شرح الأصول الثلاثة - الأصل الثالث [3]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين، أما بعد:

فيقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: [وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين، والدليل قوله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165]، وأولهم نوح عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم النبيين.

والدليل على أن أولهم نوح عليه السلام قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ [النساء:163]، وكل أمة بعث الله إليها رسولاً من نوح إلى محمد يأمرهم بعبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة الطاغوت، والدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]].

هذا هو الأصل الثالث مما جاءت به الرسل، ألا وهو وجوب الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى، أرسل إلى خلقه رسلاً بعثهم يدعون الناس إلى التوحيد، ويحذرونهم من الشرك.

قال المؤلف رحمه الله: [وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين]

.

أي: يبشرون أهل الإيمان والطاعة والمستجيبين لهم من الموحدين، وينذرون من أنكر من أهل الكفر والمعصية والشرك.

قال: [والدليل قوله تعالى: رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165] ] أي: الدليل على أن الله بعث رسلاً وأرسلهم.

والغاية من بعثة الرسل هي قطع حجة المحتجين بأن الله لم يبلغهم ما يجب عليهم.

نوح عليه السلام هو أول الرسل

قال: [وأولهم -أي: أول الرسل- نوح عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم النبيين].

أما كون آخر الرسل محمداً صلى الله عليه وسلم فهذا أمر مجمع عليه، فقد أجمعت الأمة على أنه لا نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لينتظر، ولا كتاب ليرتقب، فآخر الرسل هو محمد صلى الله عليه وسلم، وكل دعوى النبوة بعده ضلال وكفر، وهذا أمر لا خلاف فيه بين أهل الإسلام.

وأما كون أولهم نوحاً فهذا هو الذي دل عليه كتاب الله عز وجل، ودلت عليه السنة، وبه نعلم خطأ كثير من المؤرخين الذين يجعلون أول الرسل إدريس، ويقولون: إن إدريس كان قبل نوح، وهذا مخالف لظاهر كتاب الله عز وجل ولصريح السنة.

قال: [والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ [النساء:163] ] ووجه الدلالة على أن أول الرسل نوح قوله: وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ، ففهم من ذلك أنه لم يكن هناك رسول قبل نوح، وأما آدم فالصحيح أنه نبي وليس برسول، ولم يرسل إلى أحدٍ، وإنما علّّم أبناءه التوحيد، والناس كانوا على الفطرة وليس هناك رسول، وإنما جاءت الرسل حين حصل الشرك، وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه أخبر أن الناس بقوا على التوحيد عشرة قرون، ثم بعد ذلك حصل الشرك، فبعث الله نوحاً عليه السلام يأمر بالتوحيد وينهى عن الشرك، ومن السنة حديث الشفاعة، فإن الناس إذا حزبهم الكرب ذهبوا إلى الأنبياء، وممن يذهبون إليه بعد آدم: نوح عليه السلام، ويقولون له: (أنت أول رسولٍ أرسله الله إلى أهل الأرض)، فدل ذلك على أن نوحاً أول من أرسله الله عز وجل إلى الناس.

دعوة الرسل كلهم كانت إلى التوحيد

قال: [وكل أمة بعث الله إليهم رسولاً من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة الطاغوت، والدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]] وهذا من الأدلة المتكررة في كلام العلماء الدالة على أن الله سبحانه وتعالى أمر الناس بعبادته وحده لا شريك له، ونهاهم عن الشرك به، وذلك في قوله: وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ويدل على ذلك قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وقوله تعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45]، كل هذه وغيرها من الأدلة تدل على أن الرسل اتفقوا في الدعوة إلى التوحيد، وأن دعوتهم واحدة، وهي الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك.

قال: [وأولهم -أي: أول الرسل- نوح عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم النبيين].

أما كون آخر الرسل محمداً صلى الله عليه وسلم فهذا أمر مجمع عليه، فقد أجمعت الأمة على أنه لا نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لينتظر، ولا كتاب ليرتقب، فآخر الرسل هو محمد صلى الله عليه وسلم، وكل دعوى النبوة بعده ضلال وكفر، وهذا أمر لا خلاف فيه بين أهل الإسلام.

وأما كون أولهم نوحاً فهذا هو الذي دل عليه كتاب الله عز وجل، ودلت عليه السنة، وبه نعلم خطأ كثير من المؤرخين الذين يجعلون أول الرسل إدريس، ويقولون: إن إدريس كان قبل نوح، وهذا مخالف لظاهر كتاب الله عز وجل ولصريح السنة.

قال: [والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ [النساء:163] ] ووجه الدلالة على أن أول الرسل نوح قوله: وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ، ففهم من ذلك أنه لم يكن هناك رسول قبل نوح، وأما آدم فالصحيح أنه نبي وليس برسول، ولم يرسل إلى أحدٍ، وإنما علّّم أبناءه التوحيد، والناس كانوا على الفطرة وليس هناك رسول، وإنما جاءت الرسل حين حصل الشرك، وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه أخبر أن الناس بقوا على التوحيد عشرة قرون، ثم بعد ذلك حصل الشرك، فبعث الله نوحاً عليه السلام يأمر بالتوحيد وينهى عن الشرك، ومن السنة حديث الشفاعة، فإن الناس إذا حزبهم الكرب ذهبوا إلى الأنبياء، وممن يذهبون إليه بعد آدم: نوح عليه السلام، ويقولون له: (أنت أول رسولٍ أرسله الله إلى أهل الأرض)، فدل ذلك على أن نوحاً أول من أرسله الله عز وجل إلى الناس.

قال: [وكل أمة بعث الله إليهم رسولاً من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة الطاغوت، والدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36]] وهذا من الأدلة المتكررة في كلام العلماء الدالة على أن الله سبحانه وتعالى أمر الناس بعبادته وحده لا شريك له، ونهاهم عن الشرك به، وذلك في قوله: وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ويدل على ذلك قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وقوله تعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45]، كل هذه وغيرها من الأدلة تدل على أن الرسل اتفقوا في الدعوة إلى التوحيد، وأن دعوتهم واحدة، وهي الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك.