حديث أنس بن مالك: ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا؟
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "ما قال لي لشيء صنعتُه: لمَ صنعتَ هذا هكذا؟"
عن أنس رضي الله عنه قال: قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ليس له خادم، فأخذ أبو طلحة بيدي، فانطلقَ بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول، الله، إنَّ أنَسًا غُلامٌ كَيِّسٌ، فليخْدِمك، قال: «فخدمتُه في السفر والحضر، ما قال لي لشيء صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هذا هكذا؟ ولا لشيء لم أصنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هذا هكذا؟»[1].
من فوائد الحديث:
1- معرفة بعض أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الكاملة، والعيش بين خصاله الوارفة، وبستان صفاته العالية الحميدة.
2- معنى الكَيِّس: ضد الأحمق[2]، وهو العاقل الظريف.
3- نَظَرُ الرجل لرَبِيبِهِ إذا كان عندَه[3]، فأبو طلحة ليس أبًا لأنس، إنما هو زوجُ أمِّه.
4- قال ابن التين: وأكثر أصحاب مالك على أن الأم وغيرها لهم ولاية التصرف في مصالح مَن في كفالتهم، ويعقدون له وعليه، وإن لم يكونوا أوصياءَ، ويكون حُكمهم حُكمَ الأوصياء.
5- السفر باليتيم إذا كان ذلك من المَصلحة.
6- جواز خدمة الحرِّ لغيره.
7- خدمة العالم والإمام واجبة على المسلمين، وأن ذلك شرفٌ لمن خدَمهم لِما يُرجى مِن بركة ذلك[4].
8- كان صلى الله عليه وسلم لا يواجه الناس بالعتاب، يعني على ما يكون في خاصة نفسه؛ كالصبر على جهل الجاهل، وجفاء الأعراب، فأما إن انتُهكت من الدين حُرمةٌ، فإنه لا يتركُ العتابَ عليها، والتقريع فيها، ويَصْدَعُ بالحق فيما يجب على مُنْتَهِكِها، ويقتصُّ منه، وسواء كان حقًّا لله، أو للعباد[5].
9- رأفة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأصحابه وأُمَّته[6].
10- جواز أن يتخذ المسلم خادمًا يقوم على خدمته.
11- يوم أن خدم أنس رضي الله عنه، كان في العاشرة من عمره؛ مما يدل على صِغره.
12- كشفَ لنا الصحابي جانبًا من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسلوكًا رائعًا في تعامله عليه الصلاة والسلام.
13- هل يستطيع المربي - سواء أكان أبًا أو غيره - أن يُخَفِّفَ اللومَ والعتابَ على مَن هم تحت يده، ويتعامل معهم كما كان يتعامل المصطفى صلى الله عليه وسلم مع أنس؟ إنه منهج نبوي فريد حَرِيٌّ بنا أنْ نُطَبِّقَهُ مع أبنائنا.
14- على المسلم أن يحفظ لسانه من الكلمات القاسية، وغيرها مما له تأثير على الأبناء، والخَدَم.
15- اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم باليتيم.
16- اهتمام أبي طلحة رضي الله عنه بتربية أنس وهو زوج أمِّه، وحِرصه على أن يكون في خدمة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
17- قوله: (فانطلقَ بي) يدلُّ على السرعة، وعدم التأخير.
18- المبادرة والمسارعة بأعمال الخير، فأبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه بادر بتقديم أنسٍ ليخدم النبي صلى الله عليه وسلم.
19- قوله: (إن أنَسًا غُلامٌ كَيِّسٌ) مدحٌ وثَنَاءٌ من أبي طلحة لأنس رضي الله عنهما، وهي مُقَدِّمة جميلة، وعَرْض رائع، يَستَدعي قَبول أنس للخدمة بعد هذا الثناء وهذه التزكية.
20- طلبُ القُرب والبركة من النبي صلى الله عليه وسلم.
21- هذا القُربُ نفع أنسًا نفعًا عظيمًا، فقد أخذ العِلم من النبي صلى الله عليه وسلم.
22- قوله: (قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ليس له خادم)، يدلُّ على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يُفْتح عليه في المال إلا بعد أن هاجر إلى المدينة.
23- قوله: (فأخذ أبو طلحة بيدي)، يدلُّ على أن أمرَ أنس كلَّه كان بيد زوج أمِّه أبي طلحة الأنصاري.
[1] صحيح البخاري 4 /11 رقم 2768، وصحيح مسلم 4 /1804 رقم 2309.
[2] التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن المُلقن، 17 /271.
[3] المرجع السابق 17 /271، و31 /473.
[4] من 4-8 مستفاد من التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن المُلقن 17 /271-272.
[5] المرجع السابق 28 /468.
[6] التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن المُلقن 28 /468.