9 -فصل
في البطحاء
روى مالك بن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البطحاء، وقال:"من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعرا أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة".
واعلموا أنه لما رأى عمر جلوس الناس في المسجد، وحديثهم فيه، وربما أخرجهم ذلك إلى اللغط - وهو المختلط من القول وارتفاع الأصوات - وربما تناشدوا شعرا واتسع الخوض في أخبار الدنيا: بنى البطحاء مرتفعة نحو الذراع وحصرها بجدار قصير، وبسطها بالحصباء ملاصقة المسجد، ليخلص المسجد لذكر الله تعالى.
قال السائب: كنت في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت؛ فإذا عمر بن الخطاب، فقال لي: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أنتما؟ ومن أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما؛ ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! إن مسجدنا هذا لا نرفع فيه الأصوات.