إذا ضيعت الأمانة


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد..

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

فإنه ينبغي أن أكون أنا على قناعةٍ بصحة ما أفتي به العامي، فالعامي يعطيك المسألة وأنت تبحث وتسأل، وتعطيها له وتتحمل تبعاتها، من الذي يشعر بعظم المسألة؟! أناسٌ كثيرون جداً، جاء علي شهر كامل أجد الهاتف كله منشغلاً، كل الناس يسألون عن البورصة، وأنا لم يكن لدي فكرة أن هناك في الدنيا شيء اسمه (البورصة)، وعندما سألت وجدت البلاء المستطير فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ [غافر:44].

البلاء المستطير الموجود هو بسبب البورصة، وأنت عندما تسأل أي إنسان هذه الأيام، يقول لك: هناك حالة ركود في البلد، سلع كثيرة جداً نزلت السوق، السيارات.. والأجهزة المعمرة.. والمواد الغذائية كله موجود لكنها خسارات فادحة؛ لأن البورصة نظام يهودي، شركة جديدة في مصر عرضت السهم بستة وخمسين جنيهاً، وبعد ستة أشهر فقط ارتفع ثمن السهم إلى خمسمائة وستة وخمسين جنيهاً، أي: لو أن رجلاً وضع مائة ألف جنيه في البورصة لأصبح معه خمسمائة ألف جنيه في ستة أشهر، فلا أحد سيبني بيتاً أو يعمل شيئاً؛ بسبب إغراء هذا الربح.

فلماذا لا أضع مائة ألف جنيه ثم بعد ستة أشهر آخذ أرباحها خمسمائة ألف، المائة ألف التي كنت سأتصرف بها آخذها من رأس المال وأجعل أرباح المال تمشي.. وهكذا.

الناس يعتقدون أن الدولة مشرفة على البورصة فلن تفلس.. لا، الذي يقبض المال هم اليهود، وهذا بنك الاعتماد والتجارة! ما كان يخطر على البال أن هذا البنك سيفلس يوماً ما، هذا بنك شيوخ الخليج! الذي لو الدنيا افتقرت كلها لاعتمدوا عليه، وعجزوا حتى الآن أن يرفعوا البنك أو يعيدوا البنك مرة أخرى.

اليهود أكلوا ونهبوا.. وانتهى الأمر، هم أباطرة المال في الدنيا! وكل مخزون الناس من المال يبتدئ يظهر في البورصة، وفي الأخير أنت لا تعلم كيف تمشي الأمور! هذه الأموال انتهت كلها، وبالتالي اقتصاد البلد كله يدمر؛ لأن كل الأموال الموجودة مع الخلق خرجت تشتغل.

قضية البورصة -مثلاً- بحاجة إلى كثير من العلماء لكي يجيبوا على أسئلة الخلق، لا بد أن يفهموا أولاً عمل البورصة، ويصير عندهم فقه في أعمال البورصة، لكي تكون الفتوى صحيحة، فلو أتاك رجل من الناس وماله بيده، وإذا به واقف على الباب: يا شيخ! أرجوك أن تفتني. لا بد أن يسأله: هذه البورصة كيف تشغل هذا المال؟ كيفية العقد في الأرباح؟ أنا لا أريد عالماً جاهلاً، هناك عالم جاهل ببعض المسائل، لكنه يقول: هذه المسائل ليست موجودة عندي اسأل غيري.. فالمسألة تحتاج إلى كثير من العلماء في كل بلد.

إن اليهود يريدون أن يشغلوا الناس حتى يأتي الرجل إلى المسجد فلا يجد من يقول له: من أنت؟ ومن أين جئت؟ هو عنده حرارة، وإخبات، وعنده فكرة عظيمة رائعة لكل الناس الذين يرتادون المساجد.

حتى أن شخصاً منهم يقول لي: الناس الملتحين هؤلاء كالملائكة، يدخل المسجد ويأتي بهذه العاطفة، يظل سنة أو سنتين أو شهراً أو شهرين ثم يهرب، ولم يكلف بشيء، ولم يقل له أ؛د: اعمل كذا.. أو اترك كذا.. وبعدما يهرب يبدأ يرى بعض المشاكل الموجودة بين المسلمين، والأصولات البذيئة الموجودة بين المسلمين، يبدأ يهرب ويسوء ظنه، فيصعب جداً إصلاحه بعد ذلك.

فالمقبلون على الله عز وجل بهذا المال الحرام كثير.. أين الدعاة إلى الله عز وجل؟ هم الذين يصلحون أمثال هؤلاء، ويقيمونهم على طريق الله عز وجل، فهي محنةٌ من أعظم المحن.

فهذه مدينة حلوان، كم مليون فيها؟ مليوني نسمة، كم فيها من الدعاة؟ انظر المحنة! لا جواب،..هل ينفع هذا الكلام؟ أربعة أو خمسة لمليوني شخص؟! حلوان كم فيها أطباء؟ مئات، أليس كذلك؟ ومع ذلك المئات لا تكفي لعد سكانهم.

وكيف لو شعرت الجماهير بحقيقة المحنة ولم يسأل رجلٌ نفسه هذا السؤال: حتى يقول لابنه: يا بني! أنت وقفٌ لله، أوقفتك كما أوقف مصحفاً أو أوقف سبيل ماء، أوقف هذا الولد الذي أنفقته لله هو الوحيد الذي في رصيدك، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ... ثم ذكر: وولدٌ صالح يدعو له) .

قال العلماء: قيد ذكر الولد بالصلاح للدلالة على أن غير الصالح لا يلحق بأبيه، فالولد غير الصالح ليس من نسلك: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ [هود:46] فكل ولدٍ فاسد لا ينسب إليك ولا تستفيد منه، فالله عز وجل إنما ذكر ميلاد موسى وكيف ربى موسى لفرعون لنتعلم هذا، والله عز وجل كان قادراً على أخذ فرعون أخذ عزيز مقتدر لكنه يعلمنا كيفية الصبر، يربيه.. ويتدرج موسى عليه السلام.. ثم يخرج إلى مدين.. ثم يرجع إلى فرعون نبياً.

طريق الدعوة والتربية طويل

نحن نفهم من هذا أن طريق الدعوة طويل ويحتاج إلى صبر، وكل المصائب التي وقعنا فيها منذ القديم سببها العجلة، فالمسألة تحتاج إلى صبر خمسين سنة، الجيل المفرط الخائن يموت أو يحال إلى التقاعد، والجيل الواعد يملك، المسالة مسألة إحلال وإزالة، يكفي أن هذه الصحوة ليست من نتاجهم، فما أخذت الالتزام لا من البيت ولا من المدرسة ولا من الشارع، نحن أمة وجودنا على الأرض أحياء آية من آيات الله إذ ليس عندنا جهاز مناعة، ومعروف أن جسم الإنسان إذا أصيب الجهاز المناعي عنده يموت بأقل مرض، وهو مرض الإيدز، هذه الأمة جهازها المناعي ضعيف جداً جداً، ومع ذلك انظر الأمراض والضربات في كل لحظة ومع ذلك لا زالت حية.

إذاً: هذه الصحوة ليست من نتاجهم، إنما أرادها الله عز وجل للتمكين، وهو المتفضل على هذه الأمة بهذا الجيل، وإن كان هذا الجيل ليس أهلاً أن يمكن؛ لأنه تربية الجيل الذي فرط، فيه خبث! ما زال.. نقلوا وورثوا الضعف إليه مثل ما ورثوا الماء، لكن ولدك سيكون خيراً منك إن شاء الله؛ لأنك أبوه.

إذاً: المسألة مسألة وقت، فأنت مثلاً عندما تكون بجانب جرعة ماء، وهذه الجرعة ليس فيها قطرة ماء، ما الذي يحصل؟ ترى القش والريش والحطب ينزل، وإذا بالجيف تمر عليك، ما الذي يحصل؟ جيف تصير بجانبك من الأرق، صحيح أنت عطشان الآن لكن اصبر؛ لأن معنى أن الجيف تمشي أي: أن الماء وصل، وهو الذي دفعها، فاصبر قليلاً، حتى تمر الجيف كلها فيأتي الماء الصحيح، فهي مسألة وقت فقط لا غير، والوقت يحتاج إلى صبر، لأن العجلة خسرتنا كثيراً، الذي ينظر إلى الصعيد يبكي، الرحلة في الصعيد تبكي، النقاب في الصعيد لا يوجد، الصعيد الرجال، الذين كنا لما نقول: النقاب يعني المفروض أن الالتزام بالنقاب، الالتزام واللحى خاص بالصعيد.

اذهب مصر تنظر إلى المحنة وحجم المحنة، كل هذا سببه العجلة.

فمعنى أن المسألة تحتاج إلى وقت أي تحتاج إلى صبر، وإعداد الكوادر العلمية لسد هذا النقص يحتاج إلى صبر، لكن لابد أن يكون هناك جدية في العمل، وطريق إعداد الكوادر العلمية طريق طويل، لكن ينبغي أن تتنبه الجماهير إلى هذا النقص والعجز الموجود في الكوادر العلمية.

هناك عالم اسمه بدر الدين الزركشي ، رأت فيه أسرةٌ تتمذهب بالمذهب الشافعي مخايل النجابة والذكاء، فعرضت عليه أن تزوجه وتبني له داراً، وتعطيه راتباً بشرط أن يتفرغ لنصرة مذهب الإمام الشافعي وتصنيفه، وقد كان رحمه الله!

أفلا نكون لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسرة الناصرة للمذهب الشافعي؟ أنت إذا كان لك مال، اذهب إلى عالم أو رجل موثوق فيه ببلدك أو بحيك، وقل له: رشح لي طالباً أو اثنين أو ثلاثة من طلاب العلم أنفق عليهم، ويجلسون في البيت، وأوفر له المراجع الأساسية، فما من رجل يهتدي على يديه إلا وأنت قسيمه في الأجر، يقول النبي عليه الصلاة والسلام : (الدال على الخير كفاعله) هذه وظيفتك! أنت رجل تاجر صحيح، لكن وظفت مالك لدين الله عز وجل، لأن تنفق على الفقير أحياناً، وأنت لا تراقبه، فقد يستعين بمالك على معصية الله عز وجل، فأنت عندما تعطيه المال ولا تراقبه، ولا ترى مخالفات، لا تستثمر مالك في الناحية الدعوية المفروضة، أنا رجل أعطي أي رجل مالاً فيجب علي أن أتعاهده، إذا وجدته لا يصلي أقل له: يا أخي صل. أولادي لا يصلون آمرهم بالصلاة، إذا كان هذا الرجل محتاجاً سيستجيب لك، وبهذا تكون أنت استفدت مرتين.

وفي شرح أصول السنة لللالكائي أن بعض العلماء -ولعله ربيعة الرأي - دخل عليه وهو يبكي: قالوا: ما يبكيك؟ قال: استفتي من لا علم عنده، وهذا أول الخلاص كما ذكرت؛ فأصبح الآن إيجاد طلاب العلم ضرورة.

شبهات العلمانيين لا يدفعها إلا الدعاة

من الذي يرد على الشبهات الموجودة الآن في الساحة؟ شخص الآن يتكلم على حد الرجم، ولله در عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كأنما كان ببصيرته يخترق حجب الغيب، قال -كما في صحيح البخاري- (لقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجم أبو بكر ، ورجمتُ، فأخشى أن يطول بالناس زمان، فيقول أحدهم: لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله) .

وذكر أنهم كانوا يقرءون فيما كانوا يقرءون من القرآن آية الرجم، وأنها رفعت، فعندما يتكلم إنسان على حد الرجم في الصحف ويقول: إن حد الرجم هذا غير صحيح، وأنه جاء في أخبار آحاد، وأخبار الآحاد لا يعمل بها؛ والعجيب أن المعتزلة لا يقبلونها في العقيدة دون الفقه، هذا شيء في آخر الظلم.

يقول: هذه أخبار آحاد، وكيف نريق الدماء بهذه الصورة البشعة، والإسلام لا يدعو أبداً إلى ذلك، المعروف أنه إنما يرجم الزاني المحصن والرجل المتزوج إذا زنى يرجم بأن تحفر له حفرة في الأرض، ثم يرجم ،ويبقى وسطه في الأعلى بحيث يكون ظاهراً على الأرض، ثم يرجم بالحجارة في رأسه إلى أن يموت، هذا هو حكم الله عز وجل في الزاني المحصن.

فيقول هذا: الإسلام يدعو إلى الرأفة والرحمة حتى بالحيوان، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتل أحدكم فليحسن القتلة، وإذا ذبح فليحسن الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته) ؟

يقول لك: انظر إلى رأفة الإسلام! إن الحيوان الأعجم الأبكم لا تحد هذه السكينة أمامه؛ لأن هذا خلاف الرحمة، حد الشفرة واذبح مباشرةً؛ لأن تعذيب الحيوان ليس من الإحسان، قال: هذا وهو حيوان، وهذا مسلم موحد، فكيف تأتي بحجر وتضربه وربما يظل يموت ساعة! والله أعلم الذي يضربه هل يضرب بضربة تؤلمه أم لا؟ يظل يرمي خمسين مرة ويأتي بحجرة أخرى ويرمي، والآخر يتعذب.. ما هذا؟ وهل هذا شرع؟! وهذا لا يعقل، فهل الحيوان يرحم ويقول: (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) ويجعل المسلم الموحد يقتل رمياً بالحجارة..؟! لا يمكن الفعل هذا!

الشبهة هذه جميلة! وعندما يكون الإنسان لا علم عنده ينطلي عليه مثل هذا الكلام، لكن عندما يوجد كوادر من أهل العلم تردع مثل هذا؛ الجماهير تكون في مأمن وعندها أمان، لأنه أول ما تظهر شبهة كلهم يتكلمون، ويغطون هذه الشبهة، وهي شبهة من أسقم الشبه وأتفهها؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يشرع الشيء إلا لحكمة، وكل أوامره حكمة.

الحيوان الأبكم الأعجم ما المصلحة في تعذيبه؟! لا مصلحة على الإطلاق، لذلك قال: : (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته).

لكن هذا المجرم الآثم الذي اعتدى على عرض أخيه هو لم يقدر المصيبة التي وقعت في المجني عليها، يعني: المسألة كلها ليست عليه، هو في استمرار في منهج الانحراف، والمجني عليه والمعتدى عليها هذه.

نحن نفهم من هذا أن طريق الدعوة طويل ويحتاج إلى صبر، وكل المصائب التي وقعنا فيها منذ القديم سببها العجلة، فالمسألة تحتاج إلى صبر خمسين سنة، الجيل المفرط الخائن يموت أو يحال إلى التقاعد، والجيل الواعد يملك، المسالة مسألة إحلال وإزالة، يكفي أن هذه الصحوة ليست من نتاجهم، فما أخذت الالتزام لا من البيت ولا من المدرسة ولا من الشارع، نحن أمة وجودنا على الأرض أحياء آية من آيات الله إذ ليس عندنا جهاز مناعة، ومعروف أن جسم الإنسان إذا أصيب الجهاز المناعي عنده يموت بأقل مرض، وهو مرض الإيدز، هذه الأمة جهازها المناعي ضعيف جداً جداً، ومع ذلك انظر الأمراض والضربات في كل لحظة ومع ذلك لا زالت حية.

إذاً: هذه الصحوة ليست من نتاجهم، إنما أرادها الله عز وجل للتمكين، وهو المتفضل على هذه الأمة بهذا الجيل، وإن كان هذا الجيل ليس أهلاً أن يمكن؛ لأنه تربية الجيل الذي فرط، فيه خبث! ما زال.. نقلوا وورثوا الضعف إليه مثل ما ورثوا الماء، لكن ولدك سيكون خيراً منك إن شاء الله؛ لأنك أبوه.

إذاً: المسألة مسألة وقت، فأنت مثلاً عندما تكون بجانب جرعة ماء، وهذه الجرعة ليس فيها قطرة ماء، ما الذي يحصل؟ ترى القش والريش والحطب ينزل، وإذا بالجيف تمر عليك، ما الذي يحصل؟ جيف تصير بجانبك من الأرق، صحيح أنت عطشان الآن لكن اصبر؛ لأن معنى أن الجيف تمشي أي: أن الماء وصل، وهو الذي دفعها، فاصبر قليلاً، حتى تمر الجيف كلها فيأتي الماء الصحيح، فهي مسألة وقت فقط لا غير، والوقت يحتاج إلى صبر، لأن العجلة خسرتنا كثيراً، الذي ينظر إلى الصعيد يبكي، الرحلة في الصعيد تبكي، النقاب في الصعيد لا يوجد، الصعيد الرجال، الذين كنا لما نقول: النقاب يعني المفروض أن الالتزام بالنقاب، الالتزام واللحى خاص بالصعيد.

اذهب مصر تنظر إلى المحنة وحجم المحنة، كل هذا سببه العجلة.

فمعنى أن المسألة تحتاج إلى وقت أي تحتاج إلى صبر، وإعداد الكوادر العلمية لسد هذا النقص يحتاج إلى صبر، لكن لابد أن يكون هناك جدية في العمل، وطريق إعداد الكوادر العلمية طريق طويل، لكن ينبغي أن تتنبه الجماهير إلى هذا النقص والعجز الموجود في الكوادر العلمية.

هناك عالم اسمه بدر الدين الزركشي ، رأت فيه أسرةٌ تتمذهب بالمذهب الشافعي مخايل النجابة والذكاء، فعرضت عليه أن تزوجه وتبني له داراً، وتعطيه راتباً بشرط أن يتفرغ لنصرة مذهب الإمام الشافعي وتصنيفه، وقد كان رحمه الله!

أفلا نكون لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذه الأسرة الناصرة للمذهب الشافعي؟ أنت إذا كان لك مال، اذهب إلى عالم أو رجل موثوق فيه ببلدك أو بحيك، وقل له: رشح لي طالباً أو اثنين أو ثلاثة من طلاب العلم أنفق عليهم، ويجلسون في البيت، وأوفر له المراجع الأساسية، فما من رجل يهتدي على يديه إلا وأنت قسيمه في الأجر، يقول النبي عليه الصلاة والسلام : (الدال على الخير كفاعله) هذه وظيفتك! أنت رجل تاجر صحيح، لكن وظفت مالك لدين الله عز وجل، لأن تنفق على الفقير أحياناً، وأنت لا تراقبه، فقد يستعين بمالك على معصية الله عز وجل، فأنت عندما تعطيه المال ولا تراقبه، ولا ترى مخالفات، لا تستثمر مالك في الناحية الدعوية المفروضة، أنا رجل أعطي أي رجل مالاً فيجب علي أن أتعاهده، إذا وجدته لا يصلي أقل له: يا أخي صل. أولادي لا يصلون آمرهم بالصلاة، إذا كان هذا الرجل محتاجاً سيستجيب لك، وبهذا تكون أنت استفدت مرتين.

وفي شرح أصول السنة لللالكائي أن بعض العلماء -ولعله ربيعة الرأي - دخل عليه وهو يبكي: قالوا: ما يبكيك؟ قال: استفتي من لا علم عنده، وهذا أول الخلاص كما ذكرت؛ فأصبح الآن إيجاد طلاب العلم ضرورة.