فهرس الكتاب
    الصفحة 36 من 348

    انها مذهب أهل السنة والجماعة، وليس المقصود هنا مناقشة هذا الادعاء الباطل، وإنما أردت ذكر فائدتين في هذا المجال:

    الأولى: أن استعمال الأشاعرة والماتريدية ومن تأثربهم لهذا المصطلح، لا يغير شيئا من حقيقة ابتداعهم وانحرافهم عن منهج السلف الصالح في أبواب كثيرة لا

    مجال لتفصيلها هنا [1] وسيأتي في الباب الأول مناقشة لمذهبهم في الإيمان حيث ذهبوا في ذلك مذهب المرجئة.

    الثانية: إن استعمالهم لهذا المصطلح لا يمنعنا من استعماله والتسمي به باعتباره اسماً شرعياً استعمله أئمة السلف، ولا يعاب من يستعمله أو يذم، إنما يعاب إذا خالف اعتقاد ومذهب السلف الصالح في أي أصل من الأصول.

    التحذير من أهل الأهواء والبدع وموقف أهل السنة منهم"إجمالا":

    من الأصول المقررة في مذهب السلف، التحذير من أهل البدع ويتمثل ذلك بذمهم وهجرهم وتحذير الأمة منهم والنهي عن مجالستهم ومصاحبتهم ومجادلتهم، ونحو ذلك، ولهم في ذلك أقوال كثيرة مشتهرة، لعلنا نشير إلى شيء منها، قال الإمام أحمد رحمة الله: (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - والاقتداء بهم، وترك البدع وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء وترك المراء والجدال ... ) [2]

    وك-ان الإمام الحسن البصري - رحمه الله - يق-ول: (لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم) [3] وقال الإمام ابن المبارك - رحمة الله: ( .. وإياك أن تجالس صاحب بدعة) [4] وقال أبو قلابة: [5] (لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوك--م في الضلال-ة أو يلبسوا في الدين بعض ما لبس عليهم) [6] [7]

    ولخص الإمام الصابوني مذهب السلف في ذلك فقال: (ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه ولا يحبونهم ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم ولايصحبونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون

    (1) انظر - على سبيل المثال - رسالة الشيخ سفر الحوالي"منهج الأشاعرة في العقيدة"

    (2) شرح اعتقاد أهل السنة اللالكائي 1/ 241

    (3) رواه الدارمي في سننه رقم 407 وابن بطة في الإبانة ص 444 واللالكائى في شرح أصول أهل السنة رقم 240 وابن عبد البر في جامع بيان العلم 2/ 96، وابن وضاح ص 47، عن الحسن وابن سيرين.

    (4) رواه اللالكائي في شرح أصول السنة رقم 260، والآجري في الشريعة 1/ 64.

    (5) هو عبد الله بن زيد بن عمرو أبو قلابة الجرمي روى عن جمع من الصحابة منهم أنس بن مالك، ومالك بن الحويرث، وسمرة بن جندب وغيرهم، وروى عنه أيوب السخيتاني ويحيى بن أبي كثير وغيرهما، قال عمر بن عبد العزيز: لن تزالوا بخير يا أهل الشام مادام فيكم هذا،

    (6) وقال أيوب: كان والله من الفقهاء ذوي الألباب، كان يرسل، توفي بالشام سنة 104 ه- روى له أصحاب الكتب الستة، انظر التهذيب 5/ 224 - 226، والتقريب 1/ 417.

    (7) رواه اللالكائي رقم 244، وعبد الله بن أحمد في السنة 18، والدارمي رقم 397، والبيهقي في الاعتقاد 238، وابن بطه في الإبانة 2/ 435 والآجري في الشريعة ص 56، وابن وضاح 48

    حجم الخط:
    شارك الصفحة
    فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام