فهرس الكتاب
الصفحة 370 من 838

إن لله تعالى في تشريع الحدود حكم عظيمة، فالقصاص مثلاً هو: أن يقتل القاتل بالمقتول، وهذا القصاص شر بالنسبة للقاتل الذي سيقتل، وهو شر لأهله.

كذلك إذ أنهم سيحزنون على ميتهم، ولكن هذا القصاص بالنسبة لولي الدم، الذي يريد أن يقتص من قاتل أخيه، أو قاتل ابنه هو خير له، كما هو خير لباقي الناس، فإنك إذا قتلت القاتل ارتعد الناس واتعظوا بغيرهم، فيمتنعون عن القتل، ولذلك قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة:179] ، مع أننا نعلم أن القصاص قتل، فكيف يكون فيه حياة كما في الآية؟

الجوابلأنه يمنع الاقتتال.

وكذلك حد السرقة، أو حد الرجم للزاني المحصن، أو حد الجلد للزاني البكر، فهذه الحدود هي شر بالنسبة للمقطوع، أو المرجوم، لكنها خير لباقي البشر, فإذا رأى الرجل أن هذا تقطع يده في دراهم معدودة، خاف على يده وامتنع عن السرقة, وإذا رأى غيره يجلد ويفضح أمام البشر على الزنا، فإنه سيمتنع عن أن يهتك أعراض المسلمين, فظهر من هذا أن الله جل وعلا لم يخلق شراً محضاً، ولكنه خلق شراً نسبياً إضافياً.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام