خطب ومحاضرات
التخريج بواسطة تحفة الأشراف
الحلقة مفرغة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم.
أما بعــد:
فقد طلب مني بعض الإخوان والطلاب أن أسجل لهم بعض ما يتعلق بمادة التخريج المقررة على كلية أصول الدين، السنة الرابعة، ليكون ذلك عوناً لهم على معرفة التخريج والتدرب عليه، وخاصة ممن لا يتيسر لهم الاستماع إلى الشرح، أو متابعته، فقمت بتسجيل هذا الدرس رجاء أن ينفعهم الله به، وإنما سجلته لهم أصلاً مراعياً فيه ما أعلم من مستوياتهم دون غيرهم، لأنني لم أسجله من أجل التداول.
وفي بداية الحديث أقول: إن الاشتغال بالسنة النبوية، سواء فيما يتعلق بالأسانيد، أم بالمتون، أم بالفقه، من أعظم وأجل ما اشتغل به المشتغلون، وانصرف إليه الباحثون، وذلك لأن السنة مصدر أساسي من مصادر التشريع، بل ومن مصادر العقيدة قبل ذلك، وهناك طرق كثيرة يسلكها الباحث في الحصول على الحديث، تختلف هذه الطرق من جهة بحسب ما لدى الباحث من الحديث، هل لديه الحديث كاملاً، سنداً ومتناً، أم لديه الإسناد فقط، أم لديه المتن فقط، أم ليس لديه إلا شيء من ذلك، وتختلف من جهة أخرى: بحسب الكتب المصنفة في السنة النبوية، فمنها الصحاح والسنن المرتبة على الموضوعات، ومنها المسانيد المرتبة على أسماء الصحابة، ومنها المعاجم المرتبة على أسماء الشيوخ... أوغير ذلك، ومنها الكتب المرتبة بحسب الحروف الأولى من الحديث.. إلى غير ذلك.
وعلى ضوء هاتين الملاحظتين، نقول: إن طرق التخريج تنقسم إلى أقسام: فإن كان لدى الباحث جزءٌ من الإسناد الصحابي فقط، أو الصحابي فمن دونه من التابعين ومن بعدهم، فهذا له طريقة، وإن كان لدى الباحث موضوع الحديث فقط، دون أن يعرف إسناده، ودون أن يعرف لفظه أيضاً، فهذا له طريقة أخرى، وإن كان لدى الباحث أول لفظ من الحديث يعرفه، دون أن يعرف بقية الحديث، فهذا له طريقة ثالثة، وقد يعرف الباحث لفظاً ما من الحديث، في أوله أو في أوسطه أو في آخره، دون أن يعرف بقية لفظ الحديث، ودون أن يعرف متن الحديث أو إسناده، فهذا أيضاً له وسيلة أخرى، وسنعرض في هذا الدرس لطريقتين أساسيتين من طرق التخريج.
التخريج بواسطة التحفة
أما الكتاب الثالث: هو كتاب أبي القاسم بن عساكر، وقد جمع فيه، أطراف السنن الأربع، وما يجري مجراها من الكتب التي تقدم ذكرها.
وهي طريقة التخريج بواسطة كتاب تحفة الأشراف في معرفة الأطراف، للحافظ المزي، وهي تتم عن طريق معرفة صحابي الحديث فمن دونه، فهذا الكتاب جمع فيه مؤلفه، أطراف الكتب الستة، التي هي: البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وأضاف إليها بعض ما يلحق بها، وما يجري مجراها من الكتب الأخرى، وهي: مقدمة صحيح مسلم، وكتاب المراسيل لـأبي داود، وكتاب العلل للترمذي، والشمائل أيضاً له، وكتاب عمل اليوم والليلة لـالنسائي، هذه أهم الكتب التي جمع أطرافها، وقد بين الحافظ المزي رحمه الله في مقدمة كتابه، أنه اعتمد في عامة كتابه، على ثلاثة كتب تقدمته في هذا المضمار، الكتاب الأول منها: هو كتاب أبي مسعود الدمشقي، والكتاب الثاني: هو كتاب خلف الواسطي، وهما في أطراف الصحيحين.
أما الكتاب الثالث: هو كتاب أبي القاسم بن عساكر، وقد جمع فيه، أطراف السنن الأربع، وما يجري مجراها من الكتب التي تقدم ذكرها.
أما طريقة المزي في ترتيب كتابه، فتتلخص فيما يلي:-
قسم المزي رحمه الله، كتاب التحفة إلى [1395] مسنداً، ما بين مرسل وموصول، فعدد المسانيد المنسوبة إلى الصحابة رضوان الله عليهم. [995] مسنداً، وهي مرتبة على حروف المعجم، بحسب أسماء الصحابة، أما بقية المسانيد وهي [400] مسند.
فهي المراسيل المنسوبة إلى أئمة التابعين، بل وإلى من بعدهم، وهي مرتبة أيضاً على حروف المعجم، هذا من حيث الإجمال، ومن خلال مسند كل صحابي أو غير صحابي ينظر في مجموع مرويات هذا الرجل، فإن كانت مروياته قليلة أبقاها كما هي تحت مسند هذا الرجل، وإن كانت مروياته كثيرة فإنه يقسمها تقسيماً آخر داخل هذا التقسيم الكلي، فيقسم مرويات الصحابي بحسب من روى عنه من التابعين، ثم إذا كان هذا التابعي مكثراً عن ذلك الصحابي؛ فإنه يقسم المرويات التي وردت عن طريق هذا التابعي عن هذا الصحابي، يقسمها داخل اسم التابعي -أيضاً- إلى تقسيم ثالث بحسب من روى عن التابعي، من أتباع التابعين، أو من التابعين وهكذا، حتى أنك قد تجد أحياناً أربعة تقسيمات، فمثلاً في مسند أبي هريرة، نجد أنه قسم مسند أبي هريرة إلى أقسام كثيرة، بحسب من روى عنه من التابعين، ثم في مسند واحد من هؤلاء التابعين، كـأبي سلمة بن عبد الرحمن، نجده قسم مسند هذا التابعي أو مرويات هذا التابعي، عن أبي هريرة بحسب من روى عنه، ثم قسم مرويات من روواعنه بحسب من روى عنهم أيضاً، وهذا كله تيسيراً للباحث، بحيث إذا توفر أو تيسر لديه الإسناد؛ استطاع بيسر وسهولة أن يصل إلى موضع هذا الحديث الذي يبحث عنه في مسند ذلك الصحابي في التحفة، وقد رمز المؤلف، للكتب برموز تجنباً لتكرار ذكر أسمائها، فرمز للبخاري بحرف [خ] فإن كان تعليقاً أضاف إليه [ت] ورمز لـمسلم بحرف [م] ولـأبي داود بـ[د] وإن كانت في المراسيل أضاف إليها [م] ورمز للترمذيبـ[ت] وإن كان في الشمائل أضاف إليها [م] أيضاً، ورمز للنسائي بـ[س] وإن كان في عمل اليوم والليلة أضاف إليها [ي] ورمز لـابن ماجة القزويني بحرف [ق].
ونجد هناك أيضاً رمزين آخرين هما: حرف [ز] وهو رمز لزيادات المزي من الكلام على الأحاديث، أما الآخر فهو حرف [ك] وهو ما استدركه الحافظ المزي- أيضاً- على الحافظ أبي القاسم بن عساكر، في أطراف السنن الأربع، هذا فيما يتعلق بالوصف العام لطريقة ترتيب الكتاب.
وهناك شيء مهم جداً، وهو أن محقق الكتاب: عبد الصمد شرف الدينجزاه الله خيراً قد أضاف إلى الكتاب إضافات في غاية الأهمية، هذه الإضافات تتلخص في أمرين أساسيين:
الأمر الأول: إضافات وضعها مع صلب كتاب التحفة
الثاني: إضافة رقم الحديث، أحياناً.
الثالث: إظهار الضمير في بعض المواضع.
ومعنى هذا الزيادات: أن الحافظ المزي كما سلف يحيل إلى اسم الكتاب فحسب، فيقول: [خ] في الأدب، أي رواه البخاري في كتاب الأدب، فوضع المحقق بعد هذا الكلام قوسين فيهما رقم أو رقمان، فالرقم الأول: يشير إلى اسم الباب في كتاب الأدب، فإذا كان الرقم الذي وضعه داخل هذا القوس خمسة، ثم وضع نقطتين بعدها ستة (5:6) فمعنى ذلك أن هذا الحديث يوجد في كتاب الأدب، الباب الخامس، رقم الحديث هو الحديث السادس، من الباب الخامس.
وإن كان رقماً واحداً فهو يشير إلى رقم الباب فقط دون رقم الحديث، وأحياناً قد يضيف ثلاثة أرقام، وهذا خاص بكتاب التفسير في صحيح البخاري، فالرقم الأول: يشير إلى رقم السورة، والرقم الثاني: يشير إلى رقم الباب، والرقم الثالث: يشير إلى رقم الحديث داخل الباب، وذلك أن الإمامالبخاري في كتاب التفسير في صحيحه، سلك طريقة تختلف شيئاً ما عن الطريقة التي سلكها في بقية الكتب، ففي معظم أو في كل الكتب ماعدا كتاب التفسير، يضع الإمام البخاري كتاباً ويضع تحته أبواباً، وفي الباب مجموعة من الأحاديث، أو قد يكون في الباب حديث واحد، أما في كتاب التفسير فإنه وضع تحت اسم الكتاب: أسماء السور، وتحت كل سورة مجموعة من الأبواب، وفي كل باب حديث أو عدد من الأحاديث.
إذاً قد يكون الرقم الذي بين القوسين، إما رقماً واحداً أو رقمين أو ثلاثة، فإن كان رقماً واحداً: فهو رقم للباب، وإن كان رقمين: فهو رقم للباب ورقم للحديث داخل الباب، أما في كتاب التفسير بالذات في صحيح البخاري، فإن الرقم الأول أو الرقم الواحد: يعني رقم السورة، والرقم الثاني يعني رقم الباب داخل السورة، فإن أضاف رقماً ثالثاً: فهو يعني رقم الحديث داخل الباب.
أما إظهاره للضمير في بعض المواضع، فذلك أن الحافظ المزي قد يشير إلى اسم الكتاب بالضمير، فإذا كان الحديث -مثلاً- موجوداً عند البخاري، وعند الترمذي في كتاب واحد، فإنه يقول: أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، ثم يشير إلى الأسانيد، وقد تطول هذه كثيراً حتى ينسى القارئ اسم الكتاب، ثم يقول: وأخرجه الترمذي فيه -أيضاً- يعني في كتاب الصلاة، ولكن لطول المسافة قد ينسى القارئ أن المقصود فيه: أي في كتاب الصلاة، فقام المحقق وفقه الله وأثابه بإظهار هذا المضمر، فبعدما يقول: وأخرجه الترمذي فيه أيضاً، يقول المحقق بعد ما يضع قوساً: أي في كتاب الصلاة، ثم يضع الرقم الذي يدل على اسم الباب، هذا هو العمل الأول الذي أضافه المحقق وهو في صلب الكتاب.
الكشاف عن تحفة الأشراف
وقد يقول قائل: ما فائدة هذا الكتاب (الكشاف) مع أننا نعلم أن كل كتاب من الكتب الستة يوجد في نهايته فهرس متكامل، بل أكثر من فهرس أحياناً؟
فأقول: إن هذا الكشاف ذو أهمية بالغة لكل من أراد أن يبحث بواسطة التحفة، وذلك أنه إذا كان يدلك في صلب التحفة على اسم الكتاب ثم رقم الباب، ثم رقم الحديث -أحياناً- فإنه في الكشاف يدلك على اسم الباب الذي أعطاك رقمه في صلب التحفة، فإذا سألت: وما الفائدة من معرفة اسم الباب مادام أن الرقم معروف لدي؟ فالجواب: إن اسم الباب مفيدٌ جداً، وذلك أنك في كثير من الأحيان تجد أن رقم الباب في الكتاب الذي تبحث فيه يختلف كثيراً أو قليلاً عن رقم الباب الذي أحالك إليه المحقق في التحفة، فقد يحيلك المحقق في التحفة إلى رقم باب في حديث في كتاب الصلاة، في الترمذي -مثلاً- فتجهد في البحث عن هذا الحديث؛ فلا تجده بالرقم، تجد الرقم وتجد الباب يختلف، لكنك إذا عرفت اسم الباب، فبإمكانك أن تهمل رقم الباب، إذا لم تجده كما هو، وتبحث عن اسم الباب، بمعنى أن رقم الباب قد يتغير من طبعة إلى أخرى، أما اسم الباب فإنه لا يتغير أبداً.
فإذا لم تفلح في الحصول على الحديث بواسطة الرقم الذي أرشدك إليه المحقق؛ فأهمل الرقم في هذه الحالة، وابحث عن الحديث بواسطة اسم الباب، فاستعرض جميع الأبواب الموجودة تحت هذا الكتاب، وليكن كتاب الصلاة -مثلاً- في سنن الترمذي، حتى تصل إلى اسم الباب الذي تجده، وهنا يسهل عليك أن تبحث عن الحديث داخل هذا الباب المحصور، وسوف يظهر لك جلياً أهمية الكشاف من خلال المثال الذي سوف أضربه لك بعد قليل في التطبيق العملي، فهذه أهم الإضافات التي أضافها المحقق إلى كتاب التحفة.
أولاً: إضافة رقم الباب.
الثاني: إضافة رقم الحديث، أحياناً.
الثالث: إظهار الضمير في بعض المواضع.
ومعنى هذا الزيادات: أن الحافظ المزي كما سلف يحيل إلى اسم الكتاب فحسب، فيقول: [خ] في الأدب، أي رواه البخاري في كتاب الأدب، فوضع المحقق بعد هذا الكلام قوسين فيهما رقم أو رقمان، فالرقم الأول: يشير إلى اسم الباب في كتاب الأدب، فإذا كان الرقم الذي وضعه داخل هذا القوس خمسة، ثم وضع نقطتين بعدها ستة (5:6) فمعنى ذلك أن هذا الحديث يوجد في كتاب الأدب، الباب الخامس، رقم الحديث هو الحديث السادس، من الباب الخامس.
وإن كان رقماً واحداً فهو يشير إلى رقم الباب فقط دون رقم الحديث، وأحياناً قد يضيف ثلاثة أرقام، وهذا خاص بكتاب التفسير في صحيح البخاري، فالرقم الأول: يشير إلى رقم السورة، والرقم الثاني: يشير إلى رقم الباب، والرقم الثالث: يشير إلى رقم الحديث داخل الباب، وذلك أن الإمامالبخاري في كتاب التفسير في صحيحه، سلك طريقة تختلف شيئاً ما عن الطريقة التي سلكها في بقية الكتب، ففي معظم أو في كل الكتب ماعدا كتاب التفسير، يضع الإمام البخاري كتاباً ويضع تحته أبواباً، وفي الباب مجموعة من الأحاديث، أو قد يكون في الباب حديث واحد، أما في كتاب التفسير فإنه وضع تحت اسم الكتاب: أسماء السور، وتحت كل سورة مجموعة من الأبواب، وفي كل باب حديث أو عدد من الأحاديث.
إذاً قد يكون الرقم الذي بين القوسين، إما رقماً واحداً أو رقمين أو ثلاثة، فإن كان رقماً واحداً: فهو رقم للباب، وإن كان رقمين: فهو رقم للباب ورقم للحديث داخل الباب، أما في كتاب التفسير بالذات في صحيح البخاري، فإن الرقم الأول أو الرقم الواحد: يعني رقم السورة، والرقم الثاني يعني رقم الباب داخل السورة، فإن أضاف رقماً ثالثاً: فهو يعني رقم الحديث داخل الباب.
أما إظهاره للضمير في بعض المواضع، فذلك أن الحافظ المزي قد يشير إلى اسم الكتاب بالضمير، فإذا كان الحديث -مثلاً- موجوداً عند البخاري، وعند الترمذي في كتاب واحد، فإنه يقول: أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، ثم يشير إلى الأسانيد، وقد تطول هذه كثيراً حتى ينسى القارئ اسم الكتاب، ثم يقول: وأخرجه الترمذي فيه -أيضاً- يعني في كتاب الصلاة، ولكن لطول المسافة قد ينسى القارئ أن المقصود فيه: أي في كتاب الصلاة، فقام المحقق وفقه الله وأثابه بإظهار هذا المضمر، فبعدما يقول: وأخرجه الترمذي فيه أيضاً، يقول المحقق بعد ما يضع قوساً: أي في كتاب الصلاة، ثم يضع الرقم الذي يدل على اسم الباب، هذا هو العمل الأول الذي أضافه المحقق وهو في صلب الكتاب.
وهناك عمل آخر-أيضاً- ذو أهمية كبيرة، وهو أنه وضع مجلداً في نهاية التحفة، وهو ما سماه بـالكشاف عن تحفة الأشراف، وهذا المجلد خاص بفهارس الكتب الستة، إضافة إلى سنن النسائي الكبرى، التي عمل عليها المزي كتابه تحفة الأشراف.
وقد يقول قائل: ما فائدة هذا الكتاب (الكشاف) مع أننا نعلم أن كل كتاب من الكتب الستة يوجد في نهايته فهرس متكامل، بل أكثر من فهرس أحياناً؟
فأقول: إن هذا الكشاف ذو أهمية بالغة لكل من أراد أن يبحث بواسطة التحفة، وذلك أنه إذا كان يدلك في صلب التحفة على اسم الكتاب ثم رقم الباب، ثم رقم الحديث -أحياناً- فإنه في الكشاف يدلك على اسم الباب الذي أعطاك رقمه في صلب التحفة، فإذا سألت: وما الفائدة من معرفة اسم الباب مادام أن الرقم معروف لدي؟ فالجواب: إن اسم الباب مفيدٌ جداً، وذلك أنك في كثير من الأحيان تجد أن رقم الباب في الكتاب الذي تبحث فيه يختلف كثيراً أو قليلاً عن رقم الباب الذي أحالك إليه المحقق في التحفة، فقد يحيلك المحقق في التحفة إلى رقم باب في حديث في كتاب الصلاة، في الترمذي -مثلاً- فتجهد في البحث عن هذا الحديث؛ فلا تجده بالرقم، تجد الرقم وتجد الباب يختلف، لكنك إذا عرفت اسم الباب، فبإمكانك أن تهمل رقم الباب، إذا لم تجده كما هو، وتبحث عن اسم الباب، بمعنى أن رقم الباب قد يتغير من طبعة إلى أخرى، أما اسم الباب فإنه لا يتغير أبداً.
فإذا لم تفلح في الحصول على الحديث بواسطة الرقم الذي أرشدك إليه المحقق؛ فأهمل الرقم في هذه الحالة، وابحث عن الحديث بواسطة اسم الباب، فاستعرض جميع الأبواب الموجودة تحت هذا الكتاب، وليكن كتاب الصلاة -مثلاً- في سنن الترمذي، حتى تصل إلى اسم الباب الذي تجده، وهنا يسهل عليك أن تبحث عن الحديث داخل هذا الباب المحصور، وسوف يظهر لك جلياً أهمية الكشاف من خلال المثال الذي سوف أضربه لك بعد قليل في التطبيق العملي، فهذه أهم الإضافات التي أضافها المحقق إلى كتاب التحفة.
بقي أن نعرف: كيفية البحث عن الحديث في كتاب التحفة، وهنا أضرب مثالاً بحديث واحد، ويمكن للقارئ أو السامع أو الباحث أن يحصل على أمثلة أخرى غير هذا المثال، ويجب على الطالب الذي يريد أن يستفيد من هذا المثال، أن يحضر الكتب التالية:-
أولاً: كتاب الكشاف على تحفة الأشراف.
ثانياً: كتاب تحفة الأشراف الجزء التاسع، وهو أول الكنى.
ثالثاً: سنن الترمذي الجزء الثاني، تحقيق أحمد شاكر، وهو الموجود مع الكتب الستة.
رابعاً: سنن أبي داود تحقيق عزت عبيد الدعاس، الجزء الثاني، وهو أيضاً الموجود والمطبوع مع الكتب الستة.
بين أيدينا -الآن حديث- هذا الحديث يقول: عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأبي بكر: {مررت بك وأنت تقرأ، وأنت تخفض من صوتك، فقال: إني أسمعت من ناجيت، قال صلى الله عليه وسلم: ارفع قليلاً، وقال لـ
البحث في التحفة والكشاف
إذاً: ابدأ من المجلد التاسع، واستعرض أسماء الكنى حتى تحصل على أبي قتادة، وسوف تجد أن مسند أبي قتادة كما أشرت في الجزء التاسع، ويبدأ بصفحة [240] من هذا الجزء، الآن نفترض أنك لا تعرف من إسناد هذا الحديث إلا الصحابي وهو: أبو قتادة، ففي هذه الحالة يلزمك أن تستعرض وبهدوء جميع الأحاديث التي في مسند هذا الصحابي، حديثاً حديثاً، وقد ميز كل حديث منها برقم خاص، فانظر في كل رقم، ثم انظر الحديث المقابل له، فإذا وجدت الحديث الذي تريد فبها، وإلا فانتقل إلى الذي بعده وهكذا، حتى تنتهي من مسند هذا الصحابي إلى آخره، ومسند هذا الصحابي، ليس بطويل فهو ينتهي، في صفحة [271]أو [272] بمعنى: أنه يستغرق [32] صفحة تقريباً، ومعنى ذلك أنه يجب عليك أن تستعرض [32] صفحة حتى تحصل على الحديث الذي تريد، ولكن لنفترض أن اسم الصحابي أو التابعي الراوي عن أبي قتادة موجود بين يديك، وهو في الحديث الذي فيه عبد الله بن رباح الأنصاري المدني، فهو الذي روى هذا الحديث عن أبي قتادة.
إذاً: ليس بلازم في هذه الحالة أن تستعرض مسند أبي قتادة كله، بل استعرض مسند عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة، فإذا فتحت مسند أبي قتادة صفحة [240] سوف تجد أول ما يواجهك في الصفحة التالية، [241]: أنس بن مالك أبو حمزة الأنصاري عن أبي قتادة، فهذا المسند لا يعنيك، يليه رقم [2] إياس بن حرملة الشيباني عن أبي قتادة -أيضاً- هذا المسند لا يعنيك، سوف تجد في الصفحة التالية: رقم [3] مسند جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري عن أبي قتادة، هذا المسند -أيضاً- لا يعنيك، تجد في الصفحة التالية: مسند حرملة بن إياس الشيباني عن أبي قتادة، هذا لا يعنيك، تجد بعده سعد بن مالك أبو سعيد الخدري هذا لا يعنيك، تجد مسند سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي عن أبي قتادة، هذا لا يعنيك، يليه صالح بن أبي مريم أبو الخليل الضبعي عن أبي قتادة هذا لا يعنيك تجد في الصفحة التالية: عبد الله بن رباح الأنصاري المدني فهذا هو المقصود، ويلاحظ أن جميع الأسماء السابقة مرتبة ترتيباً هجائياً، وهذا هو المسند الذي يجب أن نحصل على الحديث فيه.
فنستعرض الحديث الأول: فنجده حديث: { ليس في النوم تفريط } ليس هو الحديث الذي يعنينا، وهذا برقم [12085] نجد الحديث الذي يليه برقم [12086] حديث: { شرباً } أيضاً ليس هو الحديث الذي نطلبه، نجد الحديث [12087] حديث: {كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فعرس بليل اضجع على يمينه } أيضاً ليس هو الحديث الذي يعنينا، ننتقل إلى الحديث الذي يليه، رقم [12088]: { أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج ليلة فإذا هو بـ
و[فيه] يعني: في كتاب الصلاة، أي في نفس الكتاب الذي رواه فيه أبو داود، ثم يقول: [213: 1] أي في الباب رقم [213] الحديث الأول، عن محمود بن غيلان عن يحي بن إسحاق به، وقال: غريب، إنما أسنده يحي بن إسحاق عن حماد , وأكثر الناس إنما رووا هذا عن ثابت عن ابن رباح مرسلاً، ومعنى قوله: [به] أي بالإسناد، ومعنى قوله: [عنه] أي بحسب الإسناد الموجود في أعلى الرواية، فإذا قال: عن ثابت البناني عنه به، أي عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة به، أي ببقية الإسناد وباللفظ نفسه، الموجود في أصل التحفة.
البحث في أبي داود
إذاً، كيف لنا أن نصل إلى الحديث الذي نريد إذا لم نستطع الوصول إلى الحديث عن طريق رقم الباب، هنا نجد أن من المناسب جداً أن نستفيد من الكشاف، فنرجع ونبحث في كشاف تحفة الأشرافعن اسم الباب، ما دام أن المحقق بين لنا أن الحديث موجود في الباب رقم [316] من كتاب الصلاة من سنن أبي داود.
إذاً: قبل أن نرجع إلى سنن أبي داود فنضيع الوقت، ثم نجد أن الحديث الذي نريد ليس في نفس الموضع، نبحث في كشاف تحفة الأشراف، وفي فهرس أبي داود في كتاب الصلاة، حتى نجد الباب رقم [316] في أبواب قيام الليل، وفي صفحة [192] من كشاف تحفة الأشراف، أبواب قيام الليل، هذه أبواب من وضع المحقق نفسه، العنوان: أبواب: قيام الليل، تبدأ [307] حتى نصل إلى [316] حيث نجد باباً بعنوان: باب: [في رفع الصوت بالقراء في صلاة الليل] وهذا الباب من الواضح جداً أنه هو الباب الذي يوجد فيه الحديث الذي نريد؛ لأن الحديث الذي نريده هو في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل.
إذاً: نأخذ الآن مع رقم الباب: اسم الباب ونكتبه في ورقة الرقم [316] واسم الباب باب: [في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل], وهنا ينتهي دورالكشاف، ونذهب إلى سنن أبي داود ونطالع الفهرس في آخر السنن، فنجد كتاب الصلاة، تفريع أبواب الصلاة، في الفرع صفحة [843] نمشي مع الفهرس حتى نجد باب [316] فنجد أنه يختلف عن اسم الباب الذي بين أيدينا، حيث أن رقم الباب [316] في الفهرس كما هو في صفحة [844] من سنن أبي داود اسم الباب، باب: [في صلاة الليل] وهذا ليس هو اسم الباب الذي أرشدنا إليه الكشاف.
إذاً: ننتقل قليلاً، نقرأ الأبواب التي بعده، والأبواب التي قبله حتى نحصل على اسم الباب الذي نريد، وهو باب: [رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل] نقرأ عنوان الباب الذي قبله، وهو رقم [315] فنجد باب: [في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل] قطعاً هذا الباب الذي نريد.
إذاً: من خلال هذا المثال اتضح لنا جلياً أهمية الرجوع إلى الكشاف، وكتابة اسم الباب مع الرقم من الكشاف، ونجد هذا الباب يوجد في صفحة [81] من هذا الجزء وهو الجزء الثاني، نفتح صفحة [81] فنجد رقم [314] باب صلاة الليل مثنى مثنى، ثم نجد بعده بحديث واحد: باب برقم [315] باب: [في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل].
إذاً: الآن حصلنا على عنوان الباب الذي نريده في سنن أبي داود، فكيف نحصل على الحديث، داخل الباب؟
نرجع إلى إحالة المحقق، فقد أحالنا إلى الباب رقم [316] ونحن الآن وجدنا أن رقم الباب [315] فالفرق يسير جداً؛ لكن ننظر كم رقم الحديث أيضاً، فنجد أنه أحالنا إلى الحديث رقم [3] في الباب.
إذاً: الحديث الأول في الباب برقم [1327] لا يعنينا، والحديث الثاني برقم [1328] لا يعنينا، والحديث الثالث برقم [1329] حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: [ح] أي حوله، عن هذا الإسناد إلى إسناد آخر، فهذا هو الإسناد الذي أحالنا إليه المحقق، وأحالنا إليه المزي -أيضا-ً، في الموضع الثاني في التحفة، ثم قال: وحدثنا الحسن بن الصباح حدثنا يحي بن إسحاق أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة، فإذا هو بـ
فهذا هو الحديث الذي نريد، وما على الباحث هنا بعد أن ينقل إحالة المزي بكاملها في ورقة، أن ينقل إحالة أبي داود بكاملها وبدقة أيضاً، فيقول وجدته في أبي داود تحقيق عزت عبيد الدعاس، الجزء الثاني، صفحة [80] كتاب الصلاة، باب [315] في (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) الحديث الثالث، ثم ينقل الحديث بإسناده ومتنه، فإن كان المتن طويلاً فإنه ينقل طرف المتن الذي يدل على بقيته، ويضع ثلاث نقاط بجوار بعضها تدل على أن هناك شيئاً محذوفاً من الحديث، وهكذا استطعنا أن نصل إلى الحديث في سنن أبي داود بواسطة التحفة وعرفنا - أيضاً- كيف نستفيد من الكشاف بهذه الطريقة.
البحث في جامع الترمذي
إذاً اكتشفنا هنا أن الرقم لا يمكن أن يفيدنا فيسنن الترمذي في هذا الحديث، فنلغي الاعتماد على الرقم في هذه الحالة، ونذهب للبحث عن الحديث بواسطة عنوان الباب الذي كتبناه من كشاف التحفة، وقد اتفقنا أن نكتب هذا العنوان في ورقة: [باب ما جاء في قراءة الليل] فنفتح فهارس الترمذي التي توجد عادة في آخر المجلد، ونستعرض الأبواب بهدوء، فهي مهما طالت لا يمكن أن تأخذ منا إلا عشر دقائق أو قريباً من ذلك أو أقل منه بكثير، نستعرض هذه الأبواب واحداً واحداً حتى نصل إلى الباب الذي كتبنا عنوانه من التحفة، وهو: باب قراءة الليل، فنجده في فهرسسنن الترمذي صفحة [530] ونجد أن رقم الباب [230] بل [330] بل كتب خطأ في الفهرس [230] بدليل أن الذي قبله ثلاثمائة وتسع وعشرين، والذي بعد [331] فهو هنا [330] وأما رقم الصفحة [309].
فإذا أردنا أن نبحث عن هذا الحديث بواسطة تحفة الأشراف، نبحث عن مسند الصحابي الذي جاء هذا الحديث عن طريقه وهو: أبو قتادة، فنبحث في المجلد الأول، والثاني، والثالث حتى نجده في المجلد التاسع، وليس بلازم أن تمر على جميع مجلدات التحفة، بل يجب أن تعلم أن جميع أسماء الصحابة مرتبة ترتيباً هجائياً أبجدياً داخل التحفة، وأن الكنى تبدأ في المجلد التاسع من التحفة وما بعده.
إذاً: ابدأ من المجلد التاسع، واستعرض أسماء الكنى حتى تحصل على أبي قتادة، وسوف تجد أن مسند أبي قتادة كما أشرت في الجزء التاسع، ويبدأ بصفحة [240] من هذا الجزء، الآن نفترض أنك لا تعرف من إسناد هذا الحديث إلا الصحابي وهو: أبو قتادة، ففي هذه الحالة يلزمك أن تستعرض وبهدوء جميع الأحاديث التي في مسند هذا الصحابي، حديثاً حديثاً، وقد ميز كل حديث منها برقم خاص، فانظر في كل رقم، ثم انظر الحديث المقابل له، فإذا وجدت الحديث الذي تريد فبها، وإلا فانتقل إلى الذي بعده وهكذا، حتى تنتهي من مسند هذا الصحابي إلى آخره، ومسند هذا الصحابي، ليس بطويل فهو ينتهي، في صفحة [271]أو [272] بمعنى: أنه يستغرق [32] صفحة تقريباً، ومعنى ذلك أنه يجب عليك أن تستعرض [32] صفحة حتى تحصل على الحديث الذي تريد، ولكن لنفترض أن اسم الصحابي أو التابعي الراوي عن أبي قتادة موجود بين يديك، وهو في الحديث الذي فيه عبد الله بن رباح الأنصاري المدني، فهو الذي روى هذا الحديث عن أبي قتادة.
إذاً: ليس بلازم في هذه الحالة أن تستعرض مسند أبي قتادة كله، بل استعرض مسند عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة، فإذا فتحت مسند أبي قتادة صفحة [240] سوف تجد أول ما يواجهك في الصفحة التالية، [241]: أنس بن مالك أبو حمزة الأنصاري عن أبي قتادة، فهذا المسند لا يعنيك، يليه رقم [2] إياس بن حرملة الشيباني عن أبي قتادة -أيضاً- هذا المسند لا يعنيك، سوف تجد في الصفحة التالية: رقم [3] مسند جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري عن أبي قتادة، هذا المسند -أيضاً- لا يعنيك، تجد في الصفحة التالية: مسند حرملة بن إياس الشيباني عن أبي قتادة، هذا لا يعنيك، تجد بعده سعد بن مالك أبو سعيد الخدري هذا لا يعنيك، تجد مسند سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي عن أبي قتادة، هذا لا يعنيك، يليه صالح بن أبي مريم أبو الخليل الضبعي عن أبي قتادة هذا لا يعنيك تجد في الصفحة التالية: عبد الله بن رباح الأنصاري المدني فهذا هو المقصود، ويلاحظ أن جميع الأسماء السابقة مرتبة ترتيباً هجائياً، وهذا هو المسند الذي يجب أن نحصل على الحديث فيه.
فنستعرض الحديث الأول: فنجده حديث: { ليس في النوم تفريط } ليس هو الحديث الذي يعنينا، وهذا برقم [12085] نجد الحديث الذي يليه برقم [12086] حديث: { شرباً } أيضاً ليس هو الحديث الذي نطلبه، نجد الحديث [12087] حديث: {كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فعرس بليل اضجع على يمينه } أيضاً ليس هو الحديث الذي يعنينا، ننتقل إلى الحديث الذي يليه، رقم [12088]: { أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج ليلة فإذا هو بـ
و[فيه] يعني: في كتاب الصلاة، أي في نفس الكتاب الذي رواه فيه أبو داود، ثم يقول: [213: 1] أي في الباب رقم [213] الحديث الأول، عن محمود بن غيلان عن يحي بن إسحاق به، وقال: غريب، إنما أسنده يحي بن إسحاق عن حماد , وأكثر الناس إنما رووا هذا عن ثابت عن ابن رباح مرسلاً، ومعنى قوله: [به] أي بالإسناد، ومعنى قوله: [عنه] أي بحسب الإسناد الموجود في أعلى الرواية، فإذا قال: عن ثابت البناني عنه به، أي عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة به، أي ببقية الإسناد وباللفظ نفسه، الموجود في أصل التحفة.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5157 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |