التبرج والسفور


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى أزواجه وآله وصحبه ومن استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعــد:

فيا عباد الله: اعلموا أن الله ما خلقكم ليستكثر بكم من قلة، أو ليستعز بكم من ضعف، وإنما خلقكم لعبادته فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

معاشر المؤمنين: لا شك أننا نعيش نعمة عظيمة لا يحيطها وصف، ولا يدركها بيان، نعمة في أبداننا، وأمناً في أوطاناً ومزيداً في أرزاقنا وذرياتنا: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [النحل:18].

ومن المؤسف حقاً -يا عباد الله- أن نجني على أنفسنا بالسعي الحثيث لزوال تلك النعمة وذلك بما تكسبه الجوارح من الآثام والمعاصي والمنكرات، التي هي أول معول يقوض أطنابها، ويعجل بزوالها، إنا لله وإنا إليه راجعون!

معاشر الأحبة: لاشك أن الطاعات برحمة الله أسباب النعم وأن المعاصي جوالب النقم:

وإن كنت في نعمة فارعها     فإن المعاصي تزيل النعم

وحطها بطاعة رب العباد     فرب العباد سريع النقم

وإياك والظلم مهما استطـعت     فظلم العباد شديد الوخم

وسافر بقلبك بين الورى     لتبصر آثار من قد ظلم

فتلك مساكنهم بعدهم     شهود عليهم ولا تتهم

وما كان شيء عليهم أضر          من الظلم وهو الذي قد قصم

فكم تركوا من جنان ومن قصور     وأخرى عليها أطن

صلوا بالجحيم وفاتوا النعيـم     وكان الذي نالهم كالحلم

عباد الله: المعاصي التي نرتكبها ونراها ونبصرها كثيرة جداً، ولكن ستر الله وعفوه ورحمته تهون أمرها على كثير من الناس، ومع عفو الله وستره فلا يعني ألا نمعن النظر أو نقلب البصر في لون من ألوان المعاصي الذي يقع فيها بعض المسلمين بإقرارهم، وبعض المسلمات بفعلهن، تلكم المعصية التي كانت سبباً لضلال كثير من الشباب، وانحرافهم عن جادة الصواب، وانحرافهم عن جادة الصلاح، وانحدارهم في ألوان المعاصي والآثام واحدة تلو الأخرى، أتدرون ما تلك المعصية؟

إنها جريمة التبرج والسفور، جريمة اجتماعية وعصيان لله، وكسر للفضيلة والحياء، التبرج والسفور إظهار المرأة للرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها ما أوجب الشارع ستره من زينتها ومحاسنها، وكلكم -معاشر الأحباب- يلحظ هذا الأمر جهاراً نهاراً في الأسواق وغيرها.

ومظاهر التبرج في هذه الأيام أخذت أشكالاً متناقضة، فترى المرأة قد غطت وجهها بغطاء شفاف، وارتدت عباءة شفافة أيضاً على كتفيها، وثوباً يقطع ويفصل مفاتنها من أعلاها إلى أسفلها، مع إبداء النحر والذراعين محلاة بالذهب، أو شق جانب الثوب يميناً أو شمالاً لتلتهب الفتنة بخروج الساق عارية، ثم تجوب الأسواق معطرة مزينة بمشية مائلة متمايلة، وإذا خاطبت صاحب الحانوت كشفت عن وجهها وحدثته بلسان متكسر، وعبارة تفوح منها رائحة العبث والفتنة، هذا من أكبر الذنوب، وأخطر المعاصي فتكاً بالنساء والرجال بل بالمجتمع بأسره، فكم من شاب وقع أسيراً لنظرته المسعورة لامرأة كهذه! وكم من رجل واقع الفاحشة ولم يقلع عنها إلى يومه هذا وقد يكون متزوجاً! وكم من رجل زهد في زوجته وتمنى أن لو لم يرها بفتنة تلك المرأة في بصره وقلبه! عجباً عجباً -يا عباد الله- أن تؤثر امرأة ضعيفة! وهي كما يقول القائل:

وهن أضعف خلق الله إنسانا

أن تؤثر بفتنتها ومشيتها وتكسرها في مجتمع بأسره ولا غرابة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما تركت بعدي فتنة أضر على أمتي أو أضر على الرجال من النساء فاتقوا الدنيا واتقوا النساء).

عباد الله: إذا كان القرآن الكريم يخاطبنا بقول الله جل وعلا: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] ذلك في زمان الصحابة وذلك في عصر النبوة والخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف الحال في زماننا هذا وكيف الأمر في واقعنا هذا الذي تكسرت فيه الأقوال! وتلطف الرجال وتكسروا في مقيلهم وقولهم للنساء! إنا لله وإنا إليه راجعون!

فانظروا كم حقق الشيطان من نصر في أولئك بجنديٍ من جنوده وهي المرأة المتبرجة السافرة، ويوم أن نسمع هذا الكلام أو نقوله لا نعني أننا نحكم على النساء قاطبة بالتبرج والسفور؛ بل إن من بينهن من يخرجن لحاجة مقصودة في لبس ساتر، ومشية مستقيمة، قد أسدلت خمارها على وجهها، وأضفت عباءتها على ثوبها الواسع الذي لا يصف مفاتنها، ولبست قفازاً لستر يديها، فهذه لا يجرؤ عابث على ملاحقتها في نظره، ولا يجد الشيطان فيها كميناً ينصبه لفريسته، ولا يملك من رآها إلا أن يدعو لها ولبنات المسلمين بالستر والتوفيق.

نعود إلى مشكلة التبرج والسفور لنرى أن القرآن قد ذكر هذا الموضوع في قوله جل وعلا: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33] فالتبرج من عادات نساء الجاهلية، ولا شك أن امرأة تخرج بهيئة متبرجة فإن الشيطان يستشرفها ويعد بها ولها الفتنة والبلاء بخروجها، ولا يشك مسلم في حرمة هذا الفعل الدنيء، فهو حرام بمقتضى مصالح العباد في تحريمه لو لم يرد دليل ينهى عنه، فكيف وقد جاء الحديث الصحيح الذي يرويه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا .. وكذا ..) فلتعلم النساء، علموهن -يا معاشر الرجال- أن هذا الأمر حرام وشر مستطير، وعلموهن بهذا.

ومن مساوئ هذا التبرج والسفور أن يصاحبه اختلاط المرأة بالرجل وانفراده بها في محله أو معرضه أو في الطابق الثاني من المعرض، فإذا جاءت المرأة متبرجة بالصفة التي ذكرنا، وصاحب ذلك الخلوة والانفراد فقد وقع المحذور إلا ما شاء الله، وكيف لا يقع والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه.

ومما يجرح القلب أن ترى صاحب الحانوت أو المعرض لا يتردد أن يلبس المرأة التي جاءت إلى معرضه، لا يتردد أن يلبسها حلياً أو مصاغاً أو ملبوساً بعد أن مدت يديها له بحجة أنه يساعدها في ذلك، وهو يعبث بيديها ويقلبها بين يديه في صورة المعونة والمساعدة، وهذا واقع في كثير من النساء اليوم، فإن كانت لوحدها فمن الملوم هي أم وليها أو كلاهما جميعاً، وإن كان زوجها بجانبها فهو ديوث على رضائه بما يرى، ولا شك أن ذلك التبرج يشعل فتيل النظرات الجائعة التي أعقبت حسرات وأنات ضائعة، بفعل غافل أو جاهل عن ذكر الله وأمره ونهيه، فلم يقدر عاقبة نظره:

وأعقل الناس من لم يرتكب عملاً     قد لا يفكر ما تجني عواقبه

إن التبرج والسفور لو لم يأت من مصائبه إلا أن يجعل الناس لا يغضون أبصارهم، وأن يطلقوا نظراتهم في الحرام، فكفى به بذاءة وخسة ودناءة، يقول ابن قيم الجوزية :

وكنت متى أرسلت طرفك رائداً     لقلبك يوماً أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر     عليه ولا عن بعضه أنت صابر

ويقول الآخر:

كل الحوادث مبدؤها من النظر     ومعظم النار من مستصغر الشرر

ولهذا الجانب من آثار التبرج وهو النظر حديث يخصه إلا أنا ذكرناه بأنه أول مصيبة تنجم عن رؤية المتبرجات السافرات، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا .. وكذا .. يعني: زانية) رواه الترمذي وقال: حديث صحيح، وفي رواية: (أن المرأة إذا استعطرت فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية) أعوذ بالله من التبرج والسفور، نعوذ بالله ونعيذ نساءنا ومحارمنا وبناتنا من التبرج والسفور، ونسأل الله على ألا يرينا فيهن عورة مهتوكة أو ستراً منكشفاً.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، الحمد لله حمداً يرضي ربنا، الحمد لله حمداً ملء السماء وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، وكلنا لربنا عبد، جل عن الشبيه والمثيل والند والنظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار.

معاشر المسلمين! لا شك أن ضعف الإيمان في قلوبنا، لاشك أن تقاعسنا عن الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقلة العلم الشرعي، وسوء التربية والتوجيه من الأمور التي أورثت نوعاً من هذا الجيل يجوب الأسواق والطرقات غاديات رائحات، لا مهمة لهن إلا الفتنة والبلاء، ومن أراد أن يتأكد من هذا فليقف في السوق لحظة ليتأكد أن جميع من في هذا السوق ما جاءوا لقضاء حاجة وإنما النسبة القليلة التي جاءت لقضاء شيء من حاجاتهن أو حوائجهم، والكثير منهن لو دقق الإنسان النظر لوجد أنهن يجبن السوق غاديات رائحات، ولكن الإنسان إذا دخل السوق لحاجة فهو تراه يمشي مسرعاً لقضاء حاجته وللخروج من هذا المكان الذي هو أبغض البقاع عند الله، فيظن أن الناس مثله في قضاء حوائجهم، وفي نفس المقصد في الإتيان إلى هذا المكان، والواقع خلاف ذلك، ومن اتصل أو جالس رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو أخذ حديثاً من رجال الأمن لعرف أن كثيراً من المصائب تدبر وتحاك، ويكون موقع العمليات فيها هي الحوانيت، فإن لم تكن فموقع التخطيط والمؤامرة، إن ذلك لا يكون عبثاً، وإنما هو أمر مدبر، ومصيبة تحاك، نسأل الله جل وعلا أن يرينا فيمن يدبرون لهذا المجتمع عجائب قدرته، وأن يفضحهم على رءوس الخلائق أجمعين.

معاشر الأحباب: ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس، وقالت عائشة : أما لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم من النساء أو رأى من النساء ما رأينا -تقوله عائشة في زمانها- لمنعهن المساجد) فتأملوا هذا الحديث وانظروا عظم الفارق بين ذلك وزماننا هذا نسأل الله جل وعلا أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

عباد الله: إن للمجلات الخليعة والأفلام الماجنة لدوراً عظيماً في حث تلك الفتيات إلى أن يجبن الأسواق غاديات رائحات، ومتى عرفنا النساء يتوسطن الشارع ويزاحمن الرجال بأكتافهن؟! ومتى رأينا النساء يرفعن أصواتهن في مجامع الرجال إلا يوم أن انتشر هذا البلاء، ونحن الآن في نعمة عظيمة مع عظم هذه النعم ومع انتشار هذه المنكرات في الجانب المقابل نسأل الله ألا يكون ذلك استدراجاً ونسأل الله ألا يعذبنا بذنوب غيرنا: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25].

معاشر الأحباب: ما هو دوركم أمام هذه المشكلة؟ أيكفي أن تسمعوها أو تحوقلون؟! لا يكفي، فلكلٍ دورٌ ومسئوليةٌ أمام هذا الأمر:

أما أول دور: فهو في أنفسنا وأسرنا بالتربية والتوجيه، ومناقشة هذا الموضوع مع محارمنا وبناتنا مناقشة جدية، نبين لألئك الفتيات الغافلات أن هذا أمر مدبر وأن نهايته الانفتاح والإباحية.

الأمر الثاني: أن نبث الوعي بخطورة هذه الظاهرة، وأنها تجني على الأجيال بما تجر عليه من الانحلال والإباحية ولا حول ولا قوة إلا بالله! وهذا الدور بالمشاركة في الندوات والصحف والإذاعة وغيرها من وسائل الإعلام، فلا يترددن مسلم يملك أن يقدم نصيحة في هذا الباب، أو في أي وسيلة من الوسائل يقدمها لينفع المسلمين بذلك.

الأمر الثالث من دورنا: أن ننكر هذا المنكر بأنفسنا أن ننكره بألسنتنا؛ لأن الإنسان حينما تتقد في قلبه نار الغيرة فوالله لا يصبر أن يرى امرأة متبرجة، فإن كانت في سيارة مع زوجها وما أكثر انتشار هذه الظاهرة في هذه الأيام، كثيراً ما ترى المرأة قد كشفت عن وجهها متزينة متجملة في السيارة بجانب زوجها، أفنلوم زوجها أم نلومها هي:

إن كنت لا تدري فتلك مصيبة     وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

دورنا أمام هذا أن نلتفت إلى زوجها في سيارته، وأن نحدثه حديث المشفق الغيور، اتق الله في زوجتك هذه لو يراها جائع لم ير جمالاً لأصابها بعين فابتليت بها وابتلاها بتلك العين، ولو رآها مجرم لا يهمه في أي وادٍ هلك لتبعك وتبعها مع أعوانه ليفتك بك وبها في مصير أن ينال منها ما تشتهيه نفسه، ولو رآها إنسان حاسد أو فاسق لشنع بها ولذكرك في مجالس الناس وأن زوجة فلان رأيتها في المقام كذا .. وكذا .. وأولاً وأخيراً نذكره بأن هذا أمر لا يجوز، فإن كنت مسلماً ومؤمناً وتقول: الإيمان في قلبي فأرنا قليلاً من الإيمان بأمر سهل تأمر به زوجتك، أما إن رأينا امرأة مع سائق من السائقين وما أكثر هذا الأمر! أن تجد المرأة متبرجة كاشفة وولي الأمر في تلك اللحظة هو السائق، لا يملك أن يرد عنها قليلاً حتى لو ضيق ذلك السائق إلى أضيق الطريق، أو يلجأ إلى أن يقف بسيارته لينال أولئك العابثون من هذه المرأة شيئاً، فإنه سائق مسكين لا يملك حولاً ولا قولاً ولا قوة، وبعد ذلك قد تنتهي هذه المصيبة بهذه المرأة بسبب تفريط وليها في هذا الواقع، علينا إذا أمكننا في ذلك إن رأيناها في سيارته أو رأيناها في سوق أو في مجمع أو في مستشفى أو في أي مكان أن نكلمها عبارة لطيفة لا تكسر فيها ولا خضوع؛ لأن المرأة لا تتحمل ما يتحمله الرجال من غلظة القول وغضاضته، علينا أن نقول لها: اتقي الله واستري نفسك هداك الله، اتقي الله، وأنت بهذا تعرضين نفسك ستر الله عليك، بدعاء قليل، وكلمات طيبة، فإنها لا شك أنها تبادر بالخجل، وقد لا تنقاد في المرة الأولى لهذه النصيحة ولكن بتكرار هذه النصيحة منك ومن أخيك ومن غيرك من أبناء هذا المجتمع، فإن النتيجة في نهاية الأمر تكون ولله الحمد ظاهرة منكرة غيرناها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يستر على نسائنا ونساء المسلمين، اللهم يا فرج المكروبين ويا نصير المستضعفين ويا إله الأولين والآخرين! نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى وباسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت أن تستر على نسائنا، اللهم لا ترينا فيهن فضيحة، اللهم لا ترينا فيهن عورة مكشوفة ولا ستراً مهتوكاً.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد المسلمين بسوء، وأراد المسلمين في هذا البلد خاصة وغيرها من البلاد عامة، اللهم من أرادهم بسوء وأراد ولاة أمورنا بفتنة وعلماءنا بمكيدة، وشبابنا بضلال، ونساءنا بتبرج وسفور اللهم فاجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم أرنا فيه يوماً أسود، اللهم اجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء!

اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلوىً عافية، ومن كل فاحشة أمناً، ومن كل فتنة عصمة، اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا مأسوراً إلا فككت أسره، برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم اغفر لموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً اللهم صل وسلم وزد وبارك على صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، نبيك محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء، وعن بقية العشرة المبشرين بالجنة، وأهل الشجرة وأهل البيعة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين!

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم التواب الرحيم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.