الصفحة 12 من 131

والله قد فطر العباد عربهم وعجمهم على أنهم إذا دعوا الله توجهت قلوبهم إلى العلو ولا يقصدونه تحت أرجلهم ولهذا قال بعض العارفين لم يقل عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه أن يتحرك لسانه يعني بطلب العلو ولا يلتفت يمنة لا يسرة

والقائل الذي يقول إن الله لا ينحصر في مكان إن أراد بذلك أن الله لا ينحصر في جوف المخلوقات أو أنه لا يحتاج إلى شيء منها فقد أصاب وإن أراد أن الله ليس فوق السموات ولا هو على العرش وليس هناك إله يعبد ومحمد لم يعرج به إلى الله فهذا جهمي فرعوني معطل ومنشأ الضلال أن يظن الظان أن صفات الرب كصفات خلقه فيظن أن الله سبحانه على عرشه كالملك المخلوق على سريره فهذا تمثيل وضلال وذلك أن الملك مفتقر إلى سريره ولو زال سريره لسقط والله غني عن العرش وعن كل شيء وكل ما سواه فقير إليه وهو حامل العرش وحملته وعلوه لا يوجب افتقاره إليه فإن الله قد جعل المخلوقات عاليا وسافلا وجعل المعالي غنيا عن السافل كما جعل فوق الأرض وليس هو مفتقر إليها وجعل السماء فوق الهواء

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام