فهرس الكتاب
الصفحة 162 من 253

4 -أن نفي التجسيم على الكيفية التي يطلقها المتكلمون أدى إلى نفيهم سائر صفات الله عز وجل الذاتية الثابتة بالكتاب والسنة ,وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على كذب هذه الدعوى وبطلانها لأنها معارضة لما ثبت في القرآن والسنة, فإما أن نثبت دعوى المتكلمين بنفي الجسم فننفي صفات الله عز وجل وهذا أعظم الضلال، وأما أن نثبت ما في القرآن والسنة من الصفات وننفي تلك الدعوى ونبطل الكلام فيها نفيا وإثباتا، وهذا هو الحق.

الشبهة الثالثة: نفي حلول الحوادث.

المتكلمون عموماً نفوا الصفات الفعلية عن الله عز وجل, وذلك مثل الكلام والنزول والاستواء والإتيان والضحك والرضى والغضب، وغير ذلك من الصفات المتعلقة بمشيئة الله وإرادته وأنه يفعلها عز وجل متى شاء، وحجتهم في ذلك أن هذا يؤدي إلى حلول الحوادث بمعنى أنه فعل فعلاً بعد فعل وهذا حدوث وتغير عندهم وكل متغير حادث والله منزه عن الحوادث كما أنه مؤد إلى أن الله تحل به الحوادث والله منزه عن ذلك1، هكذا على العموم زعموا.

الرد عليهم:

1 -إن دعوى أن الله عز وجل لا يفعل الشيء بعد الشيء أو لا يفعل متى شاء وهو ما يسمونه نفي الحوادث دعوى لا دليل عليها من الكتاب ولا من السنة بل الأدلة كلها على خلافها, واستدلال بعض المتكلمين بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام وقوله: {فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام76] - فزعموا أن الأفول معناه: التغير والتحرك وهو منفي عن الله عز وجل بدلالة هذه الآية - هو استدلال خاطئ ظاهر البطلان، لأن الأفول في اللغة الاحتجاب والمغيب2، وليس التغير

1 انظر الغنية في أصول الدين ص 81, والاقتصاد في الاعتقاد ص 74-75 عند كلامه على صفة الكلام وإيجابه الكلام النفسي ومنعه أن يكون الله يتكلم بمشيئته, وانظر ص 91 في كلامه على أن صفات الله قديمة, وانظر المواقف للإيجي ص 275، والماتريدية دراسة وتقويما ص 300-303.

2 انظر معجم مقاييس اللغة 1/119، تهذيب اللغة للأزهري 15/378.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام