الصفحة 13 من 131

وليست محتاجة إليه فالعلي الأعلى رب السموات والأرض وما بينهما أولى أن يكون غنيا عن العرش وسائر المخلوقات وإن كان عاليا عليها سبحانه وتعالى كما يقول الظالمون علوا كبيرا

والأصل في هذا الباب أن كل ما ثبت في كتاب الله أو سنة رسوله وجب التصديق به مثل علو الرب واستوائه على عرشه ونحو ذلك واما الألفاظ المبتدعة في النفي والإثبات مثل قول القائل في جهة وهو متحيز أو ليس بمتحيز ونحوها من الألفاظ التي تنازع فيها الناس فليس مع احدهما نص لا عن الرسول ولا عن الصحابة التابعين لهم باحسان ولا أئمة المسلمين فإن هؤلاء لم يقل أحد منهم إن الله في جهة ولا قال ليس هو في جهة ولا قال هو متحيز بل ولا قال هو جسم أو جوهر ولا قال ليس بجسم ولا جوهر فهذه الألفاظ ليست منصوصة في الكتاب ولا السنة ولا الإجماع والناطقون بها قد يريدون معنى صحيحا وقد يريدون معنى فاسد فمن أراد معنى صحيحا موافق الكتاب والسنة كان ذلك مقبولا منه وإن أراد معنى فاسدا مخالف الكتاب والسنة كان ذلك المعنى مردودا عليه فإذا قال القائل إن الله في جهة قيل له ما تريد بذلك أتريد أنه سبحانه في جهة موجودة تحصره وتحيط به مثل أن يكون في جوف السموات أم تريد بالجهة أمرا عدميا وهو ما فوق العالم فإنه ليس فوق العالم شيء من المخلوقات فإن أردت الجهة الوجودية وجعلت الله محصورا في المخلوقات فهذا باطل وإن أردت الجهة العدمية وأردت أن الله وحده فوق المخلوقات بائن عنها فهذا حق وليس في ذلك أن شيئا من المخلوقات حصره ولا أحاط

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام