الصفحة 338 من 454

الفصل الأول في أن العقل هو مصدر وجود النفوس كلها إذا نظرت في خواص الواجب والممكن ، من حيث هو واجب وممكن فلا تشك في أن النفوس الأرضية والسمائية ممكنة الوجود ، لا واجبة الوجود سواء كانت قديمة أو حادثة . وكل ممكن الوجود فيستدعي علة . وعلة النفس القريبة: إما واجب الوجود ، أو غيره . لا جائز أن تكون هي الواجب الوجود ، لأن النفوس كثيرة ، وواجب الوجود واحد حقيقي ، لا يصدر عنه - كما عرفت - بلا واسطة ، أكثر من معلول واحد ، فلا بد وأن يكون لبعضها علة قريبة ، غير الواجب . ولأن النفس ، من حيث هي نفس ، لا توجد إلا متعلقة بجسم ، فلا يتقدم وجودها على وجوده . وما لا يصدر عنه إلا واحد ، لا تصدر النفس والجسم عنه ( ألا ) معا . فالنفس ، من حيث هي نفس ، علتها القريبة غير واجب الوجود لذاته ، وذلك الغير الممكن ، لا يخلو: إما أن يكون جسما أو غير جسم ، أما جوهر أو عرض . والعرض إنما يفعل بواسطة الجوهر ، فإنه كما لا يستقل بفاعليته فإن الفاعل ما لم يتعين في ذاته ، ويتشخص بالفعل ، لا يوجد غيره ، مما لا يتشخص إلا بالحامل ، فلا يفعل إلا به ، بل على الحقيقة ليس الفعل إلا للجوهر .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام