شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب الحث على الخشوع في الصلاة - حديث 256-259


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فعندنا اليوم أربعة أحاديث.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ) رواه البخاري، وللترمذي عن أنس -وصححه-: ( إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة، فإن كان لابد ففي التطوع ).

تخريج الحديثين

وهذا الحديث رواه البخاري في صحيحه : كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، ورواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي : حديث حسن غريب، ورواه أيضاً النسائي في سننه والإمام أحمد وابن أبي شيبة والبيهقي والحاكم وغيرهم.

وقال الحاكم في مستدركه : اتفقا على إخراجه، يعني: البخاري ومسلم، ولم يصب الحاكم في هذا، فإن مسلماً -فيما ذكره أهل العلم- لم يرو هذا الحديث، وإنما انفرد بإخراجه البخاري كما ذكره جماعة كـالمزي والحافظ ابن حجر في الفتح وغيرهما، فإن الحديث من أفراد البخاري ولم يروه مسلم، فقول الحاكم : إنهما اتفقا على إخراجه ليس بجيد.

الرواية الثانية التي ذكرها المصنف: قوله: وللترمذي -وصححه-: ( إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة، فإن كان ولابد ففي التطوع ) هذا رواه الترمذي في نفس الموضع الذي روى فيه الحديث السابق من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة ) هذا لفظ الترمذي ( فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة ).

وقال الترمذي عقبه: حديث حسن غريب كما قال عقب الحديث السابق، وفي بعض النسخ قال: حديث حسن صحيح، كما نقل ذلك النووي في المجموع، وفي بعضها قال: حديث غريب فقط، قال: غريب فقط.

إذاً: في بعض النسخ: غريب، وفي بعضها: حسن غريب، والنووي وغيره نقلوا أن الترمذي قال في بعض النسخ: حسن صحيح.

والواقع أن الحديث ليس بحسن ولا صحيح، بل هو حديث ضعيف، حديث ( إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة ) حديث ضعيف، وذلك أن في سنده علتين:

العلة الأولى: أن فيه علي بن زيد بن جدعان، وعلي بن زيد بن جدعان فيه كلام مشهور، قال الدارقطني فيه: لا يزال عندي فيه ريب.

ويقول الذهبي في الكاشف : أحد الحفاظ وليس بالثبت.

والغريب أن المصنف نفسه أيضاً قال في التقريب : ضعيف. والكلام في علي بن زيد بن جدعان مشهور جداً، المهم أن الرجل إلى الضعف ما هو.

فتحسين حديثه -فضلاً عن تصحيحه- ليس بجيد، وإن كان الشيخ أحمد شاكر رحمه الله صحح الحديث بناءً على رأيه في توثيق علي بن زيد بن جدعان .

هذه العلة الأولى في الحديث علي بن زيد بن جدعان .

أما العلة الثانية: فإن في سند الحديث انقطاعاً بين سعيد بن المسيب وأنس بن مالك، فإن سعيداً رواه عن أنس بن مالك، وبينهما انقطاع كما ذكره المنذري في الترغيب والترهيب وغيره.

إذاً: الحديث لا يصح، وفيه ضعف من وجهين، ولم يصب من صححه ولا من حسنه.

وفي طريقة المؤلف في سياق الحديث فيها مأخذ، وهو أن قول المصنف: رواه البخاري -يعني: حديث عائشة - وللترمذي -وصححه-: ( إياكِ -أو إياك- والالتفات ) يوهم بأن الحديث من رواية عائشة، والصواب: أن الحديث من رواية أنس كما ذكرته.

وكان ينبغي أن يقول المؤلف: وللترمذي وصححه عن أنس، وبذلك فإنه ينبغي أن يعد حديثاً آخر من أحاديث بلوغ المرام، خلافاً لما صنعه الطابعون فإنهم عدوا الحديث تبعاً لحديث عائشة، والواقع أنه حديث آخر مستقل، صحابيه مختلف وهو أنس ؛ ولذلك اغتر بصنيع المؤلف من لم يراجع الترمذي كما اغتر به الصنعاني ؛ فإنه لما شرح الحديث قال: (وللترمذي وصححه) قال: أي: عن عائشة، يقول الصنعاني : (أي: عن عائشة)، ثم لما قال: ( إياكَ والالتفات ) قال الصنعاني : بكسر الكاف؛ لأنه خطاب لمؤنث، وكذلك اغتر به إما الطابع أو محمد حامد الفقي، والظاهر أنه الفقي الذي حقق هذه النسخة التي بين يدي، فإنه ضبط الكاف بالكسر، فقال: (إياكِ) على أنه خطاب لـعائشة، وكل هذا مبني على صنيع المؤلف رحمه الله، فإنه قال: وللترمذي -وصححه-: ( إياك والالتفات )، والصواب أن الحديث عن أنس وليس عن عائشة رضي الله عنهم أجمعين.

سبل السلام يترك كما هو، لكن يشار في الحاشية إلى أنه من رواية أنس وليس من رواية عائشة رضي الله عنها. الصنعاني قال: (وللترمذي أي: عن عائشة ) اغتراراً بصنيع المؤلف، والصواب أنه عن أنس وليس عن عائشة كما ذكرت.

طيب. هناك شيء يا صالح ؟ طيب. زال الإشكال، الحمد لله.

قضية (وصححه) هذه وافقه عليها بعضهم، نقلوا عن الترمذي أنه قال: حسن صحيح كما فعل النووي، ويحتمل أن هذا في بعض نسخ الترمذي، وفي بعضها: حسن غريب، وفي بعضها: غريب فقط.

معاني ألفاظ الحديثين

قولها: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة)، المقصود بالالتفات إما الالتفات بالبصر، بمعنى أن الإنسان يصرف بصره يمنة أو يسرة، أو الالتفات بالرأس يمنة أو يسرة دون أن يلتفت الإنسان بصدره عن جهة القبلة.

فالمقصود بالالتفات: إما الالتفات بالبصر يمنة أو يسرة، مثل أن يختلس أو ينظر يميناً أو شمالاً، أو الالتفات بالوجه فقط دون أن يصرف الإنسان صدره عن جهة القبلة، هذا هو المقصود بالالتفات.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)، الاختلاس هو الاختطاف بسرعة، وعلى حين غفلة.

وقد ذكر أهل العلم الفرق بين الاختلاس وبين الانتهاب وبين السرقة: فإن الاختلاس -كما ذكرت- هو أن يختطف بسرعة وعلى حين غفلة، فهذا يسمى اختلاساً، فإن انتهب بقوة وبحضور صاحب الحق أو المال أو غيره فإن هذا هو انتهاب، أن يأخذه بقوة وبالمغالبة، وأما الأخذ خفية فإنه يسمى سرقة، هذا هو الفرق بين هذه الأشياء.

قوله: (يختلسه الشيطان) (يختلسه): جاء في هذه الكلمة روايتان:

الرواية الأولى: يختلسه بإثبات الهاء يختلسه، وهذه الرواية للكشميهني، ورواها أبو داود في سننه عن مسدد شيخ الإمام البخاري بذكر المفعول، وهو هاء الضمير في قوله: (يختلسه)، وأما الأكثرون فإنهم رووه بدون الهاء: (يختلس الشيطان من صلاة العبد) (يختلس) بدون ذكر المفعول.

حكم الالتفات في الصلاة

الحديث فيه مسألة الالتفات في الصلاة، وقد اتفق أهل العلم على كراهية الالتفات في الصلاة إذا كان لغير حاجة.

وقد سبق أن بينت أن المقصود بالالتفات ليس الانصراف بالجسد والصدر عن القبلة انصرافاً تاماً، وإنما الالتفات إما بالبصر وإما بالرأس والعنق دون الالتفات بالصدر، هذا المقصود بالالتفات.

اتفق أهل العلم على كراهيته لغير حاجة، أي: أنه إن كان لحاجة فإنه لا يكره، أما إن كان لغير حاجة فهو مكروه.

لكن هل الكراهة كراهة تحريم أم كراهة تنزيه؟

الجمهور على أنها كراهة تنزيه، أي: أنه ليس بحرام ولكنه مكروه فقط، وذهبت الظاهرية إلى أنه يكره كراهة تحريم لا تنزيه.

الأدلة الدالة على كراهة الاختلاس كثيرة، منها:

حديث الباب: قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عائشة رضي الله عنها في الالتفات: ( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ).

ومنها ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزال الله مقبلاً على عبده في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف ).

وهذا الحديث قال فيه الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، أو قال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وخالفه غيره، فقال النووي -كما في المجموع وغيره-: إسناده فيه جهالة، أو: فيه رجل فيه جهالة، والعلة التي في هذا الحديث حديث أبي ذر رضي الله عنه: ( لا يزال الله مقبلاً على عبده في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف ) -العلة التي في هذا الحديث هي العلة التي في الحديث مسح الحصى: ( فإن الرحمة تواجهه )، فيه أبو الأحوص وفيه جهالة كما ذكر النووي .

إذاً: فحديث أبي ذر ضعيف لكن له شاهد من حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه -وهو حديث طويل- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات وأمره أن يقوم بهن في بني إسرائيل، فكأنه أبطأ، فأوحى الله تعالى إلى عيسى فجاء إلى يحيى بن زكريا وقال له: إن الله تعالى أمرك بخمس كلمات أن تعمل بهن وتعلمهن بني إسرائيل، فإما أن تقوم بهن وإلا قمت بهن، فقال يحيى: إني أخشى إن سبقتني أن ينزل عذاب، فقام يحيى بن زكريا ودعا بني إسرائيل وهو على شرفات بيت المقدس حتى اجتمعوا إليه، فقال: إن الله تعالى أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم بهن. وذكر من هذه الكلمات الخمس التي أمره الله تعالى بها قال: إذا نصب أحدكم وجهه في الصلاة فلا يلتفت، فإن الله تعالى ينصب وجهه إلى وجه عبده حتى يصلي له، فلا يصرف عنه وجهه حتى يكون العبد هو الذي يصرف وجهه )، وهذا الحديث رواه أحمد والترمذي والحاكم والبخاري في تاريخه والنسائي وابن حبان وابن خزيمة، وقال الحاكم : صحيح الإسناد وصححه ابن خزيمة أيضاً، وسنده صحيح، وهو يشهد لما قبله فيما يظهر لي، وإن كان الشيخ الألباني يعترض على هذا، لكن الظاهر أنه يصلح شاهداً لحديث أبي ذر الذي قبله، فيكون حديث أبي ذر حسناً لغيره؛ فهذه الأحاديث تدل على كراهية الالتفات في الصلاة، مما يدل على كراهية الالتفات في الصلاة.

ويقابلها -يعني: مما يدل على جواز ذلك وأنه ليس محرماً، فأما إن كان لحاجة فهو جائز بلا كراهة، وأما إن كان لغير حاجة فهو جائز مع الكراهة- أحاديث كثيرة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها:

حديث سهل بن الحنظلية رضي الله عنه أنه قال: ( ثوب في الصلاة -يعني: صلاة الفجر، ولعل ذلك كان في يوم حنين- قال: ثوب في الصلاة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، قال أبو داود : وكان النبي صلى الله عليه وسلم أرسل فارساً يحرسه -أرسل فارساً إلى الشعب يحرسه- فكان النبي صلى الله عليه وسلم يلتفت إليه يترقب قدومه )، والحديث رواه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي . قال النووي : سنده صحيح. فهذا دليل على أن الالتفات إذا كان لحاجة فإنه لا بأس به.

ومثله في الدلالة على ذلك ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم، مرض موته، ( وأنه خرج والمسلمون في صلاة الفجر، خرج وكشف السترة من حجرة عائشة، فنظر إلى المسلمين وهم صفوف، فتبسم صلى الله عليه وسلم، فطفق أبو بكر يريد أن يتأخر ويرجع القهقرى ليصل الصف ويترك المجال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن: اجلس حيث أنت، ونظر المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -كادوا أن يلتفتوا- حتى كادوا أن يفتتنوا عن صلاتهم، فأشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن: أتموا صلاتكم. ثم دخل وأرخى السترة، ومات من يومه ذاك ) صلى الله عليه وآله وسلم.

فهذا الحديث دل على أن المسلمين نظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أبو بكر نظر إليه، ولما أشار إليهم أن: حيث أنتم جلسوا، وكذلك لما تبسم عرفوا ذلك منه، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك كله، وذلك أن الحجرة -كما هو معروف- حجرة عائشة التي خرج منها النبي صلى الله عليه وسلم عن يسار المصلى، فلما خرج منها كان المسلمون -ولابد- قد التفتوا في نظرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الالتفات، وأقرهم على ذلك، فدل على أن الالتفات لحاجة لا بأس به.

ومما يدل على ذلك أيضاً ما رواه البخاري أيضاً عن ابن عباس عن سهل بن سعد -وقد سبق مراراً في قصة ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم-: ( ثم أقام بلال الصلاة فتقدم أبو بكر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فطفق الناس يصفقون بأيديهم، وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا كبر في الصلاة لا يلتفت، فلما رأى التصفيق أو التصفيح لا ينقطع التفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه، فتأخر فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن: اجلس حيث أنت، فرفع أبو بكر رضي الله عنه رأسه إلى السماء وحمد الله وأثنى عليه، ثم رجع فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم ) إلى آخر الحديث وهو حديث طويل، وقد سبق معنا في ( إنما التصفيح -أو التصفيق- للنساء ).

فالشاهد من الحديث أن أبا بكر رضي الله عنه التفت، وكذلك قول سهل بن سعد : (وكان أبو بكر لا يلتفت) إشارة إلى أنه قد يحصل من غيره التفات في الصلاة إما بالبصر وإما بالرأس والعنق من غير التفات بالصدر.

الدليل الرابع أيضاً: حديث جابر -وقد رواه مسلم - أنه قال: ( اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، فالتفت فرآنا قياماً فأشار إلينا ) يعني: فجلسوا، وفي آخره في القصة أنه قال لهم في رواية أخرى: ( إن كدتم لتفعلون آنفاً فعل فارس والروم ).

حديث جابر رواه مسلم وفيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم التفت إلى أصحابه )، بل من أصرح ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته يميناً وشمالاً ولا يلوي عنقه وراء ظهره )، والحديث رواه الترمذي وقال: غريب. ورواه أحمد والنسائي والحاكم : وقال الحاكم على شرط البخاري، وقال النووي : إسناده صحيح، وهو كما قال .

ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يلتفت للحاجة يميناً أو شمالاً لكنه لا يلوي عنقه وراء ظهره، وفي بعض مطبوعات الترمذي : ( يلتفت يميناً وشمالاً ويلوي عنقه ) سقط منها حرف النفي ( ولا يلوي )، وهو خطأ فاحش يصحح من المصادر الأخرى، كما في النسائي ومستدرك الحاكم ومسند أحمد : ( ولا يلوي عنقه ) بالنفي لا بالإثبات.

الحكمة في النهي عن الالتفات في الصلاة

ما هي الحكمة في النهي عن الالتفات في الصلاة؟

الحكمة في النهي عن الالتفات في الصلاة تحتمل أمرين:

إما أن يكون ذلك لما فيه من الانصراف عن الصلاة ومنافاة كمال الخشوع، والإعراض عن الله جل وعلا، كما ورد : ( أن الله تعالى يقبل على عبده في صلاته بوجهه، فلا يزال مقبلاً عليه ما لم يلتفت، فإذا التفت صرف الله تعالى وجهه عنه )؛ ولذلك نسبه النبي صلى الله عليه وسلم للشيطان فقال: ( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد )؛ لأن الشيطان يرى العبد مقبلاً على ربه يسأله ويدعوه ويناجيه فيلتمس غفلته وغرته حتى يصرفه عن ذلك.

فهذا هو المعنى الأول، وهو الذي اختاره المصنف فيما يبدو، حيث ساق الحديث في باب الحث على الخشوع في الصلاة، فدل على أنه يرى أن النهي عن الالتفات لما فيه من منافاة كمال الخشوع.

الاحتمال الثاني: هو أن الالتفات في الصلاة فيه انصراف ببعض البدن -بالوجه أو بالبصر- عن استقبال القبلة التي أُمِرَ المصلي باستقبالها، ولا مانع أن يقال في هذا الموضع بالجمع بينهما معاً، فيقال: لا مانع أن يكون المقصود الحث على كمال الخشوع والحث على كمال استقبال القبلة للمصلي.

وهذا الحديث رواه البخاري في صحيحه : كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، ورواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي : حديث حسن غريب، ورواه أيضاً النسائي في سننه والإمام أحمد وابن أبي شيبة والبيهقي والحاكم وغيرهم.

وقال الحاكم في مستدركه : اتفقا على إخراجه، يعني: البخاري ومسلم، ولم يصب الحاكم في هذا، فإن مسلماً -فيما ذكره أهل العلم- لم يرو هذا الحديث، وإنما انفرد بإخراجه البخاري كما ذكره جماعة كـالمزي والحافظ ابن حجر في الفتح وغيرهما، فإن الحديث من أفراد البخاري ولم يروه مسلم، فقول الحاكم : إنهما اتفقا على إخراجه ليس بجيد.

الرواية الثانية التي ذكرها المصنف: قوله: وللترمذي -وصححه-: ( إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة، فإن كان ولابد ففي التطوع ) هذا رواه الترمذي في نفس الموضع الذي روى فيه الحديث السابق من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة ) هذا لفظ الترمذي ( فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة ).

وقال الترمذي عقبه: حديث حسن غريب كما قال عقب الحديث السابق، وفي بعض النسخ قال: حديث حسن صحيح، كما نقل ذلك النووي في المجموع، وفي بعضها قال: حديث غريب فقط، قال: غريب فقط.

إذاً: في بعض النسخ: غريب، وفي بعضها: حسن غريب، والنووي وغيره نقلوا أن الترمذي قال في بعض النسخ: حسن صحيح.

والواقع أن الحديث ليس بحسن ولا صحيح، بل هو حديث ضعيف، حديث ( إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة ) حديث ضعيف، وذلك أن في سنده علتين:

العلة الأولى: أن فيه علي بن زيد بن جدعان، وعلي بن زيد بن جدعان فيه كلام مشهور، قال الدارقطني فيه: لا يزال عندي فيه ريب.

ويقول الذهبي في الكاشف : أحد الحفاظ وليس بالثبت.

والغريب أن المصنف نفسه أيضاً قال في التقريب : ضعيف. والكلام في علي بن زيد بن جدعان مشهور جداً، المهم أن الرجل إلى الضعف ما هو.

فتحسين حديثه -فضلاً عن تصحيحه- ليس بجيد، وإن كان الشيخ أحمد شاكر رحمه الله صحح الحديث بناءً على رأيه في توثيق علي بن زيد بن جدعان .

هذه العلة الأولى في الحديث علي بن زيد بن جدعان .

أما العلة الثانية: فإن في سند الحديث انقطاعاً بين سعيد بن المسيب وأنس بن مالك، فإن سعيداً رواه عن أنس بن مالك، وبينهما انقطاع كما ذكره المنذري في الترغيب والترهيب وغيره.

إذاً: الحديث لا يصح، وفيه ضعف من وجهين، ولم يصب من صححه ولا من حسنه.

وفي طريقة المؤلف في سياق الحديث فيها مأخذ، وهو أن قول المصنف: رواه البخاري -يعني: حديث عائشة - وللترمذي -وصححه-: ( إياكِ -أو إياك- والالتفات ) يوهم بأن الحديث من رواية عائشة، والصواب: أن الحديث من رواية أنس كما ذكرته.

وكان ينبغي أن يقول المؤلف: وللترمذي وصححه عن أنس، وبذلك فإنه ينبغي أن يعد حديثاً آخر من أحاديث بلوغ المرام، خلافاً لما صنعه الطابعون فإنهم عدوا الحديث تبعاً لحديث عائشة، والواقع أنه حديث آخر مستقل، صحابيه مختلف وهو أنس ؛ ولذلك اغتر بصنيع المؤلف من لم يراجع الترمذي كما اغتر به الصنعاني ؛ فإنه لما شرح الحديث قال: (وللترمذي وصححه) قال: أي: عن عائشة، يقول الصنعاني : (أي: عن عائشة)، ثم لما قال: ( إياكَ والالتفات ) قال الصنعاني : بكسر الكاف؛ لأنه خطاب لمؤنث، وكذلك اغتر به إما الطابع أو محمد حامد الفقي، والظاهر أنه الفقي الذي حقق هذه النسخة التي بين يدي، فإنه ضبط الكاف بالكسر، فقال: (إياكِ) على أنه خطاب لـعائشة، وكل هذا مبني على صنيع المؤلف رحمه الله، فإنه قال: وللترمذي -وصححه-: ( إياك والالتفات )، والصواب أن الحديث عن أنس وليس عن عائشة رضي الله عنهم أجمعين.

سبل السلام يترك كما هو، لكن يشار في الحاشية إلى أنه من رواية أنس وليس من رواية عائشة رضي الله عنها. الصنعاني قال: (وللترمذي أي: عن عائشة ) اغتراراً بصنيع المؤلف، والصواب أنه عن أنس وليس عن عائشة كما ذكرت.

طيب. هناك شيء يا صالح ؟ طيب. زال الإشكال، الحمد لله.

قضية (وصححه) هذه وافقه عليها بعضهم، نقلوا عن الترمذي أنه قال: حسن صحيح كما فعل النووي، ويحتمل أن هذا في بعض نسخ الترمذي، وفي بعضها: حسن غريب، وفي بعضها: غريب فقط.

قولها: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة)، المقصود بالالتفات إما الالتفات بالبصر، بمعنى أن الإنسان يصرف بصره يمنة أو يسرة، أو الالتفات بالرأس يمنة أو يسرة دون أن يلتفت الإنسان بصدره عن جهة القبلة.

فالمقصود بالالتفات: إما الالتفات بالبصر يمنة أو يسرة، مثل أن يختلس أو ينظر يميناً أو شمالاً، أو الالتفات بالوجه فقط دون أن يصرف الإنسان صدره عن جهة القبلة، هذا هو المقصود بالالتفات.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)، الاختلاس هو الاختطاف بسرعة، وعلى حين غفلة.

وقد ذكر أهل العلم الفرق بين الاختلاس وبين الانتهاب وبين السرقة: فإن الاختلاس -كما ذكرت- هو أن يختطف بسرعة وعلى حين غفلة، فهذا يسمى اختلاساً، فإن انتهب بقوة وبحضور صاحب الحق أو المال أو غيره فإن هذا هو انتهاب، أن يأخذه بقوة وبالمغالبة، وأما الأخذ خفية فإنه يسمى سرقة، هذا هو الفرق بين هذه الأشياء.

قوله: (يختلسه الشيطان) (يختلسه): جاء في هذه الكلمة روايتان:

الرواية الأولى: يختلسه بإثبات الهاء يختلسه، وهذه الرواية للكشميهني، ورواها أبو داود في سننه عن مسدد شيخ الإمام البخاري بذكر المفعول، وهو هاء الضمير في قوله: (يختلسه)، وأما الأكثرون فإنهم رووه بدون الهاء: (يختلس الشيطان من صلاة العبد) (يختلس) بدون ذكر المفعول.

الحديث فيه مسألة الالتفات في الصلاة، وقد اتفق أهل العلم على كراهية الالتفات في الصلاة إذا كان لغير حاجة.

وقد سبق أن بينت أن المقصود بالالتفات ليس الانصراف بالجسد والصدر عن القبلة انصرافاً تاماً، وإنما الالتفات إما بالبصر وإما بالرأس والعنق دون الالتفات بالصدر، هذا المقصود بالالتفات.

اتفق أهل العلم على كراهيته لغير حاجة، أي: أنه إن كان لحاجة فإنه لا يكره، أما إن كان لغير حاجة فهو مكروه.

لكن هل الكراهة كراهة تحريم أم كراهة تنزيه؟

الجمهور على أنها كراهة تنزيه، أي: أنه ليس بحرام ولكنه مكروه فقط، وذهبت الظاهرية إلى أنه يكره كراهة تحريم لا تنزيه.

الأدلة الدالة على كراهة الاختلاس كثيرة، منها:

حديث الباب: قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عائشة رضي الله عنها في الالتفات: ( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ).

ومنها ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزال الله مقبلاً على عبده في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف ).

وهذا الحديث قال فيه الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، أو قال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وخالفه غيره، فقال النووي -كما في المجموع وغيره-: إسناده فيه جهالة، أو: فيه رجل فيه جهالة، والعلة التي في هذا الحديث حديث أبي ذر رضي الله عنه: ( لا يزال الله مقبلاً على عبده في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف ) -العلة التي في هذا الحديث هي العلة التي في الحديث مسح الحصى: ( فإن الرحمة تواجهه )، فيه أبو الأحوص وفيه جهالة كما ذكر النووي .

إذاً: فحديث أبي ذر ضعيف لكن له شاهد من حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه -وهو حديث طويل- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات وأمره أن يقوم بهن في بني إسرائيل، فكأنه أبطأ، فأوحى الله تعالى إلى عيسى فجاء إلى يحيى بن زكريا وقال له: إن الله تعالى أمرك بخمس كلمات أن تعمل بهن وتعلمهن بني إسرائيل، فإما أن تقوم بهن وإلا قمت بهن، فقال يحيى: إني أخشى إن سبقتني أن ينزل عذاب، فقام يحيى بن زكريا ودعا بني إسرائيل وهو على شرفات بيت المقدس حتى اجتمعوا إليه، فقال: إن الله تعالى أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم بهن. وذكر من هذه الكلمات الخمس التي أمره الله تعالى بها قال: إذا نصب أحدكم وجهه في الصلاة فلا يلتفت، فإن الله تعالى ينصب وجهه إلى وجه عبده حتى يصلي له، فلا يصرف عنه وجهه حتى يكون العبد هو الذي يصرف وجهه )، وهذا الحديث رواه أحمد والترمذي والحاكم والبخاري في تاريخه والنسائي وابن حبان وابن خزيمة، وقال الحاكم : صحيح الإسناد وصححه ابن خزيمة أيضاً، وسنده صحيح، وهو يشهد لما قبله فيما يظهر لي، وإن كان الشيخ الألباني يعترض على هذا، لكن الظاهر أنه يصلح شاهداً لحديث أبي ذر الذي قبله، فيكون حديث أبي ذر حسناً لغيره؛ فهذه الأحاديث تدل على كراهية الالتفات في الصلاة، مما يدل على كراهية الالتفات في الصلاة.

ويقابلها -يعني: مما يدل على جواز ذلك وأنه ليس محرماً، فأما إن كان لحاجة فهو جائز بلا كراهة، وأما إن كان لغير حاجة فهو جائز مع الكراهة- أحاديث كثيرة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها:

حديث سهل بن الحنظلية رضي الله عنه أنه قال: ( ثوب في الصلاة -يعني: صلاة الفجر، ولعل ذلك كان في يوم حنين- قال: ثوب في الصلاة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، قال أبو داود : وكان النبي صلى الله عليه وسلم أرسل فارساً يحرسه -أرسل فارساً إلى الشعب يحرسه- فكان النبي صلى الله عليه وسلم يلتفت إليه يترقب قدومه )، والحديث رواه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي . قال النووي : سنده صحيح. فهذا دليل على أن الالتفات إذا كان لحاجة فإنه لا بأس به.

ومثله في الدلالة على ذلك ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم، مرض موته، ( وأنه خرج والمسلمون في صلاة الفجر، خرج وكشف السترة من حجرة عائشة، فنظر إلى المسلمين وهم صفوف، فتبسم صلى الله عليه وسلم، فطفق أبو بكر يريد أن يتأخر ويرجع القهقرى ليصل الصف ويترك المجال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن: اجلس حيث أنت، ونظر المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -كادوا أن يلتفتوا- حتى كادوا أن يفتتنوا عن صلاتهم، فأشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن: أتموا صلاتكم. ثم دخل وأرخى السترة، ومات من يومه ذاك ) صلى الله عليه وآله وسلم.

فهذا الحديث دل على أن المسلمين نظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أبو بكر نظر إليه، ولما أشار إليهم أن: حيث أنتم جلسوا، وكذلك لما تبسم عرفوا ذلك منه، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك كله، وذلك أن الحجرة -كما هو معروف- حجرة عائشة التي خرج منها النبي صلى الله عليه وسلم عن يسار المصلى، فلما خرج منها كان المسلمون -ولابد- قد التفتوا في نظرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الالتفات، وأقرهم على ذلك، فدل على أن الالتفات لحاجة لا بأس به.

ومما يدل على ذلك أيضاً ما رواه البخاري أيضاً عن ابن عباس عن سهل بن سعد -وقد سبق مراراً في قصة ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم-: ( ثم أقام بلال الصلاة فتقدم أبو بكر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فطفق الناس يصفقون بأيديهم، وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا كبر في الصلاة لا يلتفت، فلما رأى التصفيق أو التصفيح لا ينقطع التفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه، فتأخر فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن: اجلس حيث أنت، فرفع أبو بكر رضي الله عنه رأسه إلى السماء وحمد الله وأثنى عليه، ثم رجع فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم ) إلى آخر الحديث وهو حديث طويل، وقد سبق معنا في ( إنما التصفيح -أو التصفيق- للنساء ).

فالشاهد من الحديث أن أبا بكر رضي الله عنه التفت، وكذلك قول سهل بن سعد : (وكان أبو بكر لا يلتفت) إشارة إلى أنه قد يحصل من غيره التفات في الصلاة إما بالبصر وإما بالرأس والعنق من غير التفات بالصدر.

الدليل الرابع أيضاً: حديث جابر -وقد رواه مسلم - أنه قال: ( اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، فالتفت فرآنا قياماً فأشار إلينا ) يعني: فجلسوا، وفي آخره في القصة أنه قال لهم في رواية أخرى: ( إن كدتم لتفعلون آنفاً فعل فارس والروم ).

حديث جابر رواه مسلم وفيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم التفت إلى أصحابه )، بل من أصرح ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته يميناً وشمالاً ولا يلوي عنقه وراء ظهره )، والحديث رواه الترمذي وقال: غريب. ورواه أحمد والنسائي والحاكم : وقال الحاكم على شرط البخاري، وقال النووي : إسناده صحيح، وهو كما قال .

ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يلتفت للحاجة يميناً أو شمالاً لكنه لا يلوي عنقه وراء ظهره، وفي بعض مطبوعات الترمذي : ( يلتفت يميناً وشمالاً ويلوي عنقه ) سقط منها حرف النفي ( ولا يلوي )، وهو خطأ فاحش يصحح من المصادر الأخرى، كما في النسائي ومستدرك الحاكم ومسند أحمد : ( ولا يلوي عنقه ) بالنفي لا بالإثبات.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 4784 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 4394 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 4213 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 4095 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 4047 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 4021 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 3974 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 3917 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 3900 استماع
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 3879 استماع