صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

تحدثنا فيما سبق عن البسملة، وذكرنا الخلاف فيها, وتوقفنا عند مسألة الجهر بها، وقلنا: إنه لم يثبت في الجهر بالبسملة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر، وما جاء في الجهر من أخبار فكلها ضعيفة، وسائر الأئمة النقاد على ضعفها.

وقد أخرج البخاري و مسلم من حديث أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى: ( أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر و عمر ، فكانوا يبتدئون بفاتحة الكتاب ), وذلك فيما يسمعه المأموم خلف الإمام أي: أن الإمام لا يجهر بذلك وإن كان يقرؤها، وما جاء فيه من الأحاديث المروية بالجهر بها فكلها ضعيفة.

ويكفي في هذا أن العلماء عليهم رحمة الله تعالى قد نصوا أن أعلام المسائل ومشهورها إذا لم يخرجها البخاري و مسلم ، فإن هذا دليل على ضعفها، وقد أشار غير واحد من الحفاظ إلى الضعف في الجهر بالبسملة -وإن كانت قد وردت في بعض الطرق في حديث أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى في الجهر بها- لأن البخاري و مسلم قد تنكبا لهذه المسألة.

وهذه المسألة وإن كانت فرعية وجزئية عند العلماء بالاتفاق، إلا أنها من أعلام المسائل ومشهورها، وتتعلق بسائر الناس الذين يشهدون صلاة الجماعة.

ومعلوم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون الصلاة معه، فأين نقل الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يجهر بها؟ وقد نقلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أدعيته التي كان يسر بها في ركوعه وسجوده مما يدل على شدة تحريهم، ولما كانت هذه المسألة من أعلام المسائل ومشهورها وتنكبها البخاري و مسلم فدل ذلك على ضعفها، بل إنه كالنص على إعلالها، وقد مال إلى هذا الاستدلال ابن القيم عليه رحمة الله تعالى، و الزيلعي في كتابه نصب الراية وغيرهما.

ثم هنا مسألة: القبض في الصلاة؛ أي: أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى، وهي سنة بالاتفاق, ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه يعتمد عليه أنه سدل في صلاته.

أدلة مشروعية القبض في الصلاة

وقد اتفق العلماء على مشروعية القبض في الصلاة، ومع هذا لا أعلم أحداً من السلف لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من أتباعهم ولا من الأئمة الأربعة من قال بوجوب القبض، وإنما هو سنة، وإن كان قد جاء الأمر به، وحمله بعضهم على الرفع، كما رواه الإمام مالك في الموطأ ورواه البخاري من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضعوا أيديهم اليمنى على اليسرى في الصلاة ).

وأخذ بعض العلماء مشروعية وضع اليد اليمنى على الذراع من حديث سهل بن سعد قال: ( أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى )، ويأتي الكلام على هذه المسألة.

ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة من السنة، ويبتدئ ذلك بعد تكبيرة الإحرام مباشرة.

موضع وضع اليدين

وأما مكان الوضع فقد روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مواضع، منها: تحت السرة، وقد ورد خبر واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يثبت بل هو منكر.

وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وضعها على صدره، كما في حديث وائل بن حجر ، وجاء في مرسل طاوس بن كيسان عند أبي داود .

وحديث الوضع على الصدر قد تفرد به مؤمل بن إسماعيل عن سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر عليه رضوان الله تعالى: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام وضع يده اليمنى على اليسرى على صدره )، ولفظة (على صدره) قد تفرد بها مؤمل بن إسماعيل عن سفيان الثوري .

وقال بعضهم: إنه سفيان بن عيينة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر ، وخالفه في ذلك جماعة من الثقات ممن رووا عن سفيان، فقد رواه عنه جماعة من الأئمة الكبار كـمحمد بن إدريس الشافعي ، و قتيبة بن سعيد ، و يحيى بن آدم ، و أبو نعيم الفضل بن دكين ، و وكيع بن الجراح وغيرهم من الأئمة الثقات الذين يزيدون عن عشرة أنفس، بل يزيدون عن خمسة عشر نفساً كلهم رووه عن سفيان ولم يذكروا فيه (على صدره).

وقد تابع جماعة من الرواة -نحواً من عشرين نفساً- سفيان عن عاصم بن كليب ولم يذكروا فيه الزيادة (على صدره)، وكذلك رواه جماعة عن علقمة بن وائل بن حجر عن أبيه وائل بن حجر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو سبعة من الرواة, ولم يذكروا فيه (على صدره) مما يدل على شذوذها.

وقد جاء في مرسل طاوس بن كيسان عند أبي داود في سننه، ويرويه عنه سليمان عن طاوس مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه وضع اليمين على الشمال على صدره ), وهو مرسل ولا يحتج به، و طاوس مراسيله شبه الريح.

وقد جاء أيضاً عند أبي داود عليه رحمة الله تعالى في سننه من حديث قبيصة بن هلب عن أبيه بنحو هذا اللفظ، ولكن قبيصة مجهول، وقد تفرد بهذا الخبر، ولا يحتمل منه ذلك.

والذي عليه جماهير العلماء هو مشروعية القبض من غير تحديد موضع، بل ذهب الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى فيما نقله عنه أبو داود في مسائله إلى كراهة وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر بذاتها، قال أبو داود عليه رحمة الله تعالى: وسألت الإمام أحمد عن وضع اليمنى على اليسرى أتذهب إليه؟ قال: نعم، قال: وكان يكره وضع اليد على الصدر.

والذي عليه عامة العلماء من السلف من الصحابة والتابعين أن الإنسان مخير, وأن المشروع هنا هو أن يضع يده اليمنى على اليسرى، فإن وضعها على صدره أو على سرته أو على بطنه أو دون ذلك فإنه لا حرج عليه، فإن الاتباع هنا هو أن يضع يده اليمنى على اليسرى فقط، والزيادة في هذا تفتقر إلى دليل ثابت عن رسول الله، ولا دليل في هذا.

أما الوضع تحت السرة فهو المشهور عن الإمام أحمد عليه رحمة الله، وهو أظهر من وضعه على الصدر, وإن كان كلا الحديثين ضعيفاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هيئة القبض في الصلاة

وأما هيئة القبض فالذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى )، وجاء عند الإمام أحمد و أبي داود من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى وعلى الرسغ وعلى الذراع وعلى الساعد ).

وجاء في حديث سهل بن سعد عند الإمام مالك في الموطأ، ورواه عنه البخاري من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضعوا يدهم اليمنى على اليسرى على الذراع )، فنص على الذراع.

فيقال: المشروع في ذلك هو أن يضع يده اليمنى على اليسرى إما على الكف، وإما على الرسغ والرسغ هنا هو آخر الكف، أو على الذراع وهو الساعد.

وتغاير الألفاظ في حديث وائل بن حجر بذكر الذراع ثم الساعد ثم الكف دليل على الترخيص في ذلك، وأن السنة القبض، وهذا فيه غاية التأدب مع الله سبحانه وتعالى، كما نص عليه الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى؛ أن الحكمة من هذا هو أن يكون الإنسان في تأدب أمام الله سبحانه وتعالى، فإن الإنسان يستقبل ربه في صلاته كما جاء في الخبر عنه عليه الصلاة والسلام.

القبض بعد الرفع من الركوع

والقبض يستديم مع الإنسان في كل ركعاته، وهو الأصح حتى عند رفعه من الركوع، وإن كان مسكوتاً عنه في الخبر؛ لأن المشروع في القيام هو القبض وليس السدل، ويبقى حينئذٍ على أصله وإن لم يدل دليل عليه، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يقبض يده اليمنى على اليسرى في صلاته )، ولكنه لم ينص في أي قيام.

وإذا قلنا بالتقييد، فنقول بالقيام الأول، ولا نقول بالقيام الثاني ونحو ذلك؛ لأنه لم يرد تقييد أو إطلاق بالقيام كله، فيقال: إن النص قد جاء بالقبض في القيام، ويشمل القيام في حال قيام الإنسان في صلاته أو في حال قيامه من الركوع، ويخرج من هذا من لا يستطيع أن يصلي إلا قائماً في حال سجوده وركوعه، فقد يكون الإنسان بين السجدتين وهو قائم، كأن يكون الإنسان في زحام، أو كان ظهره صلباً ولا يستطيع أن ينحني، فإذا كان في استحضار صلاته بين السجدتين فلا يقبض، وهذا خارج من هذا باعتبار أنه معذور في حال قيامه.

وقد اتفق العلماء على مشروعية القبض في الصلاة، ومع هذا لا أعلم أحداً من السلف لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من أتباعهم ولا من الأئمة الأربعة من قال بوجوب القبض، وإنما هو سنة، وإن كان قد جاء الأمر به، وحمله بعضهم على الرفع، كما رواه الإمام مالك في الموطأ ورواه البخاري من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضعوا أيديهم اليمنى على اليسرى في الصلاة ).

وأخذ بعض العلماء مشروعية وضع اليد اليمنى على الذراع من حديث سهل بن سعد قال: ( أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى )، ويأتي الكلام على هذه المسألة.

ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة من السنة، ويبتدئ ذلك بعد تكبيرة الإحرام مباشرة.

وأما مكان الوضع فقد روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مواضع، منها: تحت السرة، وقد ورد خبر واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يثبت بل هو منكر.

وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وضعها على صدره، كما في حديث وائل بن حجر ، وجاء في مرسل طاوس بن كيسان عند أبي داود .

وحديث الوضع على الصدر قد تفرد به مؤمل بن إسماعيل عن سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر عليه رضوان الله تعالى: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام وضع يده اليمنى على اليسرى على صدره )، ولفظة (على صدره) قد تفرد بها مؤمل بن إسماعيل عن سفيان الثوري .

وقال بعضهم: إنه سفيان بن عيينة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر ، وخالفه في ذلك جماعة من الثقات ممن رووا عن سفيان، فقد رواه عنه جماعة من الأئمة الكبار كـمحمد بن إدريس الشافعي ، و قتيبة بن سعيد ، و يحيى بن آدم ، و أبو نعيم الفضل بن دكين ، و وكيع بن الجراح وغيرهم من الأئمة الثقات الذين يزيدون عن عشرة أنفس، بل يزيدون عن خمسة عشر نفساً كلهم رووه عن سفيان ولم يذكروا فيه (على صدره).

وقد تابع جماعة من الرواة -نحواً من عشرين نفساً- سفيان عن عاصم بن كليب ولم يذكروا فيه الزيادة (على صدره)، وكذلك رواه جماعة عن علقمة بن وائل بن حجر عن أبيه وائل بن حجر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو سبعة من الرواة, ولم يذكروا فيه (على صدره) مما يدل على شذوذها.

وقد جاء في مرسل طاوس بن كيسان عند أبي داود في سننه، ويرويه عنه سليمان عن طاوس مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه وضع اليمين على الشمال على صدره ), وهو مرسل ولا يحتج به، و طاوس مراسيله شبه الريح.

وقد جاء أيضاً عند أبي داود عليه رحمة الله تعالى في سننه من حديث قبيصة بن هلب عن أبيه بنحو هذا اللفظ، ولكن قبيصة مجهول، وقد تفرد بهذا الخبر، ولا يحتمل منه ذلك.

والذي عليه جماهير العلماء هو مشروعية القبض من غير تحديد موضع، بل ذهب الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى فيما نقله عنه أبو داود في مسائله إلى كراهة وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر بذاتها، قال أبو داود عليه رحمة الله تعالى: وسألت الإمام أحمد عن وضع اليمنى على اليسرى أتذهب إليه؟ قال: نعم، قال: وكان يكره وضع اليد على الصدر.

والذي عليه عامة العلماء من السلف من الصحابة والتابعين أن الإنسان مخير, وأن المشروع هنا هو أن يضع يده اليمنى على اليسرى، فإن وضعها على صدره أو على سرته أو على بطنه أو دون ذلك فإنه لا حرج عليه، فإن الاتباع هنا هو أن يضع يده اليمنى على اليسرى فقط، والزيادة في هذا تفتقر إلى دليل ثابت عن رسول الله، ولا دليل في هذا.

أما الوضع تحت السرة فهو المشهور عن الإمام أحمد عليه رحمة الله، وهو أظهر من وضعه على الصدر, وإن كان كلا الحديثين ضعيفاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما هيئة القبض فالذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى )، وجاء عند الإمام أحمد و أبي داود من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى وعلى الرسغ وعلى الذراع وعلى الساعد ).

وجاء في حديث سهل بن سعد عند الإمام مالك في الموطأ، ورواه عنه البخاري من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضعوا يدهم اليمنى على اليسرى على الذراع )، فنص على الذراع.

فيقال: المشروع في ذلك هو أن يضع يده اليمنى على اليسرى إما على الكف، وإما على الرسغ والرسغ هنا هو آخر الكف، أو على الذراع وهو الساعد.

وتغاير الألفاظ في حديث وائل بن حجر بذكر الذراع ثم الساعد ثم الكف دليل على الترخيص في ذلك، وأن السنة القبض، وهذا فيه غاية التأدب مع الله سبحانه وتعالى، كما نص عليه الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى؛ أن الحكمة من هذا هو أن يكون الإنسان في تأدب أمام الله سبحانه وتعالى، فإن الإنسان يستقبل ربه في صلاته كما جاء في الخبر عنه عليه الصلاة والسلام.

والقبض يستديم مع الإنسان في كل ركعاته، وهو الأصح حتى عند رفعه من الركوع، وإن كان مسكوتاً عنه في الخبر؛ لأن المشروع في القيام هو القبض وليس السدل، ويبقى حينئذٍ على أصله وإن لم يدل دليل عليه، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يقبض يده اليمنى على اليسرى في صلاته )، ولكنه لم ينص في أي قيام.

وإذا قلنا بالتقييد، فنقول بالقيام الأول، ولا نقول بالقيام الثاني ونحو ذلك؛ لأنه لم يرد تقييد أو إطلاق بالقيام كله، فيقال: إن النص قد جاء بالقبض في القيام، ويشمل القيام في حال قيام الإنسان في صلاته أو في حال قيامه من الركوع، ويخرج من هذا من لا يستطيع أن يصلي إلا قائماً في حال سجوده وركوعه، فقد يكون الإنسان بين السجدتين وهو قائم، كأن يكون الإنسان في زحام، أو كان ظهره صلباً ولا يستطيع أن ينحني، فإذا كان في استحضار صلاته بين السجدتين فلا يقبض، وهذا خارج من هذا باعتبار أنه معذور في حال قيامه.

وهنا مسألة: وهي أنه في حال قيامه وقبل قراءة الفاتحة جاء في بعض الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشروعية الدعاء في حال القيام، وجاء في هذا جملة من الأخبار، وفي بعضها كلام، ولكن يقال: إن القيام من مواضع الدعاء، ويكفي فيه أنه قد ثبت عن بعض السلف أنه كان يدعو ويجعل قنوته قبل ركوعه.

وكذلك جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا، وكذلك جاء عن أبي بكر الصديق عليه رضوان الله تعالى كما جاء عند الإمام مالك في موطئه، وجاء أيضاً عند البخاري عليه رحمة الله تعالى في الصحيح: ( أن أبا بكر الصديق عليه رضوان الله لما صلى مكان النبي عليه الصلاة والسلام, وقدم النبي عليه الصلاة والسلام بعد ذلك فصفق الناس، فالتفت أبو بكر ، وكان لا يلتفت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع, فأشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام أن مكانك فرجع، ثم رفع أبو بكر الصديق يديه عليه رضوان الله تعالى، وقال: الحمد لله ).

وقد أخذ غير واحد من العلماء من هذا على مشروعية رفع اليدين في القيام والدعاء أيضاً، وإن لم يكن قنوتاً، سواء كان في أثناء القراءة أو في غيرها وذلك في بعض الأحوال، وهذا وارد كأن يستحضر الإنسان نعمة ونحو ذلك فإنه لا حرج عليه أن يرفع يديه، وإن كان في قراءة فيقول: الحمد لله، كما جاء عن أبي بكر الصديق في صحيح البخاري وغيره.

حكم قراءة الفاتحة في الصلاة

ثم يشرع بقراءة الفاتحة، وهي ركن من أركان الصلاة عند عامة العلماء إلا ما يروى عن بعض الفقهاء من الحنفية وهو قول أبي حنيفة ، وذهب جماعة من الحنفية إلى الركنية؛ لظاهر الدليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، وما جاء عنه عليه الصلاة والسلام قوله: ( كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج خداج ) .

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة وليست ركناً، وقال بعضهم: إنها سنة، وهو قول أبي حنيفة ، واستدلوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهي خداج)، أي: ناقصة، وهذا لا يدل على البطلان.

والصواب أن قول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فيه إشارة إلى بطلانها، أي: لا صلاة صحيحة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب. وقراءة الفاتحة ركن -كما تقدم- وتقرأ في كل ركعة.

والسنة أن يرتل الإنسان قراءته في صلاته، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحاديث الكثيرة في ذلك سواء كان هذا في قراءة الفاتحة أو في قراءة السورة التي تليها.

ويسن له أن يجهر في الجهرية، ويسر في السرية، والإسرار والجهر سنة، فإن تركه متعمداً أو ناسياً فلا شيء عليه عند عامة العلماء.

قول: (آمين) بعد قراءة الفاتحة

ثم في آخر قراءة الفاتحة يقول: (آمين) مداً وقصراً، وكل هذا منطوق به في لغة العرب، ومعناها: استجب، ومن قال: (آمين) فكأنما دعا.

وموسى عليه الصلاة والسلام لما كان يدعو الله سبحانه وتعالى وكان هارون يؤمن، قال الله سبحانه وتعالى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس:89]، فالداعي موسى والمؤمن هارون، ومع ذلك قال: (( قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا ))، أي: كأن الداعي جماعة، فمن أمن فهو داعٍ، أي: اللهم استجب هذا الدعاء وهو اختصار. وإنما كان المأموم يقول: آمين؛ لأنه مأمور بالإنصات.

قراءة المأموم للفاتحة

والمأموم في الصلاة الجهرية لا يقرأ الفاتحة على الصحيح خلف الإمام؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204]، فهو مأمور بالإنصات، وقد جاء عن غير واحد من السلف أن المراد بذلك الصلاة، وهو مروي عن عبد الله بن عباس و مجاهد بن جبر ، كما رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم وغيرهما.

والفاتحة ركن في الصلاة السرية على العموم على القول الصحيح بالنسبة للإمام والمأموم، وبالنسبة للمأموم في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الرباعية، وكذلك في الثلاثية من المغرب، وخفف بعضهم على المأموم في كل حال إذا كان خلف الإمام اعتماداً على ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة )، وهذا الخبر ضعيف.

وأما المنفرد فحكمه حكم الإمام، وهي ركن باتفاق العلماء الذين قالوا بالركنية للإمام، وذهب بعض العلماء إلى وجوب قراءة المأموم؛ لعموم النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن المأموم لا يقرأ بل إنه مأمور بالإنصات، وهذا مروي عن أبي ذر ، و أبي الدرداء ، و عبد الله بن مسعود ، و عبد الله بن عمر ، ومروي عن الأسود ، و علقمة ، و إبراهيم النخعي ، وقد صنف في هذا رسالة عبد الحي اللكنوي عليه رحمة الله سماها: إمام الكلام في حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام، وهو مصنف كبير جمع فيه ما وفق إليه من نصوص عن السلف من الصحابة والتابعين، وترجح لديه أن المأموم لا يقرأ في الصلاة الجهرية خلف الإمام، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقد شدد في هذه المسألة حتى إنه نص في كتابه الفتاوى المصرية: أن من قرأ خلف الإمام في الصلاة الجهرية مع الإمام فهو كالحمار يحمل أسفاراً؛ وذلك أن الإمام يقرأ فلمن يقرأ؟ فالإنسان مأمور بالإنصات، ولا يناسب هذا ظاهر التشريع.

ثم يشرع بقراءة الفاتحة، وهي ركن من أركان الصلاة عند عامة العلماء إلا ما يروى عن بعض الفقهاء من الحنفية وهو قول أبي حنيفة ، وذهب جماعة من الحنفية إلى الركنية؛ لظاهر الدليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، وما جاء عنه عليه الصلاة والسلام قوله: ( كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج خداج ) .

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة وليست ركناً، وقال بعضهم: إنها سنة، وهو قول أبي حنيفة ، واستدلوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهي خداج)، أي: ناقصة، وهذا لا يدل على البطلان.

والصواب أن قول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فيه إشارة إلى بطلانها، أي: لا صلاة صحيحة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب. وقراءة الفاتحة ركن -كما تقدم- وتقرأ في كل ركعة.

والسنة أن يرتل الإنسان قراءته في صلاته، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحاديث الكثيرة في ذلك سواء كان هذا في قراءة الفاتحة أو في قراءة السورة التي تليها.

ويسن له أن يجهر في الجهرية، ويسر في السرية، والإسرار والجهر سنة، فإن تركه متعمداً أو ناسياً فلا شيء عليه عند عامة العلماء.

ثم في آخر قراءة الفاتحة يقول: (آمين) مداً وقصراً، وكل هذا منطوق به في لغة العرب، ومعناها: استجب، ومن قال: (آمين) فكأنما دعا.

وموسى عليه الصلاة والسلام لما كان يدعو الله سبحانه وتعالى وكان هارون يؤمن، قال الله سبحانه وتعالى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس:89]، فالداعي موسى والمؤمن هارون، ومع ذلك قال: (( قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا ))، أي: كأن الداعي جماعة، فمن أمن فهو داعٍ، أي: اللهم استجب هذا الدعاء وهو اختصار. وإنما كان المأموم يقول: آمين؛ لأنه مأمور بالإنصات.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم [1] 416 استماع