فهرس الكتاب
الصفحة 368 من 543

الْمَأْمُومُ وَجُوبَه لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُه بِهِ!! فَإِنَّ الِاجْتِمَاعَ وَالِائْتِلَافَ مِمَّا يَجِبُ رِعَايَتُه وَتَرْكُ الْخِلَافِ الْمُفْضِي إِلَى الْفَسَادِ.

وَقَوْلُهُ:"وَعَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ"- أَيْ وَنَرَى الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنَ الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، وَإِنْ كَانَ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْعُمُومِ الْبُغَاة وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ، وَكَذَا قَاتِلُ نَفْسِه، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، لَا الشَّهِيدُ، خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِي رَحِمَهُمَا اللَّهُ، عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِه. لَكِنَّ الشَّيْخَ إِنَّمَا سَاقَ هَذَا لِبَيَانِ أَنَّا لَا نَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْفُجُورِ، لَا لِلْعُمُومِ الْكُلِّي.

وَلَكِنِ [الْمُظْهِرُونَ لِلْإِسْلَامِ] [1] قِسْمَانِ: إِمَّا مُؤْمِنٌ، وَإِمَّا مُنَافِقٌ، فَمِنْ عُلِمَ نِفَاقُه لَمْ تَجُزِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْهُ صُلِّي عَلَيْهِ. فَإِذَا عَلِمَ شَخْصٌ نِفَاقَ شَخْصٍ لَمْ يُصَلِّ هُوَ عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ نِفَاقَه، وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ حُذَيْفَة، لِأَنَّهُ كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوكَ قَدْ عَرَفَ الْمُنَافِقِينَ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ بِاسْتِغْفَارِه، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لَمْ يُنْه عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنَ الذُّنُوبِ الِاعْتِقَادِيَّة الْبِدْعِيَّة أَوِ الْعَمَلِيَّة الْفُجُورِيَّة مَا لَهُ، بَلْ قَدْ أَمَرَه اللَّهُ تَعَالَى بِالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [2] . [فَأَمَرَه سُبْحَانَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِنَفْسِه وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ] [3] ، فَالتَّوْحِيدُ أَصْلُ الدِّينِ، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ كَمَالُه. فَالدُّعَاءُ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة وَسَائِرِ الْخَيْرَاتِ، إِمَّا وَاجِبٌ وَإِمَّا مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ: عَامٍّ وَخَاصٍّ، أَمَّا الْعَامُّ فَظَاهِرٌ، كَمَا فِي هَذِهِ الآية،

(1) في الأصل: (الكلام لأهل الإسلام) . والصواب ما أثبتناه من سائر النسخ. ن

(2) سورة مُحَمَّدٍ آية 19

(3) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وأثبتناه من سائر النسخ. ن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام