ذلك إتفاقيا لما كان دائما ولا اكثريا . وربما كان ذلك الجزم مع قيود مخصوصة ، كحكمنا بأن السقمونيا مسهل ، ولكن تقيد أن إسهاله هو في بلادنا ، وعلى الأكثر فإنا لا نتيقن أنه مسهل مطلقا ، ولا في كل بلد ، وهو من الإستقراء الذي هو حكم على كلي بما وجد في جزئياته الكثيرة . والإستقراء قد يفيد اليقين لتحصيله ، لاستعداد النفس التام له ، كحكمك بأن كل إنسان قطع رأسه لا يعيش ، وهذا في متحد النوع ، وفي مختلفه فلا يفيد اليقين ، مثل: إن كل حيوان يحرك عند المضغ فكه الأسفل ، فربما كان ما لم يستقرئه بخلاف ما استقرأته كالتمساح في مثالنا هذا . والمتواترات: وهي ما تحكم بها النفس يقينا ، لكثرة الشهادات ، بأمر محسوس ، ويكون الشيء ممكنا في نفسه ، وتأمن النفس من التواطؤ على الكذب . وفيه أيضاً قوة قياسية . وقد يحصل اليقين من عدد ، ولا يحصل مما هو أكثر منه ، كعلمنا بوجود مكة في زماننا ، وجالينوس فيما تقدم . وفطريات القياس: وهي التي تصدق بها لأجل وسط لا يعزب عن الذهب ، بل يخطر مع خطور حدى المطلوب بالبال ، فلا يحوج إلى طلبه ، كالعلم بان الإثنين نصف الأربعة ، لقياس هو: أن الإثنين عدد انقسممت الأربعة إليه ، وإلى ما يساويه ، وكلما هو كذا فهو نصف الأربعة . والحدسيات: وهي ما حكمت النفس به يقينا لقرائن غير التي في المبادئ السابق ذكرها ، فحصل الإستعداد التام بحصول اليقين . وليس على المنطقي أن يطلب السبب فيه بعد ألا يسكت في وجوده . وليس شيء من هذه المبادئ حجة على الغير ، إذا لم يحصل له اليقين منها ، كما حصل لك ، كعلمك بأن نور القمر مسفتاد من الشمس ، وإنما يحدسه الناظر من اختلاف مشكلاته بحسب اختلاف أوضاعه . وليس من شرط ما يجب قبوله أن يكون قضية ضرورية ، بل قد يكون ضرورياً . وغيره من الجهات ، كالإمكان والإطلاق . إذ المراد بقبول كل قضية هو صدقها المتيقن . إن كانت