فهرس الكتاب
الصفحة 483 من 653

واعلم أن الإمام ابن القيم قدس الله تعالى روحه انتصر لهذا القول أنتصاراً عظيماً، ومال إليه ميلاً جسيماً، وذكر له خمسة وعشرين دليلاً، ثم رجع القهقرى وقال: إن قيل إلى أين أنتهى قدمك في هذه المسالة العظيمة؟ قيل: إلى قوله تعالى: {إن ربك فعال لما يريد} وإلى هنا انتهى قدم أمير المؤمنين على بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه فيها، حيث ذكر دخول أهل الجنة وأهل النار، وما يلقاه هؤلاء وهؤلاء، وقال: ثم يفعل الله بعد ذلك ما يشاء، وما كان من خطإ فهو مني ومن الشيطان، والله تعالى ورسوله بريئان منه.

وقال السفاريني في شرح قصيدته: إن لشيخ الإسلام أيضاً ميلاً إلى هذا القول انتهى. وفي الدر المنثور للإمام السيوطي على تفسير هذه الأية في سورة هود ما نصه: أخرج ابن المنذر عن الحسن قال: قال عمر - رضي الله عنه - لو لبث في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه. وأخرج إسحق بن راهوية عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سيأتى على جهم يوم لا يبقى فيها احد، وقرأ {فأما الذين شقوا} الآية - وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال: ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية: {خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} قال: وقال ابن مسعود: ليأتين عليها زمان تخفق أبوابها.

وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال: جهم اسرع الدارين عمراناً، وأسرعهما خراباً. انتهى - وفي شرح عقيدة الإمام الطحاوى بعد كلام طويل ما نصه:

السابع - أنه سبحانه يخرج منها من يشاء كما ورد في السنة، ثم يبقيها ما يشاء ثم يفنيها، فإنه جعل لها أمداً تنتهى إليه.

الثامن - أن الله تعالى يخرج منها ما يشاء كما ورد في السنة ويبقى فيها الكفار بقاء لا لانقضاء كما قال الشيخ يعنى الطحاوى: وما عدا هذين القولين م الأقوال المتقدمة ظاهر البطلان. وهذان القولان لأهل السنة، ولينظر في دليلهما، فمن أدلة القول الأول قوله تعالى: {قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم} وقوله تعالى: {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق، خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ماشاء ربك إن ربك فعال لما يريد} ولم يات بعد هذين الاستثنائين ما أتى بعد الاستثناء المذكور لأهل الجنة، وهو قوله: {عطاء غير مجذوذ} وقوله تعالى: {لابثين فيها أحقاباً} وهذا القول أعنى بفناء النار دون الجنة - منقول عن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي سعيد وغيرهم، ورواه عن عمر عبد ابن حميد في تفسيره المشهور.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام