تفسير سورة محمد [1-3]


الحلقة مفرغة

قال الله جل جلاله: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ [محمد:1-2].

هذه سورة محمد عليه الصلاة والسلام، وتسمى كذلك بسورة القتال، وآياتها ثمان وثلاثون آية، وهي مدنية.

وسميت باسم النبي عليه الصلاة والسلام لما في الآية الثانية من أن الإيمان لا يتم إلا بالإيمان به صلى الله عليه وسلم.

وسميت بسورة القتال لما ذكر فيها من القتال والحض عليه والدعوة إليه والجزاء بالجنات وبالرضا وبالشهادة لمن استشهد في سبيل الله.

قال تعالى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ [محمد:1].

أي: الذين كفروا بالله وأشركوا بجلاله ووحدانيته وصدوا عن سبيله ونفروا الناس عن الإيمان به، ودفعوهم للبعد عنه وعن الإيمان به وبأنبيائه هؤلاء يبطل الله أعمالهم ويضلها ويمحقها ويذروها حتى تصبح هباء منثوراً، فلا يقبل منهم حتى ما يعتبر إحساناً أو صلة رحم أو صدقة أو ما أشبه ذلك؛ لأن قبول هذا متعلق بالإيمان بالله، ومن لم يؤمن بالله فلن يقبل منه.

قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ [محمد:2].

أي: والذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء يغفر الله سيئاتهم ويكفرها ويقبل منهم، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ .

والمعنى: من جمع مع الإيمان بالله الإيمان بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل عليه من كتاب ورسالة، فهؤلاء يجازيهم الله بتكفير سيئاتهم ورفع درجاتهم وإصلاح بالهم وشئونهم وأمورهم، ولا يشغل بالهم بشيء.

قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ [محمد:3]:

ذلك: سبب هذا، أي: سبب جزاء المؤمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم أن تكفر سيئاته ويصلح باله، وسبب دخول من كفر بالله ولم يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كتاب الله النار أن الذين كفروا اتبعوا الباطل والذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم، فهذا سببه أن الكافر في كفره اتبع الباطل والشيطان، واتخذه إماماً وقدوة ومثالاً، وذلك سببه أن المؤمنين اتخذوا الحق واتبعوه وجعلوه ديدنهم ودينهم، والحق هو الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكتابه.

قوله تعالى: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ [محمد:3].

كذلك: أي كما بين الله وفصل حال المؤمنين والكافرين يضرب لهم الله أمثالهم، أي: أشباههم، أي: ما يشبه فيه الكافر الكافر والمؤمن المؤمن، فيتبع الكافر أمثاله والمؤمن أمثاله، هذا إلى النار وهذا إلى الجنة؛ حذو القذة بالقذة!


استمع المزيد من الشيخ محمد المنتصر بالله الكتاني - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة محمد [36-38] 2270 استماع
تفسير سورة محمد [8-14] 2159 استماع
تفسير سورة محمد [15-19] 2011 استماع
تفسير سورة محمد [4-7] 1938 استماع
تفسير سورة محمد [31-35] 1755 استماع
تفسير سورة محمد [20-24] 1667 استماع
تفسير سورة محمد [25-30] 888 استماع