خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/452"> الشيخ أبو إسحاق الحويني . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/452?sub=36178"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
نظرات في سورة الأنفال[1]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذه نظرات مجملة في سورة الأنفال: دعت إليها الحالة الراهنة التي يعيشها المسلمون مع اليهود في الأرض المحتلة.
أيها الإخوة: إن أعجز الناس وأحمقهم من يطلب النصرة من عدوه، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ [آل عمران:118]، أي: إذا أردت أن تتخذ بطانة -والبطانة إنما تتخذُ للمشورة والنصرة- فإياك أن تتخذ من دونه، أي: مَنْ ليس على دينك، وليس على مذهبك، إياك أن تتخذه بطانة.. لماذا؟ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا أي: لا يقصرون في إعناتكم وفي التغرير بكم، هذا كلام الله للذين آمنوا.
إنما السياسة التي لا دين لها قاتلها الله؛ هي التي أودت بالمسلمين إلى هذا الدرك الأسفل من الذل والهوان والعار، ولذلك افتتح الله عز وجل سورة الأنفال التي نزلت بعد غزوة بدر، بأوصاف الذين آمنوا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4]، ثم بدأ يسرد وقائع الغزوة.
لابد من الإيمان لحصول النصر
معناها أيها الإخوة: أن نكون مسلمين، إذا أردتم أن تظفروا على عدوكم، ولو كان عددكم وعتادكم قليلاً، كما كان إخوانكم من الأسلاف في بدر، ونصرهم الله نصراً مؤزراً برغم أنهم لم يأخذوا أهبة غزوهم، وما خرجوا لقتال، ولم يكن معهم غير فرسين اثنين فقط، وكان الثلاثة يعتقبون البعير الواحد، وكانوا يقتسمون التمرات، وكانوا جياعا: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الأنفال:26]، وقال لهم الله جل وعلا: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [آل عمران:123].
فإذا أردتم أن يكون النصر حليفكم كما كان حليف الأسلاف في بدر مع ذلهم وقلتهم؛ فعليكم أن تكونوا من المؤمنين أولاً، فلابد من شرط الإيمان، قال تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40-41].
الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة: اليوم ثلث الأمة لا يصلون، ولا يسجد لله ركعة.
والزكاة صار أداؤها شيئاً شخصياً، مع أن الدولة يجب عليها أن تجبر المواطنين على دفع الزكاة، وإذا رفض رجلٌ دفعها يقاتل حتى يقتل؛ لأن الزكاة حق الله في المال، وهذا هو الذي فعله أبو بكر رضي الله عنه، وشايعه جماهير الصحابة آنذاك، وقد صار دفع الزكاة شيئاً ثقيلاً، كم من المسلمين لا يدفعون زكاة الأموال! وكثير من الذين يدفعون الزكاة إنما يدفعونها بالتشهي، وبالتقتير الشخصي، فهؤلاء لا يُمكَّن لهم في الأرض أبداً ولو ظلوا ألف عام يصرخون بمكبرات الصوت، ويحرقون الأعلام، ويقذفون عدوهم بأشنع العبارات، فإن الوضع باقٍ كما هو.
إنما النصر من عند الله تبارك وتعالى ليس من عند أحد، وإنما ينزله على عباده المؤمنين.
استنجدوا بالأمم المتحدة، والأمم المتحدة هي التي صنعت إسرائيل، هي التي وضعت اليهود في أرض المسلمين، فهذا لا يفعله عاقل يعقل ما يقول: أن يأتي الأمم المتحدة ليستجير بها، فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار، فكانت النتيجة: أن الأمم المتحدة أدانت الفلسطينيين وقالت: أنتم السبب، أنتم الذين استثرتم شارون ، وأنتم لم تتعاملوا معه كرجل كبير صاحب دولة، إنما أطلقتم عليه الصغار؛ فكانت النتيجة هذه الشرارة فأنتم السبب.
لابد من اعتذار رسمي، وسيعتذرون، ونظل سنتين أو ثلاثاً نحقق في هذا الهجوم الفلسطيني على اليهود، وبعد سنتين أو ثلاث يتولاها وغد آخر غيره وتبدأ المجابهات مرة أخرى، ويدانون ويدان عليهم، ونظل مائة سنة نحقق من الغلطان.
هذه مسألة مكشوفة لأي رجل عنده (أ، ب) فهم لليهود، و(أ، ب) فهم للإسلام، لكن قلت لكم: السياسية التي لا دين لها.
ضرورة صفاء المنهج والعقيدة من أجل النصر
حزب الله الذي في لبنان حزب شيعي، استطاع أن ينتصر انتصاراً جزئياً بعد مرور سبع عشرة سنة على احتلال اليهود لجنوب لبنان، واستطاع أن يخرج هؤلاء اليهود من الأرض، حتى الآن لا زالوا يعزفون ويتشرقون بهذا الانتصار.
أمةٌ مهزومة في كل المجالات، حتى في لعب الكرة مهزومة أيضاً! ما صفا لها لعبٌ ولا جد، أمةٌ على هامش الأرض، رأت عز اليهود واستطالتهم، وأنهم يملكون كل شيء في العالم، الآن لما هُزموا هزيمةً جزئية، فدخل هؤلاء المهزومون بنشوة الانتصار، ويصورون القتل كأنه فيلم مثلما صوروا حرب الخليج، حرب الخليج كانوا يصورون طلعات الطيران، والطائرات تنسف المباني، وتقتل المسلمين العزل وغيرهم من الأطفال، بسبب قتل اثنين من إسرائيل.
هذه الحرب كلها لأجل الدين الذي مزقه المسلمون هناك في الأرض المحتلة تمزيقاً، رداً على مقتل مائة مجرم، لأجل اثنين الضربة مستمرة حتى الآن، ونطالب بضبط النفس..! هذه أول السلبيات.
وثاني سلبية: أن يمجد مثل حزب الله وإن كان قد انتصر، فالمسألة في النهاية مسألة عقيدة، الفرقان بيننا وبين أهل البدع هو العقيدة، والمنهج.
نحن لا نراهن على المنهج والعقيدة مهما كنا مهزومين، لكننا نطالب أهل السنة أن يتقوا الله تبارك وتعالى، وأن يحققوا شرط الإيمان، وشرط العبودية التي أمرهم رب العالمين تبارك وتعالى بها، وذلك هو جهاد النفس، إذ لا يطلب أن تقاتل وتجاهد عدوك وأنت لم تنتصر على نفسك، ولا يمكنك أن تنتصر على عدوك في الخارج، هذا مستحيل؛ لأن هذا العدو الكامن في النفس يخذلك، ويقول لك: ستقتل، ويقسم ميراثك، وتتزوج امرأتك، ثم ماذا تفعل وأنت فردٌ واحد؟ وعدوك عنده من العتاد كذا وكذا، ومن العدة كذا وكذا، والدنيا كلها صارت دولةً له، فيخذلك فلا تستطيع أن تقوم.
وبناءً عليه ضيعت الأوامر والنواهي، وانتهكت الحرمات، إن أمرت بشيء لم تفعله، وإن فعلته لم تفعله كما أمرت به، وثمة خلل يملأ ديار المسلمين، وهو الشرك والبدع، ومما يدل على ذلك أنه يزور قبر البدوي أربعة ملايين، لا تجد هذا العدد عند الكعبة ولا في عرفات ولا في منى، ويلمع في الليلة الختامية، ويحضرها أكبر الشخصيات، وهذا محفل شركي لا يعبأ الله به، لو دعا كل هؤلاء أنى يستجاب لهم، لا يعبأ الله عز وجل بهم، قال تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا [هود:112] (لا تطغوا)، أي: لا تتجاوزوا حد الاستقامة.
إن الله عز وجل أنزل رسوله بالدين الحق، ومع ذلك تجد في بلاد المسلمين أحزاباً: الحزب الفلاني له تصور في إقامة الحياة وفي حكم الناس، الحزب العلاني له تصور مخالف، وأين حكم الله عز وجل؟ وكأن الله ما أنزل كتاباً ولا بعث رسولاً، حتى بدأ الناس يفكرون كيف يحكمون الناس؟
وكل حزب له تصور، الإسلام خارج كل هذه الأحزاب، يظلون يتكلمون الساعة والساعتين والثلاث لا يذكرون الله، ولا يذكرون الإسلام ألبتة.. فأنى ينصرون؟!
ما معنى ذكر هذه الأوصاف في ذكر بدر؟
معناها أيها الإخوة: أن نكون مسلمين، إذا أردتم أن تظفروا على عدوكم، ولو كان عددكم وعتادكم قليلاً، كما كان إخوانكم من الأسلاف في بدر، ونصرهم الله نصراً مؤزراً برغم أنهم لم يأخذوا أهبة غزوهم، وما خرجوا لقتال، ولم يكن معهم غير فرسين اثنين فقط، وكان الثلاثة يعتقبون البعير الواحد، وكانوا يقتسمون التمرات، وكانوا جياعا: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الأنفال:26]، وقال لهم الله جل وعلا: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [آل عمران:123].
فإذا أردتم أن يكون النصر حليفكم كما كان حليف الأسلاف في بدر مع ذلهم وقلتهم؛ فعليكم أن تكونوا من المؤمنين أولاً، فلابد من شرط الإيمان، قال تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40-41].
الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة: اليوم ثلث الأمة لا يصلون، ولا يسجد لله ركعة.
والزكاة صار أداؤها شيئاً شخصياً، مع أن الدولة يجب عليها أن تجبر المواطنين على دفع الزكاة، وإذا رفض رجلٌ دفعها يقاتل حتى يقتل؛ لأن الزكاة حق الله في المال، وهذا هو الذي فعله أبو بكر رضي الله عنه، وشايعه جماهير الصحابة آنذاك، وقد صار دفع الزكاة شيئاً ثقيلاً، كم من المسلمين لا يدفعون زكاة الأموال! وكثير من الذين يدفعون الزكاة إنما يدفعونها بالتشهي، وبالتقتير الشخصي، فهؤلاء لا يُمكَّن لهم في الأرض أبداً ولو ظلوا ألف عام يصرخون بمكبرات الصوت، ويحرقون الأعلام، ويقذفون عدوهم بأشنع العبارات، فإن الوضع باقٍ كما هو.
إنما النصر من عند الله تبارك وتعالى ليس من عند أحد، وإنما ينزله على عباده المؤمنين.
استنجدوا بالأمم المتحدة، والأمم المتحدة هي التي صنعت إسرائيل، هي التي وضعت اليهود في أرض المسلمين، فهذا لا يفعله عاقل يعقل ما يقول: أن يأتي الأمم المتحدة ليستجير بها، فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار، فكانت النتيجة: أن الأمم المتحدة أدانت الفلسطينيين وقالت: أنتم السبب، أنتم الذين استثرتم شارون ، وأنتم لم تتعاملوا معه كرجل كبير صاحب دولة، إنما أطلقتم عليه الصغار؛ فكانت النتيجة هذه الشرارة فأنتم السبب.
لابد من اعتذار رسمي، وسيعتذرون، ونظل سنتين أو ثلاثاً نحقق في هذا الهجوم الفلسطيني على اليهود، وبعد سنتين أو ثلاث يتولاها وغد آخر غيره وتبدأ المجابهات مرة أخرى، ويدانون ويدان عليهم، ونظل مائة سنة نحقق من الغلطان.
هذه مسألة مكشوفة لأي رجل عنده (أ، ب) فهم لليهود، و(أ، ب) فهم للإسلام، لكن قلت لكم: السياسية التي لا دين لها.
موقفنا الرسمي من الشيعة أنهم متطرفون، وأنهم أعداؤنا، وأن أي شخص يضبط متورطاً بأية مشكلة يقال: إنه تبع إيران، والعلاقة الرسمية مقطوعة مع إيران.
حزب الله الذي في لبنان حزب شيعي، استطاع أن ينتصر انتصاراً جزئياً بعد مرور سبع عشرة سنة على احتلال اليهود لجنوب لبنان، واستطاع أن يخرج هؤلاء اليهود من الأرض، حتى الآن لا زالوا يعزفون ويتشرقون بهذا الانتصار.
أمةٌ مهزومة في كل المجالات، حتى في لعب الكرة مهزومة أيضاً! ما صفا لها لعبٌ ولا جد، أمةٌ على هامش الأرض، رأت عز اليهود واستطالتهم، وأنهم يملكون كل شيء في العالم، الآن لما هُزموا هزيمةً جزئية، فدخل هؤلاء المهزومون بنشوة الانتصار، ويصورون القتل كأنه فيلم مثلما صوروا حرب الخليج، حرب الخليج كانوا يصورون طلعات الطيران، والطائرات تنسف المباني، وتقتل المسلمين العزل وغيرهم من الأطفال، بسبب قتل اثنين من إسرائيل.
هذه الحرب كلها لأجل الدين الذي مزقه المسلمون هناك في الأرض المحتلة تمزيقاً، رداً على مقتل مائة مجرم، لأجل اثنين الضربة مستمرة حتى الآن، ونطالب بضبط النفس..! هذه أول السلبيات.
وثاني سلبية: أن يمجد مثل حزب الله وإن كان قد انتصر، فالمسألة في النهاية مسألة عقيدة، الفرقان بيننا وبين أهل البدع هو العقيدة، والمنهج.
نحن لا نراهن على المنهج والعقيدة مهما كنا مهزومين، لكننا نطالب أهل السنة أن يتقوا الله تبارك وتعالى، وأن يحققوا شرط الإيمان، وشرط العبودية التي أمرهم رب العالمين تبارك وتعالى بها، وذلك هو جهاد النفس، إذ لا يطلب أن تقاتل وتجاهد عدوك وأنت لم تنتصر على نفسك، ولا يمكنك أن تنتصر على عدوك في الخارج، هذا مستحيل؛ لأن هذا العدو الكامن في النفس يخذلك، ويقول لك: ستقتل، ويقسم ميراثك، وتتزوج امرأتك، ثم ماذا تفعل وأنت فردٌ واحد؟ وعدوك عنده من العتاد كذا وكذا، ومن العدة كذا وكذا، والدنيا كلها صارت دولةً له، فيخذلك فلا تستطيع أن تقوم.
وبناءً عليه ضيعت الأوامر والنواهي، وانتهكت الحرمات، إن أمرت بشيء لم تفعله، وإن فعلته لم تفعله كما أمرت به، وثمة خلل يملأ ديار المسلمين، وهو الشرك والبدع، ومما يدل على ذلك أنه يزور قبر البدوي أربعة ملايين، لا تجد هذا العدد عند الكعبة ولا في عرفات ولا في منى، ويلمع في الليلة الختامية، ويحضرها أكبر الشخصيات، وهذا محفل شركي لا يعبأ الله به، لو دعا كل هؤلاء أنى يستجاب لهم، لا يعبأ الله عز وجل بهم، قال تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا [هود:112] (لا تطغوا)، أي: لا تتجاوزوا حد الاستقامة.
إن الله عز وجل أنزل رسوله بالدين الحق، ومع ذلك تجد في بلاد المسلمين أحزاباً: الحزب الفلاني له تصور في إقامة الحياة وفي حكم الناس، الحزب العلاني له تصور مخالف، وأين حكم الله عز وجل؟ وكأن الله ما أنزل كتاباً ولا بعث رسولاً، حتى بدأ الناس يفكرون كيف يحكمون الناس؟
وكل حزب له تصور، الإسلام خارج كل هذه الأحزاب، يظلون يتكلمون الساعة والساعتين والثلاث لا يذكرون الله، ولا يذكرون الإسلام ألبتة.. فأنى ينصرون؟!
غزوة بدر: جاءت على خلاف مراد الصحابة: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ [الأنفال:7]، الطائفة الأولى: العير، والطائفة الثانية: النفير.
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة لإصابة الطائفة الأولى، وقوله: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) لم يعين للمسلمين الطائفة، بل أبهم الأمر؛ لكن لابد من النصر والظفر، لأن الله عز وجل قال: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ)، هذا وعد من الله لا يتخلف، إما الطائفة هذه أو هذه، فهذه مسألة مقطوع بها ومنتهية: أنه لابد أن يظفر المسلمون أو يغنموا.
الطائفة الأولى: العير، خرج النبي صلى الله عليه وسلم مسرعاً لما علم بالعير، وكان موقناً أنه إذا ظهرت العير سيأخذها؛ لضعف حاميتها، لأنهم أربعون رجلاً لا أكثر، وهم غير مدججين بالسلاح الذي يمكنهم من خوض حرب متوقعة أو غير متوقعة، إنما معهم اليسير من السلاح احتياطاً إذا اعترضهم لص أو اثنان أو عشرة لصوص ونحو ذلك، فالسلاح الذي مع الحامية ليس سلاح حرب.
خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً كما في الصحيح، وأرسل أبو سفيان -لما علم بما عزم عليه المسلمون- وعدل أبو سفيان عن طريق القافلة المعتاد وسلك طريق الساحل وهرب، ففاتت الطائفة الأولى على المسلمين.
ظنوه نصراً عاجلاً مختطفاً، يأخذون العير ويرجعون، لكن أمر الله قدرٌ مقدور: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ [الأنفال:7]، (غير ذات الشوكة) هي العير، ما فيها شوكة ولا فيها حرب، ولا فيها قتال ولا قتل ولا ذبح، بل يأخذونها بلا مجهود، يقول: أنتم تودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم، وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ [الأنفال:7]، إذاً: لابد أن تصيبوا الطائفة الثانية وتقع حرب؛ لأن المسألة ليست مسألة أن تأخذ أموالاً فحسب، المسألة مسألة إظهار الحق، نعم لكم أن تغنموا من المشركين أموالاً؛ لكن ليست هي القضية الأساسية، المسألة التي من أجلها بعث الله الرسل وأنزل الكتب، والملاحاة المستمرة بين الحق والباطل، حتى يمحص أهل الحق ويظهر الحق على أيديهم.
ويريد الله هم يودون أن غير ذات الشوكة تكون لهم، ولكن الله لا يريد ذلك، فكان ما أراد: أفلتت العير، فلما أفلتت العير علم المسلمون أي الطائفتين أراد الله، فكان النفير.
بدأ بعض الصحابة يقول: نحن غير مستعدين، نحن ما خرجنا لقتال، فدعونا حتى نأخذ أهبة: يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ [الأنفال:6] العير أفلتت، فلم يبق إلا النفير، وهذا هو الذي تبين وظهر، فيجادلونه في الحق الذي تبين والذي ظهر: (بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ [الأنفال:6].
إذاً: قضى الله عز وجل أن يلتقي المعسكران على غير ميعاد، فلم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يطرح نفسه على عتبة عبودية الله رب العالمين؛ لأن الحل الوحيد أن ينصرهم وأن يأخذ بأيديهم؛ ولذلك نظر إلى أصحابه الذين خرجوا من ديارهم وأموالهم فداءً لله تبارك وتعالى، ونصراً لدين الله عز وجل، لم يلتفت واحدٌ منهم إلى داره، ولن يتأسف أنه فقد أمواله التي جمعها طيلة حياته، إذا كان الله عز وجل هو المقصود، ومن أجله عملوا، وفي سبيله خرجوا، لم يلتفت ولم يندم واحد من هؤلاء الذين تحقق فيهم الإيمان، والصفات التي بدأ الله عز وجل بها سورة الأنفال.
خرج المسلمون العزل الذين لم يكن معهم غير فارسين، ونظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فبالغ في الدعاء، وفي رفع يديه؛ إشارةً إلى الاستسلام الكامل والانخلاع من الحول والقوة: اللهم إنهم جياع فأطعمهم، اللهم إنهم عراةٌ فاكسهم، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض.
حينئذٍ أمسك أبو بكر بمنكبيه صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله! بعض مناشدتك ربك، فإنه منجزٌ لك ما وعد ) ، الدعاء -يا إخوان- كم أسقط من ممالك وكم رفع! فلا تستهينوا به، إن الدعاء هو السبب الموصول بينكم وبين الله، قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ [الفرقان:77].
لولا أنكم تدعونه بتضرعٍ وتذلل لم يعبأ بكم، ولستم في ميزانه شيئاً مذكوراً، الدعاء بإخلاص أن ينصرنا الله عز وجل، لكن مسألة النصر مشروطة بما ذكر في قوله: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40]، قويٌ لا يغلب، عزيز لا يجار عليه.
إعداد جيل التمكين
مع أن هذا العامل الذي يبحث في ذلك الوقت عن عمل، والدنيا كلها متعطلة، لو علم أنك ستفصله لأجل أنه لا يصلي؛ سيصلي ولو نفاقاً.
إذاً هذا بمنزلة الخادم تماماً، طالما أنه يعمل لديك فأنت مسئول، لا تقل: أنا لا ذنب لي، لأن هذا ذنبك، وأنت مسئول عن عدم صلاة العامل الذي يعمل معك، سرحه لله، وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ [الحج:40]، لن يتعطل عملك، ولن تترك شيئاً لله عز وجل في شيء فتجد فقده أبداً، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من ترك شيئاً لله عوضهُ الله خيراً منه) .
وهذا وعد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فالآن أول الدرجات: إصلاح البيوت.
إننا لو خرجنا جميعاً بما فينا من خبث فلن ننتصر على اليهود، أرجو أن لا تحركنا العاطفة، ونتصور أن خروج الآلاف المؤلفة يمكن به أن تنتصر على اليهود.
رئيس الوزراء الإسرائيلي لما يريد أن يقرأ نصاً من التوراة وهو يخطب في الكنيست يخرج الطاقية السوداء ويلبسها؛ لأن هذا تقليد عندهم، والتوراة المحرفة محترمة عندهم؛ لأن لها قيمة دينية.
بعض المسرحيات -في بلاد المسلمين- أتوا فيها برجل معمم يرقص، وكان أحسن واحد يرقص في المسرحية! رجل معمم بعمامة رجل الدين، عمامة العلماء، ويلبس الجبة! وهؤلاء يستهزئون بدينهم إلى هذا الحد!
لو جاء عابد بقر، أو عابد حجر ويوقر الحجر، فإنه يغلب هؤلاء، هذهِ سنة الله الكونية، والله لا يحابي أحداً من عباده، كما لم يحاب الصحابة في يوم حنين لما قالوا: لن نغلب اليوم من قلة، فركنوا إلى الكثرة فهزموا: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [آل عمران:126].
فأول مراتب الجهاد مجاهدة النفس، إذا كنا نريد أن نقيم الجهاد ونحرر الأرض، فإنها لن ترجع إلا بهذا.
إيجاد العزة للإسلام والتربية عليه
واستمروا أكثر من قرن يتكلمون على الجهاد ليل ونهار بهذه الطريقة، فلما خرج جيل ضعيف في ديار المسلمين، وراجت هذه الحملة، بدءوا يعتذرون عن هذا يقولون: نحن لا نقول جهاد، نحن الحرب عندنا حرب دفاعية، وهكذا. ويتكلمون عن الرق، الإسلام ينهى عن الرق، والإسلام ينهى عن استعباد الناس، فنقول: لماذا صورتموه هكذا؟!
إن الدول الكبرى تسترق الدول وليس الأفراد فحسب، الدول الكبرى استرقت المسلمين الآن، فتش عن محقنة دم في أي قربة دم في العالم تجد أنها دم مسلم، فهذا استرقاق، أي حصار على أية دولة، هذا استرقاق، يمنع الداخل والخارج عنك، يميتك جوعاً، هذا هو الاسترقاق، لماذا لم تتكلموا عن هذا الرق؟ رق المسلمين كان أشرف.
مسلم يسترق كافراً، يأتي الكافر يدخل ديار المسلمين فيرى المسلمين فيسلم، ومع ذلك علقت كثير من الكفارات على إعتاق الرقاب، لا يقال: إذا كان عبداً يضل عبداً إلى أن يموت، لكن كثيراً من الذنوب والخطايا كانت المكفرات متعلقة بإعتاق رقبة وتحرير رقبة، وندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عتق الرقاب، فقال: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، من ضمن الثلاثة هؤلاء: رجل عنده جارية، فأحسن تعليمها وتأديبها وأعتقها وتزوجها)، فالإسلام يحض على مسألة عتق الرقاب.
ومع ذلك لو بقي في ديار المسلمين هذا الكافر -الذي صار عبداً بعدما كان سيداً وأذله الله بكفره- لكان خيراً له؛ لأنه في النهاية يرى المسلمين، ثم يسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجب ربك من قومٍ يدخلون الجنة بالسلاسل)، وهم الكفرة الذين دخلوا الإسلام بسلاسل الحرب، ولم يدخلوا الإسلام عن طواعية، ثم هؤلاء يتكلمون عن الرق!!
فيأتي المهزومون روحياً وعقلياً، والذين لم يشربوا الإسلام من منابعه الصافية، فيرون أن الجهاد عار، وعليك ألا تنطق بكلمة الجهاد، لأن الجهاد عندهم وحشية ودمار، وهتك للأعراض والدماء والأموال... إلخ، فيعتذر من الجهاد، مع أن الجهاد ليس كذلك.