خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/78"> الشيخ نبيل العوضي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/78?sub=63332"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
قضايا تهم المرأة
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد:
أيتها الأخت الفاضلة، أيتها الأخت الكريمة، عنوان المحاضرة كما سمعتن: قضايا تهم المرأة.
وحديثي إلى المرأة خاصة؛ كيف لا وقد خصص الله جلَّ وعلا سورة كاملة باسم النساء، وجعل لمريم سورة باسمها، كيف لا أخصص حديثاً للمرأة وقد خصص الله جل وعلا لها أحكاماً وأموراً تختص بها عن الرجال.. كيف لا أخص المرأة بحديث وقد خصها النبي عليه الصلاة والسلام في يوم العيد بخطبة كاملة، فبعد أن حدث الناس جميعاً رجالاً ونساءً جاء إلى النساء وخصص لهن خطبة.. كيف لا وقد خصص النبي صلى الله عليه وسلم للنساء في بيت أم عطية مجلساً يأتي إليهن ويحدثهن ويعلمهن، وهكذا كنَّ الصحابيات سباقات إلى مثل هذه المجالس وهذه الأحاديث.
اسمعي أختي الكريمة، ولا تقطعي الحديث، وانتظري حتى أتم حديثي، فهي ساعة تمضي من العمر سوف ترينها في صحيفتك إن شاء الله يوم القيامة.
أختي الكريمة: كيف كنت قبل الإسلام؟ وكيف كانت المرأة قبل الإسلام؟
كانت لا تساوي المتاع والأثاث الذي يرمى بعد أن يبلى.. كانت المرأة منذ أن تخلق على وجه الأرض شؤماً على والديها، كما قال الله تعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [النحل:58-59].
كان الرجل إذا ولدت زوجته بنتاً يتهرب من الناس، يخاف من العار، ويخاف من الفضيحة.. كانوا يتشاءمون بالنساء، يضربونها، يهينونها، بل كانت المرأة إذا مات زوجها، أو مات أبوها، أو مات أخوها، فإنها لا ترث شيئاً مما تركوا، بل كانت تُورث مثل المتاع ومثل الدراهم.
كان الأب يأخذ ابنته الصغيرة.. ما أجملها، وما أحسنا! ويطلب من زوجته أن تزينها وتلبسها أحسن الملابس، وأن ترجلها وتغسلها وتطيبها.
ثم يأخذها ويداعبها ويلاعبها، ثم يذهب بها إلى صحراء قاحلة، لا أحد يراه ولا أحد يعلم به إلا الله جلَّ وعلا، فيحفر حفرة، وتحفر البنت معه وتساعد أباها وترق له، كيف يحفر في ذلك الحر الشديد، فتساعد أباها في الحفر وهي تضحك وتلعب معه وتمازحه، وتظن أن أباها سوف يلعب معها.
وبعد أن يكملوا الحفرة، يأتي إلى تلك البنت البريئة، فينزلها في تلك الحفرة المظلمة الموحشة، فتنزل وهي تضحك وتلعب وتداعب أباها، وبعد أن تنزل تقول لأبيها: يا أبي لماذا لا تخرجني الآن؟ يا أبي لماذا لا تعيديني إلى البيت الآن؟ وبعدها ترى أباها يرمي على وجهها التراب، فتضحك أولاً، ثم تمزح ثانياً، ثم تعلم أن الأمر جد، وأن الأمر على عكس ما كانت تتصور، فتنادي أباها، وتستغيث به وتستنجده، تصيح.. تبكي.. تولول، ولكن بعد قليل ذهب صوتها، وهدأت روحها، وخرجت نفسها.. وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9] بأي ذنب قتلت؟ ألأنها بنت؟! بأي ذنب عذبت؟ ألأنها بنت؟! بأي ذنب صارت كالأثاث والمتاع؟ ألأنها بنت ولأنها أنثى؟!
فلما جاء الإسلام ساوى الله جل وعلا بين الرجل والمرأة، وعدل بينهما، وجعل للرجل أحكاماً خاصة، وللمرأة أحكاماً خاصة، بل جعل لها حقاً حتى في الميراث، فلها حقوق وعليها واجبات.. الإسلام أكرم المرأة، بل جعل بعض النساء خير من كثير من الرجال، قال الله جلَّ وعلا عن مريم: يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:42-43].
أختي الفاضلة: أوجه إليك هذا الحديث؛ لأنك أنت الأم، وأنت الأخت، وأنت الزوجة، وأنت البنت، ولا نجاة للرجل دون المرأة، ولا يستطيع الرجل أن يتخلص من المرأة.. فأوجه إليك هذا الحديث:
أول قضية مهمة يجب أن تنتبهي لها وتستمعي لها هو السؤال الأول، وهي القضية الأولى، سلي نفسك هذا السؤال ثم أجيبي بنفسك على نفسك: لماذا خلقنا الله جل وعلا..؟
لماذا أنزلنا الله على هذه الأرض..؟
لم خلق لنا الأرض والسماء..؟
لم سخر لنا الشمس والقمر..؟
لم خلق الوحش والطير والنبات والزروع لنا..؟
لمَ جعل لنا العينين، واللسان، والشفتين، واليدين، والرجلين..؟
لم كل هذا..؟
ولم كرمنا الله عز وجل بالعقل..؟
أتعرفين لم؟ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115] أتحسبين وتظنين -يا أختي الكريمة- أن الله جل وعلا خلقنا وأوجدنا وسخر لنا كل هذا عبثاً؟ لا والله، ليس الأمر عبثاً، وليس الأمر هزلاً، إن القضية محسومة: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
ثم لك أن تجيبي على هذا السؤال: هل عرفت هذه الغاية مَنْ جَعَلتِ الغاية مِن حياتها أن تكون نجمة، وأن تصير بطلة، وأن تصبح ممثلة صورها في الجرائد؟!
هل فهمت هذه الغاية مَنْ جَعَلت حياتها تلك الأغنية، تنام عليها، وتسهر عليها، وتعيش عليها.. تحفظ كلماتها، وترددها صباح مساء؟!
هل عرفت هذه الغاية مَنْ كان قدوتها وعشيقها ذلك الفاسق المغني، تحلم أن تكون زوجة له، وتحلم أن تنام معه، وتسافر معه، وتعيش معه، وترقص معه.. هل عرفت هذه غاية خلقتها؟!
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [يس:60-61].
هل علمت حقاً أن الله جل وعلا خلقها لعبادته مَنْ جعلت صورتها الفاتنة شبه العارية على غلاف مجلة من أجل أن تروج هذه المجلة؟ أو داخل الصفحات لأجل أن تروج هذه الجريدة وتلك المجلة على حساب عرضها وكرامتها وعفتها وحيائها؟!
هل عرفت الغاية مِن خلقها تلك التي كانت نهايتها فضيحة في دعارة، أو سجن؛ لأنها تتعاطى مخدرات، أو انتحرت من أعلى عمارة أو شاهق؛ لأنها ملت من هذه الحياة وتعبت، وأصابها الضيق والضنك؟! أتعرفين لم؟ لأنها ابتعدت عن الغاية التي خلقها الله جل وعلا.
نساء جهلن الغاية من خلقهن
امرأة كان لها ولدان صغيران، ما أجملهما! الأول عمره سنة ونصف والآخر عمره ثلاث سنوات، كالقمر ليلة البدر، فتعرفت على عشيق لها، وبدأت تكلمه ويكلمها، وتصاحبه ويصاحبها، ولكن في يوم من الأيام طلب العشيق منها أن يرتبط بها بشرط واحد، قالت: وما هو هذا الشرط؟ قال: أن تتخلصي من ولديك. قالت: إنهما ولداي. قال: تتخلصي منهما وإلا تنفصل العلاقة.
فما كان من تلك المرأة إلا أن ذهبت إلى ضفاف نهر، وكان الولدان يلعبان معها، ويداعبان الأم، وألبستهما أحلى الملابس، فكانا كالقمر ليلة البدر.. أركبتهما السيارة، ونزلت منها ولم تطفئها وجعلت السيارة تنزل شيئاً فشيئاً إلى قاع ذلك النهر، والولدان يبكيان ويصيحان من وراء زجاج السيارة، ويناديان أمهما، ولكن ما هي إلا لحظات ودقائق حتى كانا في قاع البحر قد غرقا لتتمتع بعشيقها.. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124] أي حياة هذه؟! وأي عيشة تلك؟!
فلانة من النساء معها مقابلة على الهواء مباشرة في التلفاز: ماذا تتمنين؟ قالت: أتمنى أن أصبح مثل هذه الممثلة، أو تلك المطربة.
امرأة أخرى في الجريدة تعمل معها مقابلة، وهي لم تتجاوز السادسة عشرة من العمر: ما هوايتك؟ قالت: الغناء والطرب. ماذا تتمنين؟ قالت: أتمنى أن أصبح مثل النجمة الفلانية، أو الراقصة الفلانية. من علمك هذا؟ قالت: التلفاز، والمجلات، والجرائد.
وأخرى يقبض عليها في قضية تعاطي المخدرات، أو في دعارة، أو في غيرها، بعد أن فضحت، وعمل معها التحقيق: من أين تعرفت على هذا؟ قالت: في البداية كان شريط غناء، أو كان فيلماً غنائياً، أو مسلسلاً خلاعياً، أو كان في البداية أن تعرفت على فلانة، والآن وصلت إلى ما وصلت إليه.
فتاة تعيش في مستنقع الجاهلية المعاصرة
فدخلت عليها في غرفة كبيرة، والخدم عن يمينها وشمالها، وقد جلس عندها بعض أقربائها وهي منطرحة على الفراش، فسلمت، ثم سألتهم: ما خبرها؟ قالوا: لا ندري، ذهبنا بها إلى كل المستشفيات ولكن لا فائدة! لا ندري ما قصتها، ولا نعلم ما خبرها. فقال لهم الشيخ: أريد أن أتحدث معها هل يمكن هذا؟ قالوا: تحدث معها، ثم طلب منهم أن يحجبوها، فحجبوها.
قال: فجلست وأخذت أسألها: يا فلانة تسمعيني؟ قالت: نعم، قال: أسألك أسئلة فأجيبيني بصراحة، قالت: تفضل. قال: هل تصلين؟ قالت: بصراحة والله لا أصلي. قال لها: هل تقرئين القرآن؟ قالت: منذ زمن بعيد ما قرأت القرآن. قال: هل تتعاطين المخدرات، وتشربين المسكرات؟ قالت: نعم أحياناً. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون! يقول: الشابة صغيرة، لعلها لم تتجاوز العشرين من العمر، وتعمل هذه الأعمال! فقالت الفتاة لما رأت الشيخ تعجب: يا شيخ لم تعجبت؟ لو أخبرتك عن حياتي وعن معيشتي لما تعجبت مني، اسمع يا شيخ كيف أعيش.
اسمعي يا أختي الكريمة! يا من غرتك زهرة الحياة الدنيا! اسمعي إلى هذه الغنية الثرية كيف تعيش في هذه الدنيا.
تقول الفتاة: يا شيخ! أنا في كل يوم أنام في أول النهار ولا أستيقظ إلا بعد غروب الشمس أو في آخر النهار، أقضي النهار كله نوماً، وبعد أن أستيقظ من نومي وأنا في غرفتي، أرفع سماعة الهاتف، فيأتيني ما أطلبه من طعام وشراب.. الخدم حولي، كل ما أشتهيه يأتيني إلى غرفتي، فإذا جاء الليل حضر أصدقائي، تقول: كل ليلة يجتمعون عندي، على الغناء، والطعام والشراب، واللهو والطرب، وفي بعض الأحيان نطلب من نشاء من المطربين أن يأتينا في أي لحظة نريدها.. أي مطرب وأي مغني، بسماعة الهاتف يأتينا إلى غرفتي؛ فيحيي ليلتنا بالغناء والطرب والرقص.
تقول: فنمضي هكذا، وبعض الأحيان يحيي ليالينا أناس ليسوا بإناث ولا ذكور، بين هذا وهذا، فنقضي أغلب الليل هكذا، فإذا اقتربت ساعة الفجر، ذهب كل منا إلى بيته، وبقيت لوحدي، أتقلب على الفراش، أنتظر النوم، وما أن يطلع الصبح وترتفع الشمس حتى أخلد إلى نوم عميق.
تقول: فلا أصحو إلا بعد أن يعلو النهار، ويقترب من نهايته، وتقترب الشمس من الغروب، لأمضي ليلة أخرى في لهو، وطرب، وغناء، وفجور، ورقص، وسكر، وعربدة.
تقول: هذه حياتي، وتلك أيامي، وهذه ليالي.. هل علمت يا شيخ كيف نعيش وكيف نحيا؟!
قال الشيخ: صدق الله وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [طه:124-126].
اسمعي إلى هذه القصص، لتعلمي أن من النساء من تعيش في هذه الدنيا ولا تدري لم تعيش، ولا تدري لم خلقها الله جل وعلا، وصباحها مساؤها لأجل الدنيا، ولأجل الشهوة، والملذات، فوالله ما عرفت لم خلقها الله جل وعلا!
امرأة كان لها ولدان صغيران، ما أجملهما! الأول عمره سنة ونصف والآخر عمره ثلاث سنوات، كالقمر ليلة البدر، فتعرفت على عشيق لها، وبدأت تكلمه ويكلمها، وتصاحبه ويصاحبها، ولكن في يوم من الأيام طلب العشيق منها أن يرتبط بها بشرط واحد، قالت: وما هو هذا الشرط؟ قال: أن تتخلصي من ولديك. قالت: إنهما ولداي. قال: تتخلصي منهما وإلا تنفصل العلاقة.
فما كان من تلك المرأة إلا أن ذهبت إلى ضفاف نهر، وكان الولدان يلعبان معها، ويداعبان الأم، وألبستهما أحلى الملابس، فكانا كالقمر ليلة البدر.. أركبتهما السيارة، ونزلت منها ولم تطفئها وجعلت السيارة تنزل شيئاً فشيئاً إلى قاع ذلك النهر، والولدان يبكيان ويصيحان من وراء زجاج السيارة، ويناديان أمهما، ولكن ما هي إلا لحظات ودقائق حتى كانا في قاع البحر قد غرقا لتتمتع بعشيقها.. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124] أي حياة هذه؟! وأي عيشة تلك؟!
فلانة من النساء معها مقابلة على الهواء مباشرة في التلفاز: ماذا تتمنين؟ قالت: أتمنى أن أصبح مثل هذه الممثلة، أو تلك المطربة.
امرأة أخرى في الجريدة تعمل معها مقابلة، وهي لم تتجاوز السادسة عشرة من العمر: ما هوايتك؟ قالت: الغناء والطرب. ماذا تتمنين؟ قالت: أتمنى أن أصبح مثل النجمة الفلانية، أو الراقصة الفلانية. من علمك هذا؟ قالت: التلفاز، والمجلات، والجرائد.
وأخرى يقبض عليها في قضية تعاطي المخدرات، أو في دعارة، أو في غيرها، بعد أن فضحت، وعمل معها التحقيق: من أين تعرفت على هذا؟ قالت: في البداية كان شريط غناء، أو كان فيلماً غنائياً، أو مسلسلاً خلاعياً، أو كان في البداية أن تعرفت على فلانة، والآن وصلت إلى ما وصلت إليه.
يقول شيخ من الشيوخ -واسمعي إلى هذه القصة العجيبة-: دعيت إلى فتاة لأقرأ عليها القرآن -كان يقرأ على الناس، والله جل وعلا يقول: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً [الإسراء:82]- فقلت: أين المكان قالوا: في المستشفى الفلاني، يقول: في مستشفى خاص من أفخم المستشفيات، يقول: فذهبت إلى هذا المستشفى، وكان قد حجز جناحاً كاملاً لهذه الشابة.. يقول: ولم أدخل عليها إلا بعد أن تجاوزت أشخاصاً كثر يسألونني: من تريد؟ وماذا تريد؟ حتى وصلت إلى هذه الفتاة بعد حواجز، وبعد حرس، وبعد خدم، وبعد حشم.. وعلمت أن هذه الفتاة ليست كغيرها من الفتيات، إنها من علية القوم.
فدخلت عليها في غرفة كبيرة، والخدم عن يمينها وشمالها، وقد جلس عندها بعض أقربائها وهي منطرحة على الفراش، فسلمت، ثم سألتهم: ما خبرها؟ قالوا: لا ندري، ذهبنا بها إلى كل المستشفيات ولكن لا فائدة! لا ندري ما قصتها، ولا نعلم ما خبرها. فقال لهم الشيخ: أريد أن أتحدث معها هل يمكن هذا؟ قالوا: تحدث معها، ثم طلب منهم أن يحجبوها، فحجبوها.
قال: فجلست وأخذت أسألها: يا فلانة تسمعيني؟ قالت: نعم، قال: أسألك أسئلة فأجيبيني بصراحة، قالت: تفضل. قال: هل تصلين؟ قالت: بصراحة والله لا أصلي. قال لها: هل تقرئين القرآن؟ قالت: منذ زمن بعيد ما قرأت القرآن. قال: هل تتعاطين المخدرات، وتشربين المسكرات؟ قالت: نعم أحياناً. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون! يقول: الشابة صغيرة، لعلها لم تتجاوز العشرين من العمر، وتعمل هذه الأعمال! فقالت الفتاة لما رأت الشيخ تعجب: يا شيخ لم تعجبت؟ لو أخبرتك عن حياتي وعن معيشتي لما تعجبت مني، اسمع يا شيخ كيف أعيش.
اسمعي يا أختي الكريمة! يا من غرتك زهرة الحياة الدنيا! اسمعي إلى هذه الغنية الثرية كيف تعيش في هذه الدنيا.
تقول الفتاة: يا شيخ! أنا في كل يوم أنام في أول النهار ولا أستيقظ إلا بعد غروب الشمس أو في آخر النهار، أقضي النهار كله نوماً، وبعد أن أستيقظ من نومي وأنا في غرفتي، أرفع سماعة الهاتف، فيأتيني ما أطلبه من طعام وشراب.. الخدم حولي، كل ما أشتهيه يأتيني إلى غرفتي، فإذا جاء الليل حضر أصدقائي، تقول: كل ليلة يجتمعون عندي، على الغناء، والطعام والشراب، واللهو والطرب، وفي بعض الأحيان نطلب من نشاء من المطربين أن يأتينا في أي لحظة نريدها.. أي مطرب وأي مغني، بسماعة الهاتف يأتينا إلى غرفتي؛ فيحيي ليلتنا بالغناء والطرب والرقص.
تقول: فنمضي هكذا، وبعض الأحيان يحيي ليالينا أناس ليسوا بإناث ولا ذكور، بين هذا وهذا، فنقضي أغلب الليل هكذا، فإذا اقتربت ساعة الفجر، ذهب كل منا إلى بيته، وبقيت لوحدي، أتقلب على الفراش، أنتظر النوم، وما أن يطلع الصبح وترتفع الشمس حتى أخلد إلى نوم عميق.
تقول: فلا أصحو إلا بعد أن يعلو النهار، ويقترب من نهايته، وتقترب الشمس من الغروب، لأمضي ليلة أخرى في لهو، وطرب، وغناء، وفجور، ورقص، وسكر، وعربدة.
تقول: هذه حياتي، وتلك أيامي، وهذه ليالي.. هل علمت يا شيخ كيف نعيش وكيف نحيا؟!
قال الشيخ: صدق الله وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [طه:124-126].
لننظر إلى الوجه الآخر والصفحة الأخرى: إنهن نساء وفتيات عرفن لم خلقهن الله جل وعلا.
اسمعي لـعائشة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها: يدخل عليها ابن أختها ليسلم عليها، فينظر إليها وهي تصلي وتقرأ آية وتبكي، يقول: فتركتها ثم جئتها في منتصف النهار، وهي تقرأ الآية نفسها وتبكي.. من هي؟ إنها عائشة ، إنها أم المؤمنين التي بشرت بالجنة، تبكي وهي تقرأ: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [الطور:27].
ماشطة بنت فرعون
ولما أحرقت هي وأولادها الصغار بعثها الله جل وعلا في السماء، وصار لها ولأولادها رائحة طيبة، شمها النبي صلى الله عليه وسلم في المعراج.. الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].
نعم. إن عائشة بكت، وإن ماشطة بنت فرعون أحرق أولادها أمام عينيها، لكن هل تظنين أنهن قد تعذبن في هذه الحياة؟! لا والله، إنهن يعشن أسعد حياة، إنهن خرجن من الدنيا وقد وجدن أسعد وأحلى ما فيها؛ إنها طاعة الله، وذكره سبحانه تعالى.
زوجة فرعون
مريم بنت عمران
أسألك بالله سؤالاً: ماذا نقول عن نسائنا في هذا الزمن؟ تدخل على البائع فتكلمه وتضاحكه، وهي تريد أن يخفض الأسعار، ويتصل عليها رجل في البيت فتضحك معه الساعات الطويلة، وتلين معه في الحديث.. تذهب إلى العمل فتكلم فلاناً وتجالس فلاناً، وتضاحك فلاناً، وتتكشف عند فلان.. تشم رائحتها من مسافة طويلة، ويسمع قرع نعليها من مسافات أطول.. أين هي من مريم عليها السلام التي لما رأت رجلاً ماذا قالت؟ هل سلمت عليه..؟ هل صافحته..؟ هل ضحكت معه..؟ هل استبشرت به في خلوتها..؟ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً [مريم:18] فلما أخبرها أنه ليس برجل وأنه ملك مرسل من الله جل وعلا، ماذا قالت؟ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً [مريم:20] الله أكبر! تخاف على سمعتها، وتخاف على عرضها، وتخاف على كرامتها وعلى شرفها.. أين نحن من مريم البتول عليها السلام؟
ولما جاءها المخاض قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا [مريم:23] مع أن الولد نبي من الأنبياء، والذي نفخ فيه الروح هو أفضل ملك من الملائكة، وبأمر الله جل وعلا، ولكنها قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً [مريم:23] أرأيتِ العفاف؟ أرأيت الطهارة؟ أرأيتِ الكرامة التي أكرمها الله عز وجل بها؟
ألم تسمعي عن ماشطة بنت فرعون التي نظرت إلى أولادها يحرقون واحداً تلو الآخر، وهي صابرة على دينها، ثابتة على عقيدتها، وقبل أن تحرق طلبت من فرعون طلباً، قالت: أطلب منك إذا أحرقتني أن تجمع عظامي وعظام أولادي في كفن وتدفننا جميعاً.
ولما أحرقت هي وأولادها الصغار بعثها الله جل وعلا في السماء، وصار لها ولأولادها رائحة طيبة، شمها النبي صلى الله عليه وسلم في المعراج.. الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].
نعم. إن عائشة بكت، وإن ماشطة بنت فرعون أحرق أولادها أمام عينيها، لكن هل تظنين أنهن قد تعذبن في هذه الحياة؟! لا والله، إنهن يعشن أسعد حياة، إنهن خرجن من الدنيا وقد وجدن أسعد وأحلى ما فيها؛ إنها طاعة الله، وذكره سبحانه تعالى.
زوجة فرعون التي أظهرت إيمانها بالله وكفرها بزوجها.. بفرعون الذي قتل الأولاد في أرحام أمهاتهم، الذي قتل الرجال واستحيا النساء، فرعون الذي كان يقول: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات:24] خرجت زوجته من قصره تقول: ربي في السماء، كفرت بك وبما تعبد من دون الله.. زوجته الصابرة المؤمنة التقية العابدة.. فربطها فرعون في صحراء قاحلة، وأجاعها، وعذبها، وضربها، وقال لجنوده: ارفعوا صخرة من أعلى مكان، وارموها عليها لتقتلوها بها، ثم قال لها: هل ترجعين عن دينك؟ قالت: والله لا أرجع عن ديني طرفة عين. فربطها، وحملوا صخرة كبيرة ورموها عليها، فقالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم:11] فلما دعت بهذا الدعاء، والصخرة لما تنزل عليها، قبض الله روحها قبل أن تصل الصخرة إلى جسدها.. إنها لحظات، لكنه صدق الدعاء، وصدق الإيمان بالله جل وعلا.