السواك إذا كان على اللسان كأنه يحصل له شيء فكأنه يشبه التقيؤ.

وقوله: [ قال مسدد : قال: (أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستعمله فرأيته يستاك على لسانه) قال أبو داود : وقال سليمان : قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك) ].

بين أبو داود رحمه الله لفظ كل من شيخيه؛ لأن أبا داود له في هذا الحديث شيخان: أحدهما: مسدد ، والثاني: سليمان بن داود العتكي ، ولفظ الأول يقول: (أتينا رسول الله)، ولفظ الثاني يقول: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك)، والمقصود: أن فيه كيفية الاستياك أو فيه الإشارة إلى الكيفية، وأن السواك كان على طرف لسانه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف يستاك.

حدثنا مسدد وسليمان بن داود العتكي قالا: حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه قال مسدد : قال: (أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله، فرأيته يستاك على لسانه)، قال أبو داود : وقال سليمان : قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك، وقد وضع السواك على طرف لسانه وهو يقول: إه إه) يعني: يتهوع، قال أبو داود : قال مسدد : كان حديثاً طويلاً ولكني اختصرته ].

أورد أبو داود هذه الترجمة: باب كيف يستاك، بعدما ذكر السواك ومشروعيته والترغيب فيه والحث عليه، والاستياك يكون على اللسان ويكون على الأسنان، قالوا: والاستياك في الأسنان يكون عرضاً؛ لأنه بذلك ينظف الأسنان ولا يعرض اللثة لأن تجرح أو تتأثر، فإذا كان يستاك من فوق إلى تحت فإن ذلك قد يؤثر على اللثة، ولكنه إذا كان يستاك عرضاً فإنه يجري على الأسنان دون أن يؤثر على اللثة.

وأورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه جاء مع نفر من الأشعريين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي بعض الروايات أنهم جاءوا يستحملونه ويطلبون منه الحملان، يعني: يحملهم أو يعطيهم مركوبات يركبون عليها للجهاد في سبيل الله، وجاء في بعض رواية هذا الحديث أن أبا موسى رضي الله تعالى عنه جاء ومعه اثنان من الأشعريين، وكان أبو موسى بينهما، وجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولما وصلوا إليه وجدوه يستاك، فالأشعريان اللذان كانا مع أبي موسى طلبا منه العمل، وأرادا منه أن يوليهما، وأبو موسى رضي الله عنه ما كان يعرف ما في أنفسهما وما كانا يريدان، وخشي أن الرسول صلى الله عليه وسلم يظن أنهم جاءوا لهذه المهمة ولهذا الغرض، وأن أبا موسى غرضه غرضهم؛ لأنه جاء وإياهما فتكلما، فأراد أن يبرئ ساحته، وأنه ما عرف ما في نفوسهما وما أراداه، وأن هذا شيء منهما، وأنه ليس متفقاً معهما على ذلك، ولا يعرف أنهما كان يريدان ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنا لا نولي عملاً أحداً طلبه، ثم ولى أبا موسى ولم يولهما)، ولى أبا موسى على اليمن وأتبعه بـمعاذ بن جبل ولم يول الاثنين اللذين طلبا العمل.

فالمقصود: أنهم جاءوا إليه وهو يستاك، وقد بوب النسائي لهذا بقوله: باب استياك الإمام بحضرة رعيته. يعني: أن هذا من الأمور التي لا يختفي الإنسان ويتوارى فيها عن الأنظار عندما يؤديها؛ لأنها من الأمور الطيبة وليست من الأمور المستكرهة والمستقذرة التي لا يناسب أن تكون إلا إذا كان الإنسان غير بارز فيها، بل يكون مستتراً ومختفياً، ولهذا قال: باب استياك الإمام بحضرة رعيته. يعني: أن مثل ذلك سائغ، وأن المجالس والمجامع التي يكون فيها الناس يمكن أن يستاك فيها من يستاك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استاك وعنده الناس، وهؤلاء الذين جاءوا إليه جاءوا إليه وهو يستاك ولذا قال: (والسواك على لسانه وهو يقول: إه إه) يعني: أنه يتهوع كأنه يريد أن يتقيأ؛ لأن السواك إذا كان على اللسان كأنه يحصل له شيء فكأنه يشبه التقيؤ.

