الصفحة 15 من 131

ترفع إلى الله تعالى في الدعاء ولا تتوجه القلوب إليه فهذا فرعوني معطل جاحد لرب العالمين وان يعتقد أنه مقر به فهو جاهل متناقض في كلامه ومن هنا دخل أهل الحلول والاتحاد وقالوا إن الله في كل مكان وان وجود المخلوقات هو وجود الخالق وإن قال إن مرادي بقوله إنه ليس في جهة أنه لا تحوط به المخلوقات بل هو وجود الخالق قال أصاب في هذا المعنى وكذلك من قال إن الله متحيز أو قال ليس بمتحيز إن أراد بقوله متحيز أن المخلوقات تحوزه وتحيط به فقد أخطأ وان أراد منحاز عن المخلوقات بائن عنها عال عليها فقد أصاب ومن ليس بمتحيز إن أراد أن المخلوقات لا تحوزه فقد أصاب وإن أراد أنه ليس مباينا عنها بل هو لا داخل فيها ولا خارج عنها فقد أخطأ والناس في هذا الباب ثلاثة أصناف أهل الحلول وأهل النفي والجحود وأهل الإيمان والتوحيد والسنة

فأهل الحلول يقولون إنه بذاته في كل مكان وقد يقولون بالإتحاد والوحدة فيقولون المخلوقات وجود الخالق

وأما أهل النفي والجحود فيقولون لا هو داخل العالم ولا خارجه ولا مباين له ولا حال فيه ولا فوق العالم ولا فيه ولا ينزل منه شيء ولا يصعد إليه شيء ولا يتقرب منه شيء ولا يدنو منه شيء ولا يتجلى لشيء ولا يراه أحد ونحو ذلك وهذا قول متكلمة الجهمية المعطلة كما أن الأول قول عباد الجهمية فتكلمه الجهمية لا يعبدون شيئا وعباد الجهمية يعبدون كل شيء وكلامهم يرجع إلى التعطيل والجحود الذي هو قول فرعون

وقد علم أن الله كان قبل أن يخلق السموات والأرض ثم خلعهما فإما أن يكون داخلا فيهما وهذا حلول باطل وإما أن لا يكون داخلا فيه فهو باطل وأبطل وإما ان يكون الله بائنا عنهم لم يدخل فيه وهذا قول أهل الحق والتوحيد والسنة

ولأهل الجحود والتعطيل في هذا الباب شبهات يعارضون بها كتاب الله وسنة رسوله وما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها وما فطر الله عليه عباده وما دلت عليه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام