اعرف عدوك


الحلقة مفرغة

عذاب القبر ونعيمه ثابت بالكتاب والسنة الصحيحة، فقد دلت الأدلة على أن المؤمن ينعم في قبره، ويأتيه من روح الجنة ونعيمها، وعلى أن الكافر والعاصي يعذب في قبره، فيأتيه من حر النار وعذابها حتى يبعث يوم القيامة، وهذا كله حق ثابت فيجب الإيمان به كما دلت عليه النصوص.

الحمد لله، الحمد لله الذي لم يزل بعباده خبيراً بصيراً، أحمده سبحانه وتعالى جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أرسله إلى الثقلين الجن والإنس بشيراً ونذيراً.

أيها الأحبة في الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يا أهل هذه البلدة الطيبة! يا أهل القويعية ! علم الله أنا نحبكم فيه، وعلامات المحبة بادية واضحة، ولعل التكرار على التقصير منا قد ظهر، وعلى أية حال فأقول كما قال القائل:

يا رب لا تحرمني حبهم أبـداً     ويرحم الله عبداً قال آمينا

إني والله أحبكم في الله، وما أرى الخطى في الطريق إليكم إلا كماءٍ عذبٍ رقراقٍ تدفق إلى قاعة من الصفاء والمودة، أسأل الله أن يجعل اجتماعكم وسعينا إليكم وجلوسنا وحديثنا وفائدتنا منكم أن يجعلها خالصةً لوجهه، كما أسأله سبحانه وتعالى ألا يجعل عملنا هباءً منثوراً، وأسأله بأسمائه وصفاته ألا يجعل أعمالنا كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً، وأسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ألا يجعل أعمالنا كرماد اشتد به الريح في يوم عاصف.

أيها الأحبة: لا تَنْفعِ اللهَ أعمالُنا، ولا كلامنا واجتماعنا، فالله غنيٌ عنا، كما قال ربنا في الحديث القدسي: (يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم، ما ضرني ذلك شيئاً .. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم، ما نفعني ذلك شيئاً .. يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ منكم، ثم اجتمعوا في صعيدٍ واحدٍ، فغفرت لهم، ثم سألوني، فأعطيت كل واحدٍ مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً).

الله الغني، الله القوي، الله الجبار، الله القهار، الله المدبر، الله المتصرف، مكور الليل على النهار، مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ما يعبأ الله بكم، مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ [النساء:147]، قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ [الفرقان:77]، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ [محمد:38] وإن تتولوا لا تضروه شيئاً.

يا عباد الله! فلنتذكر عظمة الله، ولنذكر عز الله وذلنا، وقوة الله وضعفنا، وغنى الله وفقرنا، وقوة الله ومسكنتنا، فإن هذا من أعظم أبواب العبودية.

من أعظم أبواب العبودية -أيها الأحبة- أن نشهد الفرق في عظمة الخالق وانحطاط المخلوق، وقوة الخالق وذلة المخلوق، فمن تأمل هذا استحى من ربه، ومن عرف ذلك استحى من خالقه، ومن عرف ذلك كان لله في قلبه قدر ووقار، ولذلك قال نوح: مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً [نوح:13] لقد كان عدم الوقار في قلوبهم لله سبباً أدى بهم إلى أن استغشوا ثيابهم، وأصروا واستكبروا استكباراً، ولم يستجيبوا بعد أن دعاهم سراً وجهاراً وليلاً ونهاراً.

أيها الأحبة: لا أطيل في هذه المقدمة، ولكن أود أن نشهد في كل مقام عظمة ربنا وذلنا وضعفنا .. اللهم إنا نتوسل إليك بقوتك وضعفنا، اللهم إنا نرجوك بقوتك وضعفنا، اللهم إنا نرجوك بحلمك وعلمك وقوتك، نسألك اللهم بعلمك الذي لم يسبق بجهلٍ، ولا يلحقه نسيان، ونسألك اللهم بحياتك التي لم تسبق بعدمٍ، ولا يلحقها فناء، نسألك اللهم بقيوميتك التي لا سنة فيها ولا نوم، نسألك اللهم بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى في هذه الحلقة المباركة، والروضة الطيبة من رياض الجنة، إلا غفرت ذنوبنا، وسترت عيوبنا، وقضيت حاجاتنا، وكشفت ضرنا، وأجبت دعاءنا، وهديت ضالنا، اللهم من كان في هذا المسجد على ضلالة فاهده، اللهم من كان في هذا المسجد على بلوى فارفع عنه، اللهم من كان في هذا المسجد على مصيبة فاجعله يقلع، اللهم من كان في هذا المسجد على شر فاجعله ينزع، اللهم من كان في هذا المكان على أمر لا يرضيك فاصرفه عنه، واصرفه إلى مرضاتك يا رب العالمين.

أحبابنا: من نحن بلا ربنا؟ من نحن بلا ديننا؟ من نحن بلا رسولنا؟ حياتنا هذه اجتماعٌ ينتهي إلى الفراق، ولذة تكدرها الأسقام، العافية والصحة يهدها المرض أرضاً، ويطرحها طولاً وعرضاً، قوتنا تفنى، وتبقى قوة الله لا تفنى أبداً، الشراب الذي نتمناه يتحول بولاً لا نطيق سماعه ورؤيته، والطعام الذي نأكله ينتهي إلى عذرة لا يطيق الرجل سماع اسمها وذكرها.

تفكر في منتهى حسن الـذي     أنت تهواه تجد أمراً جلل

تفكر إذا أردت أن تعرف حقيقتك يا مذنباً يا ضالاً يا مقصراً يا متردداً، يا من تقدم خطوةً في الهداية وترجع خطوتين، يا من تشاور نفسك هل تلتزم أو لا تلتزم؟ هل تدعو أو لا تدعو؟ هل تستقيم أو لا تستقيم؟ تنصر دين الله أو لا تنصر دين الله؟

قبل هذا اسأل نفسك: من أنت؟ وما هي حياتك؟ فحينئذٍ والله لن تستكثر ما بذلته من نفسك ونفيسك، وغاليك ورخيصك، وأنت وأهلك وبيتك ومالك، لا تستكثرها لجنة عرضها السماوات والأرض، يقال لأهلها: خلودٌ ولا موت، ويقال لأهلها: يا أهل الجنة! إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، لا يمكن أن يأتي الطبيب ليأخذ عنك الضغط، أو يرى مقياس السكر، أو يرى نسبة الكوليسترول، أو يرى فيك صداعاً، أو يرى فيك فشلاً كلوياً، أو ضعفاً في البصر، أو آلاماً في الرأس، أو ضعفاً في الأعصاب، أو وجعاً في المفاصل، أو بلاءً في فقار الظهر، لا والله .. يا أهل الجنة! إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً .. صحة دائمة لا تنقطع أبداً، عافية مهما بذلت فيها من العمل .. وأي عملٍ لك؟

عملك في لذتك، شغلك فيما تتلذذ به، إننا حتى لذاتنا تتعبنا، حتى اللذات تؤذينا، حتى ملذاتنا تقتلنا، لذتنا في الشراب إذا زاد آلم أجوافنا، ولذتنا في الطعام إذا زاد قتلنا، ولذتنا في كل شيء تنتهي إلى ضعف، أما لذاتنا في الجنة -نسأل الله أن نكون وإياكم من أهل الجنة- فلذات لا تنقطع أبداً ..

يا أهل الجنة! إن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً.. لن ترى في الجنة حدباً يتوكأ على عصا، لن ترى في الجنة ضعيفاً قد هدته السنون، مع أن النعيم في الجنة مقيم، قال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [هود:108]، الله أكبر! سنين طويلة لا يتحول سواد الشعر إلى شيب، ولا طول القوام إلى انحناء وحدب، سنين طويلة لا تتجعد فيها البشرة، ولا تضعف فيها الأبدان أبداً، هذا نعيم أهل الجنة .. (إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وأن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وأن تسعدوا فلا تشقوا أبداً).

الله أكبر! اللهم إنا نسألك بأسمائك وصفاتك ألا تحرمنا الجنة، اللهم إنا نسألك بأسمائك وصفاتك ألا تحرمنا جنتك يا رب العالمين، اللهم هديتنا إلى الإسلام وما سألناك، فأعطنا الجنة وقد طلبناك ورجوناك.

أيها الأحبة: ينبغي أن نعرف مقامنا في ضعفنا وذلنا وهواننا، وأن نعرف مقام الله في عظمته وربوبيته وألوهيته وكمال أسمائه وصفاته.

أحبتنا في الله: حديثنا: اعرف عدوك.

من هو العدو؟

لاشك أن الله جل وعلا قد ذكر وسمى جملةً من الأعداء في القرآن، فقال تعالى: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15]، إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ [التغابن:14]، فجعل من المال والولد عدواً، وقال تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:82].

عداوة الشيطان

قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ [فاطر:6]، هذا الشيطان الذي يدعو كل واحد فينا، والله ما فينا أحد ما دعاه الشيطان، أنتَ وأنتِ، ومن يسمع ومن تسمع، كلٌ دعاه الشيطان، إما في ليل أو في نهار، أو في ظلمة أو في ضوء، أو في صيف أو في شتاء .. دعاه الشيطان، ومنا من لا يزال الشيطان يدعوه، ولكن الشيطان -كما تعلمون- خذول، الشيطان يخذل أصحابه؛ لأن الشيطان حينما يتحاجون في النار يقف خطيباً على أهل النار ويكلمهم، قال جل وعلا: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ [إبراهيم:22]، الشيطان يأتي ويعترف، عدونا يأتي يوم القيامة ويعترف، ويجلس خطيباً عند أهل النار ويقول: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ [إبراهيم:22].

ولماذا نطيع الشيطان؟ والله يخبرنا أنه سيقف ويقول لمن تبعه، ويقول لمن انقاد معه، ويقول لمن وافقه: وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ [إبراهيم:22]، والله ما جررت أحداً بحبل حتى أخرجته من المسجد، أو أجلسته في فراشه حتى لا يصلي الفجر مع الجماعة، أو أرغمته حتى يشتري شريط الغناء، أو سقته حتى يتفرج على فيلم الفيديو، أو سحبته حتى يساهم في بنك ربوي: وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي [إبراهيم:22]، مجرد أن عرضت صورة وزينتها في مخيلتكم؛ فقبلتموها وأتيتم إليها، وسعيتم حثيثاً نحوها، نغمة اجتهدتم في طلبها ورددتموها وسمعتموها، وضيعتم كتاب الله من أجلها، يقول الشيطان: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ [إبراهيم:22]، وكفى أن هذا الوعد وعد الحق وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ [إبراهيم:22] لا أنقذ أحداً أبداً، هكذا شأن الشيطان قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ [الحشر:16]، لكن متى؟ عندما يقع الفأس في الرأس كما يقال، بعد أن يقع المحذور، وينتهي المقدور، ولا حول ولا قوة إلا بالله!.

العداوة سنة ماضية

أيها الأحبة: إن العداوة موجودة .. عداوة من الشيطان، وعداوة من الإنسان للإنسان، وعداوة من البنات والبنين والزوجات، وعداوة من الأموال، وعداوة في كل شيء، وإننا يوم أن نقول لرجل: إن عدواً يتربص بك الدائرة عند الباب، ثم ترى هذا الرجل يخرج يقلب كفيه وينظر في عطفيه غير مبالٍ بما حذر منه، نرى فيه لوثة من الجنون، لأن عدواً يتربص به فلا يستعد لمواجهته .. فما بالنا؟ وأي لوثة بلغت في ضعف إيماننا حتى أصبحنا نتقلب في أحوال ربما قادتنا فوق المعصية إلى فتن عظيمة من غير أن نأخذ سلاحاً نتقي به العداوة؟

أيها الأحبة: لا أحد يسلم من العداوة أبداً، لا تظنوا أن أحداً يسلم من العداوة ..

ليس يخلو المرء من ضدٍ ولو     حاول العزلة في رأس الجبل

إن نصف الناس أعداءٌ لمن     ولي الأحكام هذا إن عدل

هذا الكلام يقال للقضاة أيضاً، القاضي العادل نصف الناس أعداءٌ له الذين حكم عليهم.

إن نصف الناس أعداءٌ لمن     ولي الأحكام هذا إن عدل

هذا مع أنه قضى فعدل، ومع ذلك الناس أعداء له.

وقال الآخر:

لو كنت كالقدح في التقويم معتدلاً          لقالت الناس هذا غير معتدل

لو كنت في قمة الاعتدال كالقدح، لقالت الناس: هذا إنسان غير معتدل، وما يسلم أحد من عداوة أبداً، وكما قال موسى عليه السلام: يا رب! إن بني إسرائيل يؤذونني. فقال له: يا موسى! قد سألت لنفسك ما لم أجعله لنفسي، ألم تقل اليهود: يد الله مغلولة؟ ألم تقل اليهود: إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء؟

العداوة ليست دليلاً على الضعف

إذاً: العداوة لا يخلو منها أحد وحتى الله جل وعلا له أعداء، وليس هذا أمراً وقهراً وجبراً عليه، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً، ولكن لحكمة أرادها الله جل وعلا، إذاً فلا تجزع إذا قيل لك: إن لك أعداء، الله أعلم بأعدائكم؛ ووجود الأعداء ليست مشكلة كبيرة جداً، المشكلة ضعفك أمام الأعداء، المشكلة أعداءٌ يجهزون، ونفسٌ لا تبالي، أعداءُ يخططون، وشخصٌ نائم، أعداءٌ يتابعون، وشخصٌ متساهل، أعداءٌ ينظمون، وشخصٌ متكاسل، هذه هي البلية، أما وجود العداوة فليست بخطر، وليست دليلاً على الضعف، الله جل وعلا: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ [الأنفال:60]، فبين الله أن له أعداءً، وهل يعني كونهم أعداء لله أن الله ضعيف؟! حاشا وكلا! وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

إذاً: فليس وجود العداوة دليلاً على ضعف، بل ربما كانت العداوة دليلاً على قوتك؛ لأن الذي ليس له أعداء هذا دليل على ضعفه، قال القائل:

قُبيلةٌ لا يغدرون بذمةٍ     ولا يظلمون الناس حبة خردل

إنهم مسالمون، وهذا يدل على أنه ليس لهم أعداء، وهو دليل على ضعفهم، لكن على أية حال الإنسان لا ينزعج من العداوة، فالعداوة موجودة، والعداوة قائمة، والشر موجود حتى في أنفسكم وفي نفسي، كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب قال: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا) أنفسنا هذه فيها شر مستطير، قال تعالى: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10]، فالشر موجود، طريق الخير وطريق الشر، والذي يقول: ليس عندي إلا الشر، نقول: كذبت، عندك خيرٌ وشر، فإن أسلمت الزمام لداعي الشر، والنفس الأمارة بالسوء، وجعلت الشح مطاعاً، والهوى متبعاً، والدنيا مؤثرةً، وتبعت ما تزين لك وتزخرف لك؛ أصبح جانب الشر فيك عظيماً جداً، وإن خالفت ذلك؛ أصبح جانب الخير عظيماً جداً.

عداوة الإنسان لنفسه

إذاً: فلا تنزعج من وجود العداوة، ولا تعجب، فالعداوة موجودة من نفسك لنفسك .. عداوة من نفسك لأذنك، وعداوة من نفسك على لسانك، وعداوة من نفسك لعينك، وعداوة من نفسك لفرجك، وعداوة من نفسك لجيبك .. عداوة من نفسك لأذنك؛ أن تصرفك عن سماع ما ينفعك إلى سماع ما يضرك.

حب الكتاب وحب ألحان الغناء     في قلب عبدٍ ليس يجتمعان

والإناء إذا ملأته تراباً لا مكان للماء فيه، والقلب إذا ملأته بالملاهي لا مكان للذكر فيه، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

فإذاً هناك أولاً: عداوة من نفسك لنفسك في أذنك بسماع كل شر، وكما قال ابن القيم في الجواب الكافي: ثم يعقد الشيطان عرشه-أي: كرسيه- ويدعو جنده من الجن والشياطين، ويقول: عليكم بثغر الأذن، فلا يدخل معه شيء يطردكم عمَّا تربعتم إليه، فإن غلبتم، فجاهدوا حتى لا يصل ذكرٌ إلا ضعيفاً لا يؤثر، وعليكم بثغر العين، فاجعلوا نظرها تلذذاً لا تفكراً، واجعلوا نظرها باباً إلى رسم الأماني والخيال، بتصرف وبمعنى كلام ابن القيم رحمه الله.

فإذاً من نفسك شرٌ على عينك أن تنظر إلى هذه الصور، وأن تنظر إلى ما حرم الله جل وعلا، وكم من رجلٍ قتل نفسه بسلاحه، هل رأيت رجلاً أخذ المسدس، ثم قلب فوهة المسدس، أو الرشاش، ثم وجهها إلى قلبه، ثم أطلق النار، نعم، ذلك الذي قتل نفسه بلحظه.

يا رامياً بسهام اللحظ مجتهـداً     أنت القتيل بما ترمي فلا تصبِ

فالإنسان هو الذي يقتل نفسه بنفسه، وتعرفون الأبيات التي يقول فيها القائل:

وكنت متى أرسلت طرفك رائداً     لقلبك يوماً أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قـادرٌ     عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ

من الناس من إذا رأى صورة حرام جعل رجله وعينه ويده وشعر رأسه، جعل كل ذلك عيناً تلتهم الصورة، وتتأمل هذا المنظر بفتنة وشهوة واجتهاد، مسكين لا يدري أنه يقتل نفسه، ولو أن هذا المسكين يوم أن رأى صرف بصره، ولو أن هذا المسكين تأمل جميع صنع الله جل وعلا، الله سبحانه وتعالى يقول: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا [محمد:10]، فالنظر مطلوب، الله جل وعلا ما خلق عينك حتى تجعل عليها نظارة سوداء لا تبصر بها أبداً، إنما خلق العين لكي تنظر بها وتتفكر.

فيا أخي الكريم! تفكر كيف رفعت السماء بغير عمد؟ ولو دخلت صالة من صالات القصور الضخمة، فوجدت مائة متر بلا عمود واحد، لهالك الأمر في دقة الإنشاء والتصميم، وتقول: كيف وجدت صالة مائة متر مربع ليس فيها عمودٌ واحد؟! فيا حبيبنا! انظر إلى السماء التي رفعت بغير عمد! وإذا رأيت قنديلاً عظيماً جداً يضيء في بلد، ومفتاحه في بلد آخر، تعجب من هذا الأمر! ولكن انظر إلى هذه الشمس التي هي سراج تنير الدنيا كلها، وما جاءت شاحنات تعبيها بالبترول من أجل أن تشتعل، وما جاءت جهات معينة تعطيها الوقود، بل خلقها الله جسماً مضيئاً، فلماذا لا تتفكر وتتدبر؟!

وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21]، لماذا لا تتفكر وتتدبر أيضاً في نفسك؟! أنت يوم أن كنت جنيناً صغيراً في بطن أمك، وأول ما يكون الإنسان في رحم المرأة يكون نطفة، ثم يكون علقة، ثم مضغة، ثم هذه المضغة تبدأ تأتيها الخلايا بأمر الله تتخلق فيها، وإذا بلغت الأشهر نفخت فيها الروح، ثم أخذت تنمو، فذهبت خلايا لتبني الأذن، خلايا مفصلة لإيجاد الزاوية التي فوق الأذن بالضبط، شحمة الأذن وزاوية، وشيء من المادة شبه العظمية الرقيقة جداً، كل خلية تذهب لتعطي هذا الدور في نفس المكان، وخلية تذهب لإنبات الشعر على العين والجفن، وخلية تذهب لإيجاد الطبقة الرقيقة على الشبكية أو القرنية، وخلية تذهب لبناء الشفة الرقيقة، وخلية تذهب لبناء العظم الصلب .. فيا إخوان: هل رأينا يوماً رجلاً نبتت أذنه في ركبته؟! أو رأينا رجلاً نبتت عينه في ظهره؟! أو رأينا رجلاً ظهرت أنفه في ساقه؟! هذه الخلايا ما الذي دلها وأعطاها مخططاً لكي تتجه الخلية رقم كذا إلى الموقع كذا، وتباشر العمل في مكان كذا! هذا هو التفكر، لكن عداوة الشيطان، والشر والأعداء من نفسك ومن أعدائك، وأولهم الشيطان، يصرفك عن تدبر ما ينفعك إلى إشغالك بما لا ينفعك، وأقل الأحوال أن تشتغل بالتافه عن العظيم، وبالحقير عن الجليل، والآن انظر إلى رجلين: أحدهم قد شنف آذانه، والآخر يسمع أغنية للمطرب الفلاني ويرددها: يا ليل يا عين، يا ليل يا عين، يا ليل يا عين، وانتهى الليل، وما رأينا ليلاً ولا عيناً، وبعد ذلك كتبت سيئات، وقام مهموم القلب في حسرة وقلق، وبمقدار سماع ذاك للأغنية انظر إلى رجل أخذ يسمع كلام الله، أو يتلو كتاب الله، له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف.

العداوة الزوجية

إذاً: فأعداء الإنسان كثر، وأول العداوة ما كان في النفس، وتحقيقاً لهذا المعنى من العداوة في النفس أيضاً الزوجة فيها عداوة، وكما في الحديث: (إذا بنى أحدكم بجارية أو زوجة أو أمة، فليضع يده على ناصيتها، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه) أيضاً في الزوجة عداوة، وفيها شر، وربما يتوجه إليك، ويتسلط عليك، ولا حول ولا قوة إلا بالله! وما أكثر الذين ظهرت عداوة زوجاتهم لهم! وليس من شرط العداوة أن يعلو فيها الصراخ، وأن يطول النياح، وأن يكثر العويل، وأن يظهر البكاء، وأن تصل الخصومة إلى المحاكم، قد تكون العداوة كما قال الشاعر:

قد ينبت المرعى على دمن الثرى     وتبقى حزازات النفوس كما هي

قد تبقى العداوة متمكنة مستحكمة قاتلة مؤذية، وظاهرها جمال، وظاهرها لذة، وظاهرها صحة، ولذلك بعض الأمراض حينما ترى وجه صاحبها، تقول: ما شاء الله ما هذه العافية؟ ومثاله مادة اسمها (الكورتيزون) هذه مادة يحذر الأطباء المتخصصون من الإغراق في استعمالها، أو استعمالها بلا استشارة، هذه المادة عجيبة جداً، وهي مادة عدوة للإنسان، مادة خطيرة للإنسان، بمجرد أن تدخل عضوه تعطي إفرازات وتقوم بوظائف صناعية، وتعطل الجهاز الذي يعطي الوظيفة الطبيعية، ثم بعد ذلك يظهر على الإنسان صحة في الوجه غير طبيعية، يبدأ وجهه كالمشرق، يسمونه في المصطلح الطبي ( face moon ) وجه القمر، ثم يكبر يكبر، وينظر إلى الرجل كأنه ازداد عافية، وازداد صحة، وحقيقة الأمر أن الرجل تتعطل أجهزته الصحية الحقيقية التي تؤدي الوظائف الطبيعية، وهذا السم القاتل (الكورتيزون) يعطي نتائج كذابة في الظاهر قاتلة في الباطن.

إذاً: ليس من شرط العداوة أن يكون لها صياح وصراخ وعويل وبكاء، ولأجل ذلك كم رأينا من رجل ظهرت عداوة زوجته عليه! وكم من امرأة رأينا عداوة زوجها عليها! مع أن ظاهر عش الزوجية المحبة، لكن دلائل العداوة أن الفتاة دخلت على ذلك الزوج وكانت محجبة، فأصبحت سافرة، كانت عفيفة الأذن لا تسمع إلا القرآن، وكلام الله وكلام رسوله، والخطب والمحاضرات والأمور النافعة، فأصبحت مطربة من المطربات، مغنية من المغنيات .. كانت حسيرة الطرف كسيرة الطرف لا تمد عينها إلى أحدٍ أبداً، فلما تزوجت بذلك العدو، ليس عدواً بالشجار والقتال، وإنما عداوة نفسها، وعداوة شيطانه عليها؛ جعلتها تنتقل إلى مرحلة ضعف، ومرحلة انهيار، وتحول خطير جداً .. والعكس كذلك .. كم من شاب عرفناه كان مستقيماً، فلما تزوج انقلب بعد زواجه بعداوة خفية، وظاهرها التعلق والمحبة والتفاني والتعاطف، انقلبت المسألة إلى أن الشاب أصبح يحلق لحيته، ويسبل ثيابه، ويسمع الأغاني، وقطع جلساءه الطيبين بعد أن كان يجلس مع الصالحين، وأصبح عدواً للأبرار بعد أن كان دفاعاً وحصناً منيعاً يدافع عنهم في كل ميدان.

الشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم

إذاً: هذا معنى الآية، وما ذاك إلا لوجود العداوات السرية المتمكنة فينا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لما كان خارجاً من معتكفه يقلب صفية بنت حيي إلى منـزلها، ورأى اثنين من الصحابة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنها صفية ، قالوا: سبحان الله! يا رسول الله! -أي: نحن نشك فيك- قال: خشيت أن يقذف الشيطان في قلوبكما شيئاً، إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم).

إذاً: فما ظنك بعداوة واحد قد دخل في عروقك، وقد دخل بين عصبك وعظمك، لا تنتظر أن يأمرك بخير أبداً، قال صلى الله عليه وسلم: (ما منكم إلا وله قرين، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا إنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم).

أيها الأحبة: إذا تحققنا من وجود العداوة في شرور أنفسنا، وأموالنا، وأولادنا، فيمن حولنا، في اليهود والنصارى، في الشيطان، فيمن يزينون شياطين الجن والإنس يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام:112] فكل يشعر أن كل ما حوله عداوة، وقد يقول أحدكم: والله الشيخ حقيقة شحننا شحنة بحيث لو يقرب أحد منا لقال: ابعد يا عدو، لا تقترب يا عدو!! لا، نحن لا نقول: كل من نظرت إليه تقول له: قبحك الله أيها العدو، قاتلك الله! ابتعد وإلا سوف أطلق عليك النار، نحن لا نقول هذا الكلام، لكن أقول: تأكد أن في النفس عداوة كامنة ربما كان حالها معك ظاهرة، وربما كان حالها معك جامدة، وربما كان حالها معك متحركة، المهم أن الفتيل موجود، والمسألة قابلة للاشتعال في أي لحظة، فإذا تحقق هذا الأمر عندك، وأن المسألة موجودة، أخذت حذرك في كل مقام ومكان وزمان.

قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ [فاطر:6]، هذا الشيطان الذي يدعو كل واحد فينا، والله ما فينا أحد ما دعاه الشيطان، أنتَ وأنتِ، ومن يسمع ومن تسمع، كلٌ دعاه الشيطان، إما في ليل أو في نهار، أو في ظلمة أو في ضوء، أو في صيف أو في شتاء .. دعاه الشيطان، ومنا من لا يزال الشيطان يدعوه، ولكن الشيطان -كما تعلمون- خذول، الشيطان يخذل أصحابه؛ لأن الشيطان حينما يتحاجون في النار يقف خطيباً على أهل النار ويكلمهم، قال جل وعلا: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ [إبراهيم:22]، الشيطان يأتي ويعترف، عدونا يأتي يوم القيامة ويعترف، ويجلس خطيباً عند أهل النار ويقول: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ [إبراهيم:22].

ولماذا نطيع الشيطان؟ والله يخبرنا أنه سيقف ويقول لمن تبعه، ويقول لمن انقاد معه، ويقول لمن وافقه: وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ [إبراهيم:22]، والله ما جررت أحداً بحبل حتى أخرجته من المسجد، أو أجلسته في فراشه حتى لا يصلي الفجر مع الجماعة، أو أرغمته حتى يشتري شريط الغناء، أو سقته حتى يتفرج على فيلم الفيديو، أو سحبته حتى يساهم في بنك ربوي: وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي [إبراهيم:22]، مجرد أن عرضت صورة وزينتها في مخيلتكم؛ فقبلتموها وأتيتم إليها، وسعيتم حثيثاً نحوها، نغمة اجتهدتم في طلبها ورددتموها وسمعتموها، وضيعتم كتاب الله من أجلها، يقول الشيطان: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ [إبراهيم:22]، وكفى أن هذا الوعد وعد الحق وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ [إبراهيم:22] لا أنقذ أحداً أبداً، هكذا شأن الشيطان قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ [الحشر:16]، لكن متى؟ عندما يقع الفأس في الرأس كما يقال، بعد أن يقع المحذور، وينتهي المقدور، ولا حول ولا قوة إلا بالله!.

أيها الأحبة: إن العداوة موجودة .. عداوة من الشيطان، وعداوة من الإنسان للإنسان، وعداوة من البنات والبنين والزوجات، وعداوة من الأموال، وعداوة في كل شيء، وإننا يوم أن نقول لرجل: إن عدواً يتربص بك الدائرة عند الباب، ثم ترى هذا الرجل يخرج يقلب كفيه وينظر في عطفيه غير مبالٍ بما حذر منه، نرى فيه لوثة من الجنون، لأن عدواً يتربص به فلا يستعد لمواجهته .. فما بالنا؟ وأي لوثة بلغت في ضعف إيماننا حتى أصبحنا نتقلب في أحوال ربما قادتنا فوق المعصية إلى فتن عظيمة من غير أن نأخذ سلاحاً نتقي به العداوة؟

أيها الأحبة: لا أحد يسلم من العداوة أبداً، لا تظنوا أن أحداً يسلم من العداوة ..

ليس يخلو المرء من ضدٍ ولو     حاول العزلة في رأس الجبل

إن نصف الناس أعداءٌ لمن     ولي الأحكام هذا إن عدل

هذا الكلام يقال للقضاة أيضاً، القاضي العادل نصف الناس أعداءٌ له الذين حكم عليهم.

إن نصف الناس أعداءٌ لمن     ولي الأحكام هذا إن عدل

هذا مع أنه قضى فعدل، ومع ذلك الناس أعداء له.

وقال الآخر:

لو كنت كالقدح في التقويم معتدلاً          لقالت الناس هذا غير معتدل

لو كنت في قمة الاعتدال كالقدح، لقالت الناس: هذا إنسان غير معتدل، وما يسلم أحد من عداوة أبداً، وكما قال موسى عليه السلام: يا رب! إن بني إسرائيل يؤذونني. فقال له: يا موسى! قد سألت لنفسك ما لم أجعله لنفسي، ألم تقل اليهود: يد الله مغلولة؟ ألم تقل اليهود: إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء؟




استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2806 استماع
حقوق ولاة الأمر 2669 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2655 استماع
توديع العام المنصرم 2649 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2558 استماع
من هنا نبدأ 2497 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2464 استماع
أنواع الجلساء 2462 استماع
إلى الله المشتكى 2439 استماع
الغفلة في حياة الناس 2439 استماع