طبيعة المرأة بين السلب والإيجاب


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعــد:

هذه الجلسة أيتها الأخوات هي للإجابة على بعض الأسئلة والاستفسارات الواردة من الطالبات في هذه الدار، ولكنني أقدم بين يدي الإجابة على تلك الأسئلة بحديثٍ عابر، أحببت أن يتناول قضية مهمة، ألا وهي (طبيعة المرأة بين السلب والإيجاب).

ومن المهم جداً للإنسان أن يعرف طبيعته ما هي، سواء قصدنا بطبيعة المرأة ما فطرت وخلقت وجبلت عليه كل النساء من الطبائع الفطرية التي لا مخلص لها منها، فإن الإنسان مجبول على طبائع وخصائص، لا سبيل له إلى التخلص منها.

فمثلاً: غريزة حب الاطلاع أو حب المعرفة أو حب الاستطلاع.. هذه طبيعة موجودة في كل إنسان، ذكراً أو أنثى، كبيراً أو صغيراً، فهو يحب أن يستطلع ويعرف حقائق الأمور، ولكن هناك أيضاً طبائع خاصة ببعض الناس دون بعض، فتجدين بعض النساء -مثلاً- شديدة الغضب سريعة الانفعال، ما إن يحصل لها موقف، حتى تفور أعصابها وتنفعل، وتحطم ما أمامها، فإن من المهم أن تعرف المرأة طبيعتها تلك.

وتجدين امرأة أخرى حساسة، سريعة التأثر بكل شيء، حتى نسمة الهواء تجرحها، حتى الكلمة الهادئة قد تؤثر فيها، فتكون دائماً وأبداً تعيش في قلق وهم وتفكير، فلانة قالت، وفلانة قالت، ماذا أرادت هذه؟

وماذا أرادت هذه؟

فتظل تعاني الآلام الشديدة، وقد تشرك غيرها معها في هذه الآلام بسبب الحساسية الموجودة عندها والتي تجعلها تفسر أفعال الآخرين وأقولهم بخلاف الواقع، فعلى أي حال لابد أن تعرف المرأة طبيعتها، سواء أردنا الطبيعة العامة التي عند كل امرأة، أو الطبيعة الخاصة التي تميز بعض النساء عن بعض.

وأضرب بعض الأمثلة لهذه الطبيعة:

فمثلاً: من الأشياء التي جبلت عليها المرأة: قضية الجمال، بل هذه القضية موجودة عند الإنسان، فإن الإنسان بطبيعته يحب الجمال، فإذا رأى المشاهد الجميلة، مشاهد الطبيعة، الأشجار الخضراء، والأزهار، والبحار، والأنهار، وخرير المياه، ورأى هذه المظاهر والأشكال والطيور المغردة، فإنه يفرح ويسر بذلك، ولهذا جرت عادة الناس أن يذهبوا إلى الأماكن التي توجد فيها هذه المظاهر للاصطياف والتفرج والنظر إليها، فهذه طبيعة لا يلام عليها أحد فلا يلام الإنسان على حبه للجمال، بل إن الله سبحانه وتعالى وعد المؤمنين في الدار الآخرة بألوان من الملذات في الجنة، منها: التلذذ بالنظر إلى الجمال، سواء جمال الجنة وما جعل الله تعالى فيها من الأنهار والأشجار وغيرها، أو التلذذ بالنظر إلى وجه الله الكريم سبحانه وتعالى في جنة عدن قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23].

فيتلذذ المؤمنون في الجنة بالنظر إلى وجه الله تعالى الكريم ذكورهم وإناثهم، فينظرون إلى وجه الله تعالى، فلا يجدون شيئاً من النعيم أحسن ولا ألذ من النظر إلى وجه الله الكريم، لأنه فيه الكمال والجمال والجلال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه: {إن الله تعالى جميل يحب الجمال}.

فالشرع ما جاء يعارض الجمال، ويقول: لماذا يحب الإنسان الجمال؟

لا، الشرع لا يلوم الإنسان، لأن الذي خلق الإنسان هو الذي أنـزله، ومن الطبيعي أن الله يعلم من خلق: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الملك:14] فكون الإنسان رجلاً أو امرأة يحب الأشياء الجميلة، هذا أمر فطري لا يلام عليه الإنسان، لكن هذه الطبيعة يمكن أن تتحول إلى طبيعة إيجابية، ويمكن أن تتحول إلى طبيعة سلبية.

الاهتمام السلبي بالجمال

نأخذ مثالاً في كون الجمال يمكن أن يتحول إلى شيء سلبي: تجدين أن بعض الفتيات يصبح هم الجمال عندها هو كل شيء، حتى لو حسبت الوقت التي تقضيه الفتاة في التجمل وصبغ وجهها بالأصباغ، وتسريح الشعر، وتغيير الثياب وتبديلها وتزيينها، لربما وجدت أنها تصرف نصف الوقت أو أكثر على العناية بالجمال، في مظهرها، في شكلها، في وجهها، في شعرها، في ثيابها، في كل شيء، وربما بسبب انشغالها بالجمال الشكلي هذا، أغفلت الجمال الحقيقي، جمال الروح، جمال الخلق، جمال العقل، جمال العلم، فإذا فتشت هذه الفتاة هل عندها علم وثقافة؟

ما وجدت شيئاً، وهل عندها معرفة بشئون النساء؟

ما وجدت شيئاً وهل عندها أخلاق فاضلة؟

لا، وهل عندها فصاحة وبلاغة وبيان؟

لا، إنما كل همها تركز على العناية بالجمال الظاهر، فأجحفت بسبب الانشغال به في الجمال الحقيقي المهم، فهي تكون مثلما لو جاءت امرأة أو جاء رجل بكوب مصنوع من ذهب، أو من برونـز، أو من كريستال، أو أي معدن من المعادن، ثم وضع في هذا الكوب شيئاً من الخمر أو من الماء الكدر، يكون المضمون سيئاً، والصورة جيدة في الظاهر.

ماذا يفيدنا -إذا كان مضمون الكوب الذي بداخله ماء كدر أو خمر أو ما أشبه ذلك- أن يكون هذا الكوب جميلاً، وما في داخله خبيثاً؟

لا ينفع شيئاً، فكذلك المرأة إذا كان همها العناية بالجمال الظاهر مع إهمال الجمال الباطن صارت هكذا، أي كما يقال: ديكور في الظاهر، لكن في الحقيقة خواء لا شيء فيه، وهذه مشكلة.

فالإفراط في العناية بالجمال هو صورة سلبية بهذا الشكل.

من الإفراط في العناية بالجمال بصورة سلبية أيضاً: أنكِ قد تجدين بعض النساء تهتم بالعناية بجمالها لغير ما خلقه الله تعالى له، لأن الله تعالى خلق الجمال في المرأة حتى يتمتع به من أحلها الله له، ولذلك سميت حليلة زوجها، لكن قد تجدين كثيراً من النساء تهتم بالجمال والمظهر والشكل، ثم تخرج بعد ذلك إلى السوق حتى تلفت إليها نظر الرجال والغادين والرائحين والباعة والمشترين وغيرها، أو حتى تخرج إلى حفل زواج، فتلفت أنظار النساء الأخريات حتى يتحدثن ويتهامسن ويشرن إلى فلانة، فهذه مشكلة؛ لأن الجمال حينئذٍ في غير ما خلقه الله له، وربما تكون هذه المرأة نفسها حين تكون متزوجة إذا كانت في بيتها وعند زوجها لا تهتم بجمالها مثلما تهتم به إذا كانت خارجة للسوق أو إلبى حفل زواج أو إلى مناسبة، فهذا جانب سلبي في العناية بالجمال.

الاهتمام الإيجابي بالجمال

الجانب الآخر: هو الجانب الإيجابي.

فأن الله عز وجل فطر المرأة على قدر من الاهتمام بالجمال لا تلام عليه، وكون الإنسان يهتم بمظهره، بشكله، بثيابه، بنظافته، في بدنه، في حذائه، في بيته، في دروسه، في أي شيء، يهتم بالنظافة.. فهذا مطلب شرعي، ولا يلام عليه العبد، وليس صحيحاً. ما يقع في أذهان كثير من الفتيات أن الفتاة الملتزمة المتدينة يجب أن تكون بعيدة عن العناية بشكلها، وهذا خطأ، بالعكس كون الفتاة المتدينة تهتم بمظهرها بقدر معقول هذا هو الحل الشرعي، لأننا نريد أن نقول لكل البنات: إن الدين لا يمنع من العناية بالمظهر، ولا يمنع من الاهتمام بالجمال بالقدر المعقول، ولا يمنع من النظافة، بل هو يحث على ذلك.

فمن المهم أن تكون الفتاة الطيبة الداعية إلى الله أو المنتسبة إلى دار من ديار القرآن الكريم أو المنتسبة إلى جمعية من جمعيات التوعية الإسلامية في المدرسة، أو ما أشبه ذلك، أن تكون في مظهرها نموذجاً طيباً يدعو إلى الاعتدال، وليست العناية تلك التي جعلت وجهها كأنه لوحة زيتية، ملون بالأصباغ من هنا ومن هناك، حتى اختفت بشرتها الحقيقية، واختفى الجمال الحقيقي وراء هذه الأصباغ الوهمية المصنوعة المتكلفة، لا، ولكن فيها مع الجمال الفطري قدر من العناية بالجمال، وقدر من العناية بالنظافة، وقدر من العناية بالمظهر.. في الثياب، في الحذاء، في الكتب، في البدن، في كل شيء، يجعلها قدوة ونموذجاً للآخرين، بحيث إذا رآها الناس غير المستقيمين قالوا: إن الدين لا يمنع من الاهتمام بالجمال، وفي نفس الوقت الدين لا يأمر بالإفراط والمبالغة في هذا؛ بل الدين يدعو إلى التوسط والاعتدال؛ ومن الخطأ أن تجدي فتاة متدينة صالحة ترى أن من كمال تدينها والتزامها ألَّا تهتم بشعرها، وألَّا تهتم بثوبها، وألَّا تهتم بحذائها، وألَّا تهتم ببدنها، وألَّا تهتم بشيء من هذا الأمر، ترى أن الاهتمام بهذا الأمر كله من القشور، والواقع أن فيه قدراً لا يلام عليه.

الإنسان بفطرته يحب الجمال، والتي تتنكر لهذا الأمر في الواقع تتنكر للفطرة، لكن التي تبالغ فيه أيضاً تظلم نفسها وتصبح مثل الذي يهتم بالقشر وينسى اللباب.

فحب الجمال فطرة عند كل إنسان رجلاً أو امرأة، هذا الحب للجمال يمكن أن يتحول إلى صورة سلبية كما أسلفت، فتاة كل همها العناية بمظهرها، لا تهتم بثقافة، ولا بعلم، ولا بدعوة، ولا بخلق، ولا بشيء، فهذا خطأ، وبالمقابل تجدين فتاةً أخرى قد تهمل هذا الأمر، وتتنكر للفطرة بأية حجة من الحجج، فهذا أيضاً خطأ، والدين يدعو إلى التوسط والاعتدال: أن تهتم الفتاة بمظهرها بقدر معقول، وأن يكون اهتمامها ثانياً بهذا المظهر لزوجها وفي مجالاتها الخاصة، فأما إذا خرجت لمجالات الرجال، كما إذا اضطرت للخروج إلى السوق مثلاً أو غير ذلك مع العناية بالضوابط والقيود الشرعية إلا أنها لا تهتم بمظهرها الاهتمام الذي يلفت إليها أنظار الآخرين، لأنه لا يهمها أن تلفت أنظارهم، بل يهمها ألا تفتن الناس؛ لأنها إن فتنتهم سببت الإثم لهم ولها.

نأخذ مثالاً في كون الجمال يمكن أن يتحول إلى شيء سلبي: تجدين أن بعض الفتيات يصبح هم الجمال عندها هو كل شيء، حتى لو حسبت الوقت التي تقضيه الفتاة في التجمل وصبغ وجهها بالأصباغ، وتسريح الشعر، وتغيير الثياب وتبديلها وتزيينها، لربما وجدت أنها تصرف نصف الوقت أو أكثر على العناية بالجمال، في مظهرها، في شكلها، في وجهها، في شعرها، في ثيابها، في كل شيء، وربما بسبب انشغالها بالجمال الشكلي هذا، أغفلت الجمال الحقيقي، جمال الروح، جمال الخلق، جمال العقل، جمال العلم، فإذا فتشت هذه الفتاة هل عندها علم وثقافة؟

ما وجدت شيئاً، وهل عندها معرفة بشئون النساء؟

ما وجدت شيئاً وهل عندها أخلاق فاضلة؟

لا، وهل عندها فصاحة وبلاغة وبيان؟

لا، إنما كل همها تركز على العناية بالجمال الظاهر، فأجحفت بسبب الانشغال به في الجمال الحقيقي المهم، فهي تكون مثلما لو جاءت امرأة أو جاء رجل بكوب مصنوع من ذهب، أو من برونـز، أو من كريستال، أو أي معدن من المعادن، ثم وضع في هذا الكوب شيئاً من الخمر أو من الماء الكدر، يكون المضمون سيئاً، والصورة جيدة في الظاهر.

ماذا يفيدنا -إذا كان مضمون الكوب الذي بداخله ماء كدر أو خمر أو ما أشبه ذلك- أن يكون هذا الكوب جميلاً، وما في داخله خبيثاً؟

لا ينفع شيئاً، فكذلك المرأة إذا كان همها العناية بالجمال الظاهر مع إهمال الجمال الباطن صارت هكذا، أي كما يقال: ديكور في الظاهر، لكن في الحقيقة خواء لا شيء فيه، وهذه مشكلة.

فالإفراط في العناية بالجمال هو صورة سلبية بهذا الشكل.

من الإفراط في العناية بالجمال بصورة سلبية أيضاً: أنكِ قد تجدين بعض النساء تهتم بالعناية بجمالها لغير ما خلقه الله تعالى له، لأن الله تعالى خلق الجمال في المرأة حتى يتمتع به من أحلها الله له، ولذلك سميت حليلة زوجها، لكن قد تجدين كثيراً من النساء تهتم بالجمال والمظهر والشكل، ثم تخرج بعد ذلك إلى السوق حتى تلفت إليها نظر الرجال والغادين والرائحين والباعة والمشترين وغيرها، أو حتى تخرج إلى حفل زواج، فتلفت أنظار النساء الأخريات حتى يتحدثن ويتهامسن ويشرن إلى فلانة، فهذه مشكلة؛ لأن الجمال حينئذٍ في غير ما خلقه الله له، وربما تكون هذه المرأة نفسها حين تكون متزوجة إذا كانت في بيتها وعند زوجها لا تهتم بجمالها مثلما تهتم به إذا كانت خارجة للسوق أو إلبى حفل زواج أو إلى مناسبة، فهذا جانب سلبي في العناية بالجمال.

الجانب الآخر: هو الجانب الإيجابي.

فأن الله عز وجل فطر المرأة على قدر من الاهتمام بالجمال لا تلام عليه، وكون الإنسان يهتم بمظهره، بشكله، بثيابه، بنظافته، في بدنه، في حذائه، في بيته، في دروسه، في أي شيء، يهتم بالنظافة.. فهذا مطلب شرعي، ولا يلام عليه العبد، وليس صحيحاً. ما يقع في أذهان كثير من الفتيات أن الفتاة الملتزمة المتدينة يجب أن تكون بعيدة عن العناية بشكلها، وهذا خطأ، بالعكس كون الفتاة المتدينة تهتم بمظهرها بقدر معقول هذا هو الحل الشرعي، لأننا نريد أن نقول لكل البنات: إن الدين لا يمنع من العناية بالمظهر، ولا يمنع من الاهتمام بالجمال بالقدر المعقول، ولا يمنع من النظافة، بل هو يحث على ذلك.

فمن المهم أن تكون الفتاة الطيبة الداعية إلى الله أو المنتسبة إلى دار من ديار القرآن الكريم أو المنتسبة إلى جمعية من جمعيات التوعية الإسلامية في المدرسة، أو ما أشبه ذلك، أن تكون في مظهرها نموذجاً طيباً يدعو إلى الاعتدال، وليست العناية تلك التي جعلت وجهها كأنه لوحة زيتية، ملون بالأصباغ من هنا ومن هناك، حتى اختفت بشرتها الحقيقية، واختفى الجمال الحقيقي وراء هذه الأصباغ الوهمية المصنوعة المتكلفة، لا، ولكن فيها مع الجمال الفطري قدر من العناية بالجمال، وقدر من العناية بالنظافة، وقدر من العناية بالمظهر.. في الثياب، في الحذاء، في الكتب، في البدن، في كل شيء، يجعلها قدوة ونموذجاً للآخرين، بحيث إذا رآها الناس غير المستقيمين قالوا: إن الدين لا يمنع من الاهتمام بالجمال، وفي نفس الوقت الدين لا يأمر بالإفراط والمبالغة في هذا؛ بل الدين يدعو إلى التوسط والاعتدال؛ ومن الخطأ أن تجدي فتاة متدينة صالحة ترى أن من كمال تدينها والتزامها ألَّا تهتم بشعرها، وألَّا تهتم بثوبها، وألَّا تهتم بحذائها، وألَّا تهتم ببدنها، وألَّا تهتم بشيء من هذا الأمر، ترى أن الاهتمام بهذا الأمر كله من القشور، والواقع أن فيه قدراً لا يلام عليه.

الإنسان بفطرته يحب الجمال، والتي تتنكر لهذا الأمر في الواقع تتنكر للفطرة، لكن التي تبالغ فيه أيضاً تظلم نفسها وتصبح مثل الذي يهتم بالقشر وينسى اللباب.

فحب الجمال فطرة عند كل إنسان رجلاً أو امرأة، هذا الحب للجمال يمكن أن يتحول إلى صورة سلبية كما أسلفت، فتاة كل همها العناية بمظهرها، لا تهتم بثقافة، ولا بعلم، ولا بدعوة، ولا بخلق، ولا بشيء، فهذا خطأ، وبالمقابل تجدين فتاةً أخرى قد تهمل هذا الأمر، وتتنكر للفطرة بأية حجة من الحجج، فهذا أيضاً خطأ، والدين يدعو إلى التوسط والاعتدال: أن تهتم الفتاة بمظهرها بقدر معقول، وأن يكون اهتمامها ثانياً بهذا المظهر لزوجها وفي مجالاتها الخاصة، فأما إذا خرجت لمجالات الرجال، كما إذا اضطرت للخروج إلى السوق مثلاً أو غير ذلك مع العناية بالضوابط والقيود الشرعية إلا أنها لا تهتم بمظهرها الاهتمام الذي يلفت إليها أنظار الآخرين، لأنه لا يهمها أن تلفت أنظارهم، بل يهمها ألا تفتن الناس؛ لأنها إن فتنتهم سببت الإثم لهم ولها.

خذي مثالاً آخر على قضية الفطرة والطبيعة الموجودة: قضية حب الاستطلاع: كل إنسان يحب أن يطلع ما هو كذا وما هو كذا؟

وماذا فعلت فلانة؟

وماذا قالت علانة؟

وما هو الشيء الذي يحصل في المكان الفلاني؟

كل إنسان يحب هذا.

وحب الاستطلاع موجود عند المرأة بشكل أكبر، فمن الممكن أن يكون سلبياً وذلك أنك تجدين بعض النساء تدس أنفها فيما لا يعنيها، فتحاول أن تتدخل في أمور الناس وشئونهم وفي قضايا الأسر والعوائل، فلانة فعلت وفلانة لم تفعل، وفلانة فيها كذا، والبيت الفلاني حصل فيه كذا، والمناسبة الفلانية، والمدرسة الفلانية، وتظل تهتم بتتبع أخبار الناس وأحوال الناس وقصصهم وتذكرها في المجالس، حتى إنك تجدها كأنها وكالة أنباء داخل هذا المجتمع، تجمع الأخبار والمعلومات والإشاعات والصدق والكذب والحق والباطل، فإذا حضرت في مجلس أفاضت كل ما عندها وتكلمت به عند الناس، ولكن حب الاستطلاع هذا وُظِّفَ ووضع في غير موضعه.

حب الاستطلاع المحمود

ويمكن أن يصرف حب الاستطلاع الموجود عند المرأة بطريقة صحيحة، يصرف عن طريق أن الفتاة تحب أن تعرف دينها، تحب أن تتطلع على العلوم النافعة، تحب أن تقرأ في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقرأ الكتب المفيدة، تتعلم عقيدتها، تعرف كيف تعبد ربها، بل تعرف حتى أمور دنياها، تعرف ما يتعلق بأمور الطبخ وبأمور المعيشة وبأمور الجمال الذي يخصها، بأمور البيت وتنظيمه، وبأمور الصحة، وبأمور تربية الأطفال، وبأمور العلاقات.. إلى غير ذلك من القضايا الضرورية التي تحتاج إليها المرأة في حياتها العملية، فتكون المرأة صرفت حب الاستطلاع الفطري الغريزي -الذي يجعلها دائماً تحب أن تطلع- وصرفته فيما ينفعها، فصار كل ما تقرأ أو تسمع أو تسأل إنما هو عن أشياء تستفيد منها.

حب الاستطلاع المذموم

أما الأشياء التي لا تنفعها مثل أخبار الناس والغادين والرائحين، وفلانة تزوجت، وفلانة أنجبت، وفلانة توظفت، وفلانة فيها، وفلانة ما فيها، فهي لا تهتم بهذا، وإن كان هناك قدر معقول من الأخبار لا يلام أحد عليه، مثل: كون واحدة تقول: زميلتي تخرجت، وزميلتي أنجبت، هذا أمر عادي، لا أحد يقول: لماذا هذا؟

لكن أحياناً يزيد عند بعض النساء حتى يصبح كل همها هو متابعة أخبار النساء، وكأنها موكلة بما فعلت النساء وما فعل الناس رجالاً ونساء، ولذلك تجدين -مثلاً- قضية الإشاعات في المجتمع، عندما تقع أية قضية ولو كانت تافهة في المجتمع أو قضية شخصية أو بيتية يدور حولها مئات بل ألوف من الإشاعات، كلها باطلة وكاذبة؛ لأن بعض هؤلاء النساء عندهن حب الاستطلاع فتسأل وتسأل، وعندما لا تحصل على معلومات تختلق أشياء من عندها، وتقول: يمكن كذا، ويمكن كذا.

مثلاً: لو فرضنا أن مدرسة في إحدى المدارس استقالت من هذا التدريس في المدرسة، وهناك امرأة عندها حب استطلاع في غير محله فإنها سوف تسأل: لماذا استقالت فلانة من التدريس؟

لماذا؟

ولماذا؟

عندما تجلس مع أناس تسأل: لماذا استقالت وهي مدرّسة جيدة ومحبوبة عند الطالبات؟

ولماذا تستقيل؟

فما وجدت أحد يجيبها إلا بجواب عادي وهو أنها تعبت، وعندها أطفال، وربما زوجها ألح عليها، والمهم أنها استقالت، لكن ما أقنعها هذا الجواب؛ فبدأت تخلق إشاعات، وقالت: والله ما ارتاحت لمديرة المدرسة، يمكن الموجهة، يمكن عليها ملاحظات، يمكن يمكن، ثم تنشر هذه الإشاعات الباطلة بين الناس، فتتحول عند الناس إلى حقائق بعدما كانت ظنوناً وأوهاماً و(يمكن) صارت (أكيد) عند ناس آخرين، فهذا جانب من قضية حب الاستطلاع، إذا وظفتها المرأة في غير مصلحة.

لكن إذا كانت المرأة تعرف مصلحتها جعلت حب الاستطلاع اهتماماً بدينها وخلقها، بل وبأمورها الدنيوية من أمورها الشخصية أو البيتية أو العائلية أو ما أشبه ذلك.

ويمكن أن يصرف حب الاستطلاع الموجود عند المرأة بطريقة صحيحة، يصرف عن طريق أن الفتاة تحب أن تعرف دينها، تحب أن تتطلع على العلوم النافعة، تحب أن تقرأ في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقرأ الكتب المفيدة، تتعلم عقيدتها، تعرف كيف تعبد ربها، بل تعرف حتى أمور دنياها، تعرف ما يتعلق بأمور الطبخ وبأمور المعيشة وبأمور الجمال الذي يخصها، بأمور البيت وتنظيمه، وبأمور الصحة، وبأمور تربية الأطفال، وبأمور العلاقات.. إلى غير ذلك من القضايا الضرورية التي تحتاج إليها المرأة في حياتها العملية، فتكون المرأة صرفت حب الاستطلاع الفطري الغريزي -الذي يجعلها دائماً تحب أن تطلع- وصرفته فيما ينفعها، فصار كل ما تقرأ أو تسمع أو تسأل إنما هو عن أشياء تستفيد منها.

أما الأشياء التي لا تنفعها مثل أخبار الناس والغادين والرائحين، وفلانة تزوجت، وفلانة أنجبت، وفلانة توظفت، وفلانة فيها، وفلانة ما فيها، فهي لا تهتم بهذا، وإن كان هناك قدر معقول من الأخبار لا يلام أحد عليه، مثل: كون واحدة تقول: زميلتي تخرجت، وزميلتي أنجبت، هذا أمر عادي، لا أحد يقول: لماذا هذا؟

لكن أحياناً يزيد عند بعض النساء حتى يصبح كل همها هو متابعة أخبار النساء، وكأنها موكلة بما فعلت النساء وما فعل الناس رجالاً ونساء، ولذلك تجدين -مثلاً- قضية الإشاعات في المجتمع، عندما تقع أية قضية ولو كانت تافهة في المجتمع أو قضية شخصية أو بيتية يدور حولها مئات بل ألوف من الإشاعات، كلها باطلة وكاذبة؛ لأن بعض هؤلاء النساء عندهن حب الاستطلاع فتسأل وتسأل، وعندما لا تحصل على معلومات تختلق أشياء من عندها، وتقول: يمكن كذا، ويمكن كذا.

مثلاً: لو فرضنا أن مدرسة في إحدى المدارس استقالت من هذا التدريس في المدرسة، وهناك امرأة عندها حب استطلاع في غير محله فإنها سوف تسأل: لماذا استقالت فلانة من التدريس؟

لماذا؟

ولماذا؟

عندما تجلس مع أناس تسأل: لماذا استقالت وهي مدرّسة جيدة ومحبوبة عند الطالبات؟

ولماذا تستقيل؟

فما وجدت أحد يجيبها إلا بجواب عادي وهو أنها تعبت، وعندها أطفال، وربما زوجها ألح عليها، والمهم أنها استقالت، لكن ما أقنعها هذا الجواب؛ فبدأت تخلق إشاعات، وقالت: والله ما ارتاحت لمديرة المدرسة، يمكن الموجهة، يمكن عليها ملاحظات، يمكن يمكن، ثم تنشر هذه الإشاعات الباطلة بين الناس، فتتحول عند الناس إلى حقائق بعدما كانت ظنوناً وأوهاماً و(يمكن) صارت (أكيد) عند ناس آخرين، فهذا جانب من قضية حب الاستطلاع، إذا وظفتها المرأة في غير مصلحة.

لكن إذا كانت المرأة تعرف مصلحتها جعلت حب الاستطلاع اهتماماً بدينها وخلقها، بل وبأمورها الدنيوية من أمورها الشخصية أو البيتية أو العائلية أو ما أشبه ذلك.

المرأة عاطفية، وإذا كان الرجل يتميز بأنه أثقل عقلاً وأبطأ في اتخاذ القرار، وإذا أراد شيئاً فإن يفكر فيه ألف مرة قبل أن يفعله، فالمرأة عاطفية؛ من الممكن أن الإنسان يحرك عاطفتها فتتخذ قراراً بأسرع وقت بمجرد أن تسمع كلاماً طيباً حلواً معسولاً، تجدين أنها تستجيب لذلك، وتغير قناعتها بسرعة، وتوافق على هذا الأمر بكل سهولة، فالمرأة عاطفية.

العاطفة الإيحابية

هذه العاطفة عند المرأة.. ممكن أن تكون إيجابية، وذلك لأن المرأة -مثلاً- سترتبط في البيت مع والديها ومع إخوانها وأخواتها وهؤلاء يحتاجون إلى عاطفة، يحتاجون إلى امرأة سمحة متسامحة متعاونة لينة لطيفة سهلة معهم، بعد ذلك سوف تنتقل إلى بيت الزوجية وعش الزوجية، فالزوج ماذا ينتظر من المرأة؟

ينتظر عواطف، فهو عنده عقل، لكن يريد عاطفة تكمله، كذلك المرأة تكمل الرجل، والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ [النساء:1] الرجل أصلاً خلقت منه المرأة، خلقت من ضلعه، كما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال في الصحيحين: {إن المرأة خلقت من ضلع} أي: من ضلع آدم، فالمرأة مخلوقة من الرجل.

ولذلك فالرجل يحن إلى المرأة، والمرأة تحن إلى الرجل، فهي جزء منه تكمله وهو يكملها أيضاً، فلذلك الرجل عنده عقل يحن إلى عواطف، يريد عاطفة، يريد مثلاً من يملأ عليه حياته، وإذا أوى إلى البيت يخفف عنه الأعباء والمشاكل والهموم التي نـزلت به، ووجد الراحة في المنـزل مثلاً، فهذه المرأة إذا انتقلت إلى بيت زوجها، أمطرت هذه العواطف في بيتها، وأسعدت زوجها وآنسته، وجعلته ينسى كل همومه، وتجعل عواطفها لأولادها، فصارت تهتم بأولادها، وتعتني بهم وتضمهم وتقبلهم وتحرص عليهم وتضاحكهم وتدللهم، ولا أعني بالدلال الدلال غير المناسب تربوياً، المهم أن تعطيهم عواطف، بحيث ينشأ الطفل نشأة سليمة؛ لأنه وجد الجو والمحضن المناسب، فتكون مناسبة له حينئذٍ، وهكذا يظل المجتمع سليماً.

العاطفة السلبية

لكن لو تصورنا أن هذه العاطفة الموجودة عند المرأة صرفت في غير مصرفها الصحيح، فصارت مثلاً هذه الفتاة تشغل عواطفها مع زميلتها، فتجدين أنها تعيش ما يسمى بالتعلق أو الإعجاب الموجود مع الأسف في كثير من المدارس، وربما انتقل إلى بعض الدور والمؤسسات الخيرية بصورة آلية، فتجدين مثلاً فتاة تتعلق بأخرى، تمشي معها، وتجلس معها، وتقوم حيث قامت، وتقعد حيث قعدت، وتقلدها في حركاتها وسكناتها وطريقة الكلام، بل وفي ثيابها، بل وفي كل شيء، تمشي معها حذو القدة بالقدة، حتى تعتبر أنها مثلها الأعلى، وربما إذا ذهبت كل واحدة منهن إلى البيت شعرت بالوله عليها، فصارت تتصل بالهاتف، وربما تجلس معها في الهاتف ساعات تتحدث معها أحاديث عاطفية كثيرة، وربما تصل الأمور إلى نتائج سلبية وعواقب غير حميدة، ومن الممكن أن بعض النساء أو بعض الفتيات تستر هذا بشيء اسمه الحب في الله، وهذا فرق بينه وبين الحب في الله، هذه عواطف بشرية لكنها زادت، ما وجدت المصرف الصحيح، ولا وجدت التوجيه المناسب، ووجدت فتاة استجابت لهواها وأتبعت نفسها هواها، فلما شعرت بميلٍ إلى فتاة أخرى؛ لأنها ظريفة أو خفيفة أو حسنة الشكل، أصبحت تكثر من الجلوس معها وتمازحها، وتتحدث معها وتقترب منها وتقلدها، فزادت الطين بلة، وظلمت نفسها بهذه الطريقة، وربما ضرت نفسها، وضرت غيرها، يقول لها الشيطان: إن هذه المرأة الأخرى تبادلك نفس الشعور، انظري إلى نظرات عينيها، تدل على أنها تشعر نحوك بشعور مماثل، ولكنها قد لا تبوح به ولا تتكلم به، فتظل الفتاة مشدودة إلى فتاة أخرى بما يسمينه بالإعجاب أو التعلق، الذي يجعلها أحياناً تصلي وتسجد وتقول: ربي اغفر لي وتقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وليس في قلبها إلا صورة الفتاة التي أعجبت بها. هنا الخطورة في قضية تحويل العاطفة إلى طريق غير شرعي، فما بالكِ إذا كان هذا التعلق ليس بفتاة مثلها؟!

قد يكون التعلق بشاب مثلاً، كم يكون له من الأضرار؟

وكم وقفت وعرفت كثيراً من الشباب يخادعون الفتيات مباشرة أو عن طريق الهاتف، يتصل بها بالهاتف فيخدعها، ويزين لها أنه سوف يتزوجها وأنه قد رآها وأعجب بها، ويظل يضحك بها، وهي في البداية تعتبر أنه مجرد عبث وتسلية وقضاء وقت فراغ وإن جرت معه، وهو يجرها شيئاً فشيئاً، ويسجل عليها هذه المكالمات حتى يوقعها، فإذا وجد يوماً من الأيام أنها تحاول أن تنفلت منه أو ترفض، هددها بأنها إذا لم تستجب ولم ترض بالمقابلة فإنه سوف يفضحها عند أهلها، فيظل يجرها من ورطة إلى ورطة أخرى، حتى يوقعها في الحرام والعياذ بالله، وكل ذلك حرام بحد ذاته، وكل ذلك قد تم بهذه الأساليب والوسائل والطرق التدريجية الخطيرة التي رسمها له الشيطان.

وكم من فتاة تكون قضية الاتصال بالهاتف عندها قضية عادية، كل من اتصل أجابت عليه، واسترسلت معه وتكلمت معه، قد يتصل فلان يسأل عن أخيها فتقول: غير موجود، من الذي يريده؟

فيبدأ يسألها متى يأتي فلان؟

ومتى يذهب؟

هكذا تكون فرصة للكلام والاسترسال والأمور التي لا حاجة إليها ولا فائدة منها، وبالتالي تظل الفتاة قلبها مشتت معلق، كل من اتصل همت أن تحدثه، وتمنت أن تسترسل معه في الحديث، فصار من جراء ذلك أضرار كبيرة، تمزق قلب هذه الفتاة، ما عادت تصلح لشيء، لأن عاطفتها توزعت هنا وهناك بدون ضابط، ومع الأسف الشديد أن كثيراً من الفتيات بسبب أنهن عاطفيات، من السهل أن يستدرجهن بعض الذئاب، وأنا أعرف قصصاً عديدة وقفت عليها، وربما تشتكي لي بعض النساء أن هناك نساء يستدرجهن بعض الشباب، ويضحكون عليهن حتى إنهم قد يأخذون منهن أموالهن ورواتبهن إن كان لهن رواتب، ويضحكون بعقولهن، ويمنونهن بالأماني الباطلة، وفي النهاية يذهب ويضحك، وربما صار يتكلم في المجالس، ويفتخر بأنه ضحك على فلانة وعلانة ويفضحهن.

بل إنني أعرف بعض الفتيات إذا مناها الرجل بالزواج، وأنه سوف يخطبها، أصبحت حريصة على ألاَّ تسخطه بأي حال من الأحوال، لأنه لو سخط عليها ما تقبل منها شيئاً، وربما رفض الخطبة التي وعدها بها، فإذا طلب منها شيئاً وافقت من أجل ألا يسخط، ولو غضب عليها فربما لا يتقدم.

فليرض حتى لو تطلب رضاه أن تتكلم معه بكلام بذيء مثلاً، أو تسترسل معه، أو تمازحه، أو تضاحكه، أو ربما تقابله، أو تكتب له رسائل، أو ما أشبه ذلك.

والواقع أن أي شاب خاصة بمجتمعاتنا يجد أن الفتاة تتصل به، ولا يقبل أن يتزوج بها؛ لأنه واضع في اعتباره أنه لو تزوج بها فسوف تتصل بغيره، وأن التي قبلت أن تحدثه -وهي لا تعرفه إلا من خلال أسلاك الهاتف- قد تقبل أن تتحدث مع غيره، وأن التي استطاع هو أن يخدعها قد يوجد من هو أذكى منه، فيخدعها بعد زواجه منها، ولذلك لن يقبل بها، ولو فرض جدلاً وأنه تزوج بها، فهذا الزواج سوف يكون تعيساً، وميصره إلى الفشل.. لماذا؟

لأنه سوف يظل يشك فيها وكلما رآها تكلم ولو كانت تكلم أمها، قال: يمكن أنها تكلم واحداً، ولما حضرت قلبت المكالمة أو ما أشبه ذلك، وإذا خرج ظن بها، حتى لو كانت تائبة نقية تقية صائمة فإنه يظل يعيرها ليل نهار: تذكرين يوم كذا، وتذكرين كذا وكذا، فتكون هذه مسماراً في نعش الحياة الزوجية، كل ذلك بسبب عواطف عند هذه الفتاة، ما عرفت كيف تصرفها.

اصرفي عاطفتك في محبة الله، ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحبة الخير وأهله، ومحبة الأعمال الصالحة، ومحبة الإحسان للناس، ولهذا انظري إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار} فكل هذه الأشياء الثلاثة مربوطة بقضية العاطفة، محبة الله والرسول، محبة الإسلام، محبة الناس من أجل الدين، محبةً أخويةً دينيةً شرعيةً أخويةً، تحبين فلانة لأنها دينة صينة قائمة عابدة داعية، وليس محبتك لها لأنها امرأة جميلة الشكل أو خفيفة الدم أو ظريفة أو ما أشبه ذلك.

لا! إنما هي محبة دينية شرعية لله تعالى وفي الله، ومحبة بحدودة بحدود الشرع، فمحبة الناس لها خانة في القلب، يجب ألا تزيد عنها ولا تتعداها، فالمقصود أن هذه الأشياء الثلاثة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم كلها تتعلق بالعواطف وبمحبة القلوب.