الروض المربع - كتاب البيع [25]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم! وبعد:

فقد قال المؤلف رحمه الله: [ وإن اشترى السلعة بثمن مؤجل، أو اشترى ممن لا تقبل شهادته له كأبيه وابنه وزوجته، أو اشترى شيئاً بأكثر من ثمنه حيلة أو محاباة لرغبة تخصه، أو موسم فات، أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن الذي اشتراها به، ولم يبين ذلك للمشتري في تخييره بالثمن فلمشتر الخيار بين الإمساك والرد كالتدليس ].

شراء البائع السلعة بثمن مؤجل ثم بيعها برأس مالها حالة

يقول: هذا من صور التغرير في الإخبار برأس المال، وذكر منها أن البائع إن اشترى السلعة بثمن مؤجل، ثم باع السلعة برأس مالها على أنها حالة وزيادة عشرة صار غاراً للمشتري؛ لأن الثمن المؤجل ليس مثل الثمن الحالي، فالأجل له وقع في الثمن، فلو اشترى السلعة بمائة ألف مؤجلة فإن الحالة تكون تقريباً بثمانين أو بتسعين أو بسبعين، وعلى هذا فإن إخبار البائع المشتري برأس المال دون إخباره بأنه اشتراها مؤجلة فإن ذلك يعد تغريراً، وإذا ثبت للمشتري أن ذلك تغرير يدخل فيه الخلاف هل يحط أم يفسخ؟ ويكون الحط برضا الطرفين، وقد قلنا: إن الراجح هو أن يفسخ أو أن يقبل، أما الحط فهو معاوضة جديدة لا بد فيها من رضا الطرفين والله أعلم.

شراء البائع ممن لا تقبل شهادته

قول المؤلف: (أو اشترى ممن لا تقبل شهادته)؛ لأن ذلك نوع محاباة، فلو أن الابن اشترى من والده، فالغالب أن شراء الابن من الوالد فيه محاباة للولد، أو اشترى الوالد من ابنه فإن الأب في الغالب يحابي ابنه فيشتريها بأعلى من سعر السوق، فإذا اشترى الأب من الابن الأرض التي قيمتها مثلاً خمسين ألفاً فاشتراها بستين ألفاً، ثم أراد بعد ذلك أن يبيع على سلطان، فيقول: أبيعك برأس مالها بستين ألفاً، فعلم سلطان أنه ما اشتراها بستين ألفاً إلا من ابنه الذي أراد أن يحابيه في ذلك، فلسلطان الخيار بين إمضاء البيع أو الفسخ على القول الأول، أو أن يلزم البائع بحق المال أو النسبة التي حابى ابنه فيها، أو زوجته، أو غير ذلك.

شراء البائع شيئاً بأكثر من ثمنه حيلة أو محاباة لرغبة تخصه

قول المؤلف: (أو اشترى شيئاً بأكثر من ثمنه حيلة، أو محاباة لرغبة تخصه، أو موسم فات)، أحياناً أنا أريد الأرض التي بجانب أرضي، ومحمد يعلم أني أنا أريد هذه الأرض، فيقول: لا أريد أن أبيعها، سعر المتر في السوق الآن بألف ريال، ومحمد علم أنني أريدها، فبطبيعة الحال أنني سوف ألح على محمد أن يشتريها أليس كذلك؛ لأجل أن يبنيها لابنه مثلاً، فمحمد أصر ألا يبيعها، وأنا محتاجها؛ لأني أريد أن يكون ابني قريباً مني، فأشتري المتر بألف ومائتين ريال، ثم ابني بعد ذلك إذا اشتريتها لم يرغب أن يجاورني مثلاً، فآتي لسلطان وأقول: أبيعك برأس مالها بألف ومائتين، الواقع أن ألفاً ومائتين أعلى من سعر السوق، وإنني اشتريتها رغبة، ولكن ليس هذا سعر السوق، فحينئذٍ لا يجوز لي أن أقول ذلك؛ لأن هذا ليس هو سعر السوق الذي يتبايع به الناس.

ومن ذلك إذا اشتراها حيلة، مثل أن يكون زيد استقرض من بكر مبلغاً من المال، فأراد بكر أن يبيع السيارة على زيد الذي هو المستقرض لسيارته فيقول المستقرض: أشتريها منك بمائة ألف والواقع أن قيمة السيارة ثمانون ألفاً، لكن جاء المستقرض فاشتراها بأعلى حيلة لأجل أن يربحه بالقرض، فلا يجوز لزيد بعد ذلك أن يقول: اشتريتها بمائة ألف، وإنما اشتراها بمائة ألف حيلة؛ لأجل أن يربح المقرض ثمن القرض، ولأجل هذا انظر فقه السلف وفقه الأئمة وفقه الفقهاء حينما علموا التحايل الذي يحصل في هذا الباب والله أعلم، ولهذا قال: (حيلة أو محاباة أو لرغبة تخصه) مثلما ذكرنا في الأرض التي تجاور البائع.

شراء البائع شيئاً بأكثر من ثمنه لموسم فات

قول المؤلف: (أو موسم فات)، الآن قيمة العلف وقت الزرع ليس مثل قيمته وقت الشتاء، فلا يجوز للبائع إذا اشترى العلف مثلاً في موسم الجدب، فإن الموسم غالي إذا قل الزرع ارتفع قيمته الذي خزن، فيأتي البائع في وقت غير التخزين، فيبيعه يقول: اشتريت الذي يسمونها هذه الحزمة يقول: اشتريتها بثلاثين، والواقع أنه اشتراها بثلاثين في موسم الغلاء، والآن يبيعها في موسم التواجد، فلا يجوز؛ لأن ذلك موسم يختلف، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

بيع بعض الصفقة بقسطها من الثمن المشترى به

قول المؤلف: (أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن الذي اشتراها به)، يعني: إذا باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن الذي اشتراها به، ولم يبين ذلك للمشتري في تخبيره بالثمن، فللمشتري الخيار بين الإمساك والرد في التدليس.

صورة المسألة: لو اشترى شيئين صفقة واحدة، ثم أراد البائع أن يبيع أحدهما بتخبير الثمن، فلا يجوز أن يقول بنصفها؛ لأن الشيئين ربما يكون له قيمة غير قيمتها مقسطة، فلو قال لك: إن اشتريت بواحدة قيمتها عشرة، وإن اشتريت ثنتين أعطيك إياها بخمسة عشر، فإذا قال بهذه الطريقة، فإنه لا يجوز له أن يبيع بعد ذلك الواحدة على أنها بعشرة؛ لأنه إنما اشترى اثنتين بخمسة عشر، فيجب عليه أن يقول: سبعة ونصف، أما أن يقول: بعشرة بناء على أن الناس يتبايعون بعشرة، فهذا لا يجوز؛ لأنه لم يكن منصفاً في هذا والله أعلم.

يقول: هذا من صور التغرير في الإخبار برأس المال، وذكر منها أن البائع إن اشترى السلعة بثمن مؤجل، ثم باع السلعة برأس مالها على أنها حالة وزيادة عشرة صار غاراً للمشتري؛ لأن الثمن المؤجل ليس مثل الثمن الحالي، فالأجل له وقع في الثمن، فلو اشترى السلعة بمائة ألف مؤجلة فإن الحالة تكون تقريباً بثمانين أو بتسعين أو بسبعين، وعلى هذا فإن إخبار البائع المشتري برأس المال دون إخباره بأنه اشتراها مؤجلة فإن ذلك يعد تغريراً، وإذا ثبت للمشتري أن ذلك تغرير يدخل فيه الخلاف هل يحط أم يفسخ؟ ويكون الحط برضا الطرفين، وقد قلنا: إن الراجح هو أن يفسخ أو أن يقبل، أما الحط فهو معاوضة جديدة لا بد فيها من رضا الطرفين والله أعلم.

قول المؤلف: (أو اشترى ممن لا تقبل شهادته)؛ لأن ذلك نوع محاباة، فلو أن الابن اشترى من والده، فالغالب أن شراء الابن من الوالد فيه محاباة للولد، أو اشترى الوالد من ابنه فإن الأب في الغالب يحابي ابنه فيشتريها بأعلى من سعر السوق، فإذا اشترى الأب من الابن الأرض التي قيمتها مثلاً خمسين ألفاً فاشتراها بستين ألفاً، ثم أراد بعد ذلك أن يبيع على سلطان، فيقول: أبيعك برأس مالها بستين ألفاً، فعلم سلطان أنه ما اشتراها بستين ألفاً إلا من ابنه الذي أراد أن يحابيه في ذلك، فلسلطان الخيار بين إمضاء البيع أو الفسخ على القول الأول، أو أن يلزم البائع بحق المال أو النسبة التي حابى ابنه فيها، أو زوجته، أو غير ذلك.

قول المؤلف: (أو اشترى شيئاً بأكثر من ثمنه حيلة، أو محاباة لرغبة تخصه، أو موسم فات)، أحياناً أنا أريد الأرض التي بجانب أرضي، ومحمد يعلم أني أنا أريد هذه الأرض، فيقول: لا أريد أن أبيعها، سعر المتر في السوق الآن بألف ريال، ومحمد علم أنني أريدها، فبطبيعة الحال أنني سوف ألح على محمد أن يشتريها أليس كذلك؛ لأجل أن يبنيها لابنه مثلاً، فمحمد أصر ألا يبيعها، وأنا محتاجها؛ لأني أريد أن يكون ابني قريباً مني، فأشتري المتر بألف ومائتين ريال، ثم ابني بعد ذلك إذا اشتريتها لم يرغب أن يجاورني مثلاً، فآتي لسلطان وأقول: أبيعك برأس مالها بألف ومائتين، الواقع أن ألفاً ومائتين أعلى من سعر السوق، وإنني اشتريتها رغبة، ولكن ليس هذا سعر السوق، فحينئذٍ لا يجوز لي أن أقول ذلك؛ لأن هذا ليس هو سعر السوق الذي يتبايع به الناس.

ومن ذلك إذا اشتراها حيلة، مثل أن يكون زيد استقرض من بكر مبلغاً من المال، فأراد بكر أن يبيع السيارة على زيد الذي هو المستقرض لسيارته فيقول المستقرض: أشتريها منك بمائة ألف والواقع أن قيمة السيارة ثمانون ألفاً، لكن جاء المستقرض فاشتراها بأعلى حيلة لأجل أن يربحه بالقرض، فلا يجوز لزيد بعد ذلك أن يقول: اشتريتها بمائة ألف، وإنما اشتراها بمائة ألف حيلة؛ لأجل أن يربح المقرض ثمن القرض، ولأجل هذا انظر فقه السلف وفقه الأئمة وفقه الفقهاء حينما علموا التحايل الذي يحصل في هذا الباب والله أعلم، ولهذا قال: (حيلة أو محاباة أو لرغبة تخصه) مثلما ذكرنا في الأرض التي تجاور البائع.

قول المؤلف: (أو موسم فات)، الآن قيمة العلف وقت الزرع ليس مثل قيمته وقت الشتاء، فلا يجوز للبائع إذا اشترى العلف مثلاً في موسم الجدب، فإن الموسم غالي إذا قل الزرع ارتفع قيمته الذي خزن، فيأتي البائع في وقت غير التخزين، فيبيعه يقول: اشتريت الذي يسمونها هذه الحزمة يقول: اشتريتها بثلاثين، والواقع أنه اشتراها بثلاثين في موسم الغلاء، والآن يبيعها في موسم التواجد، فلا يجوز؛ لأن ذلك موسم يختلف، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

قول المؤلف: (أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن الذي اشتراها به)، يعني: إذا باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن الذي اشتراها به، ولم يبين ذلك للمشتري في تخبيره بالثمن، فللمشتري الخيار بين الإمساك والرد في التدليس.

صورة المسألة: لو اشترى شيئين صفقة واحدة، ثم أراد البائع أن يبيع أحدهما بتخبير الثمن، فلا يجوز أن يقول بنصفها؛ لأن الشيئين ربما يكون له قيمة غير قيمتها مقسطة، فلو قال لك: إن اشتريت بواحدة قيمتها عشرة، وإن اشتريت ثنتين أعطيك إياها بخمسة عشر، فإذا قال بهذه الطريقة، فإنه لا يجوز له أن يبيع بعد ذلك الواحدة على أنها بعشرة؛ لأنه إنما اشترى اثنتين بخمسة عشر، فيجب عليه أن يقول: سبعة ونصف، أما أن يقول: بعشرة بناء على أن الناس يتبايعون بعشرة، فهذا لا يجوز؛ لأنه لم يكن منصفاً في هذا والله أعلم.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] 2626 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] 2583 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [42] 2542 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] 2541 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] 2516 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [22] 2448 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] 2382 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [20] 2370 استماع
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] 2351 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [98] 2349 استماع