الصفحة 66 من 92

[من دل على خير فله مثلُ أجر فاعله]

96 -وله عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنَّهُ أُبدِع بي فاحْمِلْني، فقال: ما عندي، فقال رجلٌ: يا رسول الله أن أدلُّهُ على من يحمله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (( من دل على خيرٍ فله مِثلُ أَجرِ فاعِلِهِ ) ) [1] .

(1) رواه مسلم كتاب"الإمارة" (3/ 1506) رقم: (1893) .

قوله في الحديث الأول: إنه أبدع بي فاحملني فقال ما عندي أي: احتاج إلى راحلة وانقطع به السير أو ما عاد يستطيع أنه يمشي فاحملني فقال ما عندي شيء. فأتى رجل قال: أنا أحمله فقال: (( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) )فهذا الحديث يعني أن هذا الرجل أعان أخاه على وسيلة من وسائل الخير، فصار له مثل أجر الفاعل وهذا يدخل تحت قاعدة أن الوسائل لها أحكام المقاصد كما ذكرنا لكم، فمن سعى في وسيلة إلى مقصد محمود وكانت الوسيلة مشروعة فإنه يؤجر على الوسيلة كما قال الله -جل وعلا- في ذكر السير إلى الجهاد في آخر سورة براءة {وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ ... } الآيات؛ لأن المسير في الوادي وسيلة إلى بلوغ الغاية وهي مواجهة العدو. فصار قطع الوادي مكتوب الخطوات مكتوبة لهم، فهذا أيضًا لما كان العمل عمل صالحًا وهذا الرجل انقطع به المسير وهذا المقصد والغاية محمودة، وقال يا رسول الله أنه أبدع بي ... . الحديث.

لأن هذا إذا سار لو انقطع ممكن يرجع ويقول ما أستطيع فينقطع الخير الذي أراده وهو بلوغ الغاية وبلوغ المقصد فهذا أعانه على بلوغ الغاية فله مثل أجر فاعل تلك الغاية يعني فأجره في المقصد الذي كان هل هو جهاد أو حج أو نحو ذلك؟. فهذا من حمل فله مثل أجر فاعله فهذا يدل على أن قوله من دعا إلى خير فله مثل أجر فاعله أنه يدخل في الإعانة على الخير ويدخل فيه الدعوة إليه وهذا مراد الإمام -رحمه الله- بإيراده بعد حديث من دعا إلى هدى ... . الحديث. ليدل على أن الإعانة في وسائل الخير أيضاً داخلة في هذا الأصل العظيم فالوسائل لها أحكام المقاصد والأجر للإنسان مثل أجر من أعانه على الخير. اهـ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام