تربية الأبناء


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جلَّ عن الشبيه والند والمثيل والنظير: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم البعث والنشور.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].

معاشر المؤمنين: يقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ التحريم:6].

أيها الأحبة: كلكم يعلم أن هذه الآية الجليلة أصلٌ عظيمٌ وركنٌ متينٌ في باب التربية وفي باب العناية بالنشء والأولاد عامة، والصغار خاصة.

أيها الإخوة: موضوعنا اليوم هو أن نتعرف على ألوان من أساليب تعامل الكثير منا مع أولادهم الصغار.

إن كثيراً من المسلمين -هدانا الله وإياهم لما يحبه ويرضاه- لا يقيمون للطفل الصغير في البيت وزناً، ولا يظهرون له تقديراً أو احتراماً، وقد يعجب بعضكم: ومن هو هذا الصغير الذي هو كفءٌ أن يظهر له التقدير والاحترام؟!

نعم أيها الإخوة! إنه ولدي وولدك وأخي وأخوك وابني وابنك.

عباد الله: بعض المسلمين هداهم الله يتسببون في إحداث العقد النفسية وآلام الانفصام والقلق وعدم ثقة الطفل بنفسه؛ وذلك بنوع المعاملة التي يعاملون بها الأطفال والصغار، فترى الواحد منهم إذا كان عنده ضيوفٌ أو بعض أصدقائه أو جيرانه، تراه إذا دخل ولده الصغير عليهم، طرده قائلاً: اخرج، أو اذهب إلى أمك أو تنحى عن هذا المكان، أو لا ينبغي لك أن تجلس هنا.

أيها الأحبة: إن هذا من الأساليب العقيمة في التربية، وإن هذا الأسلوب والسلوك مع الصغار ليحطم جرأتهم، وليقلل كثيراً من قدراتهم ومواهبهم التي ربما نلنا منها خيراً كثيراً لو فتحنا مجال المعاملة، وفتح باب الصدر معهم.

فالذي ينبغي لنا يا عباد الله! أن نلتفت لهذا الصغير، وأن نعامله معاملة كريمة، فإذا دخل عليك في مجلسٍ وأنت ترغب أن يجلس معك فيه أحد، فلا تطرده من أول وهلة من حين دخوله، دعه حتى يجلس، ثم ناده بعبارة لطيفة هادئة، فإذا استقر مكانه بجانبك خاطبه كأنك تخاطب رجلاً كبيراً عاقلاً، وإن كان لا يفهم كثيراً مما تقول؛ لكن ينبغي أن تخاطبه كما تخاطب الكبار في سنهم، فتقول له: يا ولدي، لي مع جاري هذا أو صديقنا حديثٌ خاص أود ألَّا يشاركنا فيه أحد، فلو سمحت بالذهاب إلى داخل البيت، أو تركت لنا الفرصة والمجال لنتحدث سوياً، عند ذلك سيطرق الطفل برأسه وسيحرك رأسه ويظهر لك أنه يفهم ما تقول، وإن كان لم يفهم من كلامك إلا رغبتك في انصرافه، لكنه على أية حال علم أنك أقمت له وزناً، ولمكانته قدراً، وخاطبته بأسلوبٍ يحبه ويريحه، خاصة أمام الآخرين.

إن الكثير من الآباء الذين وقعوا في زجر وطرد أبنائهم، وبعضهم يقعون في سب وشتيمة أطفالهم، سواء في المنزل أو أمام الضيوف، أو أمام أولاد الأقارب والأصدقاء والجيران، إنهم ليجنون جريمة تربوية في حق أطفالهم ونشئهم، أتدرون ما يحدث هذا النوع من المعاملة للأطفال الصغار؟

إنه يحدث لهم عقداً نفسية، فيظنون أنهم غير قادرين على مخاطبة الكبار، ويظهر ذلك يوم أن يأتي صديقٌ من أصدقائك إلى منـزلك فيريد أن يسأل عنك فلا يستطيع هذا الطفل جواباً، بل قد تجده يحرك رأسه يمنة ويسرة أو يتمتم بكلماتٍ وعبارات لا تفهم، في حين أن من في سنه من الأطفال يتحدثون ويتكلمون ويفهمون الكلام ويردون الجواب، وما سبب تلك المشكلة في نفس ذلك الطفل إلا نوع المعاملة التي لقيها من أبيه وأمه.

أمرٌ آخر: أن الطفل إذا أخطأ في بعض الحالات فكثيرٌ منا يظهر مقدرته الرجولية وكفاءته التربوية بضرب هذا الطفل الصغير وجلده ومعاقبته أمام أبناء الجيران، وأمام أولاد الأقارب والأصدقاء، وهذا خطأٌ عظيم، إذ أن طفلك في حقيقة أمره يود لو جلدته ألوان الجلد سراً، المهم ألا يراه الصغار من أبناء الجيران أو الأقارب وهو يهان ويضرب ويجلد، لأنه يعلم في قرارة نفسه -وإن لم يستطع التعبير عن هذا- أن مكانته واحترامه أمام أنداده وأقرانه من الصغار تظهر من نوع معاملة الوالدين له، فإذا أخطأ طفلك أو ارتكب خطأً من الأخطاء ؛ فواجب عليك أن تدعوه على انفراد، وتخلو به، وتشرح له حقيقة ما فعل، وأخطاء ما ارتكب، وما يترتب على ذلك لو أنه فعل هذه الفعلة مرة أخرى، هكذا ينبغي أن نعامل الصغار، وهكذا ينبغي أن نحترم قدراتهم ومواهبهم.

إن هذه الطائفة من الأجيال الصغار الذين نظن أنهم لا يحسنون نطقاً ولا يفهمون كلاماً، ولا يجيدون تصرفاً، إن الكثير منهم ليملك مواهب عالية، وطاقاتٍ عجيبة، لكنها في حدود سنه، وفي حدود الزمن، وفي حدود المرحلة التي يمر بها، فإذا أحسنا التعامل مع حدود هذا الطفل من حيث سنه ومرحلته، فإننا نجني مع ذلك خيراً عظيماً.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنبٍ، إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار عياذاً بالله من ذلك.

تواضع النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال

أيها الإخوة: قد يعجب بعضكم من حديثنا آنف الذكر وهو أن نقيم للأطفال قدراً واحتراماً، أقول: لا تعجبوا ولا تستغربوا، فإن ذلك من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، يقول أنسٌ رضي الله عنه: [كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر على الصبيان سلَّم عليهم].

إن كثيراً منا ليمر على الكثير من الأطفال الصغار، فيربأ بنفسه أن يلتفت برأسه باسماً أو باشاً إليهم، وبعضهم يرتفع بقدره عن أن يسلم عليهم، لست أفضل من نبينا، ولست أكرم من رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي يقف للعجوز والصغير والكبير، يقول أنس: (كان يسلم على الصبيان) فهذا دليلٌ وأصلٌ وقاعدةٌ في احترام الأطفال الصغار وإظهار قدرهم؛ لأنه منذ تلك اللحظة التي يدرك الصغير فيها أننا نسلم عليه ونلتفت له، ويعلم أن ألواناً من الآداب والأخلاق لابد أن تسود هذا المجتمع في جانب المعاملة، وفي جانب معاملة الصغار للكبار، والكبار للصغار، فينشأ عليها نشأة تربوية إسلامية صالحة، أما أن نترفع عنهم، أو نسبهم، أو نشتمهم، أو نظهر لهم ألوان السباب والكلام البذيء، فإنهم يلتقطون منا ما نخرجه إليهم وسيردون البضاعة علينا في يومٍ من الأيام؛ فينبغي أن نقدم لهم بضاعةً نظيفةً طيبةً صالحة، حتى إذا دار النقاش أو حصل الكلام، سمعنا منهم ألطف العبارة، وألين الكلام، وأجمل الأساليب؛ لأننا نحن الذين زرعنا وبذرنا ذلك في نفوسهم، فعند ذلك نحصد ثمرته، ونجني عاقبته.

إن بعض الآباء هداهم الله لا يرون للأطفال محبة ولا تقديراً أو كرامة، بل إن بعضهم لا يكون في قلبه الرحمة لأولاده، ولعل الكثير منهم بسبب تبلد حسه لا يلتفت إلا إلى الصغير منهم فقط، وقد لا يلتفت إليه، وأما بقية أولاده فإنه لا يلتفت إليه ولا يداعبه ولا يلاعبه ولا يمازحه، وهذا خطأٌ عظيم، إن هذا نوعٌ من الجفوة والقسوة.

دخل الأقرع بن حابس على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فرأى أحد بني ابنته جالساً على رجله يقبله، فقال الأقرع بن حابس : (أوتقبلون صبيانكم يا رسول الله؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، فقال صلى الله عليه وسلم: أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك، من لا يَرحم لا يُرحم).

إذاً يا عباد الله: أظهروا وأبرزوا وبينوا معالم العطف والرحمة باحتضان الأطفال، وبالالتفات لكلامهم، وتفهم ما يحتاجونه، والنظر إليهم بعين التقدير والاحترام، فهذا كفيلٌ وحريٌ بأن يظهر ويغرس نوع المعاملة المبنية على الكرامة والتقدير والاحترام بين الولد ووالده.

ألسنا نرى كثيراً من الآباء يدعو ولده فلا يلتفت إليه، وينادي ولده فلا يجيبه، ويصرخ بولده فكأن شيئاً لم يحدث! لماذا؟ لأن الطفل مراتٍ ومرات، صاح بوالده، يا أبتِ! ما هذا؟ فلا يجيبه، يا أبتِ! أخبرني عن هذا؟ فلا يلتفت إليه، يا أبتِ! ما هو السبب في هذا؟ فلا يقيم لسؤاله وزناً ولا قدراً، فعند ذلك يعامله بنفس الأسلوب في باب جواب النداء، فلا يلتفت الصغير إلى الأب يوم يناديه، ولا يلقي له بالاً في كثيرٍ من الأحيان والأحوال.

وعلى أية حال، إنك لن تجني من الشوك العنب، ينبغي أن نتفهم أحوال صغارنا وأن نلتفت لهم، وإن مما يؤسف له أن نرى بعض الأسر الغربية في دول الحضارة الغربية الساقطة من الذين أقاموا لهذه الناحية وزناً وقدراً في مرحلة الطفولة، لكنهم سرعان ما يضيعون جهودهم يوم أن يصل الفتى أو الفتاة إلى مرحلة المراهقة، فيطلقون باب الإباحية والعلاقة المفتوحة لهم، على أي صعيدٍ وعلى أي مستوى، وبأي أسلوبٍ يتعرفون ويرتبط بعضهم ببعض.

ينبغي أن نكون -معاشر المسلمين- سباقين لهذا الأمر وأن نفهمه، لا سيما وأن له أصولاً عظيمة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ واقفاً يخطب، فإذا بأحد بنيه يمشي يتعثر في ثوبٍ له، فنزل صلى الله عليه وسلم وحمله على يده، وأتم خطبته وحديثه، لقد كان صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ ساجداً فجاء الحسن أو الحسين فركب على ظهره والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطعه، فلما أكمل صلاته قال: (إن ابني هذا ارتحلني -أي: جعلني رحلا- فتركته حتى قضى نهمته، ثم نزل، ثم قمت إلى صلاتي) لقد جاءت أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسول صلى الله عليه وسلم يصلي، فلما تعلقت عند رجله حملها وأخذ يركع ويسجد وهي في يده، أي عطفٍ! وأي شفقةٍ! وأي رحمة!

أين أرباب التربية؟ وأين أساتذة الأخلاق؟ وأين دكاترة الأخلاق والنبل؟ أفلا يرون في هذا النبي الكريم الأمي الذي لم يقرأ ولم يكتب أروع المثل في سيرته وفي كلامه وفعله، أروع التجارب وأصدق الخبرات في باب التربية؟ إن كثيراً من المسلمين عن هذا غافلون.

سلبية الآباء في إشغال أبنائهم

عباد الله: بقي مسألة خطيرة، والكلام عن جوانب تربية الصغار له جوانب شتى، والحديث عنه يطول، بقي مسألة أو مسألتان، أما المسألة الأولى فهي أن بعض الآباء إذا شكا من كثرة كلام ولده أو كثرة أسئلته فكر في طريقة سلبية للحل، واعلموا أن كثرة كلام الطفل وكثرة أسئلته ليس أمراً غريباً، بل هي فرصة التوجيه والتربية والتعليم عن طريق السؤال والجواب، بعض الآباء حينما يشكو من هذه الظاهرة، في تلك المرحلة من مراحل نمو ولده، ماذا يفعل؟ يشتري جهاز فيديو، ويشتري خمسين أو عشرين فيلماً من أفلام الكرتون كما تسمى، أو الصور المتحركة، ثم يضعها لهذا الطفل، ويقول للخادمة: إذا استيقظ، فاجعلي له هذا الشريط، فإذا انتهى فاجعلي له هذا الشريط، وعند ذلك من الذي يربي الطفل؟ إنه الشريط، من الذي يوجه الطفل؟ إنه فلم الفيديو، من الذي يعلم؟ إنها الصور المتحركة، هذه جريمة تربوية يفعلها ويجنيها كثيرٌ من الآباء على أبنائهم، فإذا قارب الولد دخول سن الدراسة وجد الأب عند طفله عزوفاً عن التعليم، ورغبة في الدلال، وحباً فيما يشتهي، وكراهية لما هو مقبلٌ عليه من التربية والتعليم، ثم يقول: هذا ولدٌ سيماه الفشل، هذا ولدٌ ضعيف، هذا ولدٌ كذا، ونقول بصريح العبارة: الفاشل أبوه، والضعيف أبوه، والمسكين أبوه الذي جعل الأفلام المتحركة هي التي تربيه، إنني أنصح كثيراً من الآباء أن يرفعوا هذه الوسيلة عن أبنائهم، إنها والله وسيلة مدمرة وفتاكة وقاتلة، إنها تهدم ما يبنى من العقائد، وتكسر ما ينشأ من التربية.

وينشأ ناشئ الفتيان منا     على ما كان عوده أبوه

عودته على هذه الأفلام وعلى هذه الصور المتحركة، كيف ترجو منه احتراماً للأذان يوم أن يرفع؟ وكيف ترجو منه حباً للصلاة يوم أن ينادى إليها؟ وكيف ترجو منه حباً وبراً ومعاملة طيبة وأنت الذي قدمت له السم الزعاف بيدك؟

فمن وقع في هذا فليرفعه عن ولده، لا بأس أن بعض الآباء يحتاجون إلى هذا الجهاز -الفيديو- وهو جهازٌ كسائر الأجهزة؛ وإن كان غلب في هذا الزمان استعماله في الضلال والباطل، لكن بعض الآباء قد يقدم هذا الجهاز ويجعل فيه أفلاماً عن تعليم اللغة العربية، وتعليم الأرقام، وتعليم العمليات الحسابية، لا بأس بهذا، ما دام الأب موجوداً ومراقباً ومطلعاً وشاهداً وحسيباً على ما يحدث وعلى ما يعرض أمام ولده، فإذا انتهى الدرس أو المادة، عند ذلك أغلق الجهاز حتى لا يكون وسيلة إلى دس الأشرطة الخفية بين الجارات والفتيات والأطفال والأصدقاء، لكي يُنظر بعد هذا الدرس إلى ما لا تحمد عقباه، وما لا يجوز النظر إليه.

دعوة الآباء إلى الإصلاح

عباد الله: مسائل التربية وعلاقتنا بأطفالنا ينبغي أن نجدد النظر فيها، ينبغي أن نتمعن فيها، ينبغي أن نلتفت لأنفسنا فيها.

من منكم في ساعة من اليوم أو في يومٍ من الأسبوع أو أسبوعٍ من الشهر وقف وجمع أولاده وقرأ عليهم حديثين أو ثلاثة من رياض الصالحين، وشرح لهم معانيها، أو قرأ عليهم آية من الآيات وبيَّن لهم أحكامها، أو عوَّد طفله على كثيرٍ من الآداب الإسلامية عند الاستيقاظ وعند النوم، وعند بدء الطعام، وعند الفراغ منه، وعند الدخول، وعند الخروج، وعند ركوب السيارة، إلى غير ذلك؛ لكي يربط الطفل بذكر الله جل وعلا منذ نعومة أظافره، وعند ذلك نحمد تربيته ونجني الثمرة المرجوة منه.

أسأل الله جل وعلا أن يردنا إلى الحق رداً جميلاً، وأن يعيننا على تربية أولادنا وأطفالنا، وتفهم مشاكلهم، ومعرفة ما يدور في أنفسهم، وتفريغ كثيرٍ من الأوقات أو جزءٍ من الأوقات لمعاملتهم وإشباع حاجاتهم ورغباتهم، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، وأبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بنا سوءاً فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء.

اللهم عليك بـالجعفرية ، اللهم عليك بـالاثني عشرية، اللهم لا ترفع سوط عذابك عنهم، وارفع اللهم يد رحمتك عنهم، اللهم اجعلهم بدداً، ولا تبق فيهم أحداً، اللهم أشعل فتيل الفرقة بينهم، اللهم أشعل نار الفتنة بينهم.

اللهم اهلك الظالمين بالظالمين، اللهم اهلك الظالمين بالظالمين، اللهم اهلك الظالمين بالظالمين، وأخرج أمة محمدٍ من بينهم سالمين غانمين.

اللهم وفقنا لما تحب وترضى وجنبنا أسباب سخطك، اللهم ارفع وادفع عنا البلاء والزنا والربا والزلازل والمحن والفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من سيئ الأوجاع والأسقام، اللهم لا تعذبنا بذنوبنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا باغياً إلا قطعته، ولا غائباً إلا رددته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ذريةً صالحةً وهبته.

اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً اللهم جازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.

اللهم احفظ إمام المسلمين، وأصلح بطانته، واهدِ قلبه، وأصلح مضغة قلبه، اللهم اجمع شمله وإخوانه وأعوانه على ما يرضيك يا رب العالمين، اللهم لا تفرح علينا ولا عليهم عدواً، ولا تشمت بنا ولا بهم حاسداً، برحمتك يا أرحم الراحمين.

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلَّ وسلم وزد وبارك على نبيك محمدٍ، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنّك وكرمك يا أرحم الراحمين.

إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.