المبحث الثالث
الأصل في العبادة الاتباع
إن الأصل في باب العبادات هو إتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدون زيادة ولا نقصان فليس لأحد مهما كان أن يزيد في العبادة شيئاً ولا أن ينقص منها شيئاً وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديثين صحيحين مشهورين بالالتزام بالعبادة كما فعلها هو عليه الصلاة والسلام.
أولهما: قوله - صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وهذا بعض حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن أبي قلابة قال: حدثنا مالك - هو ابن الحويرث - رضي الله عنه - قال: (أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوماً وليلة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيماً رفيقاً فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه. قال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم) [1] .
فهذا الحديث الصحيح الصريح يقرر هذا الأصل وهو لزوم الاتباع في الصلاة كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي. فنؤدي الصلاة كما وردت عن رسول - صلى الله عليه وسلم - بلا زيادة ولا نقصان.
ثانيهما: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم) وهو حديث صحيح رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم بألفاظ متقاربة [2] .
(1) صحيح البخاري مع الفتح 2/ 252.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 3/ 419، سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 5/ 310، سنن النسائي 5/ 270، سنن ابن ماجة 2/ 1006.