الصحوة الإسلامية بشائر ومحاذير


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

يقول الله عز وجل: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140] لقد مس المسلمين القرح في أزمنة طويلة، وخلال قرونٍ مضت كانت الأمة الإسلامية تعاني من ألوان الضعف والتخلف والهوان ما لم تعهده منذ وجدت؛ حتى دب اليأس إلى كثيرٍ من أبناء هذه الأمة وتطاول هذا الليل الذي يضرب بظلامه في كل مكان، فكان قائلهم يقول:

بلي الحديد ومسنا القرح      فمتى تفيق أخي متى تصحو

والوعتاه كم انقضت حقبٌ      وامتد ليلٌ ما له صبح

وبغى وحوش ليس يردعهم      خلقٌ ولا دينٌ ولا نصح

ألفاظهم مطلية عسلاً      وقلوبهم بسمومها رشح

والوحش وحشٌ دينه فمه      والغدر لا يمحوه من يمحو

وصحا التراب أخي ولم تصحُ      وَيْليْ عليك أينفع النوح<

الأمل بحديث التجديد

ومع ذلك فإن المنصرين يدركون أنه لابد لكل ليلٍ من نهار، وهذه الأيام يداولها الله تعالى بين الناس، وكيف يدب اليأس إلى قلوب المسلمين وهم يسمعون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه وغيره بسندٍ حسن: {إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها} فيؤكد عليه الصلاة والسلام أن التجديد شريعة إلهية وسنة ربانية لا يمكن أن تتخلف بحالٍ من الأحوال، وبعد كل قرن يكتب الله لهذه الأمة تجديداً، ولا يعني أن يغير من الدين شيئاً فإنه إذا غير كان هدماً له ولم يكن تجديداً، وإنما يعني أن يجدد فَهْمَ الناس للدين وتمسكهم به والتزامهم به، فيكونون أقرب إلى الالتزام بالكتاب والسنة، وهذا التجديد الذي أخبر عنه صلى الله عليه وسلم هو تجديد شامل لكل مجالات الحياة بدون استثناء، أي تجديد في جميع المجالات الدينية والشرعية، علمية كانت أو عملية.

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: {يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها} و(من) كما هو معروف تطلق على المفرد وعلى الجمع، ولذلك فإن المجدد لهذا الدين ليس بالضروري أن يكون فرداً يشار إليه بالبنان، كما قال الإمام السيوطي في منظومته:

يشار بالعلم إلى مقامه      وينصر السنة في كلامه

وأن يكون حاوياً لكل فن      وأن يبز علمه أهل الزمن

من الممكن أن يقوم بهذه المهمة الجليلة أمة من العلماء والدعاة والمصلحين والمجددين، ولئن جاز أن يقول بعض أهل العلم: إن المجدد في القرن الأول مثلاً فرد هو عمر بن عبد العزيز وأن المجدد في القرن الثاني فرد واحد كما قال بعضهم أنه الإمام الشافعي، لئن جاز أن يقال في مجدد القرن الأول مثلاً أنه عمر بن عبد العزيز فإن ذلك أبعد فيمن جاء من بعده، فإنه لا يكاد يوجد إنسان جمع القرآن والسلطان، أي: جمع العلم والسلطة بحيث استطاع أن يجدد الدين علماً وعملاً وتطبيقاً في حياة الناس، ونظراً لأن الأمة الإسلامية قد انتشرت وتوسعت ودخل في الإسلام أمم وشعوب بأكملها، ونظراً أيضاً لأن الشر قد كثر وفشا وانتشر، وأعداء الإسلام استطاعوا أن يصلوا إلى بعض مآربهم في إدخال الشهوات والشبهات على الأمة الإسلامية، ونظراً أيضاً لأنه كلما تقدم الزمن قل جودة النوعيات التي تقوم بالمهمة، فنحن نقطع أنه لا يمكن أن يوجد جيل مثل جيل الصحابة رضي الله عنهم أو كجيل التابعين، وهيهات أن يوجد حتى أفراد في الأمة يكونون بمنـزلة بعض رجالات الإسلام المعروفين من كبار الصحابة أو من الصحابة والتابعين وغيرهم، فحتى نوعية الأفراد الذين يقومون بمهمة التجديد تقل، والمجالات التي يحتاج فيها إلى التجديد تكثر وتتسع، ولذلك فإن من المنطق أن يكون القائم بمهمة التجديد لهذه الأمة خاصةً في العصور المتأخرة أن تكون طائفة من الناس ما بين فقيهٍ ومحدثٍ وداعية ومصلح ومجاهد إلى غير ذلك من ألوان وأنواع الخير التي تحتاجها الأمة الإسلامية في كافة مجالاتها، ولذلك كان العلماء حتى منذ قرون يقولون مثلاً: مجدد القرن الفلاني في الفقه فلان، وفي الحديث فلان، وفي العقيدة فلان، وفي التفسير فلان، فيذكرون أفراداً كل فردٍ يعتبرونه مجدداً لنوع من أنواع العلم أو العمل.

آثار التجديد في العصر الحاضر

ولذلك فإننا ونحن الآن نعيش في مطلع هذا القرن وبعد مضي سنوات ليست بالطويلة نتلمس ونتلفت يمنةً ويسرة، وننتظر صورة هذا التجديد الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم، فإن وعده عليه الصلاة والسلام هو في الحقيقة إنما هو وعد من الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يتخلف، ولذلك يتلفت الناس ينظرون أين آثار التجديد ومن هو المجدد، وليس ثمة حاجة إلى أن يسمى شخصٌ بعينه، على أننا نعرف أن هذه الأمة الإسلامية الخير فيها باقٍ ولا تعدم في كل عصرٍ ومصر من رجالاتها وفضلائها وعلمائها ودعاتها ممن يكونون مشهورين كالشامة في الناس، لكن مع ذلك فإننا نجد اليوم أن من أبرز معالم التجديد لهذا الدين هي هذه الصحوة المباركة، وهذا التوجه الخيّر الذي لم يقتصر على مجال دون مجال أو بلد دون بلد أو مستوى من الناس دون مستوى، بل أصبح شاملاً لكل هذه الأشياء.

فنحن الآن نلمس آثار هذه الصحوة وآثار هذا التجديد في هذه الأمة، ويبرز ذلك في صورٍ شتى لا أستطيع أن أحصيها لكن أشير إلى شيءٍ منها.

1- شعور المريض بالمرض:

فأبرز آثار هذا التجديد الذي بدأنا نلمسه هو شعور المريض بالمرض، وشعور المريض بالمرض هو أول خطوات العلاج، فالمصيبة حين يخيل إلى المريض أنه سليمٌ معافى ما به سوء، وحينئذٍ يستعصي على الأطباء ويرفض نصحهم ويصر على ما هو عليه، وهكذا كان حال المسلمين في وقتٍ مضى، لكن اليوم أصبح المسلمون أو أصبح كثيرٌ منهم يحسون بحقيقة المرض ويتململون تحت وطأته، ويتلفتون يبحثون عن العلاج وعن المخرج مما هم فيه، وبغض النظر عن كونهم استطاعوا فعلاً أن يجدوا المخرج أو لم يجدوه، وعن كونهم سلكوه أو لم يسلكوا، فإن الشعور ذاته بهذا الألم وبهذه الحرقة على الواقع هو في حد ذاته من أبرز مظاهر التجديد التي تعيشها الأمة الإسلامية.

يوماً من الأيام كنا نجد من شباب المسلمين من يقول: إن الأمة الإسلامية إذا أرادت أن تتقدم وتتحضر؛ فإن عليها أن تسير خلف أوروبا حذو القذة بالقذة وتقلدها في حضارتها خيرها وشرها، وحلوها ومرها، وفي يوم من الأيام كنا نجد من الناس الذين انسلخوا عن هذه الأمة، وتخلوا عن التزامهم ودينهم وصلاحهم، من أصبحوا يسخرون من الإسلام وأهله ويرمونهم بالألقاب والأسماء التي لا تليق بهم، أما اليوم فقد أصبح كثيرٌ من شباب الأمة يحسون بالألم من واقع هذه الأمة ويعبرون عنه بصورٍ شتى ويبحثون عن المخرج.

2- الإقبال على المادة الإسلامية الفكرية:

صورة أخرى، هذا الإقبال الكبير على المادة الإسلامية التي تقدم للناس، كتاباً، شريطاً، مجلةً، برنامجاً، محاضرةً، أي مادة تقدم للناس وتكون ذات محتوى إسلامي تجد الإقبال، انظر كم معرض كتاب إسلامي يقام، كم معرض شريط، كم محاضرة، كم ندوة، كم كتاب؟ تجد أنك أمام حجم هائل جداً، وأيضاً أقول بغض النظر عن التقييم لهذه الأشياء أن هذا منها الغث والسمين، ومنها شيء أفضل من شيء ومنها ومنها، هذا أمر ليس هذا مجال الحديث عنه، إنما مجال الحديث النظرة العامة أنه الكم الهائل وهذا الإقبال على كل ما هو إسلامي يؤكد فعلاً أن الأمة بدأت تعي ضرورة الولاء الحقيقي للإسلام، ولذلك أصبح كثير من الناس الذين يريدون -مثلاً- الربح المادي يهتمون بطبع الكتاب الإسلامي، وأصبح كثير من الكتَّاب والمفكرين الذين كانوا بالأمس ربما ضد الإسلام؛ فمنهم من كان ماركسياً، ومنهم من كان علمانياً ومنهم ومنهم، ومع ذلك اليوم ركبوا الموجة وصاروا يتكلمون باسم الإسلام ويتحدثون عنه، ولا حاجة إلى ذكر الأسماء أيضاً، ولا يعني هذا أننا نغلق باب التوبة في وجوه الناس، لا مانع أن يكون كاتباً منحرفاً بالأمس وتاب إلى الله عز وجل اليوم، وصار يكتب عن الإسلام الكتابة الصحيحة، لا مانع من هذا، إنما المقصود أن منهم من يركب الموجة ويتحدث باسم الإسلام وربما يكون محتفظاًً بآرائه وأفكاره، وربما يصوغها بقالبٍ آخر.

3- الإقبال على العلم الشرعي والاستفتاء:

الصورة الثالثة: مسألة الإقبال على العلم الشرعي: ففي وقتٍ مضى لم يكن أحد يستطيع أن يستقطب الناس إلا من خلال الإشارة، فمثلاً لو وجد خطيب يتحدث عن قضايا الواقع بتهجم وبشده وبحرارة كان الناس يأتون، من باب حب الاستطلاع في كثير من الأحيان أو لأي غرض، لكن اليوم أصبحت تستغرب أنك قد تجد عالماً في حلقة علمه متكئاً على أسطوانته في المسجد، فتجد أن حوله عدداً غير قليل من الطلاب من كافة المستويات يعدون بالمئات أحياناً؛ يجلسون ليسمعوا كلاماً علمياً ربما يكون فيه جفاف، وثقل يحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى كدّ، ومع ذلك تجد عندهم الصبر والمثابرة، وتجدهم قد تعودوا حني وثني الركب في مجالس أهل العلم.

كثرة الاستفتاءات: فتجد الناس أصبح الواحد منهم يسأل عن كل ما يمر به، بل ربما تجد الناس أصبحوا يسألون عن قضايا حدثت لهم من عشرات السنين طيلة المدة الماضية، الناس منهم من كان في غفلة ما سأل أو ما مر الأمر في خاطرة؛ لكن الآن وعى وتيقظ وأصبح يسأل، ولذلك تجد أن أهل العلم الذين وضعوا أنفسهم لهذا العمل الجليل: (موضع الفتيا وبيان أحكام الإسلام والحلال والحرام للناس) أصبح بعضهم ربما لا يجد وقتاً ليرتاح من كثرة إقبال الناس عليهم وسؤالهم واستفتائهم، وما نجد مثلاً فيما يتعلق بهيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة أو غيرها من الجهات التي قامت بهذا العمل ما هو إلا نموذج من ذلك.

4- إحياء الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

من الصور أيضاً -وهي صورة مهمة في نظري-: إحياء شريعة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ضعفت في نفوس كثيرٍ من الناس، فأحيا المسلمون هذه الشعيرة في هذا العصر وقامت حركات جهادية في أكثر من بلد، وانتعشت في هذا الوقت بالذات، واستطاع المجاهدون الأفغان بفضل الله تبارك وتعالى أن يحققوا نصراً على عدوهم، إضافة إلى أن المسلمين في بلادٍ أخرى كثيرة ممن وقعوا زمناً طويلاً تحت تسلط النصارى، وغيرهم بدءوا يفكرون: إلى متى نظل تحت تسلط هؤلاء الكافرين؟ ولعل ما نسمع فيما يقع في روسيا نفسها من تحرك في أوساط المسلمين أو الأمم التي كانت موالية للإسلام فسيطر عليها الروس وحاولوا سلخها ومسخها يمت إلى هذا الأمر بصلة.

كذلك موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكثرة السؤال عن هذا الأمر، كثرة الحديث عنه، ويقظة الناس تجاهه، شعور الابن -مثلاً- وهو في بيته أنه لابد أن يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر ما يستطيع، وشعور كل إنسان في أي مكانٍ أنه لابد أن يقوم بهذه المهمة، لم يعد الإنسان المستقيم مجرد إنسان سلبي يتردد على المسجد للصلاة فقط، لا، أصبح يحس بأنه لا يمكن أن يرضى بالتناقض بين ما يعتقد وبين ما يشاهد في الواقع، وأنه لابد أن يعمل على تحويل هذا الأمر إلى الصورة الإسلامية.

5- صياغة الحياة كلها إسلامياً:

ولذلك جاءت الصورة الخامسة وهي: العمل على صياغة الحياة كلها صياغة إسلامية بكافة مجالاتها؛ الأب يصوغ بيته صياغة إسلامية، المدير يصوغ مدرسته، المدرس يصوغ طلابه، الزوج يؤثر في زوجته، الموظف في إدارته، المسئول في أي قطاعٍ كان، أصبح هناك هَمُّ كبير.

وأنا أقول: إن هذا الأمر ربما يكون النتيجة، هَمٌّ في محاولةِ صياغة الحياة صياغة إسلامية وإزالة كل ما يعارض الإسلام وجعل المجتمع أقرب إلى الالتزام بشرائع الإسلام وأصوله، وهذا لا يعني أن هذا الأمر حصل فعلاً وانتهى وأصبح كل شيء كما يحب الله ويرضى، لكن أقول: إنه وُجِدَ هَمٌّ في نفوس الناس هو هكذا، هَمُّ محاولةِ صياغة الحياة صياغة إسلامية في جميع مجالاتها، أصبح الطبيب مثلاً يفكر كثيراً في محاولة تحويل هذا المستشفى الذي يعمل فيه إلى مستشفى ملتزم بأوامر الله بفصل الرجال عن النساء مثلاً، تجنب الاختلاط بقدر ما أمكن، وتجنب الأمور التي لا ترضي الله ورسوله من المحرمات بأنواعها، أصبح المسئول في إدارته يحرص على تحويل هذه الإدارة إلى إدارة ملتزمة بأوامر الله ورسوله.

ومع ذلك فإن المنصرين يدركون أنه لابد لكل ليلٍ من نهار، وهذه الأيام يداولها الله تعالى بين الناس، وكيف يدب اليأس إلى قلوب المسلمين وهم يسمعون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه وغيره بسندٍ حسن: {إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها} فيؤكد عليه الصلاة والسلام أن التجديد شريعة إلهية وسنة ربانية لا يمكن أن تتخلف بحالٍ من الأحوال، وبعد كل قرن يكتب الله لهذه الأمة تجديداً، ولا يعني أن يغير من الدين شيئاً فإنه إذا غير كان هدماً له ولم يكن تجديداً، وإنما يعني أن يجدد فَهْمَ الناس للدين وتمسكهم به والتزامهم به، فيكونون أقرب إلى الالتزام بالكتاب والسنة، وهذا التجديد الذي أخبر عنه صلى الله عليه وسلم هو تجديد شامل لكل مجالات الحياة بدون استثناء، أي تجديد في جميع المجالات الدينية والشرعية، علمية كانت أو عملية.

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: {يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها} و(من) كما هو معروف تطلق على المفرد وعلى الجمع، ولذلك فإن المجدد لهذا الدين ليس بالضروري أن يكون فرداً يشار إليه بالبنان، كما قال الإمام السيوطي في منظومته:

يشار بالعلم إلى مقامه      وينصر السنة في كلامه

وأن يكون حاوياً لكل فن      وأن يبز علمه أهل الزمن

من الممكن أن يقوم بهذه المهمة الجليلة أمة من العلماء والدعاة والمصلحين والمجددين، ولئن جاز أن يقول بعض أهل العلم: إن المجدد في القرن الأول مثلاً فرد هو عمر بن عبد العزيز وأن المجدد في القرن الثاني فرد واحد كما قال بعضهم أنه الإمام الشافعي، لئن جاز أن يقال في مجدد القرن الأول مثلاً أنه عمر بن عبد العزيز فإن ذلك أبعد فيمن جاء من بعده، فإنه لا يكاد يوجد إنسان جمع القرآن والسلطان، أي: جمع العلم والسلطة بحيث استطاع أن يجدد الدين علماً وعملاً وتطبيقاً في حياة الناس، ونظراً لأن الأمة الإسلامية قد انتشرت وتوسعت ودخل في الإسلام أمم وشعوب بأكملها، ونظراً أيضاً لأن الشر قد كثر وفشا وانتشر، وأعداء الإسلام استطاعوا أن يصلوا إلى بعض مآربهم في إدخال الشهوات والشبهات على الأمة الإسلامية، ونظراً أيضاً لأنه كلما تقدم الزمن قل جودة النوعيات التي تقوم بالمهمة، فنحن نقطع أنه لا يمكن أن يوجد جيل مثل جيل الصحابة رضي الله عنهم أو كجيل التابعين، وهيهات أن يوجد حتى أفراد في الأمة يكونون بمنـزلة بعض رجالات الإسلام المعروفين من كبار الصحابة أو من الصحابة والتابعين وغيرهم، فحتى نوعية الأفراد الذين يقومون بمهمة التجديد تقل، والمجالات التي يحتاج فيها إلى التجديد تكثر وتتسع، ولذلك فإن من المنطق أن يكون القائم بمهمة التجديد لهذه الأمة خاصةً في العصور المتأخرة أن تكون طائفة من الناس ما بين فقيهٍ ومحدثٍ وداعية ومصلح ومجاهد إلى غير ذلك من ألوان وأنواع الخير التي تحتاجها الأمة الإسلامية في كافة مجالاتها، ولذلك كان العلماء حتى منذ قرون يقولون مثلاً: مجدد القرن الفلاني في الفقه فلان، وفي الحديث فلان، وفي العقيدة فلان، وفي التفسير فلان، فيذكرون أفراداً كل فردٍ يعتبرونه مجدداً لنوع من أنواع العلم أو العمل.

ولذلك فإننا ونحن الآن نعيش في مطلع هذا القرن وبعد مضي سنوات ليست بالطويلة نتلمس ونتلفت يمنةً ويسرة، وننتظر صورة هذا التجديد الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم، فإن وعده عليه الصلاة والسلام هو في الحقيقة إنما هو وعد من الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يتخلف، ولذلك يتلفت الناس ينظرون أين آثار التجديد ومن هو المجدد، وليس ثمة حاجة إلى أن يسمى شخصٌ بعينه، على أننا نعرف أن هذه الأمة الإسلامية الخير فيها باقٍ ولا تعدم في كل عصرٍ ومصر من رجالاتها وفضلائها وعلمائها ودعاتها ممن يكونون مشهورين كالشامة في الناس، لكن مع ذلك فإننا نجد اليوم أن من أبرز معالم التجديد لهذا الدين هي هذه الصحوة المباركة، وهذا التوجه الخيّر الذي لم يقتصر على مجال دون مجال أو بلد دون بلد أو مستوى من الناس دون مستوى، بل أصبح شاملاً لكل هذه الأشياء.

فنحن الآن نلمس آثار هذه الصحوة وآثار هذا التجديد في هذه الأمة، ويبرز ذلك في صورٍ شتى لا أستطيع أن أحصيها لكن أشير إلى شيءٍ منها.

1- شعور المريض بالمرض:

فأبرز آثار هذا التجديد الذي بدأنا نلمسه هو شعور المريض بالمرض، وشعور المريض بالمرض هو أول خطوات العلاج، فالمصيبة حين يخيل إلى المريض أنه سليمٌ معافى ما به سوء، وحينئذٍ يستعصي على الأطباء ويرفض نصحهم ويصر على ما هو عليه، وهكذا كان حال المسلمين في وقتٍ مضى، لكن اليوم أصبح المسلمون أو أصبح كثيرٌ منهم يحسون بحقيقة المرض ويتململون تحت وطأته، ويتلفتون يبحثون عن العلاج وعن المخرج مما هم فيه، وبغض النظر عن كونهم استطاعوا فعلاً أن يجدوا المخرج أو لم يجدوه، وعن كونهم سلكوه أو لم يسلكوا، فإن الشعور ذاته بهذا الألم وبهذه الحرقة على الواقع هو في حد ذاته من أبرز مظاهر التجديد التي تعيشها الأمة الإسلامية.

يوماً من الأيام كنا نجد من شباب المسلمين من يقول: إن الأمة الإسلامية إذا أرادت أن تتقدم وتتحضر؛ فإن عليها أن تسير خلف أوروبا حذو القذة بالقذة وتقلدها في حضارتها خيرها وشرها، وحلوها ومرها، وفي يوم من الأيام كنا نجد من الناس الذين انسلخوا عن هذه الأمة، وتخلوا عن التزامهم ودينهم وصلاحهم، من أصبحوا يسخرون من الإسلام وأهله ويرمونهم بالألقاب والأسماء التي لا تليق بهم، أما اليوم فقد أصبح كثيرٌ من شباب الأمة يحسون بالألم من واقع هذه الأمة ويعبرون عنه بصورٍ شتى ويبحثون عن المخرج.

2- الإقبال على المادة الإسلامية الفكرية:

صورة أخرى، هذا الإقبال الكبير على المادة الإسلامية التي تقدم للناس، كتاباً، شريطاً، مجلةً، برنامجاً، محاضرةً، أي مادة تقدم للناس وتكون ذات محتوى إسلامي تجد الإقبال، انظر كم معرض كتاب إسلامي يقام، كم معرض شريط، كم محاضرة، كم ندوة، كم كتاب؟ تجد أنك أمام حجم هائل جداً، وأيضاً أقول بغض النظر عن التقييم لهذه الأشياء أن هذا منها الغث والسمين، ومنها شيء أفضل من شيء ومنها ومنها، هذا أمر ليس هذا مجال الحديث عنه، إنما مجال الحديث النظرة العامة أنه الكم الهائل وهذا الإقبال على كل ما هو إسلامي يؤكد فعلاً أن الأمة بدأت تعي ضرورة الولاء الحقيقي للإسلام، ولذلك أصبح كثير من الناس الذين يريدون -مثلاً- الربح المادي يهتمون بطبع الكتاب الإسلامي، وأصبح كثير من الكتَّاب والمفكرين الذين كانوا بالأمس ربما ضد الإسلام؛ فمنهم من كان ماركسياً، ومنهم من كان علمانياً ومنهم ومنهم، ومع ذلك اليوم ركبوا الموجة وصاروا يتكلمون باسم الإسلام ويتحدثون عنه، ولا حاجة إلى ذكر الأسماء أيضاً، ولا يعني هذا أننا نغلق باب التوبة في وجوه الناس، لا مانع أن يكون كاتباً منحرفاً بالأمس وتاب إلى الله عز وجل اليوم، وصار يكتب عن الإسلام الكتابة الصحيحة، لا مانع من هذا، إنما المقصود أن منهم من يركب الموجة ويتحدث باسم الإسلام وربما يكون محتفظاًً بآرائه وأفكاره، وربما يصوغها بقالبٍ آخر.

3- الإقبال على العلم الشرعي والاستفتاء:

الصورة الثالثة: مسألة الإقبال على العلم الشرعي: ففي وقتٍ مضى لم يكن أحد يستطيع أن يستقطب الناس إلا من خلال الإشارة، فمثلاً لو وجد خطيب يتحدث عن قضايا الواقع بتهجم وبشده وبحرارة كان الناس يأتون، من باب حب الاستطلاع في كثير من الأحيان أو لأي غرض، لكن اليوم أصبحت تستغرب أنك قد تجد عالماً في حلقة علمه متكئاً على أسطوانته في المسجد، فتجد أن حوله عدداً غير قليل من الطلاب من كافة المستويات يعدون بالمئات أحياناً؛ يجلسون ليسمعوا كلاماً علمياً ربما يكون فيه جفاف، وثقل يحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى كدّ، ومع ذلك تجد عندهم الصبر والمثابرة، وتجدهم قد تعودوا حني وثني الركب في مجالس أهل العلم.

كثرة الاستفتاءات: فتجد الناس أصبح الواحد منهم يسأل عن كل ما يمر به، بل ربما تجد الناس أصبحوا يسألون عن قضايا حدثت لهم من عشرات السنين طيلة المدة الماضية، الناس منهم من كان في غفلة ما سأل أو ما مر الأمر في خاطرة؛ لكن الآن وعى وتيقظ وأصبح يسأل، ولذلك تجد أن أهل العلم الذين وضعوا أنفسهم لهذا العمل الجليل: (موضع الفتيا وبيان أحكام الإسلام والحلال والحرام للناس) أصبح بعضهم ربما لا يجد وقتاً ليرتاح من كثرة إقبال الناس عليهم وسؤالهم واستفتائهم، وما نجد مثلاً فيما يتعلق بهيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة أو غيرها من الجهات التي قامت بهذا العمل ما هو إلا نموذج من ذلك.

4- إحياء الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

من الصور أيضاً -وهي صورة مهمة في نظري-: إحياء شريعة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ضعفت في نفوس كثيرٍ من الناس، فأحيا المسلمون هذه الشعيرة في هذا العصر وقامت حركات جهادية في أكثر من بلد، وانتعشت في هذا الوقت بالذات، واستطاع المجاهدون الأفغان بفضل الله تبارك وتعالى أن يحققوا نصراً على عدوهم، إضافة إلى أن المسلمين في بلادٍ أخرى كثيرة ممن وقعوا زمناً طويلاً تحت تسلط النصارى، وغيرهم بدءوا يفكرون: إلى متى نظل تحت تسلط هؤلاء الكافرين؟ ولعل ما نسمع فيما يقع في روسيا نفسها من تحرك في أوساط المسلمين أو الأمم التي كانت موالية للإسلام فسيطر عليها الروس وحاولوا سلخها ومسخها يمت إلى هذا الأمر بصلة.

كذلك موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكثرة السؤال عن هذا الأمر، كثرة الحديث عنه، ويقظة الناس تجاهه، شعور الابن -مثلاً- وهو في بيته أنه لابد أن يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر ما يستطيع، وشعور كل إنسان في أي مكانٍ أنه لابد أن يقوم بهذه المهمة، لم يعد الإنسان المستقيم مجرد إنسان سلبي يتردد على المسجد للصلاة فقط، لا، أصبح يحس بأنه لا يمكن أن يرضى بالتناقض بين ما يعتقد وبين ما يشاهد في الواقع، وأنه لابد أن يعمل على تحويل هذا الأمر إلى الصورة الإسلامية.

5- صياغة الحياة كلها إسلامياً:

ولذلك جاءت الصورة الخامسة وهي: العمل على صياغة الحياة كلها صياغة إسلامية بكافة مجالاتها؛ الأب يصوغ بيته صياغة إسلامية، المدير يصوغ مدرسته، المدرس يصوغ طلابه، الزوج يؤثر في زوجته، الموظف في إدارته، المسئول في أي قطاعٍ كان، أصبح هناك هَمُّ كبير.

وأنا أقول: إن هذا الأمر ربما يكون النتيجة، هَمٌّ في محاولةِ صياغة الحياة صياغة إسلامية وإزالة كل ما يعارض الإسلام وجعل المجتمع أقرب إلى الالتزام بشرائع الإسلام وأصوله، وهذا لا يعني أن هذا الأمر حصل فعلاً وانتهى وأصبح كل شيء كما يحب الله ويرضى، لكن أقول: إنه وُجِدَ هَمٌّ في نفوس الناس هو هكذا، هَمُّ محاولةِ صياغة الحياة صياغة إسلامية في جميع مجالاتها، أصبح الطبيب مثلاً يفكر كثيراً في محاولة تحويل هذا المستشفى الذي يعمل فيه إلى مستشفى ملتزم بأوامر الله بفصل الرجال عن النساء مثلاً، تجنب الاختلاط بقدر ما أمكن، وتجنب الأمور التي لا ترضي الله ورسوله من المحرمات بأنواعها، أصبح المسئول في إدارته يحرص على تحويل هذه الإدارة إلى إدارة ملتزمة بأوامر الله ورسوله.

وهكذا النوعيات التي أشرت إلى شيءٍ منها، فهذه صور يمكن أن تعبّر إلى حدٍ ما عن وجود هذا التوجه الإسلامي، وهذا الإقبال على الإسلام وعلى الخير في هذه الأمة وبهذا الوقت بالذات.

ولذلك أقول: إن هذه الصحوة التي بدأت هي أمانة في أعناق العلماء والمصلحين.

حماية ظهور الشباب ورجال الدعوة

أولاً: أمانة توجب على العلماء والمصلحين والدعاة حماية ظهور هؤلاء الشباب وغيرهم أيضاً من كافة النوعيات المقبلة على الإسلام، وعدم الرضا بالنيل منهم أو تشويه صورتهم في نفوس الناس، وتعمل على قطع الطريق الذي يحاول الوقيعة بين أهل الخير، فلا شك أن هناك من يعمل على الوقيعة بين العلماء وبين غيرهم من سائر الطبقات، فكثيراً ما تسمع مثلاً من ينال من أهل العلم ويقول: هؤلاء متكاسلون متقاعدون، هؤلاء متملقون، هؤلاء لا يفعلون، لا يأمرون، لا ينهون، وكثيراً ما تسمع من بعض الناس من يتناول العلماء بهذه الطريقة وهو لا يدري أي جهد يقومون به وأي عمل يؤدونه، بل أي جهاد يمارسونه؛ لأنه لم يفهم إلا ما يعلم ولا يمكن أن يتصور أن هناك جهوداً كبيرة يقوم بها هؤلاء الناس وغيرهم دون أن يعلم بها، ولو كان جاهلاً لقلنا من حقه أن يسكت ولا أحد يؤاخذه، لكن المصيبة أن يكون جاهلاً ويتحدث في الوقت نفسه فيما يجهل ولا يعلم.

وبالمقابل هناك من قد يحاول تشويه صورة الشباب والدعاة والصالحين عند شيوخهم وعلمائهم وأساتذتهم، فلابد من حماية ظهور شباب ورجال الدعوة الإسلامية وقطع الطريق على من يحاول الوقيعة بينهم.

التوجيه السليم

وثانياً: لابد من توجيه هذه الصحوة توجيهاً سليماً يضمن لها القوة والاستمرار، وهذا التوجيه قد يكون بتعليمهم ما يجهلون، بنصيحتهم، بإرشادهم، بإتاحة الفرص والوسائل التي قد لا يتمكنون منها، فإننا نعلم أن الشاب مثلاً بمفرده أو الداعية مدرساً كان أو موظفاً لا يستطيع أن يقوم بواجبه كما يريد بمفرده، لكنه يستطيع أن يستنجد بالعلماء والمشايخ والناس المعروفين بالخير والصلاح ممن لهم مكانة وقدر ليقوموا هم بهذا الدور أو ليساعدوا على القيام بالدور الذي يريد، فلابد من هذا الأمر.

الوقاية من المخاطر

وثالثاً: لابد من وقاية هذه الصحوة وحمايتها من المخاطر التي يمكن أن تقع فيها -والمخاطر من الطبيعي جداً أن تقع- أولاً: لأن الشيطان مسلط على بني آدم، وثانياً: لأننا نعلم أن من طبيعة النفوس أنه قد يدب إليها شيء من الضعف، الضعف قد يكون إلى إفراط وقد يكون إلى تفريط، فمن الضعف مثلاً: أن الإنسان قد يصيبه تأخر ونقص في دينه، ومن الضعف أيضاً أن الإنسان قد يصيبه زيادة وغلو وتكلف في أمور ما أنـزل الله بها من سلطان، ووجود هذه القضية أمر طبيعي في أصله بمعنى أن هذا الأمر يغلب أنه لابد أن يوجد قدرٌ منه، لكن فرق بين أن يوجد قدر فيقاوم ويعالج ويعمل على تلافيه بكل وسيلة، وبين أن يوجد فلا يكون هناك من يحذر الدعاة والشباب من هذا الأمر أو يبين لهم مخاطره، وفي أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وجدنا أنه تظهر طائفة الخوارج، الذين كانوا يكفرون الناس بالمعصية، ويشددون على الناس بأمور ما أنـزل الله بها من سلطان، وإلى جوارهم كان يوجد المرجئة الذين كانوا يتهاونون بالأعمال ويكتفون من الناس بمجرد النطق بالشهادتين ولو لم يكن لهم بعد ذلك عمل ولا عبادة ولا قيام بشيء من الشعائر، إضافة إلى وجود القدرية مثلاً، فوجود مثل هذه الظواهر أمر متوقع، وهذا يؤكد أهمية توجيه الصحوة وحمايتها من المخاطر التي تهددها وهي إما إلى زيادة وإما إلى نقصان وكما قيل:

ولا تغل في شيءٍ من الأمر واقتصد     كلا طرفي قصد الأمور ذميم

وكما قيل: (الزيادة أخت النقصان).

إن وجود الانحراف أيها الإخوة يمكن أن يحول هذه الصحوة التي يستبشر بها المسلمون بكافة مستوياتهم أو جزءاً من هذه الصحوة إلى اتجاه يكون فرصة لضرب الإسلام وأهله والوقيعة فيهم، وربما خطأ يرتكبه إنسان أو أفراد تلقى بمسئوليته على المسلمين بأكملهم أو على الدعاة والصالحين بأكملهم، وهذه مشكلة.

أولاً: أمانة توجب على العلماء والمصلحين والدعاة حماية ظهور هؤلاء الشباب وغيرهم أيضاً من كافة النوعيات المقبلة على الإسلام، وعدم الرضا بالنيل منهم أو تشويه صورتهم في نفوس الناس، وتعمل على قطع الطريق الذي يحاول الوقيعة بين أهل الخير، فلا شك أن هناك من يعمل على الوقيعة بين العلماء وبين غيرهم من سائر الطبقات، فكثيراً ما تسمع مثلاً من ينال من أهل العلم ويقول: هؤلاء متكاسلون متقاعدون، هؤلاء متملقون، هؤلاء لا يفعلون، لا يأمرون، لا ينهون، وكثيراً ما تسمع من بعض الناس من يتناول العلماء بهذه الطريقة وهو لا يدري أي جهد يقومون به وأي عمل يؤدونه، بل أي جهاد يمارسونه؛ لأنه لم يفهم إلا ما يعلم ولا يمكن أن يتصور أن هناك جهوداً كبيرة يقوم بها هؤلاء الناس وغيرهم دون أن يعلم بها، ولو كان جاهلاً لقلنا من حقه أن يسكت ولا أحد يؤاخذه، لكن المصيبة أن يكون جاهلاً ويتحدث في الوقت نفسه فيما يجهل ولا يعلم.

وبالمقابل هناك من قد يحاول تشويه صورة الشباب والدعاة والصالحين عند شيوخهم وعلمائهم وأساتذتهم، فلابد من حماية ظهور شباب ورجال الدعوة الإسلامية وقطع الطريق على من يحاول الوقيعة بينهم.