شرح سنن أبي داود [011]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (يا رويفع! لعل الحياة ستطول بك بعدي...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما ينهى عنه أن يستنجى به.

حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني حدثنا المفضل - يعني: ابن فضالة المصري - عن عياش بن عباس القتباني : أن شييم بن بيتان أخبره عن شيبان بن أمية أن مسلمة بن مخلد استعمل رويفع بن ثابت على أسفل الأرض قال شيبان : فسرنا معه من كوم شريك إلى علقماء أو من علقماء إلى كوم شريك، يريد علقام، فقال رويفع : (إن كان أحدنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذ نضو أخيه على أن له النصف مما يغنم ولنا النصف، وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح، ثم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رويفع ! لعل الحياة ستطول بك بعدي، فأخبر الناس أنه من عقد لحيته أو تقلد وتراً أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم- منه بريء) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله باب ما نهي عنه أن يستنجى به.

وهذه الترجمة معقودة لأمور نهي عن الاستنجاء بها، وقد مرت أحاديث فيها النهي عن أشياء يستنجى بها، ولكنها جاءت من أجل الاستدلال على أمور أخرى غير الذي يستنجى به، وهذه الترجمة معقودة لما نهي أن يستنجى به.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث رويفع بن ثابت رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا رويفع ! لعل الحياة ستطول بك بعد، فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وتراً أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم- بريء منه).

والمقصود بالترجمة هو قوله في آخر الحديث: (أو استنجى برجيع أو عظم)، وأما الباقي فإنه لا علاقة له بالترجمة، وإنما يدل على أمور أخرى لا علاقة لها بالترجمة، وإيراد الحديث إنما هو من أجل الجملة الأخيرة؛ لأنه اشتمل على ثلاث جمل كلها إخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه بريء ممن فعلها، وآخرها كونه استنجى برجيع دابة أو عظم.

قوله: [ (من عقد لحيته) ].

فسر بتفسيرين:

أحدهما: أنهم كانوا في الجاهلية في الحرب يفتلون لحاهم ويعقدونها.

الثاني: أنه معالجة الشعر حتى ينكمش ويتجعد ويتعقد بدلاً من أن يسترسل، فيحتمل هذا ويحتمل هذا.

قوله: [ (أو تقلد وتراً) ].

وهو: ما يجعل على الدواب في رقابها.

وقيل: إن المقصود من ذلك: أنهم كانوا يجعلون فيها تمائم وتعويذات يستعيذون بها لتدفع الآفات وترد الأمور المكروهة، وهذه عقيدة جاهلية وأمور منكرة ومحرمة، فلا يعول الإنسان إلا على الله عز وجل في جلب النفع ودفع الضر، ولا يجوز تعليق التمائم أو غيرها من أجل أنه يدفع المكروه والآفات؛ فإن هذا من الأمور المحرمة التي لا يسوغ تعاطيها ولا يسوغ الإقدام عليها.

قوله: [ (أو استنجى برجيع دابة أو عظم) ]، إذا كانت الدابة مما يؤكل لحمه فهو ممنوع الاستنجاء برجيعها؛ لأنه جاء ما يدل على أن الروث يكون علفاً لدواب الجن، والعظم يكون طعاماً للجن، وأما إذا كان من غير مأكول اللحم فإنه نجس، والنجاسة لا تزال بالنجاسة، فما يؤكل لحمه كالإبل والبقر والخيل وغير ذلك من مأكول اللحم فهذا هو الذي يكون رجيعه علفاً لدواب الجن، وأما ما لا يؤكل لحمه فأرواثه نجسة، فلا تزال بها النجاسة؛ لأنها تزيد النجاسة نجاسة، ويمكن أيضاً أنها تنشر النجاسة في أماكن أخرى غير المكان الذي عليه النجاسة في الأصل.

قوله: [ (فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم- بريء منه) ]، هذا يدل على تحريم ذلك، وفيه: أن هذه الأمور التي وصف من فعلها بأن النبي صلى الله عليه وسلم بريء منه من الكبائر، وأنها حرام، وأنها لا تسوغ ولا تجوز.

وفي الحديث قصة وهي: أن مسلمة بن مخلد كان أميراً لـمعاوية على مصر فاستناب رويفع بن ثابت على جزء من أرض مصر، وكان شييم بن بيتان صاحب رويفع رضي الله عنه، فلما ذهب إلى البلد الذي عين فيه والذي استنيب فيه من قبل والي مصر مسلمة بن مخلد ، كان يمشي هو وإياه في الطريق إلى ذلك المكان الذي يقال له: علقام، وكانا يسيران من بلد إلى بلد، من كوم شريك إلى علقماء أو من علقماء إلى كوم شريك يريد علقام يعني: يريد البلد الذي أسند إليه القيام بولايته، فكانا في هذه المسافة التي بين هاتين البلدتين في أثناء الطريق يتحدثان بهذا الحديث أو بهذا الكلام، أي: أنه في مسافة معينة من الطريق من هذا البلد إلى هذا البلد في أثناء الطريق حدث بهذا الحديث، فقال: (إنا كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ أحدنا النضو)، والنضو: هو البعير الذي يكد ويعمل عليه، وقد هزل بسبب العمل عليه، فكان أحدهم يأخذ البعير على النصف مما يغنم، على أن صاحب البعير -الذي هو مالكه- له نصف ما ينتج من الفوائد عن طريق استعمال هذا البعير، والذي استعمله واستأجره له النصف، وهذا يدل على جواز مثل هذه المعاملة.

فمثلاً: كون الإنسان عنده سيارة ويعطيها إنساناً ليستعملها بالأجرة، وما حصل من ريع أو نقود لكل واحد منهما جزء، هذا له النصف، وهذا له النصف، أو هذا له الربع وهذا له ثلاثة أرباع، المهم أن يكون هناك نسبة معلومة بحيث يكون كل واحد منهما له نصيب من الريع والناتج الذي ينتج بسبب هذا العمل فهذا يدل على جواز ذلك.

وقد أجازه بعض أهل العلم ومنعه كثير من أهل العلم وقالوا: إن ذلك لا يجوز إلا بأجرة المثل، لكن هذا العمل الذي جاء عن رويفع أنهم كانوا يفعلونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن ذلك جائز، ثم أيضاً هو شبيه بالمضاربة التي أجمع المسلمون عليها، وهي كون الإنسان يدفع المال إلى عامل ليعمل به وما حصل من ربح فهو بينهما على النسبة التي يتفقان عليها.

هذه معاملة كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام، وهي محل إجماع بين أهل العلم لا خلاف بينهم في ذلك، وهي مثل المزارعة والمساقاة، والمزارعة هي: أن الإنسان يعطي الأرض لشخص يزرعها على النصف مما يخرج منها أو يعطيه نخلاً ليسقيه على النصف من الثمرة، وذلك جائز، وقد جاء في ذلك قصة خيبر، ومعاملة النبي صلى الله عليه وسلم لليهود في خيبر، وأنه عاملهم على نصف ما يخرج منها من ثمر أو زرع.

فكون الإنسان يدفع دابته أو سيارته إلى إنسان ليستعملها في الأجرة وما حصل من ريع ونتاج وفائدة تكون بينهما على النصف لا بأس بذلك؛ لأن هذا من جنس المضاربة، ومن جنس المزارعة والمساقاة، والمضاربة مجمع عليها، والمساقاة والمزارعة فيها خلاف بين أهل العلم، لكن النصوص جاءت في جوازها، وذلك في قصة خيبر.

فاستعمال الدابة أو السيارة على أن الإنسان يعمل بها وما حصل من شيء فهو بينهما، أو يؤجرها بالنقود وما حصل من شيء بينهما لا بأس بذلك، هذا هو الصحيح في هذه المعاملة؛ لأنه وجد ما يدل على ذلك، ومنه ما جاء في قصة رويفع أنهم كانوا يفعلون ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي أن ذلك مماثل للمضاربة، وقد أجمع أهل العلم عليها، ومماثل للمزارعة والمساقاة، وقد جاء ما يدل عليها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: [ (وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح) ] يعني: أنه عند القسمة يكون لهذا هذا الشيء، ولهذا هذا الشيء، وفي هذا دليل على أنه ما يمكن أن يقسم قسمته عندما يطلب أحد الشريكين القسمة، أما إذا كان الشيء لا يصلح للقسمة ولا يقبل القسمة فإن هذا لا سبيل إلا بيعه، ثم يقتسمون نقوده على حسب النسبة، وعلى حسب الملك للأصل، فإذا كان أنصافاً يقتسمون القيمة أنصافاً، وإذا كان ثلثاً وثلثين فيقتسمونها على هذا الأساس.

فالأصل في القسمة أن ما يمكن قسمته وطلب أحد الشريكين القسمة فإنه يقسم، وأما إذا كان لا يقبل القسمة أو كان في قسمته مضرة فإنه يباع وتقسم قيمته.

ثم بعد ذلك أخبر عما حدثه به رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (يا رويفع ! لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس)، وقد طالت الحياة بـرويفع رضي الله عنه، وعُمِّر، وحصل ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن الحياة تطول بـرويفع وحدث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (يا رويفع! لعل الحياة ستطول بك بعدي...)

قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ].

يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني شيخ أبي داود ، وقد أطال في نسبه، وقد ذكرنا أن التلميذ يذكر نسب شيخه كما يريد، فيمكن أن يختصره، ويمكن أن يطوله، ويمكن أن يذكره باسمه فقط ولا يضيف إلى ذلك شيئاً إذا كان معروفاً ومشهوراً، ويمكن أن ينسبه ويطيل في نسبه كما فعل أبو داود هنا؛ فإنه أطال في نسبه، وأحياناً لا يزيد على كلمتين، وإنما يذكر اسمه واسم أبيه.

وقد سبق أن مر بنا أن من دون أبي داود أحياناً يضيف في نسبة شيخ أبي داود ويأتي بكلمة (يعني) أو (هو) ابن فلان، كما سبق ذكر ذلك وبيانه.

فالحاصل أن التلميذ يذكر شيخه إما مختصراً نسبه، وقد يذكر اسمه فقط، وكثيراً ما يأتي من هذا القبيل، وإما قد يذكره ويطيل في نسبه كما فعل أبو داود هنا، لكن إذا اختصر نسبه، وأراد أحد ممن دون التلميذ أن يوضح فيزيد، ولكن بعبارة تشعر بأن الزيادة ممن دون التلميذ وهي إما (هو) وإما (يعني).

[ ويزيد بن خالد ]. هذا ثقة أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا المفضل يعني: ابن فضالة المصري ].

المفضل بن فضالة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

ويزيد بن خالد الذي هو شيخ أبي داود والذي أطال في ذكر نسبه ما زاد في ذكر شيخه على أن قال: المفضل فقط ولم ينسبه، فهو مهمل، فجاء أبو داود أو من دون أبي داود فقال: ابن فضالة وأتى بكلمة (يعني).

[ عن عياش بن عباس القتباني ].

عياش بن عباس القتباني، ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن، وعياش وعباس من الألفاظ المتقاربة في الرسم والشكل، وإنما الفرق بينهما في النقط.

والتصحيف والتحريف يأتي في مثل هذه الألفاظ المتقاربة التي رسمها واحد وشكلها واحد، ويسمونها المؤتلف والمختلف، أي: ما تتفق فيه الألفاظ من حيث الرسم والشكل وتختلف في النطق؛ لأن رسمها متقارب، والفرق إنما هو في النقط والنطق.

[ أن شييم بن بيتان أخبره ].

شييم بن بيتان، ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن شيبان القتباني ].

شيبان بن أمية أبو حذيفة ذكره أبو داود في آخر الإسناد، وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده.

[ عن رويفع ].

رويفع بن ثابت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي .

طريق أخرى لحديث: (يا رويفع! لعل الحياة ستطول بك بعدي...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن خالد حدثنا مفضل عن عياش أن شييم بن بيتان أخبره بهذا الحديث أيضاً عن أبي سالم الجيشاني عن عبد الله بن عمرو يذكر ذلك وهو معه مرابط بحصن باب أليون.

قال أبو داود : حصن أليون على جبل بالفسطاط، قال أبو داود : وهو شيبان بن أمية يكنى أبا حذيفة ].

أورد أبو داود رحمه الله إسناداً آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص

بمثل ما جاء في الإسناد المتقدم والمتن المتقدم.

والمقصود منه: أن شييم بن بيتان رواه عن شيبان وعن أبي سالم الجيشاني ، وبهذا يتبين أن الحديث سليم وصحيح؛ لأن في الإسناد الأول مجهولاً، لكن جاء في الإسناد الثاني ما يرفع ضعف الحديث، وعلى هذا فالحديث ثابت؛ لأنه جاء من طريق أخرى.

فليس التعويل على الطريق الأولى التي فيها رجل مجهول وهو شيبان بن أمية ؛ لأن هذه الطريق التي فيها مجهول جاءت من طريق لا جهالة فيها، بل رجالها ثقات، فالإسناد هو نفس الإسناد إلا أنه بعد شييم جاء إسناد آخر غير إسناد شيبان الذي هو مجهول، وبذلك يصح الحديث.

وأحال بالمتن على ما تقدم فقال: أخبره بهذا الحديث أيضاً.

قوله: [ يذكر ذلك وهو معهم مرابط ]، يعني: يذكر المكان الذي حدثه به وهو مرابط، وهو حصن باب أليون، وفسره بعد ذلك بأنه حصن على جبل.

قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد حدثنا مفضل عن عياش عن شييم بن بيتان عن أبي سالم الجيشاني ].

هؤلاء مر ذكرهم في الإسناد السابق الذي وصل إلى شييم بن بيتان ، ثم صار هناك طريق آخر عن أبي سالم الجيشاني وهو سفيان بن هانئ، ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي ، ويقال: له صحبة.

والمخضرم: هو الذي أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا لقي النبي صلى الله عليه وسلم فيكون صحابياً.

[ عن عبد الله بن عمرو ].

عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعبادلة هم: عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير بن العوام وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وأحاديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (نهانا رسول الله أن نتمسح بعظم أو بعر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا روح بن عبادة حدثنا زكريا بن إسحاق حدثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتمسح بعظم أو بعر) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر وفيه: النهي عن شيء يستنجى به وهو العظم والبعر، والبعر: هو الروث، يعني: روث ما يؤكل لحمه، وهو كما تقدم.

وقوله: (نتمسح) يعني: نستنجي.

تراجم رجال إسناد حديث: (نهانا رسول الله أن نتمسح بعظم أو بعر)

قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ].

أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وهو آخر الأئمة الأربعة في الزمن؛ لأن وفاته كانت في سنة (241هـ) وأولهم أبو حنيفة توفي سنة (150هـ) ومالك توفي بعده سنة (179هـ) والشافعي توفي سنة (204هـ) فهذه سنوات وفيات هؤلاء الأئمة الأربعة.

وبعض الناس يستعمل في هذا حروف أبجد بدلاً من ذكر السنين؛ لأنها تكون أخصر وأسهل في الحفظ، وإذا عرف الكلمة ثم فكها وعرف مقدار الأعداد التي تخرج منها يكون بذلك قد عرف سنة الوفاة، ويستعمل بعض الشعراء ذلك بأن يذكر الكلمات استغناءً عن ذكر الأرقام والأعداد.

وقد ذكر بيت من أبيات الشعر فيه وفيات الأئمة الأربعة بحروف الأبجد قال فيه الشاعر:

فـنعمان هم قن وطعق لـمالك وللشافعي در ورام ابن حنبل

فـنعمان هم قن

قن: يعني: قاف ونون مائة وخمسين.

وطعق لـمالك

طاء وعين وقاف تصير مائة وتسعة وسبعين.

وللشافعي در

دال وراء تساوي مائتين وأربعة.

ورام ابن حنبل

تكون مائتين وواحداً وأربعين.

فهذا بيت اشتمل على وفيات الأئمة الأربعة بالحروف الأبجدية.

وأصحاب الكتب الستة كلهم خرجوا حديثه.

[ حدثنا روح بن عبادة ].

روح بن عبادة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا زكريا بن إسحاق ].

زكريا بن إسحاق، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو الزبير ].

أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي، فقيه يدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ أنه سمع جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث رجال إسناده كلهم من رجال الكتب الستة: الإمام أحمد بن حنبل عن روح بن عبادة عن زكريا بن إسحاق عن أبي الزبير عن جابر، هؤلاء كلهم خرج حديثهم أصحاب الكتب الستة، فالحديث مسلسل بالرواة الذين خرج لهم أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (قدم وفد الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حيوة بن شريح الحمصي حدثنا ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن مسعود قال: (قدم وفد الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد! انه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة؛ فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقاً، قال: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن وفد الجن جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن ينهى أمته عن أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة، والعظم والروث سبق أن تكلمنا عليهما، والحممة قيل: إنها العظام التي أحرقت أو الأخشاب التي قد أحرقت، ولكن الذي يناسب ما جاء في قصة الجن هو العظام، وأيضاً إذا كانت قد أحرقت فبالإضافة إلى أن فيها إفساداً لطعام الجن، فكذلك لا يحصل المقصود منها إذا استنجى بها؛ وذلك لاحتراقها ولتفتتها، فلا يمكن الاستفادة منها في هذا المجال الذي هو الاستنجاء وقطع الخارج.

وفي هذا دليل على أن التعليل للنهي عن الاستنجاء بالروث والعظام أنه طعام الجن، وقد جاء في بعض الأحاديث: أن الله يجعل على العظم شيئاً من اللحم يستفيد منه الجن، ويجعل على الروث شيئاً تستفيد منه دواب الجن.

قوله: [ (انه أمتك) ] المقصود: انه الإنس؛ وإلا فإن الجن من أمته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مبعوث إلى الثقلين الجن والإنس، فالمراد: أمتك الذين هم من جنسك، أي: من البشر.

تراجم رجال إسناد حديث: (قدم وفد الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم...)

قوله: [ حدثنا حيوة بن شريح الحمصي ].

حيوة بن شريح الحمصي، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

وهناك حيوة بن شريح المصري وهو فوقه، فإن طبقة الحمصي متأخرة، وأما حيوة بن شريح المصري فطبقته متقدمة، وقد خرج حديثه أصحاب الكتب الستة ولم يخرج له النسائي ، ولهذا لم يمر بنا في سنن النسائي أن من شيوخه حيوة بن شريح.

[ عن ابن عياش ].

إسماعيل بن عياش الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، وإذا روى عن غيرهم يكون مخلطاً، وهنا روايته عن أهل بلده؛ لأنه حمصي، والذي روى عنه حمصي، أخرج حديثه البخاري في (رفع اليدين) وأصحاب السنن الأربعة.

[ عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ].

يحيى بن أبي عمرو السيباني، ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة.

[ عن عبد الله بن الديلمي ].

عبد الله بن فيروز بن الديلمي، ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن عبد الله بن مسعود ].

عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين، وهو من فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وبعض العلماء يقول: إنه أحد العبادلة الأربعة، ولكن المشهور أن العبادلة الأربعة ليس فيهم عبد الله بن مسعود ؛ لأنهم من صغار الصحابة وكانوا في أسنان متقاربة، وأما عبد الله بن مسعود فهو من كبار الصحابة، وهو ممن تقدمت وفاته؛ لأنه توفي سنة (32هـ)، وأما أولئك فقد عاشوا وأدركهم جم غفير لم يدركوا عبد الله بن مسعود، فالصحيح أنهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما ينهى عنه أن يستنجى به.

حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني حدثنا المفضل - يعني: ابن فضالة المصري - عن عياش بن عباس القتباني : أن شييم بن بيتان أخبره عن شيبان بن أمية أن مسلمة بن مخلد استعمل رويفع بن ثابت على أسفل الأرض قال شيبان : فسرنا معه من كوم شريك إلى علقماء أو من علقماء إلى كوم شريك، يريد علقام، فقال رويفع : (إن كان أحدنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذ نضو أخيه على أن له النصف مما يغنم ولنا النصف، وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح، ثم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رويفع ! لعل الحياة ستطول بك بعدي، فأخبر الناس أنه من عقد لحيته أو تقلد وتراً أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم- منه بريء) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله باب ما نهي عنه أن يستنجى به.

وهذه الترجمة معقودة لأمور نهي عن الاستنجاء بها، وقد مرت أحاديث فيها النهي عن أشياء يستنجى بها، ولكنها جاءت من أجل الاستدلال على أمور أخرى غير الذي يستنجى به، وهذه الترجمة معقودة لما نهي أن يستنجى به.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث رويفع بن ثابت رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا رويفع ! لعل الحياة ستطول بك بعد، فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وتراً أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم- بريء منه).

والمقصود بالترجمة هو قوله في آخر الحديث: (أو استنجى برجيع أو عظم)، وأما الباقي فإنه لا علاقة له بالترجمة، وإنما يدل على أمور أخرى لا علاقة لها بالترجمة، وإيراد الحديث إنما هو من أجل الجملة الأخيرة؛ لأنه اشتمل على ثلاث جمل كلها إخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه بريء ممن فعلها، وآخرها كونه استنجى برجيع دابة أو عظم.

قوله: [ (من عقد لحيته) ].

فسر بتفسيرين:

أحدهما: أنهم كانوا في الجاهلية في الحرب يفتلون لحاهم ويعقدونها.

الثاني: أنه معالجة الشعر حتى ينكمش ويتجعد ويتعقد بدلاً من أن يسترسل، فيحتمل هذا ويحتمل هذا.

قوله: [ (أو تقلد وتراً) ].

وهو: ما يجعل على الدواب في رقابها.

وقيل: إن المقصود من ذلك: أنهم كانوا يجعلون فيها تمائم وتعويذات يستعيذون بها لتدفع الآفات وترد الأمور المكروهة، وهذه عقيدة جاهلية وأمور منكرة ومحرمة، فلا يعول الإنسان إلا على الله عز وجل في جلب النفع ودفع الضر، ولا يجوز تعليق التمائم أو غيرها من أجل أنه يدفع المكروه والآفات؛ فإن هذا من الأمور المحرمة التي لا يسوغ تعاطيها ولا يسوغ الإقدام عليها.

قوله: [ (أو استنجى برجيع دابة أو عظم) ]، إذا كانت الدابة مما يؤكل لحمه فهو ممنوع الاستنجاء برجيعها؛ لأنه جاء ما يدل على أن الروث يكون علفاً لدواب الجن، والعظم يكون طعاماً للجن، وأما إذا كان من غير مأكول اللحم فإنه نجس، والنجاسة لا تزال بالنجاسة، فما يؤكل لحمه كالإبل والبقر والخيل وغير ذلك من مأكول اللحم فهذا هو الذي يكون رجيعه علفاً لدواب الجن، وأما ما لا يؤكل لحمه فأرواثه نجسة، فلا تزال بها النجاسة؛ لأنها تزيد النجاسة نجاسة، ويمكن أيضاً أنها تنشر النجاسة في أماكن أخرى غير المكان الذي عليه النجاسة في الأصل.

قوله: [ (فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم- بريء منه) ]، هذا يدل على تحريم ذلك، وفيه: أن هذه الأمور التي وصف من فعلها بأن النبي صلى الله عليه وسلم بريء منه من الكبائر، وأنها حرام، وأنها لا تسوغ ولا تجوز.

وفي الحديث قصة وهي: أن مسلمة بن مخلد كان أميراً لـمعاوية على مصر فاستناب رويفع بن ثابت على جزء من أرض مصر، وكان شييم بن بيتان صاحب رويفع رضي الله عنه، فلما ذهب إلى البلد الذي عين فيه والذي استنيب فيه من قبل والي مصر مسلمة بن مخلد ، كان يمشي هو وإياه في الطريق إلى ذلك المكان الذي يقال له: علقام، وكانا يسيران من بلد إلى بلد، من كوم شريك إلى علقماء أو من علقماء إلى كوم شريك يريد علقام يعني: يريد البلد الذي أسند إليه القيام بولايته، فكانا في هذه المسافة التي بين هاتين البلدتين في أثناء الطريق يتحدثان بهذا الحديث أو بهذا الكلام، أي: أنه في مسافة معينة من الطريق من هذا البلد إلى هذا البلد في أثناء الطريق حدث بهذا الحديث، فقال: (إنا كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ أحدنا النضو)، والنضو: هو البعير الذي يكد ويعمل عليه، وقد هزل بسبب العمل عليه، فكان أحدهم يأخذ البعير على النصف مما يغنم، على أن صاحب البعير -الذي هو مالكه- له نصف ما ينتج من الفوائد عن طريق استعمال هذا البعير، والذي استعمله واستأجره له النصف، وهذا يدل على جواز مثل هذه المعاملة.

فمثلاً: كون الإنسان عنده سيارة ويعطيها إنساناً ليستعملها بالأجرة، وما حصل من ريع أو نقود لكل واحد منهما جزء، هذا له النصف، وهذا له النصف، أو هذا له الربع وهذا له ثلاثة أرباع، المهم أن يكون هناك نسبة معلومة بحيث يكون كل واحد منهما له نصيب من الريع والناتج الذي ينتج بسبب هذا العمل فهذا يدل على جواز ذلك.

وقد أجازه بعض أهل العلم ومنعه كثير من أهل العلم وقالوا: إن ذلك لا يجوز إلا بأجرة المثل، لكن هذا العمل الذي جاء عن رويفع أنهم كانوا يفعلونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن ذلك جائز، ثم أيضاً هو شبيه بالمضاربة التي أجمع المسلمون عليها، وهي كون الإنسان يدفع المال إلى عامل ليعمل به وما حصل من ربح فهو بينهما على النسبة التي يتفقان عليها.

هذه معاملة كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام، وهي محل إجماع بين أهل العلم لا خلاف بينهم في ذلك، وهي مثل المزارعة والمساقاة، والمزارعة هي: أن الإنسان يعطي الأرض لشخص يزرعها على النصف مما يخرج منها أو يعطيه نخلاً ليسقيه على النصف من الثمرة، وذلك جائز، وقد جاء في ذلك قصة خيبر، ومعاملة النبي صلى الله عليه وسلم لليهود في خيبر، وأنه عاملهم على نصف ما يخرج منها من ثمر أو زرع.

فكون الإنسان يدفع دابته أو سيارته إلى إنسان ليستعملها في الأجرة وما حصل من ريع ونتاج وفائدة تكون بينهما على النصف لا بأس بذلك؛ لأن هذا من جنس المضاربة، ومن جنس المزارعة والمساقاة، والمضاربة مجمع عليها، والمساقاة والمزارعة فيها خلاف بين أهل العلم، لكن النصوص جاءت في جوازها، وذلك في قصة خيبر.

فاستعمال الدابة أو السيارة على أن الإنسان يعمل بها وما حصل من شيء فهو بينهما، أو يؤجرها بالنقود وما حصل من شيء بينهما لا بأس بذلك، هذا هو الصحيح في هذه المعاملة؛ لأنه وجد ما يدل على ذلك، ومنه ما جاء في قصة رويفع أنهم كانوا يفعلون ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي أن ذلك مماثل للمضاربة، وقد أجمع أهل العلم عليها، ومماثل للمزارعة والمساقاة، وقد جاء ما يدل عليها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: [ (وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح) ] يعني: أنه عند القسمة يكون لهذا هذا الشيء، ولهذا هذا الشيء، وفي هذا دليل على أنه ما يمكن أن يقسم قسمته عندما يطلب أحد الشريكين القسمة، أما إذا كان الشيء لا يصلح للقسمة ولا يقبل القسمة فإن هذا لا سبيل إلا بيعه، ثم يقتسمون نقوده على حسب النسبة، وعلى حسب الملك للأصل، فإذا كان أنصافاً يقتسمون القيمة أنصافاً، وإذا كان ثلثاً وثلثين فيقتسمونها على هذا الأساس.

فالأصل في القسمة أن ما يمكن قسمته وطلب أحد الشريكين القسمة فإنه يقسم، وأما إذا كان لا يقبل القسمة أو كان في قسمته مضرة فإنه يباع وتقسم قيمته.

ثم بعد ذلك أخبر عما حدثه به رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (يا رويفع ! لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس)، وقد طالت الحياة بـرويفع رضي الله عنه، وعُمِّر، وحصل ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن الحياة تطول بـرويفع وحدث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ].

يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني شيخ أبي داود ، وقد أطال في نسبه، وقد ذكرنا أن التلميذ يذكر نسب شيخه كما يريد، فيمكن أن يختصره، ويمكن أن يطوله، ويمكن أن يذكره باسمه فقط ولا يضيف إلى ذلك شيئاً إذا كان معروفاً ومشهوراً، ويمكن أن ينسبه ويطيل في نسبه كما فعل أبو داود هنا؛ فإنه أطال في نسبه، وأحياناً لا يزيد على كلمتين، وإنما يذكر اسمه واسم أبيه.

وقد سبق أن مر بنا أن من دون أبي داود أحياناً يضيف في نسبة شيخ أبي داود ويأتي بكلمة (يعني) أو (هو) ابن فلان، كما سبق ذكر ذلك وبيانه.

فالحاصل أن التلميذ يذكر شيخه إما مختصراً نسبه، وقد يذكر اسمه فقط، وكثيراً ما يأتي من هذا القبيل، وإما قد يذكره ويطيل في نسبه كما فعل أبو داود هنا، لكن إذا اختصر نسبه، وأراد أحد ممن دون التلميذ أن يوضح فيزيد، ولكن بعبارة تشعر بأن الزيادة ممن دون التلميذ وهي إما (هو) وإما (يعني).

[ ويزيد بن خالد ]. هذا ثقة أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا المفضل يعني: ابن فضالة المصري ].

المفضل بن فضالة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

ويزيد بن خالد الذي هو شيخ أبي داود والذي أطال في ذكر نسبه ما زاد في ذكر شيخه على أن قال: المفضل فقط ولم ينسبه، فهو مهمل، فجاء أبو داود أو من دون أبي داود فقال: ابن فضالة وأتى بكلمة (يعني).

[ عن عياش بن عباس القتباني ].

عياش بن عباس القتباني، ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن، وعياش وعباس من الألفاظ المتقاربة في الرسم والشكل، وإنما الفرق بينهما في النقط.

والتصحيف والتحريف يأتي في مثل هذه الألفاظ المتقاربة التي رسمها واحد وشكلها واحد، ويسمونها المؤتلف والمختلف، أي: ما تتفق فيه الألفاظ من حيث الرسم والشكل وتختلف في النطق؛ لأن رسمها متقارب، والفرق إنما هو في النقط والنطق.

[ أن شييم بن بيتان أخبره ].

شييم بن بيتان، ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن شيبان القتباني ].

شيبان بن أمية أبو حذيفة ذكره أبو داود في آخر الإسناد، وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده.

[ عن رويفع ].

رويفع بن ثابت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن خالد حدثنا مفضل عن عياش أن شييم بن بيتان أخبره بهذا الحديث أيضاً عن أبي سالم الجيشاني عن عبد الله بن عمرو يذكر ذلك وهو معه مرابط بحصن باب أليون.

قال أبو داود : حصن أليون على جبل بالفسطاط، قال أبو داود : وهو شيبان بن أمية يكنى أبا حذيفة ].

أورد أبو داود رحمه الله إسناداً آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص

بمثل ما جاء في الإسناد المتقدم والمتن المتقدم.

والمقصود منه: أن شييم بن بيتان رواه عن شيبان وعن أبي سالم الجيشاني ، وبهذا يتبين أن الحديث سليم وصحيح؛ لأن في الإسناد الأول مجهولاً، لكن جاء في الإسناد الثاني ما يرفع ضعف الحديث، وعلى هذا فالحديث ثابت؛ لأنه جاء من طريق أخرى.

فليس التعويل على الطريق الأولى التي فيها رجل مجهول وهو شيبان بن أمية ؛ لأن هذه الطريق التي فيها مجهول جاءت من طريق لا جهالة فيها، بل رجالها ثقات، فالإسناد هو نفس الإسناد إلا أنه بعد شييم جاء إسناد آخر غير إسناد شيبان الذي هو مجهول، وبذلك يصح الحديث.

وأحال بالمتن على ما تقدم فقال: أخبره بهذا الحديث أيضاً.

قوله: [ يذكر ذلك وهو معهم مرابط ]، يعني: يذكر المكان الذي حدثه به وهو مرابط، وهو حصن باب أليون، وفسره بعد ذلك بأنه حصن على جبل.

قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد حدثنا مفضل عن عياش عن شييم بن بيتان عن أبي سالم الجيشاني ].

هؤلاء مر ذكرهم في الإسناد السابق الذي وصل إلى شييم بن بيتان ، ثم صار هناك طريق آخر عن أبي سالم الجيشاني وهو سفيان بن هانئ، ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي ، ويقال: له صحبة.

والمخضرم: هو الذي أدرك الجاهلية والإسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إذا لقي النبي صلى الله عليه وسلم فيكون صحابياً.

[ عن عبد الله بن عمرو ].

عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعبادلة هم: عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير بن العوام وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وأحاديثه عند أصحاب الكتب الستة.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2886 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2726 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2695 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2673 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2642 استماع