خطب ومحاضرات
الاستقامة
الحلقة مفرغة
من شروط الاستقامة صدق الإيمان بالله
أما بعد:
فلابد أن نعرف أن للاستقامة شروطاً محددة، وعلامات نفسية تستطيع أن تعرف بها هل أنت من أهل الاستقامة أم أنك مازلت على بداية الطريق، يا ترى! هل خطوت خطوتين داخل الطريق، أم قطعت شوطاً طويلاً أو قصيراً؟!
فالاستقامة لها شروط: فأول شرط من شروط الاستقامة: صدق الإيمان بالله عز وجل:
مشى الأصمعي مرة في السوق، فوجد ابنته الصغيرة تحمل إناءً وقد وضعت فيه رماناً، فمشى شخص وسرق رمانة من الرمان، فلقيه شخص يطلب صدقة فقال له: خذ هذه الرمانة، فقال له الأصمعي: لماذا صنعت هذا؟ فقال: لقد أخذتها بسيئة، وأعطيتها بعشر حسنات! فهذا سارق يسرق لله، وفي داخله نفحة من الإيمان.
يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) يعني: لحظة ارتكابه للذنب يرتفع عنه الإيمان، لأنه لو وجد الإيمان لوجدت الاستقامة.
من شروط الاستقامة التصديق بكل ما جاء به رسول الله
كذلك كان إذا دخل الخلاء يقدم رجله اليسرى ويقول: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) والخبث: ذكور الشياطين، والخبائث: إناث الشياطين.
وإذا خرج قال: (غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأبقى علي ما ينفعني).
ولذلك دخل رجل على هارون الرشيد وقال له: يا هارون! لو منع منك كوب الماء بكم تشتريه؟ قال: أشتريه بنصف ملكي، قال له: وإذا دخل كوب الماء بطنك ولم يخرج فكم تدفع ونخرج لك البول؟ قال: نصف ملكي الآخر، قال: تباً لملك لا يساوي شربة ماء لم تدخل، وشربة ماء لم تخرج.
وقال هارون الرشيد لـأبي حازم : يا أبا حازم! ما أزهدك! قال: أنت يا أمير المؤمنين أزهد مني، قال له: أنا! قال له: نعم، أنا زهدت في الفاني، وأنت زهدت في الباقي!
أي: أنا زاهد في الدنيا، لكن أنت زاهد في الآخرة!
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول إذا لبس ثيابه: (الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به أمام الناس) وإذا خرج إلى المسجد قال: (باسم الله، التكلان على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي، أو أكسب سوءاً أو أجره إلى أحد من المسلمين) فيخرج وهو في حماية الله.
ويقف على بابك ملك وشيطان، فإن خرجت في سبيل الله يظل الملك معك حتى ترجع، وإن خرجت إلى معصية الله يخرج الشيطان معك حتى ترجع، وإن للملك لمة، وإن للشيطان لمة، أما لمة الملك فإيعاد بالخير، وأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر. والعياذ بالله رب العالمين!
ولذلك يقال: إن شيطان المؤمن وشيطان الفاجر والفاسق والكافر التقيا، فشيطان المؤمن كان نحيفاً وهزيلاً، وشيطان الكافر كان سميناً، فقال له: ما لك نحيف؟ فقال له: وما لك أنت سمين؟ فقال: أنا جالس مع شخص عندما يأكل لا يسمي ربنا، ولا يستعيذ بالله مني؛ فآكل معه، وعندما يشرب أشرب معه، وعندما ينام أنام معه، فأنام وصحتي جيدة.
لكن أنت ما لك هكذا نحيف؟ قال له: أنا أعيش مع شخص إذا أكل سمى الله فلا آكل، وإذا شرب سمى الله، فلا أشرب وإذا دخل البيت سمى الله، فأطرد خارج البيت، وأنام في البرد؛ ولذا بقيت هكذا نحيفاً.
فيا ترى، هل تريد أن تجعل الشيطان نحيفاً أم غير ذلك؟!
سيدنا علي رضي الله عنه دعا له الرسول دعوة فقال: (اللهم قه شر الحر والقر)، والقر: هو البرد، فكان سيدنا علي في عز الصيف لا يحس بالحر، وفي عز الشتاء لا يحس بالبرد!
وسيدنا الحبيب كان يحب علياً ، وكان سيدنا علي أشجع العرب، كان يشبه سيدنا الحبيب في الطول والعرض، فلم يكن طويلاً ولا قصيراً، ولا نحيفاً ولا سميناً، وكان ربعة بين الرجال، ولكن كان الحبيب أبيض مشوباً بحمرة، وكان سيدنا علي يميل إلى السمرة هو وسيدنا عثمان ، وكان سيدنا عمر أبيض، وكذا سيدنا أبو بكر ، لكن سيدنا أبو بكر كان قصيراً غزير الشعر، إذا تركه ينزل على أذنيه من كثرته وغزارته، وسيدنا عمر كان أصلع، وسيدنا عثمان كان متوسط الشعر، وسيدنا علي كان أصلع ليس له إلا شعيرات في مؤخرة رأسه رضي الله عنهم جميعاً.
وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان دائماً يداعب علياً كرم الله وجهه.
ونحن نقول: كرم الله وجهه؛ لأنه لم يسجد لصنم قط، وقد أسلم علي ولم يكن قد بلغ الحلم، فلما رآه أبوه أبو طالب يصلي قال له: ماذا تصنع يا علي ؟ قال له: اتبعت دين محمد، فقال له أبو طالب : والله! لا يأمرك إلا بخير، فكن معه يا علي .
ومن أجل هذا يخفف ربنا عن أبي طالب العذاب بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: إن أخف الناس عذاباً في جهنم أبو طالب وقال: (يلبس نعلين من نار يغلي منهما دماغه).
أحمد الله رب العالمين، حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا، ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائماً متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد:
فلابد أن نعرف أن للاستقامة شروطاً محددة، وعلامات نفسية تستطيع أن تعرف بها هل أنت من أهل الاستقامة أم أنك مازلت على بداية الطريق، يا ترى! هل خطوت خطوتين داخل الطريق، أم قطعت شوطاً طويلاً أو قصيراً؟!
فالاستقامة لها شروط: فأول شرط من شروط الاستقامة: صدق الإيمان بالله عز وجل:
مشى الأصمعي مرة في السوق، فوجد ابنته الصغيرة تحمل إناءً وقد وضعت فيه رماناً، فمشى شخص وسرق رمانة من الرمان، فلقيه شخص يطلب صدقة فقال له: خذ هذه الرمانة، فقال له الأصمعي: لماذا صنعت هذا؟ فقال: لقد أخذتها بسيئة، وأعطيتها بعشر حسنات! فهذا سارق يسرق لله، وفي داخله نفحة من الإيمان.
يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) يعني: لحظة ارتكابه للذنب يرتفع عنه الإيمان، لأنه لو وجد الإيمان لوجدت الاستقامة.
استمع المزيد من د. عمر عبد الكافي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
قيم المتقين | 3332 استماع |
ثمرات المعاصى | 3261 استماع |
سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار | 3248 استماع |
الشكر لله | 3162 استماع |
المحاسبة | 3071 استماع |
المال أمانة | 3020 استماع |
الرضا | 3008 استماع |
العطاء من المخلوق حرمان والمنع من الله إحسان | 2987 استماع |
الشوق لله | 2914 استماع |
قصة حياة | 2907 استماع |