خطب ومحاضرات
تفسير سورة الفرقان [40-44]
الحلقة مفرغة
قال تعالى: وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا [الفرقان:40].
يقول تعالى عن هؤلاء الذين عصوا النبي صلى الله عليه وسلم وكانت لهم رحلة الصيف والشتاء للتجارة إلى اليمن والشام، هؤلاء الذين قال الله عنهم: وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ [الفرقان:40] أي: أنزل الله عليها حجارة، وقوارع، وصواعق من السماء، وقلبها رأساً على عقب، وجعل عاليها سافلها ثم أمطر عليها حجارة من سجيل.
هذه القرية التي أتى هؤلاء عليها ومروا عليها وهم يرونها في طريقهم إلى الشام هي: سدوم وخمس قريات من أرض فلسطين، وهي القرى التي أرسل فيها لوط نبياً لهم ورسولاً عليهم، وقد كانوا يأتون الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، فاكتفى الرجال بالرجال، إلى أن طمعوا في رسل الله الملائكة الذين جاءوا إلى لوط يخبرونه بأن يترك القرية، وفي الصباح سيجعلون عاليها سافلها، ثم سيمطرون بحجارة من سجيل من السماء، وقد قالوا: أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [هود:81].
وكان لوط قد انزعج عندما جاءه أنبياء الله من الملائكة في صورة أحداث وشباب مرد، وكانت زوجة لوط تخبر قومها أصحاب الفاحشة عن كل من يأتي زائراً إلى لوط، وتقول لهم: لقد جاء لوطاً فلان وفلان وفلان؛ ليأتوا إليه فيطلبون أولئك الشبان، فلما جاءته الملائكة في صورة أحداث انزعج لوط، فطمأنه هؤلاء الملائكة.
فعندما خرجوا إليهم ضربوهم بأجنحتهم وإذا بأعينهم تطمس، ليست تعمى فقط، إنما أصبحت لحماً كالجبهة والخد،
ثم أمر الله جل جلاله هؤلاء الملائكة فأتوا إلى الأرض التي كانوا فيها فأخذوها من أطرافها ورفعوها حتى سمع سكان السماء أصوات الديكة وأصوات الحمير، ثم قلبوها عاليها سافلها، ثم رجموهم بالحجارة.
ويقول الكثير من الأئمة من الصحابة والتابعين وأئمة الاجتهاد: بأن مرتكب هذه الفاحشة يرجم بالحجارة عزباً كان أو متزوجاً.
والبعض قال: يجعل على أعلى جبل ويدهده، أي: يرمى ويقذف إلى أن يصير في الحضيض ويتقطع إرباً إرباً، وأجزاء أجزاء؛ لأن الله عاقب هؤلاء بهذا، فجعل الأرض عاليها سافلها ثم قذفهم بالحجارة من السماء.
وكانت قريش في تجارتها في الجاهلية تمر على قرى قوم لوط في أرض فلسطين، وترى آثار الخسف والرجم، وبقي هذا لأزمان، ولعله إلى الآن لا يزال يرى هذا.
فالله يقول لهؤلاء: وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ [الفرقان:40] أي: قد جاءوا لهذه القرية التي أنزلت عليها أمطار ليست بالماء ولكن بالحجارة، والحجارة كانت من سجيل، فمطروا مطر سوء، ومطر هلاك، ومطر قضاء، ومطر خسف ومسخ ورجم.
وقوله: أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا [الفرقان:40] أي: أليسوا يرونها في ذهابهم وإيابهم في رحلاتهم التجارية صيفاً وشتاءً، ألا يتخذون من ذلك عبرة؟ ألا يتخذون من ذلك ما يعيدهم للدين والإيمان والتوحيد.
وقوله: بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا [الفرقان:40] أي: بل كانوا كفرة لا يخافون النشور والبعث، ولا يؤمنون بيوم القيامة، ومن كان كذلك فهو لا يخاف الله؛ لأنه يعتقد أن الدنيا إنما هي أرحام تدفع، وأرض تبلع، ولا حياة ثانية، فهم كبقية الكفار بناء على هذا الرأي الفاسد وهذه العقيدة الضالة، فيشكرون ويظلمون ويقطعون الأرحام ويهتكون الأعراض ويكفرون بالله وينشرون الفساد، ويقولون: إن هو إلا الدهر، وهم من نسميهم بالدهريين وبالملاحدة وبمن لا دين لهم.
وكل من في الأرض على هذه العقيدة وعلى هذا الدين إلا المسلمين الذين لا يزالون متمسكين بدينهم، والكثير منهم قد ضلوا وآمنوا بأفكار وآراء ضالة وفلسفات وافدة لم تأتهم إلا بالشرك، والإلحاد والبعد عن الله ودينه وكتابه ونبيه صلى الله عليه وعلى آله.
فالله يقول عن هؤلاء: ليس لك بهم أن يفهموا أو يدركوا أو يؤمنوا، فإذا مروا على هذه القرية التي أمطرت مطر السوء فيرون بأعينهم ما نزل بهم، ولكن لكفرهم بالله وعدم إيمانهم بيوم البعث والنشور فهم لا يخافون بعثاً ولا نشوراً، ولا يخافون يوم القيامة، يوم يعرضون فيه على الله إما إلى جنة وإما إلى نار.
ونتيجة هذه العقيدة ازداد كفرهم وصدهم، وأصروا على الكفر وأنواع الدعارات والفسوق، كما ورد عن أصحاب الرس أنهم انفردوا ببلاء آخر، فقد كانت النساء يستغنين بالنساء، وهو ما يسمى بالمساحقة، كما كان الرجال يستغنون بالرجال عن النساء من قوم لوط، وهذا فعل شنيع، ونسبته إلى نبي الله لوط نسبة فظيعة، فصارت هذه الفاحشة تسمى باللوطية، وهو شيء ما كان ينبغي أن يكون، ولكن هذا الذي كان.
فأصبح علماً لهؤلاء الرجال الذين يستغنون بالرجال والنساء اللاتي يستغنين بالنساء، وهذا بلاء قد عم وطم، وأنذر الناس به قديماً وحديثاً، وما كان في قوم إلا وعمهم الله بعذاب، وعمهم بالمحنة، وعمهم بالذل وبالهوان وبالسحق وبالدمار وبالهلاك.
قال تعالى: وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا [الفرقان:41].
أي: يا محمد! إذا رآك قومك وكل من جاء بعدك وعاصرك وإن لم يرك، فإنهم يهزئون بك ويشتمونك، ويقولون فيك الأقاويل كما قص الله علينا في هذه السورة.
فكان الكفار من نوع أبي لهب وأبي جهل وأمثالهما من قومه إذا رأوه يهزئون به ويسخرون منه ويقولون: أهذا الذي بعث الله رسولاً؟!
ولم لا؟ وقد كان أجمل الرجال، وأعلم الرجال، وأبهى الرجال، وأصدق الرجال، وقد كان الناس إذا رأوه لا يستطيعون أن يحدوا البصر إليه.
ولكن لصعود الران على قلوبهم لم يروا كل هذا، وإلا فلماذا يستهزئون برسول الله عليه الصلاة والسلام وهو فارسهم، وأجودهم وخطيبهم، والمبلغ عن ربه لهم، وقد كانوا في الأربعين السنة التي عاشها معهم قبل الوحي والنبوءة ما يذكرونه إلا بالتقدير وبالإجلال وبالاحترام، ولم ينادوه باسمه محمد وإنما يقولون: الصادق الأمين.
فيصفونه بالأمانة وبالصدق، ولكن هؤلاء عندما ران الكفر على قلوبهم وأصبحوا أتباعاً للشيطان انقلبت هذه الصور التي كانت عندهم في أيام الجاهلية، وأصبحوا يهزئون به، ويسخرون منه، ويتغامزون فيما بينهم ويشيرون إليه ويقولون: أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا [الفرقان:41].
وهذا لعنتهم وخزيهم وشديد كفرهم ومزيد إصرارهم على هذا البلاء، وقد قال الله لنبيه: إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [الحجر:95] وقد كفى الله نبيه هؤلاء المستهزئين.
يقول ابن تيمية : من خصائص النبوءة المحمدية أنه ما استهزأ به أحد في حياته أو بعد حياته إلا وختم الله عليه بسوء الخاتمة، فمات على الكفر والشرك. وقص قصصاً للأولين، وقصصاً للمعاصرين.
وما رأينا كافراً ومنافقاً لعيناً يذكر النبي صلى الله عليه وسلم بما يؤدي إلى الاستهزاء والسخرية إلا ولعنه الله في الدنيا فدمره وأذله، وخرب قلبه، فأصيب بتشويه الوجه وبالإفلاس وبالذل والهوان، وأصبح القرد أجمل منه وأبهى منه، فيصير أخس من قرد وأذل من خنزير، ويموت على الكفر، وينطق في سكرات الموت بكلمات الكفر، ويعلن: بيا ويلاه! ويا ثبوره! ويا هلاكه!
قال الله تعالى: إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:42].
فالكفار يسرون ويفرحون لأنهم لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولم يتركوا عبادة الأصنام والأوثان، فيستهزئون ويقولون: إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا [الفرقان:42] أي: لقد كاد، وكاد من أفعال المقاربة أي: قرب أن يردنا إلى الإسلام، وهكذا يزعمون، فيسمون الهداية ضلالاً.
وقوله: إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا [الفرقان:42] أي: كادوا أن يهتدوا وكادوا أن يصبحوا مسلمين، ولكن أحد شياطينهم فيمن سيقولون عنه يوم القيامة وهم ينادون: يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا [الفرقان:28].
فهذا الذي اتخذوه خليلاً بعد أن كادوا أن يسلموا ويؤمنوا ردعهم، وأبعدهم فلم يسلموا ولم يؤمنوا، وهم في الدنيا لا يزالون يفرحون بذلك، ومتى سيعرفون الحق وقد ابتعدوا عنه كل هذا البعد، وهانوا كل هذا الهوان!
قال تعالى: وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ [الفرقان:42] والتسويف بالسين للقريب، وبسوف للبعيد، أي: بعد الموت.
وسوف يرون، أي: سيرون قريباً عندما يرون العذاب، وسيرون العذاب عند الاحتضار، وعند سؤال القبر، وسيرون العذاب الخالد يوم القيامة يوم العرض على الله، وإذ ذاك سيعلمون ويندمون وهيهات، ولات حين مندم، ولا ينفعهم علم ولا معرفة عند ذاك وسيدركون من هو أضل سبيلاً.
و(أضل) هنا أيضاً ليست على بابها، وليس فيها المشاركة وزيادة، أي: سيدركون أنهم الضالون المشركون المجرمون الأعداء الكفرة الفجرة، وأن النبي هو الحق، فقد آتاه الله الحق، ورزقه بالحق، ودعا للحق، وما كان الباطل إلا منهم، فقد دعوا بالباطل وحاربوا الحق إلى أن ماتوا على الباطل، وبعثوا مع أهل الباطل في جهنم مع المبطلين والمشركين والكافرين.
وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:42] أي: سيعلمون عند ذلك من طريقه وسبيله أكثر ضلالاً وفساداً وظلمة وضياعاً، فهم الضالون المفسدون وحدهم، وهم الذين اتبعوا السبيل الفاسد الجائر الموصل للكفر وللشرك وللظلم وللضلال.
قال الله تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا [الفرقان:43].
أي: أرأيت يا محمد ببصيرتك وببصرك، فهذا خطاب للنبي عليه الصلاة والسلام وهو خطاب لكل المؤمنين ولكل الناس ممن يرى ذلك ببصره وببصيرته إن كانت له بصيرة.
فقوله: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43] هذا استفهام تقريعي توبيخي، فيقرع الله جل جلاله فيه قلوب هؤلاء، ويعجب نبيه من هؤلاء الذين كفروا بربهم ولم يؤمنوا برازقهم كيف اتخذوا من هواهم إلهاً؟ وما الهوى إلا اتباع النزوات والشهوات مما تهواه الأنفس.
فمن هوى الفساد اتخذه إلهاً، ومن هوى الشرك اتخذه إلهاً، ومن هوى الفجور اتخذه إلهاً، وهكذا كان الكفرة، فقد كانوا يهوون الأحجار فيصنعون منها تمثالاً فيسجدون له ويركعون، ثم يملونه فيرمونه ويأتون بخشبة أو بحجر آخر فينحتونه ويتخذونه إلهاً، وقد يعطونه اسماً من الأسماء.
ويوجد في الكنائس والمتاحف أصناماً كثيرة، ويسمونها بـمريم، وعيسى، وبإلههم الأكبر، حاشا الله من ذلك وتعالى علواً كبيراً.
وهذه الأحجار لا تدوم الآلاف من السنين، فهم في كل مرة يجددون حجراً ووثناً وصنماً، وتجدهم في كنائسهم يقفون أذلاء خاضعين متبذلين لعبادة هذا الصنم، فتقول لهم: هذا حجر قد يكون بال عليه كلب أو خنزير أو ثعلب فكيف تعبدون هذا؟ ولكن من اتخذ إلهه هواه، ومن صار الران على قلبه كيف تهديه؟
هكذا يقول الله لنبيه: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا [الفرقان:43] أي: أتكون حافظاً وضامناً وكافلاً له حتى لا يفعل ذلك، فلا يكون هذا، قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272].
فليس على الرسل إلا البلاغ، وهو إبلاغ الرسالة التي كلف بها أنبياء الله أن يدعوا الناس إليها؛ حتى يسمعوهم بآذانهم، ويروهم بأعينهم المثال الكامل في سيرتهم أنفسهم، أما أن يجبروهم على الإسلام فلا، قال تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56]، فالهداية ليست لك هي لله، فالله يهدي من يشاء، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف شاء جل جلاله.
قال تعالى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:44].
أي: أتظن يا محمد! أن هؤلاء الكفار الذين اتخذوا إلههم أهواءهم عندما تخاطبهم يسمعون أو يعقلون؟ فهم يسمعون منك ولا يعون، فلا يسمعون إلا الصوت.
وعندما تتلو كتاب ربك وبيانه من سنتك، وتشرح لهم ذلك أتظن أنهم يسمعون أو يعقلون؟
فلا سمع لهم ولا عقل، إنما هي الأصوات يسمعونها كما نسمع الدواب عندما تتكلم، ولا ندرك إلا أصواتاً أو لغة لا نفهمها، فكان هؤلاء لفسادهم وضلالهم واتخاذهم أهواءهم آلهة يسمعون الصوت ولا يعون المعنى، ويسمعون الكلام ولا يعقلونه، ولا يدركونه، ولا يعونه.
قال الله عنهم: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ [الفرقان:44] أي: ليس هؤلاء إلا كالدواب والحيوانات، كحمارك، وكبغلتك، وكبعيرك، وكشاتك.
فمعنى: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ [الفرقان:44] أي: ليسوا إلا كالأنعام.
وقوله: بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:44] أي: أبعد طريقاً في الكفر والضلال والجهل وعدم السمع وعدم العقل وعدم الوعي، فهم أقبح من الدواب والأنعام؛ لأن الأنعام عندما يحسن إليها ربها وصاحبها ومالكها فيطعمها ويشربها ويعطيها الكلأ ويحفظها من الذئاب ومن الضواري، فإنها تعتاده وتتبعه وتحبه، وتحرص على أن تكون معه.
ثم هي تفيده بولادتها من بطونها، وتفيده بأوبارها وأشعارها من ظهورها، أما هؤلاء فربهم الرازق المعطي المحيي، الذي رزقهم أعيناً وألسنة، ورزقهم شباباً وصحة، وأحياهم، فكفروا به، وأعرضوا عنه، واتخذوا الآلهة أرباباً من دون الله، فهم على ذلك أضل سبيلاً.
وهذا ما يقوله القرآن يجب على المسلم أن يسمعه، ويقوم به، ويعتقده اعتقاداً جازماً: أن كل كافر في الأرض، وكل مرتد من المسلمين هو والحيوانات سواء، بل إن الحيوانات أشرف منه وأكرم.
ولا تغتر بمن قالوا عنه: مثقف أو دارس أو فيلسوف أو رئيس أو يدرك شيئاً، فهم كالأنعام بل هم أضل، وهم لا يسمعون ولا يعقلون، فكل من يكفر بالله الخالق ويجعل له ثانياً ويعبد هوى نفسه ويعبد أوثانه وحجارته، إن أسمعته كتاب الله لا يسمع منك إلا الصوت، فلا يعقل ولا يدرك ولا يفهم، وهو بهذا الاعتبار حيوان أعجم، بل الحيوان أشرف منه وأكرم منه.
وإذا كان بينك وبينه معاملة دنيوية فقم بها، وما سوى ذلك لا تعامله ولا تصاحبه ولا تقل يوماً عنه: إنه مدرك أو عاقل أو يفهم، ومن كفر بربه يوشك أن يكفر بك يوماً، وأن يغدر عليك، وأن يجور عليك، وأن يأكل مالك، ويبطش بك.
وهكذا يفعل الكفار اليوم في الأرض، فقد تواطئوا وتآمروا على المسلمين يهوداً ونصارى وملاحدة، ومنافقين من الداخل كذلك.
استمع المزيد من الشيخ محمد المنتصر بالله الكتاني - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
تفسير سورة الفرقان [1-3] | 2464 استماع |
تفسير سورة الفرقان [56-59] | 2368 استماع |
تفسير سورة الفرقان [5-8] | 1840 استماع |
تفسير سورة الفرقان [67-71] | 1834 استماع |
تفسير سورة الفرقان [45-47] | 1817 استماع |
تفسير سورة الفرقان [27-32] | 1783 استماع |
تفسير سورة الفرقان [32-38] | 1663 استماع |
تفسير سورة الفرقان [48-55] | 1559 استماع |
تفسير سورة الفرقان [60-67] | 1442 استماع |
تفسير سورة الفرقان [17-22] | 1271 استماع |