ويطلق على أتباع مذهب السلف الصالح في الاعتقاد، أهل السنة والجماعة، وقد وردت أحاديث كثيرة تأمر بلزوم الجماعة وتنهي عن الفرقة والخروج [1] ، وقد اختلف العلماء في المقصود بالجماعة على عدة أقوال [2] ، أحدها أنها السواد الأعظم من أهل الإسلام، الثاني أنهم الأئمة المجتهدون، الثالث: أنهم الصحابة رضي الله عنهم، الرابع: هم جماعة المسلمين إذا أجمعوا على أمر، الخامس: جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير.
وحاصل هذه الأقوال، يرجع إلى معنيين (الأول: أن الجماعة هم الذين اجتمعوا على أمير على مقتضى الشرع، فيجب لزوم هذه الجماعة، ويحرم الخروج عليها وعلى أميرها، الثاني: أن الجماعة ما عليه أهل السنة من الاتباع، وترك الابتداع، وهو المذهب الحق الواجب اتباعه والسير على منهاجه، وهذا معنى تفسير الجماعة بالصحابة، أو أهل العلم والحديث، أو الإجماع، أو السواد الأعظم ... ) [3] ، يقول أبو شامة - رحمه الله: (حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتباعه، وان كان المتمسك بالحق قليلاً والمخالف كثيراً، لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى م-ن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم، ولا تنظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم) [4] ،ويقول شيخ الإسلام (وسموا أهل الجماعة، لأن الجماعة هي الاجتماع وضدها الفرقة، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسماً لنفس القوم المجتمعين،(( والإجماع ) )هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين .. ) [5] ، ومصطلح (( أهل السنة والجماعة ) )يؤدى نفس المعنى الذي يؤديه مصطلح (( أهل السنة ) )فعامة استعمالات الأئمة له، مقابل أهل البدع والأهواء، وإليك بعض الأمثلة على ذلك:
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله - تعالى:
(يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) [6] (فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل السنة والجماعة، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والضلالة) [7] .
(1) في هذا الباب رسالة قيمة جمع للنصوص الواردة في ذلك، وعنوانها (( وجوب لزوم الجماعة وذم التفرق ) )د. جمال بن أحمد بادي، انظر ص 15 - 117.
(2) الاعتصام 2/ 260 - 265.
(3) موقف ابن تيمية من الأشاعرة 1/ 17.
(4) الحوادث والبدع لأبي شامة، 22.
(5) مجموع الفتاوي 3/ 175، ويقول أيضاً: (والبدعة مقرونة بالفرقة، كما أن السنة مقرونة بالجماعة، فيقال: أهل السنة والجماعة، كما يقال: أهل البدعة والفرقة .... ) الاستقامة 1/ 42.
(6) سورة آل عمران، آية: 106.
(7) رواه اللالكائى 1/ 72، وابن بطة في الشرح والإبانة 137، ونسبة السيوطي إلى الخطيب في تاريخه وابن أبي حاتم، الدر المنثور 2/ 63.