وقوله: [ قال مسدد : قال: (أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستعمله فرأيته يستاك على لسانه) قال أبو داود : وقال سليمان : قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك) ].

بين أبو داود رحمه الله لفظ كل من شيخيه؛ لأن أبا داود له في هذا الحديث شيخان: أحدهما: مسدد ، والثاني: سليمان بن داود العتكي ، ولفظ الأول يقول: (أتينا رسول الله)، ولفظ الثاني يقول: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك)، والمقصود: أن فيه كيفية الاستياك أو فيه الإشارة إلى الكيفية، وأن السواك كان على طرف لسانه.

شرح حديث: (كان رسول الله يستن وعنده رجلان...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يستاك بسواك غيره.

حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عن عنبسة بن عبد الواحد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان أحدهما أكبر من الآخر؛ فأوحى الله إليه في فضل السواك أن كبر: أعط السواك أكبرهما) ].

أورد أبو داود باباً في الرجل يستاك بسواك غيره. يعني: أن ذلك سائغ، وأن الشخص يمكن أن يستاك بسواك غيره، وأنه لا مانع من ذلك ولا محذور فيه، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستن، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث تحت الترجمة، والاستياك: هو أن يدلك الإنسان أسنانه بالسواك، وأصل الاستنان مأخوذ من إمرار الشيء الحديد كالسكين على الذي يسمونه المسن؛ حتى يشحذها لكي تكون حادة، فكان يدلك أسنانه ويستن كما يفعل بالمسن عندما يجرى الحديد عليه من أجل أن يشحذه فيكون حاداً وقاطعاً، كما يعمل بالمدية عندما تسن بشيء فيه خشونة حتى تكون حادة.

فالمقصود منه قوله: (يستن) يعني: أنه كان يدلك أسنانه بالسواك، وكان عنده رجلان.

وقوله: (وأوحى الله إليه في فضل السواك أن كبر) ].

يعني: في باقيه، فالفضل هو الباقي، وقوله: (أن كبر) يعني: أن يعطي السواك لغيره ولكن يعطيه للكبير، وهذا يدلنا على توقير الكبار وتقديمهم على غيرهم، وقد جاء في حديث حويصة ومحيصة أنهما أتيا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأراد أصغرهما أن يبدأ بالكلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كبر) يعني: دع الأكبر يتكلم.

والمقصود هنا أن هذا السواك الذي استاك به رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه لأكبرهما ليستاك به!

ويدل هذا الحديث على استياك الرجل بسواك غيره، وكذلك سيأتي في حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم أعطاها سواكه لتغسله، فبدأت واستاكت به، ثم غسلته وأعطته إياه، فدل على جواز الاستياك بسواك الغير.

وذكر الرجل -كما ذكرت مراراً- لا مفهوم له، فيدخل في هذا الرجل وكذلك المرأة، ففي حديث عائشة الذي سيأتي أنها استاكت بسواك الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحد الرجلين الذي هو الأكبر استاك بسواك الرسول، فلا يختص الحكم بالرجال دون النساء إلا إذا وجد دليل في أمر من الأمور أو في حكم من الأحكام على أن هذا الحكم يخص الرجال أو يخص النساء، وإلا فإن الأصل هو تساوي الرجال والنساء في الأحكام، وهذه قاعدة من قواعد الشرع، وقد أشرت إليها مراراً وتكراراً.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يستن وعنده رجلان...)

قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ].

محمد بن عيسى الطباع ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا عنبسة بن عبد الواحد ].

عنبسة بن عبد الواحد ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود .

[ عن هشام بن عروة ].

هشام بن عروة ثقة ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ]

عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[ قال أحمد -هو ابن حزم -: قال لنا أبو سعيد -هو ابن الأعرابي -: هذا مما تفرد به أهل المدينة ].

هذا ليس من كلام أبي داود وإنما هو من كلام من دون أبي داود ومن الزيادات التي زيدت على كتابه السنن، وقد سبق أن مر بنا أن الرملي -وهو أحد رواة أبي داود - ذكر إسناداً لأثر من غير طريق أبي داود ، يعني: أنه جاء عنده من غير طريق أبي داود فأتى به، وهو ليس من كلام أبي داود ولا من فعل أبي داود ، وإنما هو من الزيادات التي زادها الرواة عن أبي داود ، والرملي من رواة السنن وابن الأعرابي الذي معنا هنا من رواة السنن، وهذا الكلام قيل: إنه في نسخة ابن الأعرابي وإن بعض النساخ رآه فجعله في نسخة اللؤلؤي مع أنه في نسخة ابن الأعرابي ، والمقصود منه أنه قال: هذا مما تفرد به أهل المدينة، يعني: أن رواته الذين هم: هشام وعروة وعائشة من أهل المدينة.

شرح حديث: (أن النبي كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى بن يونس عن مسعر عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: (قلت لـعائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث وهو لا علاقة له بالترجمة؛ فالترجمة هي الاستياك بسواك الغير، وهذا لا علاقة له بالترجمة ولا يدل عليها، ولا أدري كيف جاء هذا الحديث تحت هذه الترجمة! اللهم إلا أن يكون هناك ترجمة باب وسقطت، وهي: الاستياك عند دخول المنزل؛ فإن هذا هو الذي يدل عليه الحديث، فالحديث لا يدل إلا على البدء بالاستياك عند دخول المنزل، وقد قال بعض أهل العلم: إن هذه السنة من السنن المهجورة، فكون الرجل إذا دخل منزله استاك هذا مما يجهله كثير من الناس، ومما لا يفعله كثير من الناس؛ لأن كون الرجل إذا دخل بيته أخذ السواك وجعل يستاك جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالحديث الذي أورده أبو داود لا يدل على الترجمة، ولا علاقة له بها، ويحتمل -والله أعلم- أن تكون هناك ترجمة ساقطة وهي: الاستياك عند دخول المنزل.

وهذا الحديث ليس من رواية اللؤلؤي ؛ إنما هو من رواية ابن داسة وقبله قال: [ قال لنا أبو داود : قال أبو جعفر محمد بن عيسى : عنبسة بن عبد الواحد كنا نعده من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي ]

ثم ساق هذا الحديث، لكن من ناحية الترجمة إذا كانت هي هذه فالإشكال أو الإيراد لا يزال باقياً من جهة أنه لا علاقة له بالترجمة، ولهذا أقول: يحتمل أن يكون تحت ترجمة ساقطة، وهي: السواك عند دخول المنزل، أو أنه جاء تبعاً؛ لأنه في بعض الأحيان يأتي بترجمة ويذكر أحاديث فيها لا علاقة لها بالترجمة، وإنما يكون جاءت على سبيل التبع، وفي سنن النسائي أمثلة كثيرة من هذا القبيل، يعني: أنها جاءت عن طريق التبع، لأنها لا علاقة لها بالباب الذي بعده.

والمعلوم أن رواية اللؤلؤي من آخر الروايات، وأنه حذف أبو داود بعض الأشياء التي كانت قبل ذلك مما أملاه على الطلاب، فيحتمل أن هذا الحديث كان موجوداً في بعض النسخ، ثم أسقطه من السنن كما في رواية اللؤلؤي .

تراجم رجال إسناد حديث: (أن ا لنبي كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك)

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ].

إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا عيسى بن يونس ].

عيسى بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مسعر ].

مسعر بن كدام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن المقدام بن شريح ].

هو المقدام بن شريح بن هانئ ، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

هو شريح وهو ثقة مخضرم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عائشة ].

عائشة رضي الله عنها قد مر ذكرها.

سبب الاستياك عند دخول المنزل

وأما الحكمة في كونه يستاك عند دخول المنزل: فممكن -والله أعلم- أن ذلك حتى تكون رائحة فم الإنسان طيبة بحيث إن أهله يشمون منه رائحة طيبة، وإذا كان هناك شيء في فمه يمكن أن يكون فيه كراهية أو شيء من هذا فإنه يزول بالاستياك، لعل هذا -والله أعلم- هو السبب.

وهذا كما قلت من السنن المهجورة، والسنن المهجورة كثيرة، ومنها أيضاً تقبيل الحجر الأسود بعد الانتهاء من الطواف، والشرب من ماء زمزم في العمرة، فإن من سنن العمرة أن الإنسان عندما يطوف ويصلي ركعتي الطواف يشرب من ماء زمزم، ثم يأتي ويستلم الحجر ثم يذهب إلى الصفا.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يستاك بسواك غيره.

حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عن عنبسة بن عبد الواحد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان أحدهما أكبر من الآخر؛ فأوحى الله إليه في فضل السواك أن كبر: أعط السواك أكبرهما) ].

أورد أبو داود باباً في الرجل يستاك بسواك غيره. يعني: أن ذلك سائغ، وأن الشخص يمكن أن يستاك بسواك غيره، وأنه لا مانع من ذلك ولا محذور فيه، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستن، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث تحت الترجمة، والاستياك: هو أن يدلك الإنسان أسنانه بالسواك، وأصل الاستنان مأخوذ من إمرار الشيء الحديد كالسكين على الذي يسمونه المسن؛ حتى يشحذها لكي تكون حادة، فكان يدلك أسنانه ويستن كما يفعل بالمسن عندما يجرى الحديد عليه من أجل أن يشحذه فيكون حاداً وقاطعاً، كما يعمل بالمدية عندما تسن بشيء فيه خشونة حتى تكون حادة.

فالمقصود منه قوله: (يستن) يعني: أنه كان يدلك أسنانه بالسواك، وكان عنده رجلان.

وقوله: (وأوحى الله إليه في فضل السواك أن كبر) ].

يعني: في باقيه، فالفضل هو الباقي، وقوله: (أن كبر) يعني: أن يعطي السواك لغيره ولكن يعطيه للكبير، وهذا يدلنا على توقير الكبار وتقديمهم على غيرهم، وقد جاء في حديث حويصة ومحيصة أنهما أتيا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأراد أصغرهما أن يبدأ بالكلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كبر) يعني: دع الأكبر يتكلم.

والمقصود هنا أن هذا السواك الذي استاك به رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه لأكبرهما ليستاك به!

ويدل هذا الحديث على استياك الرجل بسواك غيره، وكذلك سيأتي في حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم أعطاها سواكه لتغسله، فبدأت واستاكت به، ثم غسلته وأعطته إياه، فدل على جواز الاستياك بسواك الغير.

وذكر الرجل -كما ذكرت مراراً- لا مفهوم له، فيدخل في هذا الرجل وكذلك المرأة، ففي حديث عائشة الذي سيأتي أنها استاكت بسواك الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحد الرجلين الذي هو الأكبر استاك بسواك الرسول، فلا يختص الحكم بالرجال دون النساء إلا إذا وجد دليل في أمر من الأمور أو في حكم من الأحكام على أن هذا الحكم يخص الرجال أو يخص النساء، وإلا فإن الأصل هو تساوي الرجال والنساء في الأحكام، وهذه قاعدة من قواعد الشرع، وقد أشرت إليها مراراً وتكراراً.

قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ].

محمد بن عيسى الطباع ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا عنبسة بن عبد الواحد ].

عنبسة بن عبد الواحد ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود .

[ عن هشام بن عروة ].

هشام بن عروة ثقة ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ]

عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[ قال أحمد -هو ابن حزم -: قال لنا أبو سعيد -هو ابن الأعرابي -: هذا مما تفرد به أهل المدينة ].

هذا ليس من كلام أبي داود وإنما هو من كلام من دون أبي داود ومن الزيادات التي زيدت على كتابه السنن، وقد سبق أن مر بنا أن الرملي -وهو أحد رواة أبي داود - ذكر إسناداً لأثر من غير طريق أبي داود ، يعني: أنه جاء عنده من غير طريق أبي داود فأتى به، وهو ليس من كلام أبي داود ولا من فعل أبي داود ، وإنما هو من الزيادات التي زادها الرواة عن أبي داود ، والرملي من رواة السنن وابن الأعرابي الذي معنا هنا من رواة السنن، وهذا الكلام قيل: إنه في نسخة ابن الأعرابي وإن بعض النساخ رآه فجعله في نسخة اللؤلؤي مع أنه في نسخة ابن الأعرابي ، والمقصود منه أنه قال: هذا مما تفرد به أهل المدينة، يعني: أن رواته الذين هم: هشام وعروة وعائشة من أهل المدينة.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2727 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2695 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2642 استماع