تفسير سورة فصلت [37-40]


الحلقة مفرغة

معنى قوله تعالى: (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر)

قال الله جل جلاله: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37] .

السجدة هنا في هذه الآية الكريمة مجمع عليها من جميع الأئمة، واختلفوا في محل السجود هل هو عند قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]، أو في الآية التالية في قوله تعالى: وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38]؟

فعند الإمام مالك وهو قول الإمام علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وجماعة من الصحابة، وهو مذهب الحسن البصري وابن سيرين: أن السجدة تكون عند تمام قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]؛ قالوا: لأن الأمر عندها، لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ [فصلت:37].

وقال ابن عباس وهو مذهب الإمام أبي حنيفة والشافعي وعبد الله بن وهب من أئمة المالكية وجماعة من الصحابة والتابعين والأئمة: أن السجدة نهاية آية: فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38]. قالوا: لأنه عند لا يسأمون يتم المعنى والكلام.

قوله: (ومن آياته) أي: ومن دلائل قدرته ووحدانيته اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، أي: خلق الليل لنسكن فيه والنهار لنعمل فيه، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، أي: الشمس بضيائها وبشعاعها والقمر بنوره وبضيائه، والشمس والقمر والليل والنهار لمعرفة الأعداد والأزمان والجُمع والشهور والأعوام للعبادة ولقيام شهر رمضان حج بيت الله الحرام والتوقيت معاملات الناس في أزمانهم، وإحداد المرأة على زوجها والكفّارات وصيام شهرين متتابعين.

فهذه الأزمان والأسماء التي سماها الله تعالى من أعظم خلقه وأجمله، ولو جعل الليل سرمداً أو النهار سرمداً لما استطاع الخلق العمل، ولما استطاع العامل الراحة والترتيب في الأعمال، ولو خلق الشمس دائماً لاحتاج الناس إلى القمر، ولو خلق القمر دائماً لاحتاج الناس إلى الشمس، وكل ذلك خلقه الله جل جلاله.

ولفت الأنظار إلى حكمته وفوائده وإلى ما يجني الخلق من ذلك؛ لنزداد له عبادة وإيماناً ويقيناً بالأدلة القاطعة على أنه الواحد المنفرد بالعبادة، وأنه القادر على كل شيء، فقال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، أي: ومن دلائل قدرته ووحدانيته خلقه الليل والنهار والشمس والقمر.

معنى قوله تعالى: (لا تسجدوا للشمس ولا للقمر ...)

قال الله تعالى: لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37].

أي: يا هؤلاء! الذين فقدوا عقولهم وأديانهم كيف تسجدون وتعبدون خلقاً مثلكم؟ وكيف تعبدون ما لا يضر ولا ينفع؟ أليس الأولى أن تعبدوا خالق الشمس والقمر، وخالق كل ما كبر في صدوركم وأعينكم.

وقد وجد في القديم من يعبد الشمس، ولا يزال هناك إلى اليوم من يعبدها كذلك، فدولة اليابان التي عدد سكانها ما يزيد على مائة وعشرين مليوناً تعبد الشمس، وقد رأيناهم في سفنهم وبواخرهم يتحرون الشمس عند طلوعها وعند غروبها ونتفرج على ضياع عقولهم، وقد ركبنا معهم في أيام الطلب فكانوا يأتون عند طلوع الشمس ويتحركون حركات من ركوع ويتمتمون ويهمهمون ويتكلمون بكلام لا يُفهم، ويعودون لمثل ذلك عند غروبها، فازددنا حمداً لله وشكراً له على أن وفقنا لعبادته، فهو خالق الشمس والقمر.

وقد قص الله علينا في كتابه في قصة الهدهد لما تفقده سليمان عليه السلام ثم حضر فقال: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ [النمل:24].

فقد كانت عبادة الشمس في جزيرة العرب في أرض اليمن، ولكن الله طهّر جزيرة العرب منذ أرسل لها سيد البشر صلى الله عليه وسلم، فتركوا عبادة الأوثان وعبادة الخلق إلى عبادة الله الواحد، ثم نشروا دين الله خارج الجزيرة، فاهتدى من قضى الله في أزله هدايته وبقي في الضلال من لم يوفقه الله للهدى والإيمان.

قال تعالى: لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ، أي: فلتكن عبادتكم وسجودكم لله خالق الشمس والقمر.

إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ، أي: إن كنتم تريدون عبادته وكنتم مؤمنين به، أما إن كانوا وثنيين مشركين فليسجدوا لما شاءوا، فالعذاب خلفهم والحساب يتبعهم.

قال الله جل جلاله: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37] .

السجدة هنا في هذه الآية الكريمة مجمع عليها من جميع الأئمة، واختلفوا في محل السجود هل هو عند قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]، أو في الآية التالية في قوله تعالى: وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38]؟

فعند الإمام مالك وهو قول الإمام علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وجماعة من الصحابة، وهو مذهب الحسن البصري وابن سيرين: أن السجدة تكون عند تمام قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]؛ قالوا: لأن الأمر عندها، لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ [فصلت:37].

وقال ابن عباس وهو مذهب الإمام أبي حنيفة والشافعي وعبد الله بن وهب من أئمة المالكية وجماعة من الصحابة والتابعين والأئمة: أن السجدة نهاية آية: فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38]. قالوا: لأنه عند لا يسأمون يتم المعنى والكلام.

قوله: (ومن آياته) أي: ومن دلائل قدرته ووحدانيته اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، أي: خلق الليل لنسكن فيه والنهار لنعمل فيه، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، أي: الشمس بضيائها وبشعاعها والقمر بنوره وبضيائه، والشمس والقمر والليل والنهار لمعرفة الأعداد والأزمان والجُمع والشهور والأعوام للعبادة ولقيام شهر رمضان حج بيت الله الحرام والتوقيت معاملات الناس في أزمانهم، وإحداد المرأة على زوجها والكفّارات وصيام شهرين متتابعين.

فهذه الأزمان والأسماء التي سماها الله تعالى من أعظم خلقه وأجمله، ولو جعل الليل سرمداً أو النهار سرمداً لما استطاع الخلق العمل، ولما استطاع العامل الراحة والترتيب في الأعمال، ولو خلق الشمس دائماً لاحتاج الناس إلى القمر، ولو خلق القمر دائماً لاحتاج الناس إلى الشمس، وكل ذلك خلقه الله جل جلاله.

ولفت الأنظار إلى حكمته وفوائده وإلى ما يجني الخلق من ذلك؛ لنزداد له عبادة وإيماناً ويقيناً بالأدلة القاطعة على أنه الواحد المنفرد بالعبادة، وأنه القادر على كل شيء، فقال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، أي: ومن دلائل قدرته ووحدانيته خلقه الليل والنهار والشمس والقمر.

قال الله تعالى: لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37].

أي: يا هؤلاء! الذين فقدوا عقولهم وأديانهم كيف تسجدون وتعبدون خلقاً مثلكم؟ وكيف تعبدون ما لا يضر ولا ينفع؟ أليس الأولى أن تعبدوا خالق الشمس والقمر، وخالق كل ما كبر في صدوركم وأعينكم.

وقد وجد في القديم من يعبد الشمس، ولا يزال هناك إلى اليوم من يعبدها كذلك، فدولة اليابان التي عدد سكانها ما يزيد على مائة وعشرين مليوناً تعبد الشمس، وقد رأيناهم في سفنهم وبواخرهم يتحرون الشمس عند طلوعها وعند غروبها ونتفرج على ضياع عقولهم، وقد ركبنا معهم في أيام الطلب فكانوا يأتون عند طلوع الشمس ويتحركون حركات من ركوع ويتمتمون ويهمهمون ويتكلمون بكلام لا يُفهم، ويعودون لمثل ذلك عند غروبها، فازددنا حمداً لله وشكراً له على أن وفقنا لعبادته، فهو خالق الشمس والقمر.

وقد قص الله علينا في كتابه في قصة الهدهد لما تفقده سليمان عليه السلام ثم حضر فقال: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ [النمل:24].

فقد كانت عبادة الشمس في جزيرة العرب في أرض اليمن، ولكن الله طهّر جزيرة العرب منذ أرسل لها سيد البشر صلى الله عليه وسلم، فتركوا عبادة الأوثان وعبادة الخلق إلى عبادة الله الواحد، ثم نشروا دين الله خارج الجزيرة، فاهتدى من قضى الله في أزله هدايته وبقي في الضلال من لم يوفقه الله للهدى والإيمان.

قال تعالى: لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ، أي: فلتكن عبادتكم وسجودكم لله خالق الشمس والقمر.

إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ، أي: إن كنتم تريدون عبادته وكنتم مؤمنين به، أما إن كانوا وثنيين مشركين فليسجدوا لما شاءوا، فالعذاب خلفهم والحساب يتبعهم.

قال تعالى: فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38].

يقول الله جل جلاله: فإن تعاظموا واستكبروا على نبيهم في أمرهم بعبادة الله وبالسجود له فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38].

والذين عند ربك هم الملائكة الكرام الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهذه كقوله تعالى: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89].

أي: إن يكفر بعض البشر وبعض الجن فالذين عند ربك من ملائكته المكرمين لا يستكبرون عن العبادة، فإنهم يدعون الله ويعبدونه في الليل والنهار، ويديمون عبادته ليلاً ونهاراً حال كونهم لا يسأمون، أي: لا يملون ولا يكلّون.

وقالوا: العبادة للملك كالنفس للبشر، أي: كما أن البشر لا يعيشون بلا أنفاس وإذا انقطعت الأنفاس ماتوا فكذلك الملك نفسه ذكر الله، فهم في عبادة الله ما بين ساجد وقائم وعابد وذاكر، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام عنهم: (أطت السماء وحق لها أن تئط)، أي: صوتت السماء لما عليها من ثقل خلق الله وعباده من الملائكة كما يصوت السقف عندما يكثر الجالسون والقائمون فوقه (أطت السماء وحق لها أن تئط، ما من موضع قدم إلا وفيه ملك قائم أو ساجد) فهم يعبدون الله في قيامهم وسجودهم وذكرهم وفي كل أحوالهم.

وهذا بيان لقوله تعالى: فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ [فصلت:38]، أي: إن كفر هؤلاء فلن يكفر عباد الله من الملائكة ومن الأتقياء ومن الصلحاء ومن الموحدين لله من أتباع الأنبياء السابقين ومن أتباع خاتمهم عليه صلوات الله وسلامه.