فهرس الكتاب
الصفحة 125 من 253

كما ولا يخبر عن الله عز وجل أصدق من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم كما قال صلى الله عليه وسلم:"وأوتيت جوامع الكلم"1, فلا يمكن بالتالي أن يعبر أحد من الناس أصح من عبارته صلى الله عليه وسلم ولا أدل على المراد بأكمل وجه وأقرب طريق.

3 -أن دلالة الألفاظ الشرعية على المعاني دلالة قطعية لأن الله عز وجل قد أقام الحجة بها على العباد، قال جل وعلا: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان1] ، وقال سبحانه {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء165] ، وقال أيضاً: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام92] .

فهذه النصوص, وغيرها كثير فيه دلالة واضحة على أن نصوص القرآن والسنة قطعية الدلالة لأنها لو لم تكن كذلك لما قامت بها الحجة على الناس ولو كانت نصوص الوحي لا تفيد العلم واليقين وغير قطعية الدلالة كما يزعم المتكلمون, لكان هذا الوصف غير متحقق فيها, وكانت الحجة غير قائمة على الخلق, وحاشا كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن التناقض والبطلان.

4 -أن الإيمان بالصفات وفق ما ورد بالكتاب والسنة هو من لوازم الإقرار بالشهادتين، فمن أقر لله بالألوهية والربوبية، وأقر للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة لزمه التسليم لكلام الله وخبره وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم عن صفاته جل وعلا وأفعاله، وإلا كان واقعاً فيما حذر الله عز وجل من الوقوع فيه وذلك في قوله عز وجل: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء65] ، وقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب36] .

1 أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة 1/372 عن أبي هريرة رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام