وقال سفيان الثوري - رحمه الله: (إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة وآخر بالمغرب فابعث إليهما بالسلام وادع لهما، ما أقل أهل السنة والجماعة) [1] ، وقال عمرو بن قيس الملائي [2] : (إذا رأيت الشاب أول ماينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه، وإذا رأيته مع أهل البدع فايأس منه، فإن الشاب على أول نشوئة) [3] ، إذاً يمكن أن نعتبر مسمى أهل السنة والجماعة بين الفرق، كمسمى المسلمين بين الملل، فالانتساب إليه والتسمي به واستعماله كدلالة على صحة الاعتقاد والمنهج أمر حسن وسائغ باعتباره انتساباً لاسم شرعي وقد استعمله أئمة السلف، ومن أكثر الأئمة استعمالاً لهذا المصطلح شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - [4] .
يكثر استعمال هذا المصطلح بين الأشاعرة والماتريدية، ويعتبر كثير منهم أن مذهب السلف (( أهل السنة والجماعة ) )هو ما قاله أبو الحسن الأشعرى وأبو منصور الماتريدي، وبعضهم يعتبر أهل السنة والجماعة (( الأشاعرة والماتريدية ) )، ويقول الزبيدي [5] : (إذا أطلق أهل السنة والجماعة فالمراد بهم الأشاعرة والماتريدية) [6] ، ويقول صاحب الروضة البهية: (اعلم أن مدار جميع عقائد أهل السنة والجماعة على كلام قطبين، أحدهما الإمام أبو الحسن الأشعري. والثاني الإمام أبو منصور الماتريدي ... ) [7] ، أما الإيجي فيقول: ( .. وأما الفرقة الناجية المستثناة: الذي قال فيهم:(( هم الذي--ن على ما أنا عليه وأصحابي ) )فهم الأشاع-رة والسلف من المحدثين وأهل السنة والجماعة) [8] ، ويقول حسن أيوب من المعاصرين: (أهل السنة هم أبو الحسن الأشعرى وأبو منصور الماتريدي ومن سلك طريقهما، وكانوا يسيرون على طريقة السلف الصالح في فهم العقائد) [9] ،وعامة هؤلاء يذكرون عقائد الأشاعرة والماتريدية على
(1) رواه اللالكائي في شرح السنة 1/ 64، وابن الجوزي في تلبيس إبليس 9.
(2) عمرو بن قيس الملائي: روى عن أبي اسحاق السبعي والمنهال بن عمرو وغيرهم وروى عنه الثوري وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، ثقة متقن عابد، مات في سجستان سنة 146 ه- انظر تهذيب التهذيب 8/ 92/93 والتقريب 2/ 77.
(3) رواه ابن بطة في الإبانة 1/ 205، 206.
(4) انظر على سبيل المثال فهارس بعض كتبه، ففيها عشرات الاستعمال لهذا المصطلح، منهاج السنة 9/ 409، درء التعارض 11/ 285، الاستقامة 2/ 449، فقد ورد (( مصطلح أهل السنة والجماعة ) )في هذا الكتب أربعاً وتسعين مرة، وأما مصطلح (( أهل السنة ) )فأضعاف ذلك، وانظر نصوصاً أخري في (( معالم الانطلاقة ) )65 - 164، وقد استعمله الأئمة قبله كما في هذه النصوص، وقد سمى الإمام اللالكائي كتابه (( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ) )، وانظر الشريعة للآجري 62، واللالكائي 1/ 183، والطحاوى كما في شرح الطحاوية - 43، وتلبس إبليس 5 والتمهيد لابن عبد البر 4/ 242 وتفسير ابن كثير 4/ 234 وغيرها.
(5) هو محمد بن محمد الحسيني الزبيدي الملقب بمرتضى، ولد بالهند سنة 1145 ه-، ومنشأة في زبيد باليمن، علامة باللغة والحديث له مصنفات كثيرة من أشهرها (( تاج العروس في شرح القاموس ) )عشرة مجلدات و (( إتحاف السادة المتقين شرح إحياء علوم الدين ) )عشر مجلدات، توفي بمصر سنة 1205 ه-، انظر الأعلام 7/ 70.
(6) إتحاق السادة المتقين 2/ 6.
(7) الروضة البهية لأبي عذبه 3.
(8) المواقف 429.
(9) تبسيط العقائد الإسلامية 229،وانظر التبصير في أصول الدين 153، والتمهيد للنسفي 2،والفرق بين الفرق 323،واعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازى 15 وغيرهم.